
كريمة سويدان
ملحمة الثانوية العامة
بعض الآراء اعتبرت أن عقد امتحانات الثانوية العامة للعام الدراسى الحالى «2019/2020» خطأ، مستندة إلى أن قرار عقدها فى هذه الظروف الصعبة بسبب فيروس كورونا المستجد - الذى ضرب العالم كله - هو قرار يشوبه الكثير من الخطأ الجسيم، من عدة نواحٍ أهمها وضع أكثر من «56» ألف طالب وأولياء أمورهم تحت ضغط نفسى ومعنوى شديد، وإذا كانت هذه الامتحانات - وعلى مدار السنوات الكثيرة الماضية - هى «بعبع» كل البيوت المصرية، فإن ما قيل عنها هذا العام يفوق أى عام مضى، فى ظل هيمنة الفيروس على جميع المناحى الحياتية للأسر المصرية، ورغم أن هذا الوباء قد فرض علينا تأجيل موعد عقد الامتحانات لمدة أسبوعين، بسبب التأكد من اكتمال إجراءات تعقيم وتطهير اللجان من قبل الحكومة، فإن إصرار وزارة التربية والتعليم وجميع أجهزة الدولة على ضرورة عقد هذه الامتحانات المصيرية - فى رأيى - كان قراراً مهماً وصائباً، رغم أن للدكتور طارق شوقى وزير التعليم الكثير من الأعداء الذين يرفضونه هو واستراتيجية الدولة لتطوير التعليم فى مصر، منذ توليه مسئولية الوزارة، ولكن وبعد أن قاربت امتحانات الثانوية العامة على الانتهاء، وأثبتت نجاحها بأكبر قدر مُمكن من الأمان، وأقل قدر ممكن من المخاطر والأخطاء، يُمكن القول إن مصر مثلها كسائر دول العالم قررت التعايش مع الفيروس اللعين، معتمدة على تحمل المواطنين مسئولية حماية أنفسهم، باتباع وتطبيق الإجراءات الاحترازية، مع إتاحة فرصة التأجيل - لمن يرغب - من الطلاب. إن إنجاز الامتحانات فى هذا العام الصعب، وفى ظل هذه الظروف الاستثنائية، والخارجة عن إرادتنا جميعاً، يُعد إنجازاً عظيماً وتاريخياً، ولأن لكل مُبدع إنجازًا، ولكل نجاح شكرًا وتقديرا، فالمتابع لسير هذه الامتحانات يعلم جيداً كم الجهد والتعب والإنجاز الكبير الذى تم منذ أن بدأت امتحانات الثانوية العامة فى «21» من يونيو، لا بد أن يتوجه بالشكر والعرفان، لكل من شارك فى هذه الملحمة القومية المشرفة لنا جميعاً، من الوزارات المختلفة، حيث قامت وزارة الدفاع مثلاً بمجهود ضخم فى عملية نقل أوراق الأسئلة للمحافظات الحدودية عبر الجو، وتأمين سير الامتحانات فى المناطق المتوترة التى شهدت أحداث شغب فى العام الماضى، وفريق العمل بوزارة الداخلية، لما بذلوه من جهود عظيمة من أجل تحقيق موسم امتحانى متميز، خالٍ تماماً من التسريب، وتأمين جميع المقار الخاصة بامتحانات الثانوية العامة على مستوى الجمهورية، وأيضاً طباعة أوراق الامتحانات بمطابع الشرطة، ووزارة الكهرباء والطاقة، والصحة والسكان، والتموين، والاتصالات، والتنمية المحلية، وكل أجهزة الدولة المختلفة.. وتحيا مصر.