السبت 19 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
العميل «على الموجى» وسيناء «8»

العميل «على الموجى» وسيناء «8»

لم تكن خطة إسرائيل فى تدويل سيناء هى المحطة الأخيرة لألاعيب خطط السطو على أراضينا، وقد أفشلت المخابرات الحربية تلك الخطة، وكانت الطامة الكبرى التى سقطت على وجه المخابرات الإسرائيلية، عندما قام رجال «منظمة سيناء» بجرجرتهم لكشف مخططهم لكل العالم، واتفقوا مع مشايخ القبائل السيناوية بأن يقبلوا ما تطلبه منهم إسرائيل بشأن تأييدهم للمخطط الهادف لتدويل سيناء، وذلك بعد قيام جهاز الأمن الإسرائيلى بنشر خبر للأهالى بأن أرض سيناء غنية بالبترول والمعادن ومن السهل أن يصبحوا أغنياء إذا أيدوا المخطط لتاتى الشركات الأمريكية للتنقيب، وبالفعل أوهم الأهالى الإسرائيلين بقبولهم فكرة التدويل تنفيذًا لتوجيهات المخابرات الحربية المصرية، وكانت الفضيحة الكبرى لإسرائيل عندما عقدت المؤتمر العالمى بمنطقة «الحسنة» ودعت كل وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية، لتعلن أمامهم تأييد الأهالى ورغبتهم الأكيدة فى تدويل سيناء وأمام هذا الحشد الإعلامى كانت المفاجأة، فقد اجتمع مشايخ القبائل على قلب رجل واحد ليعلنوا أمام العالم رفضهم المخطط الإسرائيلى بتدويل سيناء المصرية لأنها أرض محتلة وستعود لأصحابها فى يوم قريب، ونزل الأمر على رأس المخابرات الإسرائيلية كالصاعقة خاصة أنهم قدموا للأهالى كثيرًا من وسائل الترغيب والهدايا ليضمنوا ولاءهم، ولكنهم أحبطوا لهم مخططهم، ماجعل إسرائيل بعد فشل المؤتمر وفضحهم بإغارة طائرات قواتهم الجوية تقذف بيوت الأهالى ووضعت العربات المجنزرة لتحديد إقامة الأهالى فى منازلهم لايبرحونها مهما كانت حاجاتهم …



 

كل هذا تحمله أهالى سيناء جنبًا إلى جنب مع جيشهم المصرى العظيم ليكونوا ظهيرًا لهم، ولقد اعتمدت منظمة سيناء على بطلين من الأهالى رغم أن أعمارهم وقتذاك كانت تتعدى الـ60 عامًا ولكنهم بصحة بدنية قوية أهلتهم للقيام بأعمال فدائية مع المنظمة وهما «مسعود سعيد العبد من قبيلة المساعيد» و «عبد العزيز أبو مرزوق عمدة البياضية» وكانت العمليات المكلفين بها تتطلب منهما أن يمشيا مسافات طويلة، حيث كان دخول سيناء صعبًا جدًا لوجود حواجز قوية مثل خط بارليف ومناطق معزولة تم تهجير سكانها منها وكانت أول منطقة يقطن بها أهالى على بعد 80 كم من القنال فلم يكن أحد يقدر يتسلل ويطلع عليه نهار، لأن عمليات التمشيط الإسرائيلى كانت تتم ليلًا وفى الصباح يتقصون الأثر  والهليكوبتر تستمر فى التفتيش، وكان لا يمكن لأحد أن يمشى فى الصحراء أكثر من 4 كيلو فى الساعة، ولومشى طول الليل يقطع 50 كم فقط وأقرب تجمع سكانى بعد 80 كم ليمكنه الاختباء وسطهم …

 

