خالد أبوبكر: الدول العربية وأسيا وأوروبا والكاريبى لا تتعاون مع مصر فى استرداد أموالها المهربة!
مايسة نوح
الشعب يريد استرداد الأموال المهربة للخارج
مقولة ظللنا نرددها بقوة بعد نجاح الثورة.
كان الأمل عريضاً.. براقاً.. فى تولى جهاز الكسب غير المشروع بوزارة العدل هذا الملف.. تصريحات نارية.. قوية.
مرت الشهور.. ونحن ننتظر «المليارات» تدخل خزانة الدولة!!
حتى الآن لم نر أحكاماً ولا أموالاً ممن سرقوا «مصر» وهربوا أموالها إلى الدول الأوروبية وأمريكا ودول العرب الشقيقة!! فضلاً عن جزر الكاريبى ودول جنوب شرق آسيا.
وحول أمل الشعب المصرى فى استرداد المليارات المنهوبة من الخارج والانتظار بلا جدوى بينما يتآكل اقتصادنا يوماً وراء الآخر يتحدث خالد أبوبكر المحامى الدولى قائلاً: دعينا نعود للوراء قليلاً ونتكلم عن قصة الأموال التى بدأت بمانشيت جريدة «الجارديان» بأن الرئيس مبارك السابق يمتلك ثروة «70 مليارا» ونشرته خلال «18 يوما» حتى تنحى مبارك عن الحكم وضخامة الرقم أصابت الجميع بالذهول!! ومن وقتها بدأ الشعب المصرى يهتم والعيون اتجهت للأموال المهربة بالخارج من أجل استرجاعها.
بعد التنحى.. تساءل الجميع: كيف نرجع الأموال؟! بينما تناسوا جزئية مهمة وهى «أين هذه الأموال؟!» وكيفية البحث عنها؟ وليست طرق الاستعادة!!
يجب على الرئيس كشف الفساد وفتح الملفات بجرأ ة ويجب أن يبتعد القضاء عن أى صراعات سياسية
الدولة لا تملك لاستعادتها غير طريق واحد هو «القانون» لكنها للأسف تسير بطرق تقليدية للغاية وتسعى للتوسط لدى الدول الأوروبية بمحاولة الضغط السياسى على الحكومات الأوروبية لاستصدار قرار يقضى بإعادة الأموال لمصر دون أحكام قضائية!! وهذا خطأ كبير!!
وقتها كان المتولى للقيادة السياسية «المجلس العسكرى» الذى خول لجنة لاسترداد الأموال المهربة من الخارج بجهاز الكسب غير المشروع برئاسة المستشار عاصم الجوهرى - واللجنة لم توفق فى بداية عملها - وحتى نحصل على الأموال فى أوروبا لابد من حكم قاض أوروبى بإرجاع الأموال باستخدام وسيلتين الأولى إقناع أوروبا بأن هذه الأموال تمت بناء على وقوع جريمة فساد والثانية استغلال اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتى وقعت عليها الدول الأوروبية ومصر وبمقتضاها نستطيع استعادة الأموال الناتجة عن فساد مالى أو سياسى.
∎ هل الاتفاقية لها بنود معينة يجب الالتزام بها حتى نحصل على الأموال؟
- مشكلة الاتفاقية أنها تخضع فى النهاية لتقدير الدولة الأوروبية التى تحترم قانونها الداخلى أكثر من احترام الاتفاقية!
بعض الدول الأوروبية تعاونت وفى مقدمتها سويسرا من تلقاء نفسها لوجود قانون يعطى الحق للحكومة السويسرية فى تجميد الأموال والمبلغ «700 مليون دولار».
ونعود لنفس السؤال: أين الأموال؟ وهذا البحث يحتاج لأجهزة المخابرات لمعرفة الدول المخبأة فيها لأن السياسيين عادة لا يدونون الأرصدة بأسمائهم كما لن نجد أية أوراق برئاسة الجمهورية.
ولا ننسى أن مبارك خرج فى توقيت من اختياره هو!! وأبلغنا أنه خارج وحتى اللحظة الأخيرة كانت الأجهزة والمكاتب والمخابرات والمطارات تعمل والجوازات الدبلوماسية والحقائب مفتوحة والسفارات تخدم على مبارك قبل خروجه وظل لأشهر طويلة فى شرم الشيخ حراً طليقاً.
