
كريمة سويدان
إيجابيات كورونا
مما لا شك فيه أن أزمة ظهور فيروس كورونا فى العالم كله وانتشاره بهذه الصورة البشعة، يُثير مخاوفنا ويهدد أمننا الاجتماعى والصحى والاقتصادى وحياتنا كلها، ليس فى مصر فقط ولكن فى أعتى وأعظم وأكبر دول العالم، ولكن سبحان الله عز وجل، الذى يُرسل لكل سكان الأرض شيئا صغيرا جدا فى حجمه لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، ولكنه كبير جدًا فى إضراره بالبشر، بمرض قاتل ليس له علاج ولا تطعيم حتى الآن، ليُثير خوف وفزع ملوك ورؤساء وحكومات وشعوب العالم كله، بلا استثناء، ويتسبب فى مقتل أكثر من «16000» شخص، وأكثر من «100» ألف مصاب، ومن خلال إقامتى الجبرية فى المنزل بسبب كورونا، ومتابعتى لما يحدث، سألت نفسى لماذا لا نفكر فى إيجابيات هذا المرض وتأثيراته الجيدة - نوعًا ما - علينا فى مصر، خاصة بعد أن اتضح أن الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية وحكومته وكل أجهزة الدولة، أنهم قادرون دومًا على تحويل أى نقمة لنعمة، وأى ضعف إلى قوة، ويشهد على ذلك ردود أفعاله هو وحكومته فى كل الأزمات التى مرت على مصر منذ أن تولى المسئولية، أقربها أزمة السيول والطقس السيئ التى واجهتها الدولة المصرية بحنكة وبراعة ليس لها مثيل، ثم كارثة تفشى فيروس كورونا المستجد، وتعامله مع هذ الوضع الخطير بالتدريج، إلى أن أصدر حزمة من القرارات الثلاثاء الماضى «24» مارس الجارى من شأنها حماية الشعب المصرى ٠٠فعلى المستوى الاجتماعى مثلًا وبعد جلوس الأبناء والآباء - وبالطبع الأمهات االعاملات - فى المنزل للحد من انتشار الفيروس، أتاح ذلك الفرصة للأسرة المصرية العودة مرة أخرى للتجمع على مائدة طعام واحدة، والتعرف على أولادهم من جديد.. أما عن إيجابيات كورونا على المستوى الصحى فنجد أننا جميعًا - وخوفًا من الإصابة بالفيروس - بدأنا الاهتمام بنظافة أنفسنا ومنازلنا وشوارعنا، وهو شىء بُحت أصواتنا من أجله، بالإضافة إلى منع التدخين والشيشة فى المقاهى والمطاعم والأماكن العامة، وهو ما فشلنا فى تطبيقه فيما مضى.. وعلى المستوى التعليمى، ومع تعليق الدراسة فى المدارس والجامعات، نجح الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم - وبفضل فيروس كورونا - فى تطبيق استراتيجية التطوير التى ووجهت بحرب شرسة من أولياء الأمور والمدرسين والطلبة أنفسهم، حيث بات هناك فرصة ذهبية أمام الحكومة للتعامل مع الطلاب، والتدريس لهم عن بُعد، خاصة بعد غلق مراكز الدروس الخصوصية والتى فشلت الحكومات السابقة فى إغلاقها.. وعلى المستوى الاقتصادى سنجد أن قرارات غلق المولات والكافيهات والنوادى بسبب كورونا يُعد فرصة للحكومة لتحديد ساعة معينة تغلق فيها المحال التجارية أبوابها، لتوفير طاقة وبنية تحتية يتم استهلاكها على مدار «24» ساعة، علاوة على استنفاد طاقة معظم الشباب الذين يسهرون طوال الليل ويذهبون إلى أعمالهم مرهقين، فماذا لو أصبح هناك مواعيد للإغلاق، ناهيك عن تكدس الجهاز الإدارى للدولة بالعمالة الزائدة وغير المفيدة، حيث إن تخفيض أعداد العاملين فى جميع المصالح الحكومية إلى «%50»، أتاح الفرصة للعمل عن بُعد، والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، لتجنب الزحام فى المصالح المختلفة.. إذن أمام الدولة المصرية الآن - وبسب فيروس كورونا - فرصة عظيمة لتقييم ما تم تطبيقه من قرارات مواجهة الوباء، والبناء عليه، والإصرار على عدم الرجوع للخلف مرة أخرى.. وتحيا مصر.