السبت 7 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

لا وقت للحرب!

لا وقت للحرب!
لا وقت للحرب!


دول الربيع العربى فى معرض الكتاب الـ49؛ هموم وآمال ومشاركات لأوّل مرّة منذ سنوات. أجنحة بلدان مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، بماذا أثّرت الحروب والنزاعات على صناعة الكتاب؟ أيّ عناوين نطالعها هذا العام؟ مسئولو النشر وبيع الكتب من هذه الدول شاركونا فى هذه الجولة همومهم، تفاصيل وكواليس السفر، رحلة الوصول إلى مصر وصعوبات شحن الكتب، يروى بعضهم كيف كان الحرص على اللحاق بالمشاركة فى معرض الكتاب بالقاهرة، واعتبروا هذه الخطوة التى أُتيحت لبعض دور النشر، من العراق تحديدا، لأوّل مرّة منذ ثمانى سنوات؛ «التحاما بالصف العربى» وعدم تفويت الإنجاز فى «الفكر المُنير».
>اليمن
امتلأ الجناحُ اليمنى بصور للمدن اليمنية الأصيلة، وزخارف تُحاكى التُراث المعمارى اليمنى،  واصطفّ شباب وشابّات يستقبلون زوّار المعرض والجناح بالزيّ اليمنيّ الشعبيّ.
وبسؤال المسئولة عن الجناج اليمنى عن كواليس رحلة وصول الكتب التى تُمثّل اليمن إلى معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام، قالت وِداد عوض وعلامات الإرهاق والحزن بادية على ملامح وجهها: «كانت رحلة شاقة للغاية. احتاج استعدادنا لوصول الكتب إلى القاهرة 60 يومًا. منذ الانقلاب الحوثى على الشرعية اليمنية ونقل وزارة الثقافة من صنعاء إلى العاصمة المؤقّتة عدن، واليمن يعيش منذ عامين حياة ثقافية فقيرة جدًا. الثقافة تنزف فى صنعاء. اليمن لم يُلملم جراحه بعد. نرفع شعارًا   في معرض القاهرة هذا العام «إصرار على استمرار الثقافة»، فالثقافة هى باب النور».
يُشارك الجناح اليمنى هذا العام بما يُقارب 500 عنوان جديد. وأعرف من وداد أن مُعظم ممثّلى المشاركة اليمنية فى المعرض من اليمنيين الذين يعيشون فى القاهرة، وأبناء الجالية اليمنية، الذين ساعدوا فى تأثيث الجناح اليمنى ورصّ الكتب والإشراف على الإضاءة وكل التجهيزات، تحت إشراف ورعاية الدكتورة عائشة  العولقى مدير المركز الثقافى اليمنى.
عبدالعزيز القدسى،  باحث يمنى وأحد المشرفين على الجناح، يُتيح لى الاطّلاع على إصدارات مختلفة معروضة داخل الجناح ويقول: «حرصنا على تقديم الإصدارات المميّزة التى تُمثّل اليمن، فى ظلّ ما نمرّ به من ظروف سياسية واقتصادية صعبة أثّرت على ثقافتنا».   أعرف من القدسى أنه بدأ العمل فعليًا فى مبادرة مشروع الـ100 كتاب برعاية وزارة الثقافة اليمنية، صدر منها بالفعل وقت معرض الكتاب عشرون عنوانًا تُمثّل جديد اليمن فى جميع المجالات تقريبًا. وثمّن القدسى شعار معرض هذا العام «القوى الناعمة» قائلا: «نحتاج حاليًا فى اليمن للقوى الناعمة، هى قوّة الفكر والدبلوماسية، من أجل الحُلول المُشتركة والتفاهم بعيدًا عن السلاح والتطرّف. إنّ معركتنا الحالية معركة فكر».
من عناوين الجناح اليمنى نستطلع كتاب «حياة النساء فى اليمن» لكلوديا فايان، طبيبة فرنسية حاصلة على الجنسية اليمنية، يُلقّبونها هناك بــ«عاشقة اليمن». من المعروف أن كلوديا كتبت قبل الثورة اليمنية عام 1962 عندما زارت اليمن كطبيبة؛ كتابها المهمّ والذى نال شهرة واسعة «كنت طبيبة فى اليمن».
من العناوين الأخرى: «المعارضة اليمنية فى مصر.. دراسة تاريخية»، «اليمن تحت حكم الإمام.. نظرة لتطور المجتمع اليمنى»، ومجموعة كتب أخرصى لشعراء اليمن الكبار أمثال عبدالله البردونى وغيره.
