الخميس 3 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

السينما فى «الأوفسيد»!

السينما فى «الأوفسيد»!
السينما فى «الأوفسيد»!


يعشق الشعب المصرى الكرة، وتكاد تكون التسليّة الوحيدة القادرة على إخراجه من ضغوط ومشاغل الحياة اليومية القاسية، لذا حرصت السينما على ترجمة الترابط القوى بين المصريين والكرة، فى 16 فيلمًا تناولت مختلف الموضوعات الكروية، سواء عن حياة اللاعبين أو حب الجماهير للكرة، أو حتى إدخالها فى الحياة الاجتماعية والمشاكل المختلفة.

فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، من أكثر الفترات التى انتشرت فيها الأفلام الكروية، إلا أنها لم تتناول مسيرة رموز الكرة أو رحلة صعود أحد اللاعبين، ومع بروز العديد من النماذج الرياضية وفى مقدمتهم محمود الخطيب وحسن شحاتة ثم محمد صلاح  طالب كثيرون بإنتاج أفلام تحكى عن تاريخ أبطال مصر فى كرة القدم.
مع انطلاق بطولة الأمم الإفريقية تفتح «روزاليوسف» ملف سينما الكرة بمصر، ولماذا لم يتم التعامل معها على سبيل استثمار شعبية الكرة بمصر ونقل رحلة كفاح اللاعبين؛ خصوصًا أن الأفلام التى سلطت الضوء على الكرة تناولتها فى شكل كوميدى.
فى الآونة الأخيرة طُرحت عدة أسماء على الساحة الفنية لبعض نجوم الكرة الكبار؛ حيث تم الإعلان عدة مرات عن تقديم فيلم عن حياة نجم الكرة والسينما صالح سليم، ومرات أخرى عن رحلة الكابتن محمود الخطيب، وكذلك حارس المرمى الشهير إكرامى، وانضم للقائمة مؤخرًا نجم منتخب مصر محمد صلاح؛ حيث تردد أن بعض المنتجين طالبوه بتمثيل قصة كفاحه ووصوله للعالمية فى عمل سينمائى.
الناقد محمود قاسم أكد أن سبب عدم تقديم أفلام كثيرة لنجوم الساحة المستديرة عدم توافر الإمكانيات اللازمة للعمل، بخاصة أنه يحتاج لقصة مشوّقة تجذب الجمهور، وإمكانيات إنتاجية كبيرة وتوافر ممثلين على قدر عالٍ من اللياقة يمكنهم تجسيد قصة هؤلاء، ويفضل أن يؤديها لاعب كرة قدم محترف للمصداقية.
يضيف قاسم: إن المنتجين على دراية بعدم نجاح أفلام الكرة فى مصر؛ لأن الجمهور ينجذب بشكل أكبر لأحداث المباراة نفسها والفريق الفائز وكيفية تسديد الهدف وغيرها من التفاصيل التى لا يريد رؤيتها مكررة على شاشة السينما، كما أن أغلب الأفلام التى تم تقديمها على شاشة السينما كانت ضعيفة، حتى فيلم «غريب فى بيتى» فلولا القصة الدرامية التى تناولها الفيلم ووقوع أبطاله فى عملية نصب لم يكن سينجح، فنور الشريف لم يقدم دوره كلاعب محترف، مضيفًا إن بعض الكُتّاب حاولوا التعرُّف على السير الذاتية لبعض اللاعبين الكبار لكنهم لم يجدوا مذكرات أو مرجعية لرصد الصعاب التى واجهتهم خلال رحلة الشهرة.
أول فيلم كروى
يُعد «كابتن مصر» بطولة النجم الكوميدى إسماعيل يس عام 1955 أول فيلم كروى فى مصر.. ورُغم ما كانت تحققه أفلامه وقتها من نجاحات؛ فإنه لم يلقَ إقبالاً جماهيريّا.. وتدور أحداثه حول شخص يحب كرة القدم ويحاول إحراز تقدُّم بفريقه ولكنه يدخل فى صراع مع أحد الأثرياء الذى يحاول أن يتزوج خطيبته بحجة أن اللاعب وقتها لم يكن يحصل على أموال طائلة.
لم تتطرق السينما لكرة القدم طيلة الستينيات، إلى أن دخلت حقبة السبعينيات، التى كانت بداية اهتمام الجماهير بكرة القدم والتفات السينما لها، والبداية كانت مع فيلم «الشياطين والكورة» عام 1973؛ حيث التفت الكاتب الراحل بهجت قمر لأهمية الكرة وكتب قصة الفيلم الذى عُرض قبل حرب أكتوبر بأشهر قليلة، وكان من الأفلام الخفيفة التى عرضت للتخفيف من هموم الشعب، ودارت قصته حول نبذ التعصب الكروى؛ حيث يقرر عماد حمدى رفض زواج ابنته (شمس البارودى) من حبيبها حسن يوسف لكونه لاعبًا بفريق منافس لينتصر الحب فى النهاية على التعصُّب.
