
احمد باشا
موسم الهجوم على الجيش!
البعض يروج أن هناك جيش «طنطاوى وعنان» وجيش «السيسى» غير مدركين أن عقيدة الجيش المصرى تحترم القيم العسكرية الراسخة التى لا تخون ولا تفسد وتقدر القادة وتحفظ أقدارهم!
النخبة هى التى سلمت البلاد للإخوان لما تحالف معهم حزب حمدين صباحى فى الانتخابات البرلمانية وخرج الطابور الخامس فى لقاء فيرمونت يدعو للتصويت لمحمد مرسى!
أحداث ماسبيرو ومحمد محمود صورة طبق الأصل من التعامل مع موقعة الجمل يصنعها الإخوان ويورطون فيها الأبرياء!
حسبما جاءت الأوامر أن تجتمع مصالح أحمد ماهر ( 6 أبريل)، ورباب المهدى (أمريكا - أبوالفتوح) وغيرهم لتأسيس جبهة تعمل على رفض أى مرشح ذى خلفية عسكرية.. وتتخذ من هذه الفكرة تكئة للهجوم على الجيش المصرى وقياداته والتقليل والحض من شأنه ومن دوره!
واقع الأمر أن هؤلاء غير ذى وزن حقيقى فى الشارع.. فقط الإعلام هو من يغذيهم إضافة إلى تحالفاتهم مع فلول الإخوان والمزايدين والممولين من الخارج!
يتحينون الفرصة، وينتظرون أى طلة أو إشارة أو تحرك أو تطلع من رجل ذى خلفية عسكرية حتى يسنوا رماح ألسنتهم وينصبوا منصة هجومهم على الجميع بدءا من الفريق شفيق مرورا بالمشير طنطاوى ونائبه عنان وانتهاء بالقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح السيسى!
يتطاولون وينهشون فى ذمم الجميع، ويتفهون من أدوار وطنية وبطولات عسكرية ومهام انتحارية ألقت بهم الأقدار ليتحملوا مسئولية البلاد فى أسوأ مرحلة يمكن لقائد أن يتولى مسئولية!
كان واجبا على القوات المسلحة أن تحفظ أقدار رجالها، وألا تسمح أن تخرج أصوات منها تهاجم أو تغض الطرف عن الخوض فى سيرة قادة لهم، وأن تكشف الحقائق وتبرئ الذمم، وتعلن كيف تحمل أولادها من القادة السابقين خصوصا المشير طنطاوى والفريق عنان كثيرا من العنت والظلم للدور الوطنى الذى لعباه مع قيادة المجلس العسكرى فى المرحلة الانتقالية والتى شهدت لغطا وغمطا لحقه فى تلك الفترة العصيبة!
ذلك التساهل تسبب فى أن يتطاير شرر الهجوم للفريق السيسى، وأن يستغل الإخوان وشاكلتهم موسم الهجوم السنوى سواء ذكرى ماسبيرو ومحمد محمود التى تتزامن مع ميلاد الفريق أول عبد الفتاح السيسى لكى يضعوا الجميع فى سلة هجوم واحدة ويرفعوا شعارا خداعا كاذبا أنهم يفرقون بين الهجوم والتجريح فى القادة العسكريين وبين الجيش كمؤسسة!
فرية روجوا لها لكل جاهل بعوالم وأصول المؤسسة العسكرية التى لا ينفصل فيها الرأس (القادة) عن الجسد (المؤسسة)، فإذا انحرفت الرأس انحرفت عقيدة الجيش ككل، وهو لم يحدث لا قبل 25 يناير، ولا فى الفترة الانتقالية وقت المشير والفريق عنان أو حتى بعد تولى السيسى المهمة!
كان لظهور المشير طنطاوى فى احتفالية مرور 40 عاما على نصر أكتوبر فرصة لأولئك أن يشعلوا تويتر والفيس بوك مناحة ومبكى، وهجوما على الجيش قياداته السابقة والحالية، وكأن الرجل ليس بطلا لمعركة المزرعة الصينية وحق علينا تكريمه بعد أن استبعد مرسى وجماعته الإرهابية أصحاب النصر وحل بدلا منهم إرهابيون على المعاش!
نفس الأمر تكرر مع أول إطلالة للفريق عنان عندما نشر جزءا يسيرا من شهادته على أحداث يناير وما تلاها، حيث تحول إلى لوحة تنشين لهجوم متواصل ينهش فى ذمته ودوره ومهمته وقيادته المشتركة مع المشير طنطاوى!
حملنا الرجلين والمجلس العسكرى الذى كان فيه عضوا الفريق السيسى فشلنا وإخفاقنا وعلقنا فى رقبتهما كل الخطايا انتهاء بتسليم الدولة للإخوان، تناسينا عن عمد أو جهل أن عنان نفسه كان ضابطا منضبطا، وقائدا لرئاسة الأركان، وبطلا شعبيا هتف الناس له وباسمه فى إبان الفترة الانتقالية، وتحمل مع المشير طنطاوى ما لا يطيقان فى تلك المرحلة التى توليا فيه المسئولية، وعندما وقف أمام تصرفات الإخوان والممولين شوه الرجل بحقد دفين.. لكنه مثله مثل أى ضابط منضبط خضع للأوامر والمسئوليات وانسحب بهدوء فى يد المشير حتى لا يثير بلبلة أو يحدث انقساما فى الجيش وهو أمر يحمد لهما.
