السبت 3 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ارتدادات البنك الدولى فى زمن «كوفيد- 19»!

ارتدادات البنك الدولى فى زمن «كوفيد- 19»!

قال لى صديقى السياسى الكبير الذى يقيم فى باريس إنه يثمن ما أطلق عليه «يقظة عالية» وعالية جدا للداخلية -يقصد الوزارة- والمجتمع المدنى أمام مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد.



 

وكنت قلت له أسأل عن ما يحدث فى العالم من تحولات كبرى على صعيد السياسة والحروب والفتن، عدا عن الإرهاب والتطرف وسباق خنازير العالم الرقمى نحو الحروب السبرانية ضد مقدرات الشعوب وحقوقها.

 

ضحك وحدثنى عن تفشى الكورونا!!

 

عودة الزمن الموحش

 

 

بحسب منظمة الصحة العالمية، المرض يتحول بشكل يومى، ما يجعلنا نتدعثر محليا وعربيا وعالميا- بجائحة فيروس كورونا - ونتسارع إلى تنظيم أفكارنا وخططنا ونجتهد نحو إدارة جادة لأزمة أكثر من صحية بل مصيرية تعنى قدرتنا على البقاء واستشراف المستقبل؟.

 

هى قطعا، أزمة تتالى عوارضها؛ فرضت علينا ونتشارك بمآلاتها مع كل الدنيا (...) كأننا أمام توحش إرهابى علينا مقاومته والقضاء عليه عبر الريموت كنترول، وأحيانا فى الشارع، وأخيرًا عبر النوم والحصار فى البيوت.

 

لعل جيلنا سياسيا واجتماعيا وتربويا يعود بما لديه من ذخيرة فكرية إلى «الزمن الموحش» تلك الرواية المهمة التى قدمت بواكير الرؤى المستقبلية للكاتب السورى حيدر حيدر، وفيها قدم مجتمعات تنفلت عبر الجوع والمرض والخوف، والشخصيات الداعية إلى تبنى العلمانية ورفض الماضى وقراءة الحاضر فى ضوء المستقبل لا غير، والرواية نشرت سنة 1973 عن دار العودة ببيروت.

 

السيطرة على أجساد البشر

 

 

ما بين الخوف من الحروب والصراعات الدولية والجيوسياسية التى أتعبت الشرق الأوسط، وجعلت دول المنطقة تعيش من - صيف2019-شتاء2020-حالات من الترقب نتيجة الصراعات الدولية التى تخنق المنطقة سواء فى سوريا أو العراق أو لبنان أو ليبيا أو الجزائر والسودان، وتنامى حدة الصراعات المعلنة بين الولايات المتحدة الأمريكية وملالى إيران وأقطاب الحروب بالوكالة أمثال عثمانللى تركيا إردوغان، ووصولا إلى شبح التهديدات بالموارد الطبيعية والمياه والعمالة عبر العالم، إلى أن جاءت قوة فيروس كورونا المستجد (...) وخلق نظريات للحلول الطبية الوقائية عن طريق «حصار» البشر فتسارعت دول العالم إلى تجربة منع التجول وترك ساحة المعركة مع كورونا إلى الجيوش والقوى الأمنية والكوادر الصحية، فى محاولة للخلاص من شبح المرض فالموت أو التشوهات الاجتماعية وانهيار النظم الصحية.

 

..والغريب أن وثائق البشرية ترنو إلى الحريات رغم شبح الموت والعزل والحصار الطبى الصحي- وهو مطلب لحصر الانتشار الغريب للفيروس؛ وأنه: لا بدّ من الخروج رغم منع التجول (...) فكما يقول أستاذ علم الاجتماع فى جامعة السوربون لـ«روزاليوسف» د.ناجى خطيب عن حالة حصار الناس فى جائحة كورونا فى باريس:

 

«الآن، تحاول الحكومة الليبرالية بتطرف السيطرة على أجساد المواطنين الذين يعانون من سياستها الاقتصادية والتى تدمر الصحة والقطاع الصحى أكثر من فيروس كورونا»، لافتا: «مع Corona، باريس أكثر جمالا وخالية من التلوث». 

 

المَسخ..وأكثر

 

 

..مصائر البشرية تعلقت بصلب مستقبلهم عبر الظهور الرئيس للفيروس فى ووهان الصينية وما جرى إلى الآن، يرى الأمر أستاذ الكتابة والنقد فى جامعة الشارقة د.نزار قبيلات: «المسخ، مَسخ -كورونا المستجد - الشّعورَ الفرديّ والطّبقى عِند الإنسان فى هذا العالم، وأحالت العَولمة الجديدة العالمَ المترامى القارات والأمم إلى «حوش صغير» نجلس فيه جميعا !».