وتوافرت الفترة الزمنية الكاملة لتسريب ونقل الأموال وتغيير البيانات والأرقام والأماكن والدول!! وعملية التسريب إثباتها فى غاية الصعوبة فمن الممكن الأموال توضع باسم شخص موثوق فيه قد يكون مصرياً أو أجنبياً.. كيف نعرف؟! أو فى صورة أسهم فى الشركات أو فى صورة خزائن فى بنوك بأسماء غريبة أو عقارات مملوكة لآخرين.
الدليل على ذلك حينما قبض على «حسين سالم» من المباحث الإسبانية وجدوا فى منزله «32 مليون يورو» أموالاً سائلة لذلك التليفزيون الإسبانى أذاع مداهمة المنزل على الهواء لأنه رقم ضخم للغاية.
وحتى نكون صرحاء مع الشعب فكل من رئيس جهاز الكسب غير المشروع ورئيس محكمة النقض لا يعرفان القانون الإسبانى ومؤخراً فعلت مصر الصواب فى توكيلها مكتب محاماه إسبانياً لمتابعة القضية.
وفى المقابل فإن حسين سالم يمتلك مكتب محاماة كبيراً للغاية فى إسبانيا ولديه اتصالات ضخمة وبالتالى أصبحت حرباً قانونية.
∎ إذن ما الحل؟
- يجب إعادة تشكيل اللجنة بصياغة جديدة وتضم عناصر البحث والتحرى من المخابرات الحربية والعامة ذات حس وطنى ومباحث غسيل الأموال وجهاز الأمن الوطنى بجانب العناصر القانونية والمكونة من رئيس جهاز الكسب غير المشروع وعدد من المستشارين القضائيين وعدد من رجال هيئة قضايا الدولة بالإضافة إلى عنصر دبلوماسى للتفاوض مع الدول الأوروبية.
واللجنة المشكلة من قبل المجلس العسكرى كانت برئاسة المستشار عاصم الجوهرى وظلت تعمل لكن الشعب المصرى لم ير شيئاً!.
∎ هل من الممكن تتبع حركة الأموال فى البنوك منذ عام فائت حتى نعلم أين وصلت؟
لدينا مثال واضح فى مكتبة الإسكندرية وكان مبارك يضع أموالها فى حسابه الشخصى!! وحينما حققت النيابة العامة فى أموال المكتبة للأسف حفظت القضية!! أين الشفافية فى قول الحقيقة؟!
ويجب على الرئيس محمد مرسى أن يصارح الشعب بما لديه من صلاحيات من اطلاع على الملفات وكشف المعلومات التى وردت إليه ويتكلم عن فساد النظام السابق وما وجدوه فى رئاسة الجمهورية وتؤخذ أقوال العاملين والأمناء والسكرتارية فى رئاسة الجمهورية وتستخدم كشهادات موثقة أمام المحاكم - للوصول إلى الحقيقة - مثلاً.. «مسئول الاتصال بمكتب مبارك» يستطيع سرد الـ 18 يوماً وما دار فيها.
دور الرئيس مرسى فتح الملفات بجرأة والمحاسبة والقضاء على الفساد.
∎ وماذا عن الأموال المهربة فى الدول العربية؟!
- الدول العربية لم تتعاون!! ولا أعلم لماذا؟!
∎ ماذا عن الممتلكات العقارية؟
- لو كانت بأسماء الأشخاص محل التحقيق فمن السهل الكشف عنها لأن جميع البيانات مسجلة فى أوروبا تسجيلاً دقيقاً حتى وإن تصرفوا فى العقار فمن السهل الاطلاع على ملف تاريخ العقار.
المخاطبات لابد أن تكون من خلال النائب العام أو جهاز الكسب غير المشروع، لأن القوانين هناك لا تعترف باللجان المنشأة حديثاً ويعتبرونها نوعا من الاستثناء.
∎ لماذا اعترضت على أداء النائب العام فى قضية استرداد الأموال المهربة؟!
- لأن أداءه متواضع والإجراءات التى اتخذها كانت سبباً فى تأخير عملية تجميد الأموال المهربة!! وقضية النائب العام لها أبعاد كثيرة.
∎ النائب العام برر أحكام البراءة فى قتل المتظاهرين فى قضية موقعة الجمل بأنها مسئولية قاضى التحقيق بعيداً عن أعضاء النيابة؟!
- نظرية قاضى التحقيق فى مصر لم تكتمل حتى هذه اللحظة وأتمنى أن تضطلع النيابة العامة بالتحقيق فى جميع القضايا لكن بشكل منهجى وأن تعلن للشعب ما يتم فى التحقيقات أولاً بأول وأن تعطى الملفات التى تهم الرأى العام الأولية القصوى فى البحث ويتشكل فريق النيابة العامة من «4-5» باحثين «وكلاء نيابة» فى قضايا الرأى العام وأن تأمر بضبط وإحضار الملفات والأشخاص الممتنعين عن الإدلاء بالمعلومات.
