النظام «الرابح الوحيد» من أزمة القضاة بعد تمرير قانون الصكوك دون ضجة: هل تضيع «العدالة» فى زحمة مؤتمرات التسكين؟!
وفاء شعيرة
فى الوقت الذى انشغلنا فيه بالجدل حول الفرق بين مؤتمر العدالة 1986 ومؤتمر العدالة 2013 تم تمرير قانون الصكوك ضد أزمة مستحقة. كأنه الهدف الحقيقى من كل هذه الهجمة ضد القضاة، وواضح أننا خلال انشغالنا أيضا سيمررون تعديلات حزب الوسط على قانون السلطة القضائية بعد منحه غطاء قضائيا من خلال مؤتمر العدالة الجديد الذى يثير ريبة الكثير من الهيئات القضائية!
البعض يرى عكس ذلك ويدعى أن مؤتمر العدالة 2013 ستكون نتائجه فعالة وتوصياته ستنفذ رغم أن أهداف وتوصيات مؤتمر العدالة عام 1986 لم يتحقق منها إلا القليل!
حسب المذكرة التى أرسلت لرؤساء الهيئات القضائية يهدف «عدالة 2013» إلى دراسة مراجعة التشريعات المتعلقة بسير العدالة كقانون السلطة القضائية ومراجعة جميع الاتفاقيات الدولية ومناقشة العدالة وهيكلة الجهاز الإدارى للمحاكم بما يتلاءم مع التطوير بالطرق التكنولوجية الحديثة.
المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة الاستئناف قال لنا: نحن فى حاجة لمؤتمر عدالة جديد لأن جميع المعطيات التى كانت موجودة قبل مؤتمر عدالة عام 1986 اختلفت عما هو موجود حاليا من ظواهر جديدة سواء ما يتعلق بالعدالة مثل تنفيذ الأحكام والعدالة الانتقالية وما يتعلق بالقضاة مثل التعيينات والترقيات وحصار المحاكم ومحاكمات الفضائيات، كلها أمور جديدة.
فضلا عن أن الوضع الدستورى للقضاء فى ظل دستور 71 يختلف كلية عن دستور 2012 وهو ما سوف يلقى بظلاله على توصيات ذلك المؤتمر ومقترحاته عند مناقشة قضايا مثل قضية تعيين النائب العام وإلغاء الندب الجزئى للقضاة.
وقال «الخطيب»: إن مؤتمر 86 لم ينجح من الناحية النظرية فى تشخيص ما تعانيه العدالة من أزمات وطرق العلاج إلا أنه افتقر إلى الإرادة السياسية والتشريعية لتفعيل ما صدر عنه من توصيات، وهو ما يلزم معه ضرورة نجاح مؤتمر العدالة القادم والمشاركة الإيجابية لجميع القوى السياسية والحزبية لترجمة ما يصدر عنه إلى قوانين وقرارات إلى إرادة سياسية عازمة على تنفيذه.
وأكد «الخطيب» أن مؤتمر العدالة سيؤثر بالطبع على المواطن العادى لأن العدالة أحد مطالب الثورة ولو كانت هناك عدالة لما قامت الثورة أصلا.
المستشار أيمن عبدالغنى نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والمتحدث الرسمى بهيئة قضايا الدولة قال لنا:
بلا شك نحن فى حاجة لمؤتمر للعدالة لأنه مطلب قديم وزاد بعد إصدار الدستور الجديد وإعطاء الهيئات القضائية اختصاصات جديدة مثل اختصاص هيئة قضايا الدولة للادعاء العام المدنى وإعداد حقوق الدولة وتسوية منازعاتها إلى جانب الرقابة الفنية على إدارات الشئون القانونية بالجهاز الإدارى بالدولة.
وأيضا اختصاص النيابة الإدارية باتخاذ الإجراءات القانونية فى مواجهة القصور فى أداء المناصب العامة بجانب استحداث الطعن على الأحكام القضائية فى الجنايات عن طريق الاستئناف وأيضا إقرار نص خاص بالنائب العام يحدد آلية تعيينه ومدة شغله للمنصب.. كذلك النص على الرقابة السابقة على دستورية القوانين.
وفى اختصاص المحكمة الدستورية العليا بشأن رقابتها على دستورية قوانين الانتخابات ومباشرة الحقوق السياسية وتحديد آلية هذه الرقابة.
كل ذلك - كما يقول المستشار عبدالغنى - يحتاج إلى نظرة جديدة لمنظومة العدالة فى مصر بخاصة أن الدستور الجديد تضمن أيضا نصوصا خاصة بالمحامين والجهات المعاونة كالخبراء والطب الشرعى والشهر العقارى، حيث تتضمن هذه النصوص ضمانات لاستقلال هذه الجهات فى أدائها لاختصاصاتها كما هو الشأن أيضا بالنسبة لمهنة المحاماة كمهنة رفيعة، حيث أكد الدستور الضمانات الكفيلة لأداء المحامى لعمله دون تدخل من أحد.
وأكد «عبدالغنى» أن مؤتمر العدالة 86 اهتم بفكرة القضاء المتخصص وأيضا باستقلال القضاء، بالإضافة إلى عدد من الأفكار المطروحة منها إنشاء النيابة المدنية ودمج الهيئات القضائية جميعا تحت ما يسمى بفكرة القضاء الموحد بجانب تحديث دور العدالة ورفع مستوى دخل القاضى وضمان حصانته واستقلاله فى إدارته لعمله.
