الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الخريطة الجديدة لنشاط تنظيم الإرهاب الدولى فى شرق ووسط أوروبا

الخريطة الجديدة لنشاط تنظيم الإرهاب الدولى فى شرق ووسط أوروبا

فى بداية كتابنا: «كعبة الجواسيس: الوثائق السرية لتنظيم الإخوان الدولى» الصادر فى أعقاب ثورة 30 يونيو 2013م، نبهنا إلى كثير من الحيل وألاعيب التخفى، التى يلجأ إليها «تنظيم الإخوان الدولى»؛ إذ غالبًا ما يُغير التنظيم (الإرهابى) من واجهاته الحركية بشكل مستمر، أو يستحدث أفرُعًا وكيانات بعيدة عن الرصد والتتبع.. وقلنا: [إنَّ المعركة مع التنظيم لم تضع أوزارها بَعد؛ فإن كان ثمة جزء من التنظيم إلى جوارنا؛ فثمة أجزاءٌ أخرى تتحرك عن بُعد (!).. لا يزال التنظيم يخطط، وإن كان «يتخبط».. لا يزال يتحايل، وإن كان يترنح ويتمايل].. وعلى وقع حركة الترنح والتخبط، التى تحاصر «تنظيم الإرهاب الدولى» عالميًا فى الوقت الحالى.. كان أن أكد - قبل أيام - تقرير حديث [وخطير] صادر عن معهد «جلوبسيك» للسياسات (GLOBSEC)، ما أشرنا إليه آنفًا (!)  



.. إذ كشف تقرير المعهد (مقره سلوفاكيا)، عبر برنامجه المخصص لدراسات «الأمن القومى» عن أن اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا (FIOE) المتمركز فى بروكسل – وهو الذراع الأقوى لتنظيم الإخوان فى أوروبا – أسس أخيرًا قسمًا جديدًا لوسط وشرق أوروبا.. واعتبر تقرير المعهد أن هذا التحرك يؤشر نحو مستوى مختلف من الحركة لتنظيم الإخوان فى أوروبا.. خصوصًا بعد حالة التضييق الأخيرة التى يشهدها عالميًّا، حيث يتجه التنظيم فى حركته نحو شرق القارة العجوز.. وهو ما يتطلب من «الدوائر الأمنية الأوروبية» مزيدًا من الرصد والتحليل لهذا التحرك الجديد.

 

1 سبق روزاليوسف:

قبل ثمانية أشهر (تقريبًا) كانت «روزاليوسف» هى صاحبة «أسبقية التنبؤ» بمجالات التحرك الجديد تلك.. إذ نشرت المجلة دراسة وثائقية (تم نشرها على 6 حلقات) تحت عنوان: [إرهابيون فى حدائق روسيا الخلفية]، كانت بمثابة استشرافٍ لمجال الحركة الجديد لتنظيم الإرهاب الدولى.. وكشفت المجلة فى حينه عن كل ما توصلت إليه من معلومات حول النشاط الحركى لتنظيم الإخوان بكل من (وسط آسيا، وشمال القوقاز، وشرق أوروبا)، تأسيسًا على أن هذه المنطقة من الممكن أن تشهد تحركًا [مُحتملاً] من قبل التنظيم، فى ظل الإخفاقات المتكررة التى مُنى بها خلال السنوات الأخيرة.. خصوصًا بعد زلزال ثورة 30 يونيو فى مصر.

.. وهو ما يتقاطع بدوره – حدَّ التماس – مع ما تنبهت إليه أخيرًا الأجهزة الأمنية والاستخبارية الأوروبية.. إذ كان من بين ما نبه إليه التقرير مخاوف وزير شئون الشرق الأوسط البريطانى «جيمس كليفيرلى» قبل شهرين، عندما قال: «إن جماعة الإخوان ستستفيد من المصاعب التى تسبب بها «كوفيد- 19»؛ لتوسيع نفوذها».. وفى الواقع كان ما يقصده وزير شئون الشرق الأوسط البريطانى هو أنَ الجماعة ستحاول أن تكثف من نشاطها خلال المرحلة الحالية - خصوصًا عبر الإنترنت - لتجنيد مزيد من الأتباع، استغلالاً للأوضاع الاقتصادية والمعيشية الناتجة عن تفشى جائحة كورونا.. وفى الواقع أيضًا، كانت المنطقة الجديدة (محل الاستهداف)، بحسب التقرير، من أكثر المناطق تعرضًا للأضرار من الناحية الاقتصادية بالجائحة.