وفى عام 1977، قدَّم النجم محمد صبحى فيلمه «أونكل زيزو حبيبى» بتوقيع المخرج الكوميدى نيازى مصطفى؛ حيث تم إدخال مهنته كلاعب كرة قدم بأحداث الفيلم الذى اعتمد على محاولة إقناع رجل رياضى لابن أخته بأنه يتمتع بجسد قوى ويمكنه الدفاع عن نفسه، وكان الطفل يعانى من أزمة نفسية بعدما شاهد خاله الذى يتخذه مثلًا أعلى يُضرَب فى الحارة، وتمت الاستعانة بالنجم جورج سيدهم للظهور بدور المعلق الرياضى؛ ليكون أشهر معلق كوميدى فى السينما بعد الدور الذى قدمه الفنان سمير غانم فى فيلم «الزواج على الطريقة الحديثة»؛ حيث لايزال الجمهور يردد سؤاله الشهير «الكورة فين؟»
أمّا فيلم «424» فعبّر عن خطة كروية وضعها الراحل أمين الهنيدى رجل الأعمال المولع بكرة القدم، الذى كوّن فريقًا من عمال المصنع لينافس الأهلى والزمالك، وأوصى ابنه الذى قام بدوره يونس شلبى باستكمال مسيرته الكروية، فوجد يونس نفسه فى مأزق وبدأ الاستعانة بحلفاء جدد لتكوين الفريق على رأسهم النجم سمير غانم وأحمد عدوية ومحمود القلعاوى ولبلبة زوجته.
424 هو الفيلم الكروى الوحيد الذى قامت سيدة بإخراجه؛ وهى إيناس الدغيدى، ورُغم عدم تحقيقه لإقبال جماهيرى كبير وقت عرضه عام 1981 فإنه  حقق صدًى فور عرضه على شاشات التليفزيونات المصرية والعربية.
أمّا فيلم «غريب فى بيتى» فهو الأشهر بين الأفلام الكروية، التى لاتزال تسكن بذاكرة الجمهور، وتعلق الصغار والكبار بشخصية الكابتن «شحاتة أبو كف» التى قدّمها النجم الراحل نور الشريف، ذلك اللاعب الذى جاء من الصعيد لاحتراف الكرة بالزمالك، وتطرّق الفيلم للمشاكل التى تقابل اللاعبين والعصابات المتخصصة فى هدم مستقبلهم بتسليط السيدات سيئات السمعة عليهم.
ولم يكن الدور غريبًا على نور الشريف؛ حيث كان لاعبًا بفريق الناشئين بأحد النوادى الكبرى، وكان مولعًا بالكرة ومشجعًا لفريق الزمالك، لذلك لم يجد صعوبة فى مواصلة المران والحركات الكروية وضبط الأداء.
الزعيم الحريف
حلم احتراف كرة القدم ظل يراود «الحريف» عادل إمام سنوات عديدة، ولكن المشاكل كانت أقوى من موهبته الكروية، فتم طرده من أحد النوادى التى كان ينتسب لفريق الناشئين بها، ومنذ ذلك الوقت والفقر يطارده حتى اضطر لتطليق زوجته من أجل رفضها لكرة القدم؛ حيث وجد فارس بكر نفسه مضطرًا لاحتراف لعب الكرة بالشوارع مقابل رهان مالى يقوده مجموعة من العصابات.
لم تكن كل الأعمال السينمائية تدور حول اللاعبين والكرة فقط، بل كان الأمر سمة خاصة؛ حيث تم إدخال دور لاعب الكرة فى الأسرة المصرية واستعراض المباريات والجمهور والحكام وغيرها من العومل بداخل البناء الدرامى للفيلم، ومن أشهر هذه الأعمال فيلم «رجل فقد عقله» عام 1980 الذى كانت تدور أحداثه عن أب يحاول اللحاق بعروس صغيرة بالسن وترك زوجته وأولاده، وتمت الاستعانة بالكابتن إكرامى فى دور الابن الصغير الذى كان حارس مرمى فريق الأهلى، وعلى الغرار نفسه جاء فيلم «يا رب ولد» 1984 ودارت أحداثه حول أب لثلاث بنات لا يثق بهن ويتمنى إنجاب ولد.
وعن كواليس العَملين، أوضح المخرج محمد عبدالعزيز أن تقديم فيلم كروى أو به جانب كروى يُعد من الصعوبات التى تقابل المخرج؛ خصوصًا أنه يضطر لإدخال نجم العمل إلى الملاعب والتصوير بجانب أحد الفرق الكروية، قائلا إنه يذكر مشهدًا كان يصوره مع حارس المرمى الشهير إكرامى، الذى كان يعلم بتصوير مشاهد من الفيلم أثناء حراسة مرمى الأهلى فى إحدى المباريات الحقيقية، وما إن أحس إكرامى بالكاميرا من خلفه التفت إليها وكاد أن يدخل فى مرماه هدف محقق، مما اضطر عبدالعزيز للصراخ لتنبيهه حتى يصد الكرة.
