أردوغان مريض نفسيًا.. وطبيبه يلازمه دائمًا

هالة أمين
لماذا يصر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على إبقاء العلاقات مع مصر فى خانة العداوة؟
هل يصدق الرجل أن إسقاط المعزول محمد مرسى كان محض انقلاب متجاهلا الملايين الذين لاذوا بالجيش لإسقاط الجماعة الفاشية؟
كيف سيتعامل مع القاهرة بعد دخول الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض وما يحمله الأمر من تغيرات ستتأثر بها منطقة الشرق الأوسط لا محالة؟
هل سيظل داعمًا لتنظيم الدولة «داعش» ضد بشار الأسد عكس الإرادة الأمريكية؟
ألن تؤدى التحالفات الجديدة فى المنطقة إلى تغيرات فى سياساته الخارجية؟
هذه الأسئلة وغيرها هى أبرز النقاط التى يدور حولها الحوار مع تورغوت أوغلو المدير الإقليمى لصحيفة «تودايز زمان» المعارضة وأحد المقربين لفتح الله جولن العالم والمفكر التركى الذى اتهمه أردوغان بتدبير محاولة الانقلاب عليه فى يوليو الماضى.
فى البداية يقول: «أردوغان رجل داهية، يتقن المشى على الحبال السياسية لتحقيق أغراضه، ويعرف كيف يستفيد من معاونيه ثم يغدر بهم وقتما تنتهى أغراضه، والدليل على ذلك أنه عند تكوين حزب العدالة والتنمية فى تركيا، كان معه 55 قياديًا مهمًا وتاريخيًا، لم يتبق منهم الآن غير 15 شخصًا.. تخلص منهم واحدًا بعد الآخر، حتى يكون الأول والآخر.
والحقيقة أن تأسيس الحزب سنة 2003 كان تمهيدًا لـ«تمكين» الإسلام السياسى فى تركيا، فى البداية رفع أردوغان شعارات ليبرالية، ومع 2011 كان الرجل قد فرض سطوته على الحزب، وشرع «يؤسلم السياسة» دون مواربة، ويخل بهوية الدولة التركية العلمانية من دون أن يرتعش له جفن.
هل تعتقد أن تغييرًا إزاء مصر سيحدث فى أنقرة بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية؟
- أردوغان يعرف كيف «يلاعب» شعبه، ففى الفترة التى كان يحاول كسب الشعبية داخل بلاده كان يهاجم إسرائيل، رغم وجود علاقات على المستويات الأمنية والاقتصادية والتجارية مع تل أبيب.. بعبارة أخرى إن الرجل برجماتى منهجه اللعب بما يجعله يربح بعيدًا عن الاعتبارات الأخلاقية التى يتحدث عنها مطولا.
وبالنسبة لمصر، فإن أردوغان لم يحبها يومًا، بل إنه يضمر لها الكراهية نظرًا لمكانتها المعنوية فى المنطقة، والحقيقة أنه لم يشعر بأن مصر «تعطيه حقه» إلا من خلال حكم الإخوان.
وما حقه الذى لم تعطه مصر إياه؟
- الرجل منفوش يرى نفسه خليفة المؤمنين ولم يحظ بالتقدير من قبل السلطة المصرية.
إنه يريد أن يعامله الجميع باعتباره الزعيم رقم واحد للمنطقة العربية والعالم الإسلامى.. وانطلاقًا من هذه النظرة إلى الذات يمارس أردوغان السياسة الخارجية، وهو يقتفى طريقة الرئيس الروسى بوتين من حيث إظهار الندية والصلابة أمام خصومه.. وهذا المنهج يدغدغ المشاعر القومية لدى الأتراك، ممن يساورهم الحنين إلى الريادة التى حققوها أيام الخلافة العثمانية.
وماذا عن موقف الشعب التركى من مصر؟
- لا يعرف معظم الأتراك حقيقة ما يجرى فى مصر فهو يأخذ معلوماته من تصريحات أردوغان، كما أن %80 من أنصار حزب العدالة والتنمية غير مثقفين مما يسهل التلاعب بهم.. وكلما زادت حدة تصريحاته تجاه مصر يكتسب هالة كبيرة أمام أتباعه.
ورغم وجود أصوات داخل الحكومة التركية ضد سياسة العداء للقاهرة، إلا أن إردوغان هو الآمر الناهى، ولا أحد بوسعه أن يثنيه عن تصرفاته.