يذكر التقرير: إنَّ الحركة الإخوانية كانت نشطة - فى الواقع - داخل هذا الامتداد المترامى (وإن لم تحظ بالدراسة الكافية من قبل).. ومن بين مؤشرات تلك الحركة النشطة، أن مجلس شورى «اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا» (FIOE) سبق أن عقد اجتماعًا فى «سراييفو» بنهاية أكتوبر من العام 2016م.. وهو ما ذكره - كذلك - الموقع الرسمى لجماعة الإخوان فى حينه، إلى جانب الأخبار التى تمس الوضع فى هذه البلدان، والتقارير المتعلقة باجتماعات ممثلى الجماعة مع ممثلى الحكومات بتلك المنطقة.. رُغم أن مُعظم هذه التقارير كان مصدرها الإخوان (وحدهم)؛ إذ لم يصدر عن الجانب الآخر أى تفاصيل.

وتابع التقرير: قد تصبح هذه المبادرات أكثر انتشارًا نظرًا لأزمة «كوفيد - 19» (COVID-19) الحالية.. وهى الأزمة التى اختبرت حدود أنظمة الرعاية الصحية فى هذه البلدان (فضلاً عن الاقتصاد العالمى).. ومن المرجح أن تحرص الجماعات الإسلامية - خصوصًا جماعة الإخوان - على استغلال حالات «السخط الاجتماعى» للشرائح المحرومة والمتضررة من المجتمعات المسلمة بهذه البلدان؛ لتوسيع نفوذها تحت ستار توفير الخدمات الطبية والاجتماعية، التى تشتد الحاجة إليها فى الوقت الحالى.



2 منهجية التقرير:

استكمالاً لجانب مؤشرات الحركة السابقة، يخلُص التقرير إلى أنه فى حين أن تغطية أنشطة الإخوان (والمنظمات التابعة لها) وأهدافها فى دول أوروبا الغربية كانت وفيرة، إلا أنه لا يزال هناك تحليل أكثر تفصيلاً لأنشطة الحركة فى وسط وشرق أوروبا.. إذ لن يكون هذا التقرير (أى التقرير الصادر قبل أيام) هو الأخير، بل سيغطى هذا المشروع (أى: مشروع دراسات الأمن القومى) خمس دول من المنطقة تمثل خمس بيئات منفصلة، ستتضمنها تقارير تالية.. وذلك بسبب الاختلافات فى تاريخ البلدان، ووجود المجتمعات المسلمة هناك (التى تمثل بيئة الحركة بالنسبة لتنظيم الإخوان الدولى)، ووضع المجتمعات المسلمة داخل الدول المعنية وهويتها.

وبيَّن التقرير أن جزءًا من أهدافه المستقبلية سينصب على مدى تشابه أو اختلاف تكتيكات وعمليات جماعة الإخوان فى هذه البيئات.. إذ إن هذا الأمر هو ما يدفع فى النهاية لخوض محاولة رسم «خرائط الحركة» الخاصة بهذا النوع من الأنشطة داخل منطقة (وسط وشرق أوروبا).. خصوصًا مع بدء حكومات ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية فى إعادة تقييم موقفها من الحركة (أى حركة الإخوان).. لذلك رأى باحثو البرنامج أنه سيكون من المفيد معرفة الأنشطة التى أقامتها «جماعة الإخوان» على الأرض فى خمس جمهوريات فقط، من بين الجمهوريات المستهدفة بنشاط تنظيم الإخوان الدولى.

