
حسين دعسة
حرائق أكثر.. لماذا؟!
من اللافت، أن يؤدى التحليل الاستراتيجى الراهن والمستقبلى للأحداث، فى المنطقة والعالم إلى استنتاجات ومآلات مختلفة، متناقضة، تتباين فيها الرؤى على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية.
- ماذا فى الراهن؟
مضت 24 ساعة من الترقب فى حال سوريا بعد اليوم العاشر من الغزو التركى المقيت؛ بدعم ورعاية أمريكية وإدارة تهيئ المنطقة لمزيد من الدم والكيانات الانفصالية والهجرات، وآخر مستجدات الاحتلال والعدوان العسكرى التركى فى شمال شرق سوريا، يعمق جراح سنوات صعبة منذ انطلاق الثورة السورية ضد النظام.
والراهن فيما أعلنت عنه الأمم المتحدة من أن الاحتلال والعدوان العسكرى الذى تشنه تركيا -الدولة- يهدف لإقامة منطقة آمنة ما أدى إلى نزوح أكثر من 180 ألف شخص من ريف رأس العين وتل أبيض بحسب أرقام الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والصليب الأحمر. حيث نزحوا خارج منطقة كثافة العمليات العسكرية، إلى مدن وبلدات بعيدة نسبياً عن القتال الدائر حيث تم إيواؤهم فى المدارس التى من المفروض أن تستقبل تلاميذ المنطقة لأخذ قسطهم من التعليم، محذرة من أن الرقم قد يصل إلى 400 ألف، وهذا بحسب مصادر تركية سورية أممية، هذا أولا!
والحال التونسي-ثانيا- انتهى إلى فوز الرئيس التونسى الرجل القانونى فى مجال القانون الدستورى قيس سعيد بأكثرية شعبية، وكانت المفاجأة فوز حزب (النهضة) فى الانتخابات التشريعية نقض حقيقة فهم الشارع مستقبليا .
وأما -ثالثا- فقد أدهشنى تصريح مقيت وخبيث من السفير الروسى فى لبنان «ألكسندر زاسيبكين» بأن سياسة الإدارة الأمريكية والرئيس ترامب، تهدف إلى إثارة نار وحمى الصراعات فى المنطقة والشرق الأوسط ، وقد تدفع نحو حرب جديدة، خاصة فى ظل الحملة الأمريكية ضد ملالى إيران، وقال - أيضا- حزب الله لعب دورا ملموسا فى هزيمة الإرهابيين بسوريا (..) وأن فرص الحفاظ على الاستقرار الإقليمى مستقبلا، خاصة بين - الكيان الصهيوني- إسرئيل ولبنان، مثلما أن «تطور الوضع فى المنطقة بأكملها عامل أساسى» و أن الولايات المتحدة - بحسب «زاسيبكين» - تتسبب بتوتير أوضاع المنطقة، خاصة من خلال حملتها ضد إيران و«حزب الله»، بدلا من التعاون مع روسيا والأطراف المعنية الأخرى من أجل حل الأزمات القائمة ومعالجة الوضع، متناسيا الدور الروسى فى سوريا وتعاونه مع أطراف إرهابية مدعومة مباشرة من إيران والقوى السلفية التى تسيطر على الأرض، وجاء التصريح الخطير، متزامنا مع الحرائق المشبوهة التى أصابت جبال لبنان فى سوريا .. الأميركيّون يهيّئون لفوضى فى لبنان.
هل يمكن اعتبار ما حدث من أكثر من 110 حرائق متصلة: الأودية، وأعالى الجبال، والشجر الأخضر، وحتى المزروعات، وحتى الحجر تشتعل واستعانت لبنان بمساعدات معدات وطائرات إطفاء من: قبرص، اليونان، الأردن، فى وقت شهدت جبال وأودوية لبنان تحترق من الشمال إلى الجنوب مروراً بالجبل، الذى كانت له الحصة الكبيرة من الحرائق والخسائر، فى وقت تحول فيه نواب ووزراء «تكتل لبنان القوى» إلى أصوات نشاز، تارة تتحدث عن «استهداف طائفى» للمناطق المسيحية بالحرائق، ما عزز سوء إنقاذ الحال اللبنانى نتيجة التخوفات ورهان الأوضاع التى جعلت لبنان عاريا أمام النيران.
فاصلة؛؛
فى مقالة للكاتب البريطانى روبرت فيسك نشرتها صحيفة إندبندنت قال: أردوغان يمارس التطهير العرقى بشمال سوريا.
واللطيف أن «فيسك» بدأ مقالته واستعان بالحكمة والدراية والفلسفة:
ما المقصود بالغدر؟ هل هناك أى كلمة رسمية يمكن تطويرها فى اللغة الإنجليزية لكى تعبر عن هذه الخيانة؟ إن حلفاء الغرب الأكراد يتعرضون للخيانة من جديد. وهنا يأتى الأتراك مرة أخرى، يمارسون ألعابهم على الحدود السورية، فيزعمون أنهم يقاتلون «الإرهاب» عندما يكونون مستعدين تمامًا لمساعدة تنظيم النصرة فى عفرين، بينما يتدفق النفط من داعش إلى الداخل التركى. لكن الآن يدرك ترامب فجأة أن الأتراك ليسوا حلفاء جيدين، بعدما كان سعيدًا تمامًا للسماح لهم بغزو شمال سوريا قبل أربعة أيام.
وأكد فيسك: بالنسبة لترامب نفسه، فإن تصريحاته بشأن تركيا والأكراد والحرب العالمية الثانية تثبت مرة أخرى أن الرئيس الأمريكى مختل عقليا. فقد أخبرنا قبل بضعة أشهر أن الأمريكيين يغادرون سوريا، ثم يقول ذلك مرة أخرى. وهذا قبل أن يفكر أحد فى المخاوف من احتمالية عودة تنظيم داعش، الذين قد يفرون من سجونهم على طول الحدود السورية التركية. فهل ستعود داعش إلى أوروبا مرة أخرى؟ أم سيفرون مع 3.6 مليون لاجئ هددت تركيا أوروبا بهم؟
ترامب ليس هو الوحيد الذى يسبب الفوضى فى الشرق الأوسط، إنها الإمبراطورية الأمريكية بأسرها، وسياساتها الخارجية المهووسة وسيل مؤيدى ترامب الذين يجهلون حتى الآن جوهر مؤسسة واشنطن.