أن تخترق النيابة العامة جميع الأجهزة وتصارح الشعب بأن هناك أجهزة حجبت المعلومات.
وقضايا الرأى العام أحالوها لقاضى التحقيق خشية مواجهة النيابة العامة للرأى العام والشعب تخوفاً من الانتقادات وهذا نوع من التحايل للابتعاد عن المسئولية «النيابة العامة» فى براءة المتهمين من قتل الشهداء.
∎ ما حجم ثروة جمال مبارك؟
- الأجهزة الرقابية خرجت بالعديد من المعلومات حول ثروة «جمال مبارك» بأنه يمتلك شركات فى اليونان وقبرص وكذلك جزر الكاريبى غير الخاضعة للقوانين الدولية وبالتالى من الصعب عودة هذه الشركات خاصة أن الكثير منها ليس بأسماء أصحابها ولكن يجب على اللجنة توسيع دائرة الاشتباه والتحرى عن أصحاب هذه الشركات وعلاقتهم بهؤلاء المسئولين والتحقيق مع سكرتارية رئاسة الجمهورية للوصول إلى حقيقة هذه الشركات للشهادة وليس الاتهام وكل هذا مطلوب من النيابة التحقيق فيه.. فلماذا الصمت على هؤلاء حتى الآن؟!
∎ هل لجنة جهاز الكسب غير المشروع هى الوحيدة المنوط بها تتبع ثروات مبارك وأولاده وحاشيته؟!
- نعم واللجنة تم تشكيلها من جهاز الكسب غير المشروع بمرسوم القانون 52 لسنة 2011 الخاص بتتبع ثروات مبارك وعائلته وحاشيته فى الخارج.
هذا الجدول يرسل للاتحاد الأوروبى حتى يتحفظ على الأموال. للأسف الجدول خلا من اسم «حسين سالم» ولا نعلم لماذا؟ والدليل على ذلك أننا وجدنا له أموالاً فى إسبانيا بعد قرار التحفظ الذى صدر فى مارس 2011 ثم ظهرت أموال حسين سالم فى شهر يونيو!! فلماذا لم تطلب مصر التحفظ على أمواله منذ اليوم الأول؟!
∎ هيلارى كلينتون أكدت أن مبارك لديه أرصدة فى أمريكا تقدر بعشرات الملايين من الدولارات؟
- هذا كلام دار مع بعض المثقفين وهى لم تنف وعندى أمل من القيادة السياسية أن تقتحم جميع الملفات بكل جرأة ونخرج بالحقيقة أمام الشعب.
∎ هذا التراخى فى استرجاع الأموال المهربة.. من وراءه؟
- أعتقد أنها راجعة لعدم الدراية بالقضاء الأوروبى وضعف الكفاءة المهنية وهناك قصور فى الإجراءات.
∎ خبرتك دولية - لماذا لم تساهم؟
- أنا بالفعل تقدمت بطلب تطوعى للمستشار عاصم الجوهرى رئيس جهاز الكسب غير المشروع للمساعدة مجاناً لكنهم هم أصحاب القرار ويتخاطبون رسمياً باسم الدولة، لذلك لم يحدث أية تعاون حتى الآن!!
∎ هل مات الحلم بإعادة أموال مصر مرة أخرى لخزينة الدولة؟
- ما ضاع حق وراءه مطالب ولا داعى لليأس بل علينا التطور بحجم خصمنا المتطور فى أدواته ويجب التعامل مع عقليات رموز النظام السابق بنفس الحرفية لأنهم تعلموا وأتقنوا لعبة تدوير الأموال!! لذا علينا وضع آليات وفكر جديد فى التعاون مع مكاتب المحاماة الأوروبية ووضع صياغة جديدة للجنة المشكلة لاسترداد الأموال هذا من شأنه إرجاع الأموال المهربة.
∎ وصفت المحاكمات بقتل المتظاهرين بكونها «هزلية» وإن شوهدت فى أوروبا سيضحكون علينا؟
لماذا؟
- نعم وأتمنى أن يمارس القاضى عمله بلا ضغوط ويجب أن يبتعد القضاء عن أية صراعات سياسية.
هناك نظرية جديدة مستحدثة فى أوروبا يطلقون عليها «المتحدث الرسمى باسم المحكمة» وهذا حق مشروع للمجتمع من حقه أن يعرف وعلى المحكمة إصدار بيان صحفى لمعرفة الحقائق أولا بأول.
