الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تمثيل الصحافة في مجلس النواب

كتبَ كاتبٌ فرنسى مرّة يقول على ذكْر نظرية التمثيل النسبى للمهن والطوائف فى المجالس النيابية:



«لو عملنا بحُكم الإحصائيات وما يتبعه من تمثيل كل مهنة وطائفة حسب عددها لوجب أن يكون فى مجلس نوّابنا عَشرة بقالين يقابلهم خمسة من أصحاب الأملاك والمزارعين وتاجران من تجار الأنبذة ومحام ونصف وطبيب واحد وربع صحافى.. ولكن الوطن فى حاجة إلى العقول الراجحة وذوى الكفايات بقطع النظر عن الذين يمثلونهم. هذا وقد فات أصحاب تلك النظرية العقيمة أن النائبَ لا يمثل مهنته فقط أو الذين انتخبوه وإنما يمثل فرنسا كلها».

وليس فى هذا القول ما يحتاج إلى تعليق.

أمّا هنا فى مصر. فى مجلس نوابنا فليس فيه والحمد لله عَشرة بقالين أو ربع صحافى! وإنما فيه صحفيان كاملان.. حقيقة ومجازًا! ومع ذلك ونحن فيما نحن فيه وموقف البلد كما كنا نوَدّ أن يكون فيه أضعاف هذا العدد.

تقدَّم إلى الانتخابات ثلاثة من كبار صحفيينا.

وللصحفيين فى معركة الانتخابات ميزة ليست لغيرهم من المرشحين الآخرين.

ذلك أنهم يملكون الأداة لترويج دعوتهم وتقوية قضيتهم دون الالتجاء إلى أى مساعدة خارجية. ومع ذلك- وهذه أول مرّة يخوض فيها غمار الانتخابات هذا العدد من الصحفيين- كنتُ أود من سائر أعضاء أسرة الصحافة أن يهبّوا لنصرة زملائهم غير ناظرين فى ذلك إلى أى شهوة حزبية أو مصلحة شخصية مصدرها الرغبة فى نصرة صديق ولو جاء هذا النصر على حساب زميلهم الصحافى!

فاز اثنان ولم يوفق الثالث للأسف. فاز الأستاذان عبدالقادر بك حمزة صاحب البلاغ، وأحمد بك حافظ عوض صاحب كوكب الشرق، وتغلبا على المزاحمة الجدّية التى لقياها فى دائرتىّ حوش عيسى وباب الشعرية ولم يوفق الدكتور حسين بك هيكل فى منافسته لخصمه الشديد العنيد.

واليوم حق علىَّ أن أتقدَّم للزميلين والنائبين المحترمين بأصدق عبارات التهنئة على نجاحهما. كما وأنى أهنئ البلد والمجلس بانتخاب اثنين من خيرة المقاتلين فى حومة السياسة المدافعين عن مصلحة الوطن.. الدارسين قضيته المتمسكين بحقوقه ضد القوى الغاصب.

والآن لى كلمة أوجهها إلى الزميلين.

أعوذ بالله والرصانة من الغرور! ما أنا من أهل السياسة فأدلكم على ما يجب وما لا يجب.. وبعد؛ فللسياسة أهلها والمشتغلون بها. ولكننى غير متطفلة عليكم.. أوصيكم خيرًا (بالمهنة) وأصحابها والعاملين فيها.

أوصيكم خيرًا بالصحافة والصحفيين.

هناك عددٌ من القوانين واللوائح تسد أفواه الصحفيين وتقيّد أيديهم فاعملوا على إلغائها ورفعها وإطلاق الصحافة من عقالها.

هناك تلك الفضيحة الصارخة.. معاملة الصحفيين معاملة الجناة وسجنهم مع المجرمين العاديين وما أظنكم نسيتم يوم سيق زملاءٌ لكم إلى السجن والقيود الحديدية فى أيديهم!

لقد تعاقبت الوزارات وكل منها تَعِدُ بإصلاح الحال.

ولكنها لم تخرج عن القول إلى العمل. فاعملوا أنتم على إصلاح القانون ومحو هذه الفضيحة ورفع هذا الحيف عن عاتق زملائكم.

وفى نظام الترخيص بإصدار الصحف والمجلات وفى أحوال إيقافها وإغلاقها تعسُّف كبير طالما شكوتم وشكونا منه فلا تنسوا أن تسدوا النقص وأن تعملوا على رفع أسباب الشكوى ولكم من خبرتكم الطويلة وما قاسيتموه وقاساه زملاؤكم خير مرشد ودليل. لقد قصرت رجائى على ما يمس الصحافة وهو قليل من كثير من واجباتكم وما نرجو أن تفعلوه. حقيقة أنتم للبلد أولا وأخيرًا.

ولكنكم صحفيون قبل كل شىء ومن الإرهاق أن يسألكم أحدٌ أن تنسوا داخل المجلس أمّكم الصحافة وألا ترفعوا الصوت عاليًا فى كل فرصة بالدفاع عنها والذود عن حقوقها. أهنئكم مرّة ثانية وأرجو أن يوفقكم الله إلى أداء بعض ما عليكم للبلد وللمهنة. 

«روزاليوسف»

(2 يونيو 1926م)