
كريمة سويدان
الأسوأ من كورونا
بعد أن تجاوز عدد قتلى فيروس كورونا المستجد ثلاثة آلاف، وانتشاره فى أكثر من ستين دولة - تصدرت الصين وكوريا الجنوبية، وإيران، وإيطاليا، قائمة الدول التى سجلت أعلى عدد فى الوفيات - تتوالى التحذيرات من الوباء من كل مكان، ورغم أن وسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعى تُخصص صفحاتها وشاشاتها لمناقشة تداعيات انتشار الفيروس على الصحة العامة، وعلى الحياة اليومية للأشخاص، وعلى الاقتصاديات المحلية والعالمية، نتيجة لذلك انتشرت حالة من الهلع والخوف من خلال وسائل التواصل الاجتماعى بسبب أخبار متعلقة بهذا الوباء، القليل منها موثق، والكثير منها يُصنٌف تحت خانة الأخبار الكاذبة أو الشائعات.
ولو نظرنا إلى الأسوأ من الخوف من انتشار الكورونا - كمرض وبائى - سنجد أن هذا الخوف قد أفرغ الأماكن المقدسة بالمملكة العربية السعودية من الحجاج، لأول مرة فى التاريخ الإسلامى - هذا من جهة - ومن جهة أخرى دفع الخوف من انتشار المرض إلى إلغاء بعض الاحتفالات، أو الفعاليات، أو المؤتمرات الدولية فى بعض الدول، ناهيك عن إلغاء الكثير من الرحلات السياحية لكثير من الدول، مما أثر على دخل السياحة لهذه الدول، بعد إعلان العديد من المدن عبر العالم، مناطق مغلقة بسبب تفشى مرض كورونا، ولا ننسى أنه تم إغلاق متحف اللوفر فى فرنسا مثلًا، خوفًا من انتقال العدوى من زوار المتحف، للعاملين فيه، وإغلاق العديد من المصانع والمدارس والجامعات فى بعض الدول الأخرى، وإلى الآن لا تزال منظمة الصحة العالمية مترددة فى إعلان فيروس كورونا كوباء عالمى، وتتمسك بتصنيفه كحالة متقدمة من الخطر الذى يهدد بالانتشار، وعلى الرغم من انتقال الفيروس لكل قارات العالم، إلا أن تقدير المنظمة العالمية موفق فى تشخيص الحالة العامة حتى الآن، ومع ذلك فالآثار المترتبة على الفيروس تفوق ما سجٌل من وفيات وإصابات، حتى فى الصين موطن الفيروس الأول، تبدو النتائج الاقتصادية وخيمة للغاية، والخسائر فادحة، ومن الطبيعى أن تتأثر اقتصاديات العالم كله بناءً على ما يجرى فى بلد يُعد ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، نحن إذًا أمام أخطر تهديد يواجه الاقتصاد العالمى منذ أزمة «2008» إذا لم تتمكن الدول الكبرى من احتواء الفيروس فى أسرع وقت.. إن العالم لم يكن وهو يدخل عامًا جديدًا «2020» يضع فى حساباته مثل هذه التطورات المفاجئة، والصدمات العنيفة، لذا عليه أن يسرع إلى التكيف مع وضع غير مألوف، ما لم يتمكن العلماء فى المعامل، من التغلب على الفيروس المستجد.. إن هذا الفيروس الجديد هو اختبار حقيقى للعالم كله، وللأنظمة الصحية داخل الدول، وهو أيضًا اختبار حقيقى لقوة الصين فى تخطى مثل هذا التهديد الصعب.