 

ويؤكد: «ها نحن نتمنى أن تخرج نتائجُ فحص - رئيس أعظم دولة عسكرية واقتصادية- ترامب من المرض سلبية، لقد حطّم هذا الفيروس ومنذ أسبوعين تقريبًا شعاراتٍ وأحلام الدّول العُظمى وحوّل العالمَ كلَّ العالم لينظرَ وبلحظة صَمت جامعة صَوب بقعةٍ خطيرة تَتمددُ فى سقفِ السّماء التى تجمعنا».

 

.. وعن نهايات التصور الحالى لزمن الفيروس: «إن المتخيل فى أذهان كل البشر اليوم واحدٌ، والألم واحد، والضمير واحد، هو ذاته ذلك الطاعون الجديد واحد».

 

البنك الدوى : تأثيرات محتملة

 

 

يقول البنك الدولى: ظهر فيروس كورونا المستجد لأول مرة فى الصين فى أواخر عام 2019، ويمكنه أن يتسبب فى اضطراب اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال: - أولا: بشكل مباشر من خلال انتقال العدوى.

 

- ثانيا: بشكل غير مباشر من خلال التأثير على أسعار النفط وسلاسل القيمة وحركة السياحة. ويرصد «رباح أرزقى» - كبير الاقتصاديين فى البنك الدولى و«ها نغوين - كبير المحللين الاستراتيجيين فى البنك» إن قناتى العدوى وأسعار النفط هما الأكثر تأثيرًا، وقد انتشر الفيروس حتى وصل إلى إيران وبلدان أخرى فى المنطقة، وهوت أسعار النفط 20 دولارا فى البرميل منذ اكتشافه.

 

..ويحدد البنك الدولى مؤشرات الجائحة بقوله: فى 31 ديسمبر2019، تلقت منظمة الصحة العالمية أول تحذير بشأن فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) من السلطات الصينية. وقد تتسبب الإصابة بهذا الفيروس الجديد فى ظهور أعراض تشبه الإنفلونزا، ولكنها أشد حدة، واحتمال أن تؤدى إلى الوفاة أكبر من فيروسات كورونا المعروفة الأخرى.

 

واتسعت رقعة انتشار الفيروس حتى وصل إلى 95 بلدا وإقليما وبلغ عدد حالات الإصابة به أكثر من 100 ألف والوفيات قرابة 3500 حتى 6 مارس2020. ومن الممكن أن يتسبب فيروس كورونا فى اضطراب حاد فى الأنشطة الاقتصادية العالمية. وما قد «يؤثِّر» هذا الفيروس من خلالها على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

فمن الممكن - تقول الدراسة - أن ينقل المسافرون من الصين وكوريا وإيطاليا وبلدان متضررة أخرى عدوى الإصابة بفيروس كورونا إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد وصل الفيروس بالفعل إلى إيران وبلدان أخرى فى المنطقة. وحتى 6 مارس، أفادت إيران بوقوع أكثر من 4500 حالة إصابة بالفيروس وما لا يقل عن 43 حالة وفاة. ومن المحتمل أن تؤدى الزيادة السريعة لحالات الإصابة هناك إلى اضطراب الإنتاج والتجارة فى هذا البلد. ومع انتشار الفيروس فى إيران، أغلقت السلطات المدارس، وألغت الفعاليات والمناسبات الفنية والسينمائية، وأغلقت بلدان مجاورة حدودها البرية مع إيران.

 

وقد أعلنت بلدان أخرى فى المنطقة أيضا عن اكتشاف حالات إصابة بالفيروس. وحتى 6 مارس، أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن 28 حالة إصابة بالفيروس، والعراق عن 40 حالة، والبحرين عن 60 حالة، وأعلنت الكويت عن 58 إصابة بالفيروس. كما أعلنت مصر ولبنان وقطر عن اكتشاف أول حالات إصابة بالفيروس لديها.

 

وتتوقف القدرة على احتواء الفيروس على قوة أنظمة الصحة العامة فى بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتُصنِّف منظمة الصحة العالمية معظم بلدان المنطقة فى مراكز مرتفعة نسبيا بين النظم الصحية فى 191 بلدا فى العالم، مع استثناءات قليلة مثل اليمن الذى يحل فى المركز 120 وجيبوتى فى المركز 157.