وقامت المنظمة السرية بسيناء بقيادة الرائد «مدحت مرسى» بعمليات لخطف الأشخاص المتعاونين مع العدو الإسرائيلى، منهم «على الموجى» والذى كان يعمل «مكوجى» وقد جاء العريش  قادمًا من الدلتا، ولما احتلت سيناء ذهب من تلقاء نفسه إلى المخابرات الإسرائيلية وعرض عليهم بيع خدماته الخسيسة لخيانة وطنه وكان يبلغهم عن وظائف الأهالى العريشية، وبعد فترة بدأ يرشدهم عن أى جديد يدخل المنطقة من المأموريات وشكّل خطورة على المخابرات الحربية المصرية وترك مهنة المكوجى واعتبر نفسه مباحث إسرائيلية يركب معهم سياراتهم ويحمل طبنجة، وهذا النوع من الجواسيس يطلق عليه «مرشد» وكان فاكر إن سيناء لن ترجع لمصر، وهذا من ضمن الدعاية التى كانت تنشرها إسرائيل بين الأهالى فى سيناء لتجذبهم للولاء لها، ولكن لم يفعل هذا إلا قلة من ضعاف النفوس مثل «المكوجى على الموجى» الذى كان من السهل قتله، وإنما كان مطلوبًا خطفه حيًا ليدلي بمعلومات ويحاكم فى القاهرة، وقد أخذ التحضير لعملية اختطافه وقتًا طويلًا حيث كان ملازمًا للأمن الإسرائيلى فى كل تحركاته، وقد ساعد الرائد مدحت فى ذلك معظم أهالى سيناء وتم نقله من العريش إلى البر الشرقى من القنال وتمت محاكمته وإعدامه بعد أن أدلى بمعلومات مهمة للغاية…

 

وبعد حرب أكتوبر 73 والتى تعتبر الجولة الرابعة فى «المهمة سيناء» وتحديدًا 25 أبريل عام 1979 بعد توقيع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية بشهر واحد اتخذت الخطوة الأخيرة لمراسم توثيق وتقنين المعاهدة بعد تصديق المؤسسات الدستورية فى البلدين وتمثلت فى تبادل وثائق المعاهدة بين الجانبين فى احتفال تاريخى كبير سواء من حيث قيمة الحدث أو من حيث المكان الذى أقيم فيه الاحتفال وهو هضبة «أم خشيب» حيث كان يقع «مركز المراقبة والإنذار  الأمريكى» الذى أقيم عام 1975 تنفيذًا لاتفاقية فض الاشتباك الثانية كطرف ثالث يقوم بمراقبة المنطقة العازلة بين الجانبين المصرى والإسرائيلى فى أهم منطقة استراتيجية بسيناء، وهى منطقة المضايق «متلا والجدى» ووفقًا لنص المعاهدة يطلب من مجلس الأمن إمداد الدولتين بقوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، وتقدمت مصر بهذا الطلب ولكنها تلقت ردًا سلبيًا من رئيس مجلس الأمن وقتذاك يشير إلى عدم توافق آراء بين أعضاء المجلس فى هذا، وكان ذلك يعنى أن المنظمة الدولية عاجزة عن ممارسة مسئولياتها تجاه السلام لأسباب عديدة كان أبرزها موقف «الاتحاد السوفيتى» وقتها الذى كان رافضًا لمعاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية والذى لوح باستخدام حق الفيتو لمنع صدور القرار، ونقف هنا نقطة نظام مع رفض الاتحاد السوفيتى الذى كان موقفه هذا ردًا على الرئيس السادات بطرده الخبراء الروس عام 72 بعد رفضهم إعطاءنا قطع غيار الأسلحة التى كنا فى أمس الحاجة إليها لاستعدادنا للحرب حيث كان تسليحنا وقتذاك شرقيًا ينتمى للمدرسة السوفيتية التى أوعزت أيضًا لبعض الدول العربية «سوريا والعراق وليبيا» برفض الاتفاقية وتكوين جبهة تصدى فى مجابهتها، وموقف السوفيت كان أيضًا حنقًا على أمريكا الراعى للاتفاقية حيث كانت الحرب الباردة بينهما على أشدها.