
كريمة سويدان
اسـتدعاء القـيم
صحيح أن واقعة الطفل الذى قام بالاعتداء على رجل مرور المعادى بالقاهرة، قد أثارت غضب المجتمع المصرى كله، وكثُر الحديث عما إذا كان هناك أحد فوق القانون فى مصر، وعن مصير المجتمع المصرى فى ظل كل هذا الاستهتار والتعالى وغياب التربية السليمة لأطفالنا وشبابنا، الذين هم أمل هذا الوطن ومستقبله، خاصة بعد القبض على الطفل مرة أخرى هو والأطفال الذين كانوا معه فى السيارة، وإيداعه إحدى دور الرعاية، وبعد إعلان والد الطفل عن إصدار بيان اعتذار للمجتمع المصرى، لن أخوض فى هذا المضمار، ولكننى سأتحدث عن تأثير مثل هذه الحوادث على مجتمعنا، وقيمنا، وأخلاقنا، وعاداتنا الأصيلة، وكيفية استعادة هذه القيم والأخلاق التى غابت عنا فى السنوات العشر الأخيرة، فمعظم سلوكيات الطفل - سواء كانت إيجابية أو سلبية - يكتسبها من ثقافة أسرته ومجتمعه الذى يعيش فيه، رغم أنه يولد بفطرة سليمة، فالأسرة هى أولى مؤسسات التربية المكونة من الأب والأم، وهى التى تسمح له باكتساب هذه الثقافة بما فيها من قيم وسلوكيات جيدة أو سيئة، لذلك من المهم جداً للآباء تعليم أطفالهم الفضائل، وتحفيزهم على التحلى بها، وإبعادهم قدر الإمكان عن السلوكيات والمفاهيم السيئة، فعلى سبيل المثال يُمكن تعريف الطفل بفضيلتى الصدق والأمانة، واحترام الكبير، والحرص على احترام قواعد وقوانين المجتمع الذى يعيش فيه، كما أنه من الضرورى جداً فى التربية الأخلاقية التعرف على أصدقاء أطفالهم، حيث إن سلوكياتهم المختلفة قد تؤثر عليه بطريقة إيجابية أو سلبية، ومن المهم أيضاً أن يعلم - ليس الآباء فقط، ولكن كل فرد فى المجتمع - أن من أهم أسباب الرقى الحضارى ومقومات النهضة الحقيقية التمسك بالأخلاق الفاضلة، فهى ركيزة أساسية فى تهذيب السلوك الإنسانى، لذا نحن فى أمس الحاجة إلى الوقوف مع أنفسنا من أجل استعادة روح مصر المتسامحة، واستدعاء القيم والمبادئ، وإعمال الضمائر وإيقاظها من ثباتها العميق الذى زاد فى الآونة الأخيرة، حتى نتمكن من محاربة الفساد الذى تفشى فى العقود الأخيرة، وأدى إلى انهيار منظومة القيم الأخلاقية فى المجتمع، وفى النهاية تظل كلمات أمير الشعراء أحمد شوقى الخالدة، هى الأصدق والأقوى «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ».. وتحيا مصر.