فى مصر رأت أن النقل مسموح لكنى أعتقد أنه يؤثر على المحاكمة والمحكمة لها قدسية خاصة.
∎ ذكرت أن أدلة الاتهام لدى النيابة العامة ضعيفة مما مكن المتهمين من البراءة فى قتل المتظاهرين؟
- نوعية التكييف القانونى للقضايا ونوعية الأدلة المقدمة لا ترقى إلى مرتبة الدليل القوى الذى يقنع المحكمة نتيجة أن بحث النيابة العامة كان متواضعاً وما نأمله أن يكون البحث أكثر جدية وألا تخرج علينا النيابة العامة مثلما خرجت فى قضية حسنى مبارك وقالت «إن هناك أجهزة لم تتعاون» وعليها أن تكشف هذه الأجهزة؟! وعلينا محاسبة هذه الأجهزة وإجبارها على إخراج ما لديها من مستندات ومعلومات.
∎ لا توجد فى مصر هيئة جنائية لتتبع الأموال بالخارج والبحث عنها واللجنة الحكومية دون المستوى؟!
- نعم ودائماً أنظر إلى هذه اللجنة على أنها «لجنة محلية» بحتة ويجب تطعيم اللجنة بخبرات دولية لها خبرة فى التعامل مع المجتمعات الأوروبية وعادة يتم الاتفاق على نسبة من المال عند الحصول على الأموال المهربة.. وهذا متبع فى معظم أنحاء العالم.
∎ جهاز الكسب غير المشروع - مؤخراً - استعان باتفاقية «ستار» الدولية من أجل استرداد الأموال المهربة؟!
- بالفعل اتفاقية «ستار» وضعها البنك الدولى والأمم المتحدة وهى تتولى محاكمة الفساد ولها دور مهم فى استرداد الأموال المنهوبة بمخاطبة الدول الأوروبية والمساعدات الفنية كذلك هناك «منظمة الشفافية» من الممكن أن تساعدنا وهى منظمة غير هادفة للربح وهذه المنظمة تملك القدرة من خلال مفاتيح الضغط التى تملكها داخل مجتمعاتها كما أنها تضم مسئولين وخبراء ذوى كفاءة عالية.
وهذه آليات تستخدم فى الضغط على الحكومات للتعاون - مثلاً - كما فعلنا فى استخراج قرار من الاتحاد الأوروبى بالتحفظ على أموال «17 شخصاً» من رموز النظام السابق.
∎ تجميد الأموال المهربة لها فترة زمنية بعينها؟
- نعم والقوانين الأوروبية لها فترة محددة فى تجميد الأموال وتختلف من دولة لأخرى مثلاً فى فرنسا يستطيع الشخص المجمدة أمواله أن يتقدم بطلب للقاضى لرفع قرار التجميد نتيجة عدم وجود حكم نهائى عليه.
قرار التحفظ مازال سارياً لكنى لا أعتقد أنه سيستمر طويلاً.
∎ ماذا عن جزر الكاريبى ودول جنوب شرق آسيا؟
- هناك صعوبة بالغة فى التعامل مع بعض هذه الأماكن لأن أجهزتها المصرفية لا تتعاون معنا بشكل كبير، وحتى هذه اللحظة لا أحد يعلم ما حجم الأموال المهربة.
∎ مؤخراً وزير الاستثمار «أسامة صالح» أنشأ لجنة لفض المنازعات والتصالح مع المستثمرين ورجال الأعمال أمثال رشيد محمد رشيد وحسين سالم؟!
- علينا أن نفرق بين المسئول أو الوزير السابق وبين المستثمر، من كان مستثمراً وثبت أنه لم يقم بجريمة بل أخذ زيادة عن حقه دون جريمة أو رشوة أو تواطؤ للحصول على هذا الحق.. من الممكن إرجاع حق الدولة والتصالح معه مثال بعض المستثمرين الإماراتيين.
لكن أن تتصالح مع مسئول أو وزير فى الدولة لأنه لم يراع الدقة فى الحفاظ على المال العام أعتبره جريمة يعاقب عليها بالحبس ولا يجوز التصالح.
مثال «حسين سالم» سؤال يطرح نفسه لماذا هو دون غيره الذى نقل وصدر الغاز لإسرائيل؟!
بالتأكيد هناك مصالح بين الطرفين وعلى أجهزة التحرى ضبط هذه المصالح.
الأجهزة الحالية تملك الأدوات والمعلومات لضبط الجرائم وتحصيل الأموال المسروقة بقوة القانون.