
احمد باشا
حزب «هز» الوسط!
فى 1995 كان أن هز خروج مجموعة «الوسط» أركان جماعة الإخوان التى اتهمتهم بالتخوين والعمالة للأمن بهدف تشويههم .. وتمت مقاطعتهم تجاريا واجتماعيا وسحب كل أعمالهم التجارية، حيث قال المرشد الأسبق «مأمون الهضيبى» عنهم فى لقائه مع مجموعة من الشباب الإخوانى «أقدر أمشيهم فى الشارع بلابيص»! المرشد الأسبق كان يقصد تحديدا «أبوالعلا ماضى» وتابعه «عصام سلطان» وآخرين، بعد أن تمردوا وانقلبوا على رجال التنظيم الخاص الذين عادوا من شتاتهم فى الخارج لإعادة السيطرة على مفاصل الجماعة!
فى منطقة وسط، بين الأمن وجماعة الإخوان وقفت مجموعة الوسط بمحاولة إقرار حزبها.. أمن الدولة فسر الأمر على أنه خطة من قيادات الجماعة للحصول على رخصة حزبية، والإخوان أنفسهم تصوروها لعبة أمنية لتقويض الجماعة من الداخل وكشف بواطنها وأسرارها التنظيمية والمالية!
ما يجب التوقف عنده كثيرا هى المحاولات المستميتة من «ماضى» و«سلطان» وأشياعهما للحصول على الرخصة من 1996 وحتى بعد ثورة يناير، فليس للأمر علاقة بالإيمان بالفكرة وبرنامج الحزب، خصوصا أنهم فى فترات السجال والنضال القانونى قبلوا إدخال تعديلات وتغييرات شاملة فى برنامج حزبهم- المفترض أنهم مؤمنون بها وأكثر تمسكا بها ودفعوا ثمنها استقالة وتشويها من الإخوان- فى كل مرة يقدمون أوراقهم للجنة شئون الأحزاب حتى الاسم نفسه تغير من الوسط المصرى إلى الوسط الجديد!!
فى سكرات المحاولات المستمرة للمنشقين الإخوان تحت راية الوسط كان أن انفتحوا على القوى السياسية بما فيها نظام مبارك وحزبه الوطنى حتى إن الإفطار الرمضانى السنوى للوسط- تحت التأسيس- كان مناسبة دورية لتلاقى القوى السياسية على مائدة إفطار تهتم بها الميديا وتحرص قيادات الحزب الوطنى على حضورهاوالمشاركة فيها نكاية فى الإخوان وفى المقابل يزداد ترحيب وتبجيل سلطان وماضى بقيادات النظام السابق من لحظة نزولهما من سيارتهما وحتى عودتهما إليها بعد انتهاء الفعاليات ..وفى هذه الأثناء لا يتوقف التقاط صور تكشف عن ود حميم بين على الدين هلال- أمين الإعلام بالحزب الوطنى- وعصام سلطان على سبيل المثال لا الحصر!
آفة حارتنا النسيان.. فمن سخريات القدر أن يكون رفيق حبيب هو ابن رئيس الطائفة الإنجيلية القس صموئيل حبيب هو المحلل الطائفى للوسط وللحرية والعدالة على السواء.. فكان «حبيب»- المعروف بعلاقته بالأمريكان- مؤسسا فى حزب الوسط وبسببه اتهمت قيادات الجماعة مجموعة الوسط بالعمالة، ووفقاً لرأى الإخوان أن الأمريكان قد اخترقوا الوسط، بل استعملوه عن طريق رفيق حبيب لضرب جماعة الإخوان المسلمين.. تردد هذا على ألسنة قيادات جماعة الإخوان فى تأسيس الوسط الأول عام 1996 والثانى عام ,1998 ثم توقف تماماً بعد أن افترق الوسط وحبيب!
فى أعقاب هذا الافتراق، إذ بالإخوان يهرولون وراءه ويسعون لجذبه، وينجحون فى ذلك فعلاً، وليصبح رفيق حبيب عضواً أساسياً فى لجنة صياغة برنامج الإخوان يمارس دورا مرسوما بدقة فى الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية النشطة حتى لا توصم بالطائفية!
هز الوسط نفسه مجددا بعد الثورة، مد جسورا كنا تصورنا أنها قطعت، لكن الأصل غلاب، ارتضى أن يكون الذراع المبررة لجماعة الإخوان، والمخلب الذى ينبش وجه من يعارضها، فالدم الذى يجرى فى عروق الوسط من نفس فصيلة الجماعة.. شاركه فى جريمة تأليف الدستور وحصل على حصة من حكومة قنديل وأخرى أكبر فى المعينين بالشورى ليمارسوا دور المعارضة المدجنة ويحظوا بغطاء الحصانة عند تطاولهم أو تجاوزهم!
كان لافتا بالنسبة لى أن «أبوالعلا ماضى»- رئيس حزب الوسط- الذى صدرت فى حقه سابقا كل التشنيعات من قيادات الإخوان الحالية وما قيل عن تشيعه وعن علاقته بحزب الله والأكثر ما قيل عن عمالته للأجهزة الأمنية المصرية والأمريكية فى ذات الوقت، أن يكون هو نفسه المقرب من الرئاسة ويجلس على يمين «مرسى» فى كل جلسات الحوار الوطنى، ويُسِر له مرسى بالأسرار وينقلها عنه «ماضى» كما كان الحال فيما تطاول به على جهاز المخابرات!
الرقصة الأخيرة لحزب الوسط على جثة العدالة بمشروع السلطة القضائية الذى قدموه نيابة عن الإخوان ليؤكدوا على كونهم الفناء الأمامى ويصبح «مصر القوية» بقيادة أبوالفتوح الفناء الخلفى.. أما الحرية والعدالة فيقع فى «الوسط» بين الاثنين.. ولا يزال «الهز» مستمراً!!