الصحافة المصرية ضد التمكين
روزاليوسف الأسبوعية
نحيى الذكرى الـ 56 لرحيل روزاليوسف «ست الصحافة المصرية».. ورمز الوحدة الشعبية النخبوية التى لن تموت.. فى لحظة فارقة بتاريح صاحبة الجلالة
إعلان منتشر فى الصحف القومية والخاصة والحزبية يبين الحالة الصعبة جدا التى تعانى منها «الصحافة المصرية».. الإعلان عن دورة للإسعافات الأولية فى المساعدة على إنقاذ الصحفيين وقت المواجهات من القتل أو الكسر أو الاختناق، هؤلاء هم الصحفيون يا سادة، الذين يضعون حياتهم فى كفة وضميرهم المهنى فى كفة أخرى.. لنقل المعلومة والصورة والرأى للشعب بكل تياراته السياسية، ليس هذا تكرما منا بل هذا واجب علينا وحق الرأى العام!
لكننا ونحن نحيى الذكرى الـ «56» لرحيل «ست الصحافة المصرية» (روزاليوسف) كان من الضرورى جدا أن نناقش العديد من الأخطار التاريخية الديكتاتورية التى تهدد الصحافة المصرية لأول مرة مجتمعة بتخطيط مستفز، الملف نوهنا له فى فهرس العدد الماضى حتى لا يقال إننا نستهدف أمرا خاصا، ففى مثل هذه الأجواء المعتمة التى تهدد الوطن الغالى، لايجب على أى أحد أن يبحث عن خاص متجاهلاً العام!
«روزاليوسف» نموذج استثنائى من الحالة التنويرية الخبرية التى تستهدف القطاع النخبوى والشعبى بشكل لم ينجح كثيرون فى تقليدها طيلة كل هذه السنوات، هذه المؤسسة العريقة التى أبت أن تخضع فى كل العصور طيلة سنواتها التى قاربت التسعين.. فمن يتصور أن هذه السيدة وقفت ضد فطاحل الزعماء فى العهدين الملكى والجمهورى، وابنها المبدع الرمز «إحسان عبدالقدوس» دون أدنى مواربة أو قلق، ونحن أبناؤها وأحفادها والأجيال المتعاقبة نستمد منها هذه القوة، التى يمنحها لها الحق الذى تبحث عنه، والرأى الذى لن يسكت مهما كانت الضغوط، فلمن لا يعرف تم إغلاق «روزاليوسف» عدة مرات لكن ما لبثت أن أجبرت الأنظمة الديكتاتورية على التراجع أمامها وإعادتها مرة أخرى.. وليعتبر من ذلك المتربصون الجدد !
الأزمة الكارثية الآن أن الصحافة المصرية اعتادت على مواجهة التربص الظلامى والفاسد والاعتداءات وحتى القتل والاختطاف والمصادرة والإفقار فى صور مختلفة، لكن أن تأتى كلها مجتمعة فى عصر واحد.. فى هجمة لم ترها الصحافة المصرية بهذا الجبروت قبل ذلك طيلة تاريخها تقريبا، فهذا غريب لأن النظام وحلفاءه يعتبرون الصحافة عدوا لهم رغم أنهم كانوا يستخدمونها بقوة لنصرتهم عندما كانوا فى صف المعارضة!
النظام الذى يواجه الرأى الحر والمعلومة الوطنية، والتناول غير الأيديولوجى بالحرق والاعتداء والتجويع يجب أن يقف عند حده، لكنه للأسف لايدرك أن الصحافة تحتاج قُبلة الحياة لا رصاصة الرحمة، بل يزيد من أوجاعها..لكنها لن تستسلم. الصحفى الآن يكتب بقلم مهدد بالسلاح، دمه ينزف على ورقة، كاميراته خطفها البلطجية والميليشيات!.. كل هذا ويعانى من تردى راتبه لدرجة أنه وصل إلى المرتبة الـ63 بين الأجور المصرية.. نطالب بالتوقف عن التهديدات فورا.. وإلا فلن يسكتنا حريق جديد، ولن ترجعنا مصادرات.. لأن الأمر يتعلق بواجب وطنى!
الحل فى التوقف عن مخطط التجويع والإفقار وإصدار قرار سيادى فورى بخلفية تشريعية لإسقاط كل الديون عن المؤسسات الصحفية القومية خاصة قبل 6002، وتنفيذ خطة لإعادة هيكلة المؤسسات بطريقة إبداعية، ووقتها نكون قادرين مع التعامل بآليات بالسوق.. لأننا قادرون على المنافسة، لكن المشاكل الإدارية المتراكمة أثقلت كاهل المؤسسات القومية التى تحارب من النظام ماديا وسياسيا.. فليس معنى أنها قومية أن تكون تابعة للنظام، فنحن صوت الشعب يا سادة، لمن لا يفهم أو أن يرفض أن يفهم!
ولنا فى مخطط إسقاط وكالة أنباء الشرق الأوسط مثال فاضح فى تركيع المؤسسات الصحفية القومية، حيث يتجاهلها الإخوان كأنها كانت وكالة مبارك الخاصة فى مقابل الانفتاح التام على وكالة الأناضول التركية، وصحفيو الوكالة المصرية هددوا بالتصعيد، خاصة أن هذا المخطط يضاعف أوجاع عثرتهم المالية حتى وصلت للخطوط الحمراء، ولا ننسى أبدا كارثة التوقف عن طبع مجلة «المصور» التاريخية!
المسألة ليست أن تكون مع النظام بشكل تام متجاهلا الشارع، أو ضد هذا النظام أو هكذا يتصورون، فالكل مضار.. وانظروا للأخبار ودار المعارف على سبيل المثال! الصحفيون بكل انتماءاتهم كانوا يخشون فى الأنظمة السابقة على حرياتهم، لكنهم الآن مرعوبون على أرواحهم، لكنهم مستمرون، ولن ننسى شهيدى الصحافة المصرية الحسينى أبوضيف وأحمد محمود، المفارقة أنهما مصوران، وهذا يكشف مدى كره السلطة لنقل الحقيقة بالصورة للناس، فهل جريمتنا أن هذا واجبنا؟!
إما أن تستسلم للضغوط والتجويع وغيرها، وبالتالى تركع، أو تحرق جريدتك ويعتدى عليك وتقتل، هذه هى الخيارات التى تحاصر الصحفيين الآن، فمن ينطق بالحق أو على الأقل ينقل الصورة بمهنية وحيادية يكون عدوهم.. وعليه أن يتحمل؟! مبدأ السلطة الرابعة الذى أسقطوه فى الدستور الإسلامى الأخير، لن يسقط فعلياً فى مهنتنا القاسية، فالكلمة للناس لا للسلطة، وصوت الشارع أعلى من أى صوت.. فنقل نبض الرأى العام للسلطة ليس خيانة.. بل واجبا وطنيا لن نتراجع عنه!







