الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
هوس «كليات القمة»

هوس «كليات القمة»

 فى مثل هذا التوقيت من كل عام يبدأ هوس الالتحاق بما يسمى «كليات القمة»، وذلك بعد ظهور نتيجة الثانوية للعام الدراسى الحالى، ولا أدرى ما هو سبب انتشار ثقافة «كليات القمة» و«كليات القاع» فى المجتمع المصرى، يمكن هذه الثقافة ترجع إلى اعتقاد البعض بأن الالتحاق بكليات القمة، هو طوق النجاة من الفقر والبطالة، وهو أيضًا ضمان لمستوى اجتماعى أفضل، وفى الحقيقة أن هذه النظرية خاطئة، لأنه ثبت عمليًا وفعليًا أن كل شخص ناجح فى أى مجال هو قمة بمجاله الذى وُجِد فيه، ولا يمكن لأى مجتمع أن يقوم وينهض إلا فى وجود الدكتور الناجح، والمهندس المتفوق، والعالم النابغة، والمعلم المتميز «مُربى الأجيال»، والمحاسب الخبير، والمُبدع بالفنون، والإعلامى الذكى، والصحفى المختلف عن غيره، والشرطى المؤهل، وحامى الحدود، والفنيين المتميزين، والأيادى العاملة المؤهلة والنظيفة، وغيرهم من مختلف المجالات، ومن ثم، ينبغى ألا يكون المجموع الكلى هو المعيار الوحيد فى تحديد المسار الجامعى للطالب أو للطالبة، بل ينبغى أن تكون ميول الطالب وقدراته العلمية ومهاراته الشخصية، هى المعيار والمحدد لاختياره الكلية التى ينوى الالتحاق بها، وأن تكون ميوله وقدراته مقدمة عن مجموع درجاته، فكم ممن التحقوا بكليات الطب فى الماضى، لضمان حصولهم على فرص عمل حقيقية فور تخرجهم، نجد فى الحاضر العديد منهم يحملون شهادة الطب، ولكنهم يعملون فى أعمال حرفية، أو فى أى أعمال أخرى ليس لها علاقة بدراسته للطب، ونفس الكلام ينطبق على باقى كليات القمة، بينما فى المقابل هناك من خريجى «كليات القاع»، فإن كثيرًا منهم شغلوا مناصب لا يحلم بها كثير ممن تخرجوا فى «كليات القمة»، والدليل على ذلك وجود رؤساء كثير من الدول -شرقًا وغربًا- ووزراء، ورجال أعمال بها، لم يتخرجوا فى كليات الطب ولا الهندسة، كما أن كثيرًا ممن يعملون فى السلك الدبلوماسى، لم يلتحقوا بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، لذا يجب أن يعرف أولياء الأمور وأبناؤهم من الطلاب، أن خريجى «كليات القاع» مثل دار العلوم والآداب والتربية، هم الذين يُعلٌِمون الطبيب، والمهندس، والسفير، والوزير، وحتى رئيس الجمهورية، كما أن كلية الحقوق كانت قديمًا، تقبل الحاصلين على درجات النجاح فى الثانوية العامة، إلا أنها الكلية التى تُخٌرِج وكلاء النيابة والقضاة، والعاملين فى السلك القضائى كله، لذلك يجب على كل  فرد فى المجتمع، العمل على تصحيح هذا المفهوم الخاطئ، وتغيير هذه الثقافة المختلة، التى لا تتفق مع الواقع، كما أننى أتوجه لأبنائنا الطلاب الناجحين فى الثانوية العامة، بأن يلتحقوا بالكليات التى تتفق مع ميولهم وقدراتهم دون النظر لمجموع درجاتهم، حتى يضمنوا دوام التفوق والتميز، ويكونوا نافعين لأنفسهم ولمجتمعهم، ولوطنهم.. وتحيا مصر