وأضاف عبدالعزيز: «لا أعلم سبب إهمال الكُتّاب والمنتجين تقديم أعمال عن الكرة تتناول اللاعبين والفرق وغيرها من الموضوعات التى تملأ الساحرة المستديرة، والجمهور يُقبل كثيرًا عليها لعشقه لكرة القدم، كما أن استعراض قصة نجاح وصعود لاعبى الكرة المتألقين ستكون مادة ثرية دراميّا يمكن تقديمها والتعلم منها مثلما نقدم السير الذاتية للفنانين والعلماء وغيرهم».
«الكرة والهلس»
توقف الإنتاج السينمائى الكروى عدة سنوات، بعد أن تحوّلت بورصة السينما نحو الإثارة والأكشن والكوميدى، إلا أن الملف الكروى عاد ليُفتح من جديد فى 2008 فى فيلم «الزمهلاوية» لنبذ العنف والتعصب بين جمهور الفريقين؛ حيث سلط الكاتب عصام حلمى الضوء على قصة حب بين شاب وفتاة تعانى أسرتاهما من الصراع الكروى؛ حيث إن إحداهما تتعصب لفريق الزمالك والأخرى تتعصب للأهلى مما يجعل كلتيهما ترفض ارتباط ابنها بالآخر، وتمت الاستعانة بعدد من اللاعبين الحقيقيين كضيوف شرف ومنهم عصام الحضرى وخالد بيبو ومحمد شوقى وجمال حمزة وعمرو زكى وحسام البدرى.
فى العام نفسه، تم إنتاج فيلم كوميدى بعنوان «بوشكاش» به دخل النجم محمد سعد مافيا اللاعبين والعصابات التى تحاول خطف اللاعبين من النوادى، من خلال شخصية بوشكاش سمسار لاعبى كرة القدم يحصل على مبالغ طائلة نظير قوته فى إقناع النوادى لبيع وشراء اللاعبين.
أمّا فيلم «العالمى» فيُعد من أنجح الأفلام الكروية حتى الآن لابتعاده عن الكوميديا وتركيزه على مسيرة لاعب مصرى يسافر للاحتراف فى الخارج ثم يعود ليقف مرة أخرى على قدميه، رُغم كل الصعاب التى قابلها بحياته، ويحقق حُلم المصريين فى تسديد هدف فى آخر دقيقة ليكون السبب بوصول مصر لكأس العالم.
بطل العمل يوسف الشريف لم يجد صعوبة فى تقديم دور اللاعب الكروى؛ حيث إنه كان يريد احتراف الكرة فى شبابه ولكن عندما رفض النادى الأهلى انضمامه لفريق الناشئين قرر الابتعاد نهائيّا عن الساحرة المستديرة.
المخرج أحمد مدحت، قال إن أصعب ما يواجه المخرج فى تقديم الفيلم الرياضى وجود ممثل يستطيع أن يقدمه للجمهور والجمهور يصدقه بشكل كبير، فخلال فيلمه «العالمى» عانى بشكل كبير بسبب السفر بالخارج وإيجاد نادٍ دولى يمكنه التصوير بداخله، وتصوير الشريف داخل تدريباته، مؤكدًا أن لهذا السبب كانت ميزانية الفيلم مرتفعة كثيرًا وبها مجهود مضاعف، فحتى مشاهد المنتخب المصرى كان من الصعب إعادة تصوير مباراة تمت بالفعل وغيرها من التفاصيل.
وأضاف قائلًا: «نفكر أنا والشريف بإعادة تقديم ملحمة العالمى مرة أخرى بعد مرور 10 سنوات، على أن نتناول رحلته بعد اعتزاله الكرة ولكن الأمر لا يتعدى الفكرة ولم نتخذ حتى إجراءات فعلية».
كوميديا الكرة
أفلام مثل «سيد العاطفى» استخدام كرة القدم به كنوع من الكوميديا فلم يكن هناك ضرورة درامية لأغانى ومشاهد تشجيع أبطال العمل للفريق الرياضى المفضل بعيدًا عن قصة العمل الرئيسية، بينما تدور أحداث فيلم «واحد صفر» للمخرجة كاملة أبو ذكرى عن عدد من الأشخاص لكل منهم همه، ورُغم أن مشاكلهم جميعًا ليس لها حل؛ فإنها تدور كلها وتتفاقم فى يوم واحد وهو نهائى بطولة الأمم الإفريقية التى انتهت بفوز مصر واحد- صفر.
الفنان محمد عادل إمام أعاد فكرة الكرة الكوميدية من خلال فيلم «كابتن مصر» فى 2015، - وهو آخر الأفلام التى تدور حول الكرة - حيث قام من خلاله بدور لاعب لكرة القدم يتسبب فى مشاكل يدخل بسببها السجن، فبدلاً من ضياع مستقبله ونسيانه للكرة طوال فترة العقوبة يقرر إنشاء فريق كروى من المساجين، أما فيلما «عش الزوجية» و«عيال حريفة» فقد تعرضا لكرة القدم النسائية فى إطار كوميدى، وعكسا رفض الرجال لها والاستهانة باللاعبات فى الكثير من الأمور.