لم تجب على السؤال الرئيسى بشأن متغير وجود ترامب الذى تربطه بالرئيس السيسى كيمياء خاصة كما يقول؟
- لن تتغير سياسة أردوغان تجاه مصر أو سوريا والعراق، ورغم مهاجمة أردوغان لترامب قبل انتخابه، سارع إلى مخاطبته ودعوته ببدء رحلته فى الشرق الأوسط من تركيا.
سيحاول أردوغان أن يعرض على ترامب خدمات ما، وسيربط المصالح الأمريكية ببقائه، وهكذا يبقى على منطلقات سياساته الخارجية بما فيها من عداء تجاه مصر.
ماذا يستفيد أردوغان من دعمه الإخوان عكس اتجاه البوصلة الإقليمية فى مصر والخليج العربي؟
- يظن الإخوان إن أردوغان يدعمهم احترامًا لمبادئ ما، وهذا يجافى الواقع فالرجل هو المستفيد من العلاقة بهم ذلك أن أذرع التنظيم فى جميع أنحاء العالم تروج لسياساته.
كما يستفيد من علاقاته بحماس، فهو يظهر بمظهر الرئيس المسلم المتدين مما يزيد من شعبيته بين الشعب التركى، ويساعد على ترويج نفسه باعتباره خليفة للمسلمين، والحقيقة أن قطاعًا كبيرا من الأتراك يؤمنون بذلك.
وإمعانًا فى رسم صورته باعتباره «خليفة المسلمين» يحرص أردوغان على قراءة القرآن فى مؤتمراته وبياناته الصحفية، وتأدية الصلاة أمام الكاميرات، ما يجعله بالنسبة لى أشبه بـ«مسيلمة الكذاب» يخادع الناس بكلام حلو ويضمر فى نفسه الشر.
كيف يدير أردوغان توازنات علاقاته القوية مع السعودية وإيران رغم ما بينهما من خصومة؟
- لا يكن أردوغان عداء للشيعة وهكذا هم أنصار الإسلام السياسى، ليس لديهم مشكلة فى التحالف مع أى طائفة أو فصيل لتحقيق أهدافهم.
وعلى الرغم مما يمارسه أردوغان ضد نظام بشار الأسد «العلوى» إلا أنه أصدر قوانين بزيادة الحريات السياسية للطائفة العلوية فى تركيا، ومن ضمن إجراءاته أيضا وضع درس الدين العلوى بمرتبة قانونية مساوية لدرس الدين السنى وجعل يوم العاشر من محرم وهو ذكرى عاشوراء المقدس عند العلويين يوم عطلة رسمية، ووافق على إحياء الطقوس الدينية العلوية فى محافظة حاجى بكتاش، التى تحمل رمزية كبيرة للعلويين.
ومن أهم مستشارى أردوغان الدكتور إبراهيم قلن وهو ليس سنيًا، وياسين أقطاى، وكلاهما يؤمن بتجربة تأسيس الجمهورية الإسلامية فى إيران، كما يستفيد أردوغان من السعودية عبر الاستثمارات التى تنمو بين البلدين.
وماذا عن القضية الفلسطينية التى يبدو كأنه حامل رايتها دائمًا؟
- لو راجعنا سياسة أردوغان تجاه إسرائيل سنجد أنه خلال السنوات الست الماضية كان من أكثر مطلقى التصريحات العنترية، وبالتوازى كانت العلاقات الاقتصادية والتجارية تزداد قوة.
هذا الهجوم ارتفعت وتيرته قبل وصوله للرئاسة، وبعد انتخابه سكت كليا، حتى حادث سفينة «مرمرة» كان عرضا مسرحيا لا أكثر.
لماذا لا يؤخذ كلامك فى إطار المزايدة؟
- لا أزايد بالطبع، فبعد سفينة مرمرة اشترط أردوغان 3 بنود لإعادة العلاقات مع إسرائيل، وهى فك الحصار عن غزة، وتعويض أهالى السفينة عن ضحاياها، والاعتذار رسميا لأنقرة.. ورغم أن تل أبيب لم تلب له مطلبا واحدًا استأنف العلاقات.
واقعيًا إن أردوغان يساعد إسرائيل بالاتفاق مع حركة المقاومة «حماس» على فصل غزة، وجعلها وطنًا للفلسطينيين بعد التهام فلسطين التاريخية وفرض الأمر الواقع.