حاول البعض اللعب على تصوير أن المؤسسة العسكرية والجيش مع طنطاوى وعنان «شىء» ومع القيادة الحالية «شىء آخر»، غير مدركين أن عقيدة الجيش المصرى تقدر القادة والأقدميات وتحفظ لهم قدرهم وأن عصا التتابع فى القيادة تسلم من جيل إلى جيل وهى مغموسة فى نهر الكرامة، والمثل، والقيم العسكرية الراسخة التى لا تخون ولا تفسد!
آفة بلادنا النسيان.. نسير كالقطيع دون تدبر أو تروٍ، اندفعنا جمعيا نردد ونروج أن المشير وعنان سلما البلاد للإخوان، وأغفلنا كيف لعبت نخبتنا التى نكبتنا هذا الدور بامتياز، ابتداء من حمدين صباحى (حزب الكرامة) الذى خان ناصريته ومبادئها عندما تحالف مع الإخوان فى انتخابات مجلس الشعب تحت مسمى التحالف الديمقراطى واتخذوا منه ومن حزبه غلافا يخادع الجميع وهو قبل ذلك وأن يمد يده لهم مقابل مقاعد لا تزيد على الأربعة كانت محل معايرة له ولحزبه من الإخوان!
لما كان يرسل المجلس العسكرى إشارات لخطورة الإخوان كان يخرج أصحاب الصوت العالى يزايدون على المشير طنطاوى وعنان ويسوقون أن الإخوان فصيل وطنى وليس سافكا للدماء وله أجندة غير وطنية، حتى اشتدت الحرب أوزارها، واحتدمت المعركة الانتخابية فخرج المهاجمون الآن يدعون الناس لانتخاب المجرم المتهم حاليا «محمد مرسى» بعد لقاء فيرمونت الشهير!
بل على العكس لم يكن المجلس العسكرى بقيادته متدخلا فى شئون الانتخابات أو الاستفتاءات التى أجريت فى عهده، كان على قدر مسئوليته التى أخذها على نفسه فى الوقوف بعيدا عن تفاصيل المعركة مكتفيا بما تعهد به من حمايتها لتجرى أول انتخابات واستفتاءات حرة فى التاريخ المصرى، ونزل المصريون بالملايين، فلم يدفع المجلس العسكرى للتصويت إلى مرسى وإنما كل قادة الطابور الخامس فى صورة لا تفارق الأذهان ويدلى حمدى قنديل، وعلاء الأسوانى، وحسن نافعة، وأحمد ماهر وغيرهم كثر بيانات تشجع المواطنين للتصويت لصالح مرشح الجماعة المحظورة!
ولما تواترت أنباء مازالت محل تحقيق قضائى عن عمليات تزوير ومخالفات ومحاولات تضييق على الناخبين من قبل الجماعة المحظورة قبيل إعلان النتيجة كان المشير طنطاوى والفريق عنان أن اتصلا فى وجود كل قادة المجلس العسكرى برئيس اللجنة العليا للانتخابات وسألوه إن كان يرى فى هذه المخالفات أو الأنباء ما يستحق أن تعاد الانتخابات متحملين مسئولية انتحارية فى ذلك التوقيت الدقيق، وكأن المحظورة رفعت حالة تأهبها فى الشارع واحتلت ميدان التحرير وهددت بحرق البلاد.. إلا أن المستشار رئيس اللجنة العليا للانتخابات رفض عرض المشير والفريق!
فاتت أيام على ذكرى ماسبيرو، وعلى مرمى أيام أخر تنتظرنا ذكرى محمد محمود، ومنها اتخذ الإخوان و6 أبريل الموعدين كمولد وموسم لمهاجمة الجيش - القيادة السابقة والحالية - وهو أمر لابد أن نعيد النظر فيه والتحقيق فى شأنه مجددا، لا يخالجنى شك أن كلتا الذكرتين كانتا من صنيعة الإخوان ومن تبعوهم وأيدوهم، كما جرى الحال مع موقعة الجمل التى كانت صنيعة إخوانية صرف وزج الإعلام لاتهام آخرين برأتهم المحكمة!
قبل أن نحاسبهم علينا أن نحاسب أنفسنا، ونعيد تقييم من تصورناهم نخبتنا فكانوا نكبتنا، وأن نتحمل مسئوليتنا.. أما الجيش فعليه أن يغلق أبواب الهجوم على قادته دون سند، وأعلم أن غصة ومرارة كانت فى حلق القادة والضباط للطريقة التى أقيل بها «طنطاوى» و«عنان» من قبل «مرسى»، لأنهما كانا رمزا لتلك المؤسسة وأن أى خلافات لابد أن تكون داخل البيت ولا تنشر للعامة استنادا للمقولة الشهيرة «أكلت يوم أكل الثور الأبيض»!