.. على أن يتوسع البحث - فى المراحل التالية - ليشمل الأنشطة المختلفة للمجموعات المدروسة عبر ثلاثة مستويات: (دينية/ واجتماعية/ وسياسية)؛ لضمان تكوين رؤية شاملة حول الموضوع.. وبعد ذلك، سيتبع هذا التقرير منشور يحتوى على دراسات الحالات الأولى بعد تقييم جميع المعلومات التى تم جمعها.. إذ سيكون هذا الأمر - فى حد ذاته - اختبارًا لمنهجية البحث، قبل أن تُختتم الدراسة بتقرير نهائى يُغطى تلك الدول الخمس.. مع رسم خرائط كاملة، وعرض تصنيف للعمليات المتنوعة للجماعات المرتبطة بتنظيم الإخوان هناك.

ويوضح التقرير أن لجوءه لاختيار بلدان بعينها (كنماذج) من دون غيرها يحكمه – فى المقام الأول – أن الأدبيات الحالية المنشورة حول علاقات تنظيم الإخوان مع «أوروبا الوسطى والشرقية» يرتكز بالأساس على النظرة العامة (التاريخية) لعمليات التبشير بـ«الخلافة العثمانية».. وذلك بالنسبة لكلٍ من سكان المناطق الحضرية والريفية، على السواء.. إلا أن دراسات المشهد الحالى تُعد مفقودة تمامًا.. ونظرًا لأن هناك حاجة واضحة لرسم خرائط شاملة لشبكات وأنشطة الإخوان فى جميع البلدان (وهو ما يصعب تحقيقه لأسباب مختلفة)، تم تصميم مجموعة فرعية من البلدان مقسمة إلى مجموعات وفقًا لأنواع البيئة، استنادًا إلى وجود ثلاث مجموعات: (المتحولين/ والمغتربين/ وأفراد المجتمع الأصلى)، بالإضافة إلى تمثيلهم الرسمى تجاه الدولة فى كل من المساجد والمنظمات (المسجلة، وغير المسجلة).

.. ومن ثم، سيرتكز التحرك المستقبلى لنشاط برنامج المعهد على تحديد عدة مجموعات من البلدان، كالآتى:

 البلدان التى لديها عدد كبير من السكان الأصليين فقط؛

 البلدان التى لديها عدد قليل من السكان الأصليين؛

 البلدان التى تم استيعابها [تنظيميًّا] من السكان الأصليين، والمتحولين، ومجتمعات المغتربين؛

 البلدان التى لديها متحولون أو جاليات من المغتربين، فقط.

وفى كل مجموعة، هناك عدد من البلدان التى لها خصائص موحدة.. وبالتالى تم اختيار خمسة بلدان كممثلة لبقية المجموعات (موحدة الخصائص).. أى سيكون هناك بلد واحد لكل مجموعة.. بالإضافة إلى نموذج معيارى.

.. وتأسيسًا على المحاور السابقة، تم الاستقرار على دراسة نشاط تنظيم الإخوان الدولى، ومظلته الأوروبية (أى: اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا) بالجمهوريات التالية، على وجه الخصوص:

(أ)- التشيك؛

(ب)- البوسنة والهرسك؛

(ج)- مقدونيا الشمالية؛

(د)- بولندا؛

(هـ)- صربيا.

.. وهى الجمهوريات التى ستكون محلاً لعديد من تقارير الرصد الأمنى والبحثى على المستوى الأوروبى، خلال المرحلة المقبلة.



3 إعادة توجيه للمعلومات:

فى تقديرنا الشخصى.. فإن الدول الخمس التى وقع عليها اختيار التقرير لدراسة تحركات تنظيم الإخوان الدولى (ممثلاً فى اتحاد المنظمات الإسلامية) تبدو مقبولة (من الناحية المعيارية الخاصة بمستهدفات التقرير).. إلا أن دراستها [وحدها] يُمكن ألا تعبر التعبير الأمثل عن النشاط والحركة المستقبليين للتنظيم فى كل من وسط وشرق أوروبا.. وهو تقدير يُبنى – يقينًا – على المعلومات، لا الفرضيات البحثية فحسب.