كما يرتبط الرجل بالكثير من العلاقات المشبوهة الاقتصادية والأمنية والسياسية مع تل أبيب، وله تفاهمات مع الاحتلال بشأن تسهيل غسيل الأموال كما أنه متعاقد مع شركة محاماة يهودية فى الولايات المتحدة.
الثابت أن أردوغان ليس ديمقراطيا.. فلماذا يسكت عنه الغرب؟
- للأسباب ذاتها التى دفعته للسكوت عن صدام حسين وأيضا أسامة بن لادن زعيم القاعدة.. أردوغان مفيد فى الوقت الراهن، وحالما تنتهى فائدته سيتخلص منه الغرب.
هل استيعاب تركيا للاجئين السوريين عامل ضغط على الغرب؟
- حتى فى أزمة اللاجئين ينتهز أردوغان مصالحه السياسية، فالغرب من جهة يفتح باب الهجرة للسوريين المتعلمين، أما غير المتعلمين فيمنحهم «الخليفة العثمانى» الجنسية التركية، ومن ثم يصبحون أعضاء بحزب الحرية والعدالة وداعمين لسياساته وأصواتا انتخابية للاستقواء بهم ضد المعارضة.. قمة البرجماتية.
بعد الانقلاب الفاشل.. الذى يبدو غامضًا حتى الآن، شن أردوغان حملة شرسة وعزل عددًا كبيرا من قيادات الجيش.. فكيف أصبحت علاقته بالمؤسسة العسكرية حاليا؟
- بعد الانقلاب تعمد أردوغان تجريف المؤسسة العسكرية التركية من قيادات كبار، إلى درجة أن عدد العسكريين المسجونين يزيد على خمسة آلاف، وهناك 40 محافظًا خلف القضبان، و3 آلاف قاض هذا بالإضافة إلى أساتذة الجامعات والعلماء والصحفيين.
الجيش مؤسسة مغلقة فى كل مكان بالعالم، ومن الصعب معرفة ما يحدث داخلها، لكن المؤكد أن هناك تذمرًا، وتوقعاتى أن تركيا بصدد انقلاب آخر لكن ليس فى المستقبل المنظور، غالبا عندما يفرغ الغرب من أردوغان، ويجد ألا ضرورة للإبقاء عليه، كما أن حدوث انقلاب فى الوقت الراهن سيؤدى إلى حرب أهلية، وبالتالى فالخطوة ليست هينة، وتداعياتها فى حاجة إلى دراسة مستفيضة.
ما مدى صحة الوثائق التى قدمها بوتين للأمم المتحدة بوجود علاقة بين أردوغان وداعش؟
- صحيحة تمامًا.. عناصر التنظيم الإرهابى يتحركون فى تركيا بمنتهى الحرية، ومنهم الذين حصلوا على الجنسية ليكونوا ميليشيات ضد الشعب فى حال أراد الخلاص منه.
التقارير الغربية تقول إن السعودية تموّل التنظيمات الإرهابية، لكن الحقيقة هى أن أردوغان هو الذى يمول داعش.. وهناك اتفاقيات بينه وبين داعش لتزويده بأسلحة كيماوية.
وهناك مساكن لعناصر داعش داخل تركيا ومعظم الفيديوهات التى تصدر عن التنظيم تكون من داخل الأراضى التركية، وقام أردوغان بالتعاقد مع شركة أمن تدعى sadat ويديرها Adnad Tanlvend وقد منحه أردوغان حوالى 30 فدانا من أراضى الدولة لإقامة محمية تتواجد فيها المعسكرات لتدريب المجندين الجدد إلى داعش ممن يأتون من الشيشان والعراق وأوروبا.
ما صحة التقارير الطبية بشأن مرضه النفسي؟
- التقارير صحيحة وأردوغان لا يتحرك من دون طبيب خاص.
ما توقعاتك لمستقبل تركيا فى الانتخابات المقبلة؟ وهل المعارضة قادرة على تغيير الدفة بعيدا عن التيار الإسلامي؟
- من رابع المستحيلات أن تتحول تركيا عن الإسلام السياسى فى انتخابات 2018 فقد انتهت السياسة فى تركيا منذ زمن، ومن وجهة نظرى ووجهة نظر فتح الله جولن إن الإسلام السياسى هو سبب خراب الشرق الأوسط والعالم أيضا.