من يربح«المصرى اليوم» ساويرس أم أبوالعينين؟

أسامة ابراهيم
اشتعلت بورصة التكهنات، وتلاحقت فى الأيام الأخيرة، حول مصير صحيفة «المصرى اليوم» المستقلة منذ إلقاء القبض على مؤسس الصحيفة، رجل الأعمال صلاح دياب الذى يملك الحصة الحاكمة فى رأس مال الجريدة، على خلفية اتهامه بحيازة أسلحة نارية غير مرخصة.
وزادت التكهنات حول مصير «دياب» وهو فى الوقت نفسه، مالك مجموعة من الشركات من بينها «بيكو» حتى عقب إخلاء سبيله ونجله «توفيق» المتهم فى القضية نفسها، بقرار من النائب العام بكفالة مالية قدرها 50 ألف جنيه على ذمة القضية.
وكشفت مصادر مطلعة عن دخول عدد من رجال الأعمال الكبار فى مفاوضات مكثفة مع دياب وباقى المساهمين فى رأس مال الصحيفة، ومنهم نجيب ساويرس وأحمد بهجت وطارق الشناوى وآخرون، لشراء الصحيفة، التى تقدر قيمتها السوقية بنحو 800 مليون جنيه.
ومن أبرز رجال الأعمال الذين يجرون مفاوضات للاستحواذ على الصحيفة التى صدر أول عدد منها عام 2004، برئاسة تحرير الكاتب الصحفى أنور الهواري، محمد أبوالعينين، إلى جانب «ساويرس» نفسه، الذى قدم عرضا لمجلس الإدارة، للاستحواذ على باقى أسهم الشركاء، باعتباره أحد أكبر المساهمين فى ملكية المؤسسة التى يرأس مجلس إدارتها الدكتور عبدالمنعم سعيد.
وكشفت مصادر مقربة من المفاوضات عن تقديم «ساويرس» عرضا قيمته 750 مليون جنيه، لامتلاك الصحيفة، فيما عرض «أبوالعينين» صاحب مجموعة شركات «سيراميكا كليوباترا» مالك قناة «صدى البلد» 700 مليون جنيه، لتملك أسهم المؤسسة، والاستحواذ على جميع حصص الشركاء.
وقالت المصادر - التى طلبت عدم نشر أسمائها، إن مجلس إدارة الصحيفة، دخل حالة من الانقسامات والخلافات بسبب ميل عدد منهم لصالح العرض الذى قدمه «ساويرس» وقالوا إنه الأولى بشراء الصحيفة، باعتباره أحد مؤسسيها منذ البداية، فيما مال جناح آخر إلى عرض «أبوالعينين» خاصة أنه عرض سداد المبلغ على دفعة واحدة.
على الجانب الآخر، وفقا لمصادر أخرى مقربة من «دياب» فإن مؤسس «المصرى اليوم» يدرس هذين العرضين، وغيرهما للاستقرار على أحدها، وسط توقعات بعدم إقراره إتمام أى من هذه الصفقات، فى اللحظات الأخيرة، وأوضحت المصادر أن حالة التردد التى يعيشها «دياب» من بين أسبابها تعرضه لعدة ضغوط من جانب أجنحة فى النظام الحالي، قد تدفعه إلى الإبقاء على نصيبه فى «المصرى اليوم» لتكون إمبراطورية، يدافع بها عن نفسه، وليظل صاحب النصيب الأكبر فى المؤسسة التى تتصدر مبيعات الصحف الخاصة فى مصر، وتحتل المرتبة الثانية - بعد الأهرام - فى التوزيع، بين جميع الصحف القومية والمستقلة والحزبية.
وأضافت المصادر أن من بين الأسباب التى قد تدفع «دياب» إلى الاتجاه نحو بيع الصحيفة، حالته الصحية خاصة بعد إجرائه جراحة قلب، على يد الدكتور مجدى يعقوب، قبل إلقاء القبض عليه بأسابيع قليلة، إلى جانب عدم تفرغه للمؤسسة بسبب كثرة سفرياته واهتمامه بباقى مجموعات شركاته.
ووفقا لمصادر مطلعة أخرى فإن «دياب» يعانى حالة نفسية سيئة بسبب الضغوط النفسية التى يتعرض لها من «جهات سيادية» إثر خلافات شديدة حول عدد من الموضوعات، من بينها التبرع بمبالغ كبيرة لصندوق «تحيا مصر» وعدم استجابته للضغوط وتعرضه لحالة من «الحصار النفسي» لإجباره على الدخول فى تفاهمات مع جهات حكومية، لسداد تبرعات تتجاوز 50 مليون جنيه مساهمة منه فى تمويل عدد من المشروعات، خاصة فى مجال تطوير البنية التحتية وشبكات الصرف الصحى والمياه التى كان الرئيس أعلن قبل أيام، عن تخصيص مليارى جنيه لتطويرها، فى الوقت الذى تعانى فيه الموازنة العامة عجزا شديدا.
وكشفت مصادر مسئولة فى «المصرى اليوم» عن بذل محمد أبوالعينين جهودا مكثفة لإقناع المساهمين فى ملكية الصحيفة ببيعها له، وتعهده لعدد من المساهمين، وعلى رأسهم «دياب» بعدم التدخدل فى السياسة التحريرية للصحيفة، والإبقاء على سياسة فصل الملكية عن التحرير، التى تبنتها المؤسسة منذ صدورها.