.. إذ، وفقًا لما نمتلكه من تفاصيل حول أذرع ونشاط «اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا»، فإن أذرع الاتحاد الأساسية بالدول محل الاختيار، كالآتى:

التشيك: يتحرك داخلها الاتحاد بصورة رئيسية عبر «اتحاد الطلبة المسلمين»؛

البوسنة: تُعتبر «جمعية الثقافة والتعليم والرياضة»، المعروفة باسم (أكوس)، هى الذراع البوسنية للاتحاد؛

مقدونيا: تُعد «جمعية سنابل الخير فى مقدونيا»، الواجهة الحركية للتنظيم هناك؛

بولندا: تنصب قواعد الحركة هناك على «الجمعية الإسلامية للتأهيل والثقافة».

 .. إلا أنَّ هذه الأذرع وإن كانت تُمثل بعض الواجهات (غير المعلنة) التى يتحرك من خلالها الاتحاد فى وسط أوروبا وشرقها.. فإنَّ عددًا آخر من الأذرع (التى تكتسب بدورها أهمية أكبر فى تقديرنا)، تتدشن داخل عدد من المناطق (المستبعدة مرحليًّا) من الحلقات المستقبلية لتقارير معهد «جلوبسيك» للسياسات (GLOBSEC).

.. إذ تُبين خريطة مؤسسات الاتحاد العاملة فى مجال التخطيط (وهى خريطة نمتلك نسخة منها)، فقد اتخذ «التنظيم الدولى» من مقر «اتحاد المؤسسات الاجتماعية» بأوكرانيا، مركزًا رئيسيًّا لوضع مخططات التنظيم داخل أوروبا.. وتكشف الخريطة (كما أوضحنا ذلك - أيضًا - فى كتابنا السابق الإشارة إليه) أن المؤسسة تعمل بنسبة تصل إلى 100 % بمجال التخطيط.. وتتبعها «جمعية سنابل الخير» بمقدونيا، بنسبة تتراوح بين 70 % و80 %، و«الجمعية الإسلامية للتأهيل والثقافة» ببولندا بنسبة تتراوح بين 60 % و70 %، و«الاتحاد للتنمية والثقافة الإسلامية» ببلغاريا، و«الجمعية الثقافية الإسلامية» ــ السلام ــ بـ«مولدوفا» بنسبة تتراوح بين 50 % و60 %.. ويعاونهم مقر لوكسمبورج ــ أصغر دول القارة ــ بنسبة تتراوح بين 30 % إلى 50 %.

.. وعلى هذا، فإن كان الهدف المستقبلى للتقرير قد اقترب بشدة من مخططات الحركة لاتحاد المنظمات فى كل من: مقدونيا وبولندا.. فإنه خسر – ابتداءً – ثلاث أذرع رئيسية تعمل بمجال التخطيط التنظيمى وتتخذ من منطقة الحركة الجديدة مُستقرًا لها.. ونقصد بذلك: أوكرانيا، وبلغاريا، ومولدوفا.

.. وهى، جميعًا، مؤسسات ساعدت بشكل كامل فى التمهيد لسيطرة التنظيم على أغلب توجهات الجالية الإسلامية فى أوروبا (بشكل عام).. لا فى وسط وشرق أوروبا بحسب خريطة النشاط الجديدة التى يجهز لها الاتحاد (فى الوقت الحالى).. وبالتالى، فهى أذرع تحتاج مزيدًا من الرصد والتدقيق هى الأخرى (رُغم الصعوبات التى بينها التقرير فى منهجيته).



يبقى فى النهاية (فى تقديرنا الشخصى) أن الهدف الاستراتيجى لتأسيس قسم بتلك الكيفية داخل «اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا» بالوقت الراهن، يسعى نحو خلق تكامل فى الحركة مع نشاط أمانة التنظيم بلندن» فى منطقتى: وسط آسيا وشمال القوقاز (اللصيقتين جغرافيًّا لنشاط القسم الجديد بالاتحاد). 