يحفل الجناح اليمنى الرسمى،  عدا ذلك، بكتب لأدباء شباب زخرت بهم الساحة الثقافية اليمنية فى السنوات الأخيرة، وحصل أغلبهم على جوائز محليّة مرموقة، من هؤلاء نجد محمد الغربى عمران وروايته «مملكة الجوارى»، بسّام شمس الدين و«نزهة عائلية»، وغيرهما كثير.
لم يكتف اليمن بالكُتب؛ يُشارك إلى جانب ذلك بـ«معرض اليمن.. الإنسان والحضارة» يشمل منحوتات تُراثية وصورًا فوتوغرافية لحياة اليمن وحضارتها وبعض صور لرسّامين وصورة  تمزج بين الحضارتين المصرية واليمنية، إلى جانب نماذج من الأزياء الشعبية الممثّلة لبعض المناطق اليمنية.
ستُمثّل مصر ضيف شرف فى معرض الكتاب باليمن الذى يُقام بنهاية شهر مارس المقبل.
>ليبيا
داخل الجناح الليبى قابلت عُمران سالم شنيشح، مُشرف الجناح الليبى ومدير إدارة المراكز والبيوت الثقافية فى ليبيا، الذى يقول: شاركنا هذا العام بـ60 عنوانًا جديدًا، يتبع أغلبها الهيئة العامّة للثقافة، والمؤسّسات الجامعية، ومركز الدراسات والمحفوظات التاريخية»، ويضيف: «تمتاز العناوين بالتنوّع، من روايات إبراهيم الكونى ويوسف الجويرى والشاعرين شاعر الزبير وعلى المصراتى».
تابع شنيشح: وبجانب مشاركات الجناح الليبى فى معرض القاهرة الدولى للكتاب يوجد 6 دور نشر خاصة تمثل ليبيا أيضًا.
يشرح شنيشح، كيف لجأ الكتّاب الليبيّون فى السنوات الأخيرة إلى الكتابة كنوع من التصدّى للتطرّف والإرهاب، وبدأ اهتمامهم بالثقافة يتزايد فى الشارع الليبيّ. على سبيل المثال من خلال إقامة ندوات ثقافية دائمة، ومُلتقيات ثابتة كل عام، واتّخذ آخر أحد تلك الملتقيات شعار «الحرف والريشة والقلم أقوى من لغة الرصاص». وشهد نهاية العام الفائت مشاركة واسعة من جميع الأطياف المُمثّلة للثقافة فى المدن الليبية، فى مُلتقى رَفع شعار «ثقافتنا تجمعنا».
الجناح الليبيّ، يحتفى فى جزء خاص بإنتاج 475 مركزًا ثقافيًا تتوزّع فى المناطق الليبية، وأغلب كُتبه فى التنمية البشرية. أعرف من شنيشح، أن هذه المراكز طوال العام هى المسئولة عن ضمان احتفاء البيت الليبيّ وتفتح أبوابها لخدمة المواطنين من الساعة 9 صباحاً حتى 7 مساءً.
يُلاحظ المار بالجناح الليبى،  خلو أى كتب فكرية عن ثورات الربيع العربى وما حدث على أرض ليبيا. يوضّح عمران شنيشح أنه لم يصدر حتى الآن كتابٌ واحد فى ليبيا يشرح تفاصيل الثورة وما بعدها من أحداث. اختفت كُتب القذّافى،  وظهرت عوضًا عنها كُتب لكبار المفكّرين والمثقّفين والأدباء عن القذافى،  كان أغلبهم ممّن اعتقلهم النظام فى السابق، كتب على هيئة مذكّرات وأدب السجون.
يُخبرنى مسئول الجناح كذلك، عن 500 عنوان تحت الطبع، تختصّ بليبيا ما بعد الثورة والحياة السياسية. كُتب تُشرف عليها  الهيئة العامة للثقافة، وتتناول التاريخ الليبى.
وعن دعم ثقافة الطفل فى ليبيا ضدّ التطرّف قال عُمران إن الهيئة تقوم بتزويد المدارس الابتدائية بالكتب لتنمية فكر الطفل، وتدرس الهيئة مشروع إنشاء مراكز تثقيفية خاصة بالطفولة، وقد اعتمدته وزارة الثقافة الليبية، إضافة إلى مسرح خاص بالطفولة ومراكز خاصة مؤقتة للاطلاع يكون روّادها أطفال.