 

أن بعض بلدان المنطقة قد تواجه صعوبات فى مكافحة انتشار الفيروس، كما أن الحروب فى سوريا واليمن ستعوق سلامة أداء النظم الصحية لوظائفها فى البلدين. ووفقا لما ذكره الدكتور عبدالناصر أبوبكر من المكتب الإقليمى لمنطقة شرق البحر المتوسط فى منظمة الصحة العالمية، فإن الحظر الأمريكى قد يضر بقدرة إيران على شراء التكنولوجيا اللازمة لإنتاج التجهيزات والأدوية الأساسية، بحسب ما أقر أرزقى ها نغوين.

 

 

 

الخوف من مستقبل أسعار النفط

 

ينحاز البنك الدولى إلى مخاوف أساسية قوامها أنه ونظرا للاعتماد الشديد لبعض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على صادرات النفط والغاز، من المتوقع أن يكون تراجع أسعار المنتجات المتصلة بالبترول أبرز القنوات لانتقال تأثيرات فيروس كورونا إلى بلدان المنطقة.

 

ومنذ اكتشاف الفيروس الجديد وحالات الإصابة به فى الصين فى بداية عام 2020، هوت أسعار النفط بشدة. وهوى سعر نفط برنت من 68.90 دولار للبرميل فى 1 يناير إلى 50.5 دولار فى 28 فبراير كما هوت العقود الآجلة للنفط الخام نحو 20 دولارا فى البرميل فى يناير وفبراير تحسبا للتأثير السلبى على الطلب على النفط من جراء تفشى الفيروس.

 

ومع أن ثمة عوامل أخرى ربما أسهمت فى هذا الهبوط، فإن فيروس كورونا كان على الأرجح أكثر العوامل تأثيرا، ويرجع ذلك فى جانب كبير منه إلى الانخفاض الكبير فى الطلب من الصين حيث أغلقت السلطات منشآت الإنتاج فى إطار جهودها لاحتواء انتشار الفيروس. ووفقا لتقرير سوق النفط لشهر فبراير/شباط الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، تبلغ نسبة الطلب على النفط فى الصين حاليا 14 % من الطلب العالمى، ويشكل معدل نمو الطلب على النفط فى الصين حاليا أكثر من 75 % من النمو فى الطلب العالمى بحسب تقارير لـ(وكالة الطاقة الدولية، 2020).

 

ركز البنك الدولى على أن «دفع الخطر» الذى أثارته أزمة تفشى كورونا بلدان منظمة أوبك والمنتجين من خارجها إلى دراسة إجراء خفض إضافى لإنتاج النفط مقداره 600 ألف برميل يوميا كتدبير طارئ زيادةً على 1.7 مليون برميل يوميا تعهدوا بالفعل بخفضها (وكالة الطاقة الدولية 2020).

 

وسيتوقف تعافى أسعار النفط على نجاح الصين والبلدان الأخرى فى السيطرة على انتشار الفيروس، الذى أصبحت تأثيراته عالمية على نحو متزايد. ومع أن الغالبية العظمى من حالات الإصابة كانت فى الصين، فإن كوريا وإيطاليا وإيران شهدت زيادة كبيرة فى حالات الإصابة وسجلت بلدان أخرى كثيرة بعض الحالات.

 

كورونا يضرب سلاسل القيمة!

 

 

برغم التعافى المشبوه من كورونا، أو النادر(...) إلا أنه حين تضطرب منظومة الإنتاج فى الصين، تتأثر على الأرجح البلدان التى تربطها بالصين سلاسل قيمة قوية. وهذا مبعث قلق خاص لكثير من بلدان آسيا التى تربطها بالصين سلاسل قيمة مهمة، لكنه قد يكون أقل إثارة للقلق لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التى تشهد مشاركة محدودة فى سلاسل القيمة العالمية. لكن اضطراب سلاسل القيمة العالمية قد يؤدى إلى تفاقم الهبوط فى أسعار النفط الذى أحدثه تراجع طلب الصين.

