السبت 3 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
نكسة «الصفقة»!

نكسة «الصفقة»!


من عام نكبة فلسطين  1948 وصولًا إلى العام 1967، عاشت البلاد العربية والإسلامية، صدمة  وجودية، شملت  الحالة السياسية والاجتماعية والأمنية، حتى  بانت معالمها تربويًا وثقافيًا وفنيًا، انقلبت الاتجاهات  إلى نتائج خطيرة، أثرت على صورة مستقبل المنطقة، فغامت محاولات الاستشراف، وبناء استراتيجيات المواجهة، ودارت حول بنية مفرغة، قاتلة تحت نظرية «اعرف عدوك»، فكان أن تعرينا تماما؛ أمام عدونا ولم نتعرف عليه كما ينبغي!
ما يحدث اليوم فى الكيان الصهيونى الإسرائيلى «العدو المحتل لبلادنا فلسطين»، نتاج تلك الأزمات، عندما اتسعت القضية الفلسطينية لتأخذ منحنيات سياسة معالجة  اللجوء والنزوح الذى شتت الشعب الفلسطينى فى جميع دول العالم، عدا عن دول الجوار الحضارى والجغرافى لفلسطين.
فى داخل الكيان الصهيونى، قوى شد عكسى، من صالحها الركون إلى نظريات معرفية ترتكز على حكايات وأساطير وظروف تعرى، حاجة فلسطين الأرض والشعب إلى كامل حقوقه القانونية،  التى اختلطت اتجاهاتها عربيا ودوليا وحتى إسلاميا، فبعد احتلال كامل القدس والضفة الغربيّة وقطاع غزّة وسيناء وهضبة الجولان،  تحوّلت  نتائج حروبنا  إلى تسويات مع العالم الذى بعث ديمقراطية غربية، إطارها أوسع من أى ديمقراطيات مجاورة لـ«العدو» ما أتاح  مساحات من الخراب السياسى، فكانت نكسة عربية  تولد الأخرى، وتعيد  تعريف «ضعفنا» فى محافل المجتمع الدولى.
لماذا  نجح نتنياهو  فى حل الكنيسة الإسرائيلى، مخفيا عدم قدرته على تشكيل حكومة ائتلاف حاكم، وبالتالي  العودة إلى صناديق الاقتراع في  الصيف الساخن، وصولا إلى يوم الاقتراب.. أيلول سبتمبر؟
السؤال، سؤال النكسة التى جعلت شخصية سياسية مخادعة مثل نتنياهو، يواصل ألاعيبة فى الكيان الصهيونى، مناديا بدولة ديمقراطية لكن دينية يهودية، فهو يعى أهمية هذا الأمر، مسنودا من اللوبى اليهودى الصهيونى المتحكم حتى فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبالكاد تستطيع أوروبا الخلاص منه.
ما زلنا نترقب أن يكون للزلزال السياسى الإسرائيلى، ارتدادات على  الخطط الأمريكية المنوى إعلانها تحت مسمى صفقة القرن، والأفق السياسى، فلسطينى غائم  إلى مضطرب عربيا وإسلاميا.
الصفقة فى موازاة النكسة، ولكن أى نكسة؟
هل لدينا القدرة السياسية، القانونية، العسكرية على المطالبة بالانسحاب الإسرائيلى «الكيان المحتل» من «المناطق  الفلسطينية والعربية المحتلّة»، ومن هى الدول التى تحترم إرادتنا؟
فى كتابه «مكان تحت الشمس» قال نتنياهو حرفيا:
«فى تشرين الثانى 1975 بعد ثمانى سنوات فقط على هزيمتهم الكبرى فى حرب الأيام الستة، تمكن العرب من تحقيق أكبر نصر دعائى لهم، قررت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بأغلبية 72 صوتا مقابل 32 صوتا وامتناع 32؛ أن  الصهيونية الحركة القومية للشعب اليهودى هى حركة عنصرية».. وهو القرار الذى ألغى عام 1991.
ولمن يستشرف المستقبل: الكيان الإسرائيلى والولايات الأمريكية، قادوا طريقتهم المعرفية لكى يعرف العالم من هو «العدو»؛ خططوا  مبكرا إلى خلط الأوراق لكى تبقى دولة العدو، الكيان المشجب لخراب المنطقة سياسيا واجتماعيا وثقافيا، فكان ما كان، إلى أن لعبت الإدارة الأمريكية تلك التسريبات الخطيرة حول نهاية القضية، عبر لعبة سياسية تستثمر فيها أمريكا قوتها وانحيازها إلى المحتل، العدو، وتسعى إلى تشويه الدول العربية والإسلامية وتحميل المنطقة فوضى النكسة، فى عالم بات يحارب عن بعد، يمتلك شبكات تعرى أفكارنا وتحولها إلى صفقات رقمية، تتحكم  بسيادة، حتى حراك الشعوب وتدير الملفات القذرة عبر عشرات الشركات العملاقة فى مجال الحرب الإلكترونية وفبركة الإعلام والمواقع الاجتماعية، عدا عن تقنيات الذكاء الصناعى.
هى نكسة.. ولنصف قرن من البحث عن عدونا.. باتت هى صفقة!


فاصلة:
كشف نيرى زيلبر  الباحث  السياسى الأمريكى، فى دراسة نشرها معهد واشنطن:  أن حكومة نتنياهو المقبلة، علما بأنه لا يزال الأوفر حظا للفوز فى الانتخابات مجددا، قد تعتبر رفض الفلسطينيين المحترم لخطة ترامب للسلام بمثابة ضوء أخضر للبدء بضم المستوطنات فى الضفة الغربية وقد تمل الدول العربية والأوروبية من التصرف كآلة صرف أموال لحل قائم على أساس دولتين، والذى لم تعد واشنطن والقدس تؤمنان به.