إضراب الملائكة

كريمة سويدان
الحق فى الحياة حق لكل مواطن مصرى غنيا كان أو فقيرا.. فأنا شاهد عيان على قصة مؤلمة بطلتها شقيقة خادمتى الأمينة والتى سقطت من أعلى سطح منزلهم المتواضع فى إحدى قرى المنيا الفقيرة وأصيبت بكسر مضاعف وقطع شريانين فى ساقها اليمنى وتم نقلها لمستشفى المنيا الجامعى ورغم توصياتنا ووجود أحد أقاربنا طبيب بنفس المستشفى فإنها عانت كثيرا بسبب تعطل جميع أجهزة الأشعة فى المستشفى حتى جهاز قياس الضغط غير متوفر فى المستشفى واضطر أهلها للذهاب بها إلى مستشفى أسيوط الجامعى بعد أن تركت تنزف من التاسعة صباحا وحتى منتصف الليل، وبعد إجراء الأشعات والتحاليل اللازمة تقرر إجراء عملية جراحية تم فيها خياطة الشريانين ووضعت ساقها فى جبيرة لمدة أسبوعين يتم بعدها إجراء جراحة أخرى للكسر وتركيب شرائح ومسامير بشرط أن تقوم المريضة بشراء المطلوب من الخارج لعدم توافره داخل المستشفى، ولأن الناس هناك غلابة ولا يعرفون من أين يمكن شراء هذه الأشياء تقوم إدارة المستشفى بالتعاقد «عرفيا» مع شركات خاصة تذهب للمريض داخل المستشفى وتبيع لهم الشرائح والمسامير وأشياء أخرى كثيرة بأسعار خيالية وطلبوا من المريضة «500» جنيه وعندما تدخلنا تم تخفيض المبلغ إلى «300» جنيه ثم إلى «150» جنيهاً وبعد كل هذا العناء والتعب تم تحديد موعد العملية الثانية يوم الأربعاء 10/3ولكن وحتى وقتنا هذا وبسبب إضراب أطباء التخدير وحتى كتابة هذه السطور الأربعاء 10/10 لم تجر العملية للمريضة وتم حجزها هى وأهلها فى غرفة الاستقبال ولا أحد يعلم إلا الله متى يتم إجراء العملية.. ورغم أننى مع إضراب ملائكة الرحمة والذى لا أعتبره فئوياً، خاصة أن من أهم مطالبهم والتى أعتبرها لصالح المرضى قبل الأطباء زيادة ميزانية الصحة والتى لا تزيد على 8,4٪ من ميزانية الدولة وهى هزيلة جدا وتجعل من نظامنا الصحى جريمة ترتكب فى حق كل مصرى ولذلك أنا فى حيرة من أمرى هل أقف بجانب إضراب الأطباء الذى يهدف فى النهاية إلى تحسين الوضع الصحى فى مصر أم أنحاز للمرضى خاصة الفقراء الذين يفتقدون للمال اللازم للعلاج فى المستشفيات الخاصة والذين يفتقدون أيضا للنفوذ لإجبار المسئولين بعلاجهم على نفقة الدولة.