 

هناك زمن متوحش على ضبط الإنسان خلال فترة حضانة الفيروس؛ ذلك أن ذروة المرض عالميا تشل التوقعات وتعلى من سلم الخسائر، وقد يؤدى فيروس كورونا إلى تقليص حركة السياحة من الصين إلى المنطقة بطريقتين. الأولى هى عامل الجذب: فكثير من بلدان المنطقة تفرض الآن قيودا على السفر على المواطنين الصينيين. علاوةً على ذلك، علَّقت السعودية دخول المعتمرين إلى الأماكن المقدسة، وهو ما قلَّص بدرجة أكبر حركة السياحة إلى الشرق الأوسط.

 

والثانية هى عامل الطرد: فالتباطؤ الاقتصادى فى الصين يُنبِئ بتراجع أعداد السياح الذين يسافرون إلى بلدان أخرى، ومنها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن المحتمل أن تشهد منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ أكبر هبوط فى أعداد السياح الصينيين. ومن المتوقع أن يكون أثر الركود الاقتصادى فى الصين على السياح القادمين إلى المنطقة أضيق نطاق ما يؤدى إلى انخفاض حركة السياحة العالمية وبالتالى تفاقم هبوط أسعار النفط..

 

الخروج من تداعيات المرحلة ممكن!

 

 

تبدو الإجراءات المتسارعة داخل الدولة المصرية - وعبر ما دعا إليه الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى - إلى تخصيص تمويل بقيمة (6.38 مليار دولار) لإنجاز خطة مصر الدولة، للتعامل مع أى تداعيات سياسية أو اقتصادية أو صحية محتملة للفيروس خطوة غاية فى الأهمية.

 

فالأمر برز من خلال ما اتضح على وتيرة توجه قرارات المصارف المركزية العربية إلى اتخاذ إجراءات خاصة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا وآثاره على القطاعات الاقتصادية سواء عبر ضخ السيولة أو دعوة المصارف الخاضعة لرقابتها إلى اعتماد المرونة تجاه قروض العملاء خصوصًا المتضررين من الفيروس، وجاءت القرارات متزامنة مع تحولات صعبة فى أسلوب تعاطى العالم مع أساليب علاج الفيروس واللجوء -قسرا- إلى خيارات قوانين الدفاع والطوارئ لمنع حركة الناس فى المدن المرشحة لاتساع دائرة الجائحة.

 

.. ولعل تجربة «البنك المركزى المصرى» المهمة تعزز الشارع المصرى اجتماعيا وصحيا من خلال وعى القيمة الاقتصادية لمصر المستقبل، فكان التعاطى بضرورة تأجيل الاستحقاقات الائتمانية للشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وتعليق العمل بغرامات تأخر السداد، بالإضافة إلى إلغاء الرسوم والعمولات على عمليات نقاط البيع والسحب من الصراف الآلى والمحافظ الإلكترونية لمدة ستة أشهر. وأعاد البنك التأكيد على أنه يراقب الأوضاع عن كثب محليًا ودوليًا للتدخل بشكل فورى عبر أية تدابير لازمة للمحافظة على الاستقرار المصرفى والنقدى، وحماية لمدخرات المواطن المصرى وسلاسل الاستثمار.

 

ويتحرك البنك الدولى وفق نظرية «ضرورة تقوية الأنظمة الصحية «التى ينادى بها رئيس مجموعة البنك الدولى ديفيد مالباس» بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية الآن بسرعة لمساعدة البلدان على تقوية الأنظمة الصحية المحلية والرعاية الصحية الأولية لحماية شعوبها من هذا الوباء، والتأكُّد من تمكينهم من الحصول على معلومات مراقبة الأمراض والاستفادة من تدخلات الصحة العامة. وأعلنا هذا الأسبوع عن حزمة تمويل أولية تصل قيمتها إلى 12 مليار دولار للبلدان التى تحتاج إلى تمويل لمواجهة هذه الأزمة كى تتمكن من تلبية احتياجاتها الفورية الناجمة عن تفشى فيروس كورونا، مع معالجة الآثار الصحية والاقتصادية الطارئة الناجمة عن هذا التفشِّى يجب أن تعقبها استثمارات أطول أجلا لبناء أنظمة صحية أقوى وأكثر صمودا فى وجه الصدمات.

 

ودعا «مالباس» إنفاق مزيد من الموارد فى خطوط الدفاع الأولى لاكتشاف حالات الإصابة ومعالجتها فى مرحلة مبكرة قبل أن تستفحل ينقذ الأرواح ويؤدى إلى تحسين النواتج الصحية وتقليص تكاليف الرعاية الصحية وتقوية التأهُّب والاستعداد للمواجهة.

