
احمد باشا
العمار المفقود بين الرئيس والإمام
ليس الرجل بمقدس.. لكن سيرته أنقى من أن تدنس بهتافات المتنطعين على مقامه الرفيع، وعلمه الغزير، وشخصه الجليل، وحلمه الطويل على المتطاولين والمتربصين بعمود المذهب السنى وقبلة الاعتدال!لم أعتد أن أتصدى دفاعا عن أشخاص بعينهم، لكن الأمر جلل.. الوسطية المذهبية فى خطر.. يقبض الرجل بيده على جمرة من نار.. لا يفرط فى التشدد ويحافظ على المزاج المعتدل للدين الحنيف ولم ينسق لجماعات وخوارج التطرف.. لم نضبطه متلبسا بالتفريط فى ثوابت أهل السنة أو مهادنا مع موجات المد الشيعى من بعد زيارة «نجاد» للمشيخة!
متبرعا براتبه عن عمل الإمام الأكبر فى سبيل الله، يؤدى رسالته لوجه عزيز مقتدر، غيرته على دينه وموقفه الصلد الرافض لتمرير مشروع «الصكوك الحرام» جعله يدفع الثمن ويتحول إلى لوحة تنشين لأسهم المتأسلمين والمتاجرين بالدين!من اللحظة الأولى لم يكن هناك «عمار» فى العلاقة بين مؤسسة الرئاسة الإخوانية والشيخ «الطيب» عندما تجاوزه الرئيس ولم يصافحه فى أول لقطة له بعد توليه السلطة فكانت إشارة البدء!
تلتها معركة الدستور ومحاولة تقزيم المشيخة والتعريض بإمام المسلمين ومنصبه للإقالة والإهانة فى مواده لولا ستر الله.. اجتمع عليه الإخوان والسلفيون، يكيدون ويمكرون، ويمكر الله، والله خير الماكرين!لا تزال محاولاتهم مستمرة ولم تكن التظاهرات التى خرجت تنادى بعزله على خلفية تسمم طلاب جامعة الأزهر إلا تكئة لجأ لها الإخوان للتحرش بالإمام الجليل!
الأزهر قوة مصر الناعمة، التى تضع لنا قدما فى كل العالم الإسلامى وأفريقيا لنشر الدعوة والتأثير فى صناعة قرار هذه الدول عن طريق الدارسين فيه بمدينة البعوث والتى أشرف أن مؤسسها هو جدى الإمام الأكبر الراحل «عبدالرحمن تاج»، وظلت من بعده معينا لا ينضب فى تأهيل وتدريس علوم الدين والدنيا للمبعوثين من كل أنحاء الأرض وربطهم ببلد الأزهر الشريف.
الإخوان لا يرضيهم إلا فرض هيمنتهم ومعتقداتهم وتصديرها فى مناهج الأزهر إلى هؤلاء المبعوثين وكذا للدعاة من خريجيه، وهو ما يقف ضده الإمام الأكبر محافظا على النهج الوسطى لصالح عموم الأمة!الثورة جاءت بالخراب على ما هو راسخ تحت سماء المحروسة، زلزلت أركان مؤسسات الدولة الدينية والمدنية على السواء، نادت بالإصلاح وانتهت بالهدم إلا ما رحم ربى: الأزهر والجيش!
«الطيب» اسم على مسمى، بشوش، هادئ، ناصع، متصوف، معتدل، لين فى المعاملة، صلب فى الحق، عصى على الاخوان.. لا تهزه ريح، أو نباح يعلق فى رقبته المسئولية السياسية لحادثة- غالبا مفتعلة ومصطنعة- ونسوا أو تناسوا هم مسئوليتهم السياسية والتنفيذية والدينية والجنائية عن أرواح جنودنا شهداء رفح ودماء أطفال أسيوط على قضبان السكة الحديد، وحق من قتل وسحل على أسوار الاتحادية، وشهداء بورسعيد الباسلة!فضيلة الإمام الأكبر قوته فى زهده وورعه، لا يخشى فى الحق لومة لائم، «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء..».