وقالت المصادر إن «أبوالعينين» يتجه حال نجاحه فى الحصول على الصفقة لإسناد رئاسة تحرير الصحيفة إلى الإعلامى أحمد موسى مقدم برنامج «على مسئوليتي» الذى تبثه قناة «صدى البلد» المملوكة لـ «أبوالعينين»، خاصة أن «موسي» من أكثر المقربين إلى رجل الأعمال وتربطهما علاقة وطيدة تدعمت أثناء عمل «موسي» فى صحيفة «الأهرام» التى لايزال كاتبا فيها.
وشددت مصادر أخرى مقربة من نجيب ساويرس، الذى كان عرض قبل أشهر قليلة شراء جزيرة ليعيش عليها اللاجئون السوريون فى أوروبا، على أن «ساويرس» هو الأقرب للفوز بصفقة شراء «المصرى اليوم» التى تعاقب على تولى رئاسة تحريرها منذ 2004 حتى الآن أنور الهوارى ومجدى الجلاد ومحمد سمير وياسر رزق ومحمد سلماوى وعلى السيد ومحمود مسلم، ويتولى محمد السيد صالح مدير التحرير منصب القائم بأعمال رئيس التحرير، ويعد أبرز المرشحين لتولى رئاسة تحرير الصحيفة رسميا حال استمرار ملكية المساهمين الحاليين للصحيفة.
وقالت المصادر إن «ساويرس» ترك باب المفاوضات مفتوحا مع باقى الشركاء، وأبدى مرونة كبيرة فى الموافقة على سداد مبلغ إضافى يحدده باقى الشركاء، بشرط أن يكون المبلغ كدفعة ثانية، تسدد على 3 مراحل بحد أقصى 6 أشهر.
وأضافت المصادر التى تملك حصة فى رأس مال الصحيفة التى شهدت مؤخرا عدة أزمات، بينها اعتصام عدد من محرريها احتجاجا على التسويات المالية التى قررت إدارة الصحيفة إجراءها بشأنهم، أن «جهات سيادية» دخلت على خط المفاوضات، وتقود فى اتجاه بيع الصحيفة لـ«أبوالعينين»، الذى تعتبره الجهات السيادية على علاقة طيبة بالنظام، وليس من هواة الدخول فى مشكلات مع السلطة إلى جانب رغبة الجهات الأمنية فى أن تكون الصحيفة «تحت السيطرة»، خاصة بعد أن مثلت «المصرى اليوم» صداعا فى رأس النظام، وأجهزة الأمن فى الآونة الأخيرة، ورفع سقف معارضتها للنظام والحكومة، ونشرها عدة تقارير حول سياسات النظام التى اعتبرها أجنحة قوية فى السلطة تسيء إلى صورة الرئيس عبدالفتاح السيسى على المستويين المحلى والإقليمى والدولي.
يذكر أن أجهزة الأمن مدعمة بمجموعات قتالية، كانت ألقت القبض على صلاح دياب ونجله فجر الأحد الماضي، بقرار من النيابة العامة بناء على ضبط وإحضار عقب ساعات من إصدار النائب العام قرارا مؤقتا بالتحفظ على الأموال الخاصة بـ «دياب»، ورجل الأعمال محمود الجمال، وآخرين على خلفية اتهامهم فى قضايا استيلاء على المال العام وأراضى الدولة، ونسبت التحريات لـ «دياب» ونجله توفيق تهمة حيازة أسلحة غير مرخصة.
وكانت نيابة الأموال العامة تلقت بلاغات ضد رجال الأعمال المتهمين بحصولهم على مساحات شاسعة من الأراضى بطريق «مصر - الإسكندرية» الصحراوي، من وزارة الزراعة بأسعار زهيدة، وتحويلها إلى منتجعات سياحية على نحو يمثل استيلاء على أراضى الدولة بالتواطؤ مع مجلس إدارة هيئة التنمية والمشروعات الزراعية.
وأمرت النيابة باستعجال تقارير لجنة الفحص المشكلة بقرار منها، لفحص أوراق المخالفات، والتحقيق فى تهمة التربح غير المشروع، والإخلال بعقود أرض «نيو جيزة» فى مدينة 6 أكتوبر.
وعقب القبض على «دياب» من داخل منزله فى منطقة منيل شيحة، تصاعدت حالة الغضب بين رجال الأعمال والسياسيين ومنظمات الأعمال، خاصة بسبب طريقة القبض عليه، التى اعتبروها «مهينة» خاصة أن قوات أمن مركزى مدعومة بمجموعات قتالية شاركت فى عملية القبض التى تم تصويرها وبث الصور على عدة مواقع إخبارية.
وأعربت الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من المنظمات الدولية عن استنكارها لطريقة القبض على «دياب»، واعتبرتها انتقاما من رجل الأعمال بسبب الانتقادات الشديدة التى توجهها «المصرى اليوم» لنظام الحكم والحكومة، وقالت منظمات أعمال إن طريقة القبض على رجل الأعمال تضر بمناخ الاستثمار، وصورة الدولة المصرية أمام المجتمع الدولي.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال زيارته المفاجئة إلى شرم الشيخ الأربعاء الماضى إنه لن يسمح بإهانة أى رجل أعمال، وأن رجال الأعمال شركاء فى العبور بالبلاد من أزمتها الحالية، وهى التصريحات التى أعقبها بعد دقائق إخلاء سبيل رجل الأعمال ونجله.