 

وهو حذر: إذا استمر المسار الحالى لانتشار الفيروس، فإن الآثار من الدرجة الثانية سرعان ما تتحول إلى أزمة اقتصادية تهوى بالعالم فى خضم كسادٍ ستكون له تأثيرات شديدة على أكثر البلدان والسكان فقرا.

 

وفى ضوء قلة الموارد وضعف القدرات الحكومية، لا يمتلك الكثير من البلدان الأشد فقرا البنية التحتية الصحية أو الموارد الكافية للتأهب للمواجهة عند تفشى المرض. ولكن سرعة رصد تفشِّى المرض والاستجابة الطارئة السريعة قد تساعد على الحد من الأمراض والوفيات التى يمكن تفاديها، وتقليل الآثار الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

 

ويجب أن تعمل كل الحكومات لتعزيز الأمن الصحى لبلدانها. وأكثر الطرق فعالية لتحقيق هذا الهدف هو توفير أنظمة قوية للرعاية الصحية الأولية. ولا تبدو الأعذار الشائعة عن الأولويات المتعارضة، والنواتج غير المنظورة، ونقص التمويل المخصص للمنافع العامة الآن منطقية على الإطلاق.

 

إن تكاليف تطوير تدابير الوقاية من المخاطر على الأمن الصحى ليست سوى جزء ضئيل من التكاليف الناجمة عن الأوبئة. وتظهر التقديرات الأخيرة أن معظم البلدان ستحتاج فى المتوسط إلى إنفاق 1.69 دولار لكل فرد سنويا لتحقيق مستوى مقبول من التأهب لمواجهة الأوبئة. وبالنسبة لمعظم البلدان، فإن ذلك أقل من 2 % مما تنفقه على الرعاية الصحية.

 

..مالباس يؤكد أن ضعف أنظمة الرعاية الصحية وإدارة المستشفيات أدَّى إلى ارتفاع معدلات الاعتلال والوفيات. ولوقف انتشار فيروس كورونا فى المستشفيات، ستحتاج البلدان إلى توفير منشآت للحجر الصحى، والفرز، والوقاية من العدوى، ومكافحتها. ويتضح من عدد الإصابة بالعدوى بين مقدمى الخدمات الطبية فى المنشآت الصحية أننا نحتاج أيضا إلى بناء قدرات العاملين فى مجال الرعاية الصحية والتأكُّد من توفر المعدات الواقية على المستوى المحلى.

 

كما أنه إذا استمر المسار الحالى لانتشار الفيروس، فإن الآثار من الدرجة الثانية سرعان ما تتحول إلى أزمة اقتصادية تهوى بالعالم فى خضم كسادٍ ستكون له تأثيرات شديدة على أكثر البلدان والسكان فقرا، مشددا على أنه - برغم ذلك وبرغم عدم التفاؤل: يمكن احتواء تفشى هذا الوباء، وقد تساعد الإجراءات التى تتخذها الآن البلدان والمجتمع الدولى على إنقاذ الأرواح وسيكون نطاق هذه الاستجابة حاسما فى تحديد فعاليتها ونجاحها. ويجب على البلدان أيضا تقوية أنظمتها لمراقبة الأوضاع الصحية والصحة الأولية، لأنها ذات أهمية بالغة فى إيقاف انتشار هذا المرض وأى أمراض أخرى فى المستقبل.

..مؤشر أخير

 

ذروة الفيروس حولت العالم إلى تقنيات التراسل والتعليم والإدارة عن بعد(...) بما فى ذلك عقد وإدارة الحكومات - بما فى ذلك دول العالم الثالث - ونجحت التجارب خلال الأيام الماضية فى الأردن ومصر والإمارات والكويت؛ ما فعل تقنيات الاجتماعات عن بعد فى جلسات مجالس الوزراء واجتماعات فرق متابعة أزمة كورونا ضمن خطط إدامة العمل، وتعقد جلساتها بعيدا عن الاختلاط،

 

.. والمؤشر الرابح هنا أن تعيد دول العالم، ومنطقتنا بالذات، علاقتها مع مشاريع استشراف المستقبل والحوكمة الإلكترونية والتربية والتعليم والتنمية والرعاية الصحية وفق نماذج رقمية تدير النقص الحاد فى الأشخاص والموارد.

 

زمن كورونا. زمن التحدى والتغيير والتواصل الجاد نحو الخلاص من مؤشرات التخاذل والضعف.