>العراق
تقف سيّدة بكامل أناقتها فى مقدّمة جناح دولة العراق فى معرض القاهرة للكتاب، تستقبل الجمهور والقادمين لتفقّد الجناح فى ترحاب وودّ لا يتوقّفان. هذه السيّدة هى د.رهبة السويدى حسين مديرة قسم التاريخ والنشر والترجمة بوزارة الثقافة فى العراق، وتبدأ حديثها معى تسبقها ابتسامة: «العراق عادت إلى الصف العربى فى معارض الكتاب بعد انقطاع منذ عام 2010».
فى «ثياب العودة الجديدة» بحسب تعبير د. رهبة، يُشارك الجناح العراقى بكتب لم تأت على ذكر الحقبة السوداء منذ عام 2013. عناوين جديدة متعدّدة فى الاقتصاد والاجتماع والقانون والسياسة وفى الرواية والشعر والتاريخ بالطبع. من العناوين التى يحتفى بها الجناح العراقي؛ كتاب فى ثلاثة أجزاء لمصطفى جواد، ومعروف كتب جواد فى التراث العلمى،  و «سانتا إيفيتا» ترجمة صالح علمانى،  و «بريد بغداد» صالح علمانى،  «الصوت الآخر» لفاضل سامر، «صحافة السخرية والفواكه فى العراق» لحمدان سالم، «بلاد الرافدين.. دراسة فى تاريخ العراق القديمة» من ثلاثة أجزاء تأليف صلاح رشيد الصالحى،  ورواية «أشواق مؤجلة» ترجمة غياث الموصلى،  «الناب الأبيض» ترجمة عدنان حسن.. فى العام الماضى،  دشّنت الحكومة العراقية، مهرجانًا ثابتًا يقام كل جمعة فى شوارع بغداد، خاصة شارع المتنبى الشهير. استقطبت هذه الأمسيات المُرتجلة الآلاف من العراقيين المهتمين بالثقافة بعيدا عن مظاهر العُنف.
>فلسطين
 أمام الجناح، أمسكت نادية مسئولة الجناح الفلسطينى فى يدها «منشورات» كانت توّزعها على من تُصادفه من المارّين والمُتجوّلين فى أرجاء المعرض. يحمل الجناح الفلسطينى هذا العام شعار «القدس عاصمة فلسطين الأبدية»، وتضمّنت الأوراق المطبوعة عناوين «أحداث فلسطين فى ذاكرة التاريخ»، و«انتهاكات إسرائيلية يومية بحق الأقصى والمواطنين» ومنشورًا آخر عبارة عن «انفوجراف» للاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى منذ عام 1967.
تقول نادية: «صور الأسرى هى بطل الجناح هذا العام، وفى مقدّمتهم عهد التميمى. أمّا الكُتب، فحتى الأدبيّ منها مُتأثّر بالاحتلال والظلم، وترصد واقع ما يُعانيه المواطن الفلسطينى».
تتميّز المشاركة الفلسطينية فى معرض الكتاب بالقاهرة فى دورته الحالية، بمشاركة كبار الكتّاب فى ندوات، يحيى يخلف، وأحمد زكريا، وغيرهما.
>سوريا
يشارك عددٌ كبير من دور النشر السورية فى دورة هذا العام من معرض القاهرة للكتاب. يتمركزون فى صالة رقم 19، اللافت كما هى عادة المشاركات السورية، وضع لافتة عليها اسم المدينة السورية التى تُمثّل كل «هنجر» على حدة.
مروان خلف من مدينة «اللاذقية» صاحب دار نشر «الحوار»، يقول: «جئنا فى سلام هذا العام من سوريا ولم نواجه أى أزمات فى السفر لأن المدن السورية أصبحت خالية من داعش ويسيطر عليها الجيش السورى بقبضة حديدية، حيث تقطن داعش حالياً فى الأرياف ويلاحقها الجيش».
وأشار مروان إلى أنّ مشاركة معظم دور النشر السورية تترواح ما بين 300 و500 عنوان جديد، معظمها فى الرواية والشعر والبرمجيّات وعلم النفس، وقليل فى السياسة.
يعقوب صاحب دار «صفحات» من دمشق، يُعلّل اختفاء كتب السياسة فى المشاركات السورية هذا العام، بأن سوريا من البلاد العربية التى أثّرت الحرب على مدار سبع سنوات فى ثقافتها بنسبة %40. ومن الكتب السياسية القليلة كتابان: «أوراق من سنوات الحرب على سوريا» لنادية خوست، وكتابها الثانى «مهاجرون فى الحرب».>