أما مؤتمر العدالة الجديد فيمثل مراجعة لمدى تفعيل توصيات مؤتمر العدالة عام 86 مع مزيد من التطوير لآليات استقلال وتحديث القضاء المصرى بالصورة التى تقوم على التكامل والمشاركة والتعاون بين جميع الهيئات القضائية نحو تحقيق العدالة التى صارت ملحة لجميع المواطنين.
ولهذا أرى أنه يجب عقد مؤتمر للعدالة بصفة دورية كل خمس سنوات لمراجعة ما تم بشأن التوصيات التى تصدر عنه بجانب المستجدات التى تطرأ داخل منظومة العدالة.
أما عصام الإسلامبولى الفقيه الدستورى فقال لنا: نحن بالفعل فى حاجة لمؤتمر العدالة لوضع منظومة كاملة لتطوير القضاء المصرى وما يتعلق به من إجراءات التقاضى وتنفيذ الأحكام لإعلاء العدالة ومشروع تعديل قانون السلطة القضائية الموجود حاليا بمجلس الشورى ليس قانونا ولا تعديلا وإنما مواد قانونية للانتقام من القضاء، لهذا يجب أن ننظر إلى مؤتمر العدالة نظرة شاملة جوهرية للحصول على العدالة وسرعة تنفيذ الأحكام وتكوين شرطة قضائية.
وبالنسبة لمؤتمر العدالة عام 86 - كما قال الإسلامبولى - فهو مؤتمر جيداً أصدر توصيات جيدة ولم ينفذ منها نقل تبعية التفتيش القضائى من وزارة العدل إلى مجلس القضاء الأعلى وتعديل طرق التعيين فى النيابة وعدم جواز انتداب القضاة.
أما مؤتمر العدالة الآن فهو مهم لأن هناك ضرورة لإصدار مجموعة من القوانين الجديدة طبقا للدستور المصرى الجديد الصادر فى ديسمبر 2012 الذى أعطى وظائف جديدة للنيابة العامة والهيئات القضائية مثل هيئة قضايا الدولة.
الإسلامبولى قال: لا أعتقد أن مؤتمر العدالة سيعقد لإشغال القضاة والمجتمع عن إصدار قانون تعديل السلطة القضائية الموجود حاليا فى مجلس الشورى لأنه طبقا للدستور الجديد لا يجوز تعديل أى قانون دون أن يمر على الجهة المطبق عليها هذا القانون وبالتالى لو صدر هذا القانون دون موافقة القضاة والمجلس الأعلى للقضاء يمكن الطعن عليه وإلغاؤه لأنه غير دستورى.
أما المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابقة فقد أكدت لنا: نحن فى حاجة إلى مؤتمر للعدالة يناقش جميع أركان القضاء من محاماة وقضاة والهيئة الأساسية، ولكن ما جدوى هذا المؤتمر فى ظل تشريع موجود الآن داخل مجلس الشورى يمثل عدوانا على السلطة القضائية.. فيجب علينا أولا أن نزيل هذا العدوان ثم نتحدث عن المؤتمر.
وقالت: أعتقد أن مؤتمر العدالة هذا عقد للالتفاف على مشروع قانون السلطة القضائية فهل يعتقدون أن هذا المؤتمر سوف ينهى الأزمة الحالية.
وأكدت الجبالى نجاح مؤتمر 1986 لأنه وضع أسسا لإصلاح العدالة وتحقيق استقلال القضاء، ولم يكن فى 1986 قانون مثل القانون الذى يريدون إقراره لعزل 4 آلاف قاض.
وإذا كان هناك مآخذ على مؤتمر 1986 بأنه طالب بالقضاء الوحيد - أى دمج الهيئات القضائية - فإن هذه التوصية كانت نقطة خلاف كبيرة فى هذا المؤتمر لم يؤخذ بها وهى النقطة التى ظهرت مؤخرا وحاولوا تقنينها فى الكارثة الدستورية التى حدثت فى مصر.
وقال لنا المستشار غبريال عبدالملاك رئيس مجلس الدولة: نحن فى احتياج لمؤتمر عدالة الآن من أجل إزالة الاحتقان الموجود على الساحة وقانون السلطة القضائية الذى يناقشه مجلس الشورى يحتاج إلى بعض التعديلات حتى يتوافق مع نصوص الدستور الجديد وإذا كان مؤتمر عام 1986نص على دمج مجلس الدولة فى القضاء العادى ودمج هيئات قضائية مع بعضها البعض فإن هذه التوصية تم رفضها لأن قضاء مجلس الدولة له طبيعته الخاصة وتكوين القاضى فى مجلس الدولة مختلف عن تكوين القاضى العادى لأن القاضى العادى يحكم بين المواطنين المتساوين فى كل شىء بينما قاضى القضاء الإدارى يحكم بين طرف مؤسسى وهو الدولة ومؤسساتها ووزارتها وحكومتها والمواطنين ولهذا يجب أن ينظر القاضى فى مثل هذه القضايا بطريقة مختلفة.
وأكد عبدالملاك أن مؤتمر العدالة طرح من قبل رئيس الجمهورية عند مقابلته معى ورؤساء الهيئات القضائية الأخرى ونحن وافقنا ومسودة المؤتمر التى عرضت علينا كان مكان المؤتمر بمحكمة النقض بدار القضاء العالى وقال لنا الرئيس أريد أن أتبناه لهذا سأعقده فى الرئاسة ولم نعترض ، ولكن بعد ذلك طالب الكثير من القضاة بعقده فى دار القضاء وليس الرئاسة باعتبار أن دار القضاء مكان قريب وهذا أفضل، وعلى العموم أنا أعتبر القاضى قاضيا وأن رأيه لن يتغير بالمكان الذى سيعقد فيه المؤتمر.