الإثنين 26 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
وثائق الإرهاب القطري في شمال إفريقيا

وثائق الإرهاب القطري في شمال إفريقيا


من فوق وثائق ساخنة، لم تُهدِّئ من حرارتها برودة الطقس.. كانت الأنباء الواردة من المغرب العربى، مساء أمس الأول، أشبه بقنبلة جديدة على وشك الانفجار فى وجه «النظام القطرى» (الداعم للإرهاب) وشركائه من الجماعات المتطرفة.. إذ كان يقول الخبر: إنَّ محافظ البنك المركزى [التونسى] وجَّه، قبل يومين، خطابًا لجميع البنوك التونسية، طالب فيه بالحصول على عددٍ من المعلومات [الخاصة بالحسابات المفتوحة] لعناصر وقيادات تيار الإسلام السياسى.. إلى جانب طلب معلومات [تفصيلية] أخرى حول الحسابات «البنكية» لحركة النهضة (الفرع التونسى لتنظيم الإخوان).. وأنَّ قائمة النائب العام التونسى ضمَّت نحو 140 شخصًا؛ للكشف عن الدور القطرى فى تمويل الإرهاب.


قبل تلك الخطوة.. كان البنك المركزى التونسى، قد قام بتجميد «مئات الملايين» (ما يتجاوز الـ200 مليون دينارًا تونسيًّا) تم تحويلها للداخل عبر كل من: (ليبيا، وقطر، ودول أخرى)؛ تأسيسًا على معلومات موثقة، حول استغلال تلك الأموال فى عمليات مشبوهة (نحو 30 حسابًا بنكيًّا).. إذ كانت تلك الأموال، بحسب اللجنة التونسية للتحاليل المالية [CTAF] (وهى لجنة تابعة للبنك المركزى التونسى) موجهة إلى «حسابات بنكية» بالبنوك التونسية، فى سياق عمليات تبييض (غسل أموال)، ودعم التنظيمات الإرهابية (فى المغرب العربى).
.. وهو ما أعقبه إحالة ملفات تلك الحسابات (المشبوهة) إلى القضاء؛ فى سياق مكافحة غسل الأموال (التبييض)، ومكافحة الإرهاب، أيضًا.. كما اتخذت «وزارة المالية» التونسية قرارًا بتكثيف المراقبة على الأموال [المتدفقة نقدًا] من الخارج؛ نظرًا لارتفاع مخاطر «تبييضها».
وبحسب مصادر صحفية تونسية، فإنَّ «اللجنة» شددت (على وجه الخصوص) رقابتها على حسابات جمعيات خيرية [تم تأسيسها فى تونس بعد قيام الثورة]، ويشتبه فى كونها داعمة للإرهاب (!)، إلى جانب تجميد أصول وأموال 64 إرهابيًّا فى تونس، وتنظيمين يُدعيان: «تنظيم أنصار الشريعة» وتنظيم «جند الخلافة».. إذ كانت المعطيات الرسمية (وفقًا لمنظمات المجتمع المدنى بتونس) تشير إلى وجود أكثر من 1000 جمعية ناشطة، حصلت على تراخيصها بداية من العام 2012م.. وهو ما دفع «الاتحاد الأوروبى» إلى أن يُصنّف تونس ضمن «القائمة الرمادية» للدول الأكثر عرضة لمخاطر تمويل الإرهاب وغسل الأموال (!)

فى تزامن مع قرار النائب العام التونسى؛ كان أن سلط (Middle east forum)، اعتمادًا على تقارير المتابعة الواردة عن «بيزنس نيوز» (Business News) الضوء على أحدث تقارير اللجنة.. إذ أوضح التقرير وجود شبهات كبيرة فى تورّط شخصين يُدعيان (عبدالمنعم ومنير الدايمى) فى عمليات تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب، وتحويلات مخالفة للقوانين، وتلقّى تمويلات من الخارج (خصوصًا من قطر وبريطانيا) عن طريق جمعية «الإغاثة الإسلامية عبر العالم» (مقرها بريطانيا) عبر فرعها بـ«تونس» (تم تأسيسه بالعام 2012م).
وتعود الوقائع إلى الوقت الذى كان يرأس خلاله عبدالمنعم الدايمى «جمعية تونس الخيرية» (عين قطر فى تونس) فيما قبل العام 2014م، حيث تمت الإشارة إلى التمويلات التى كان يتلقاها الدايمى عبر وزارة المرأة فى السابق.. وكشف التقرير الذى أجرته لجنة التحاليل المالية (التابعة للبنك المركزى التونسى) عن أنّ شقيقه منير الدايمى (المقيم بقطر)، أحد قيادات قناة الجزيرة، متورط فى الأمر هو الآخر.
.. والأخوان الدايمى (المشتبه بهما رسميًا) على خلفية التحويلات المالية «الضخمة» التى كانت تجرى تحت لافتات: (الإغاثة ومواجهة الفقر)، طالتهما- كذلك- شبهات أخرى تخص أمن الدولة التونسى.. إذ كان شقيقهما «عماد الدايمى» الرئيس السابق لديوان رئيس الجمهورية و أمين عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (وهو كان أحد حلفاء النهضة «الإخوانى» الأقوياء).
وطبقًا للتقرير.. وجدت اللجنة أن الحساب المصرفى الرئيسى بتونس وصله ما يقرب من 2.5 مليون دولار من جمعية «الإغاثة الإسلامية عبر العالم».. بالإضافة إلى خدمات مالية من شركة INTL FC Stone الإنجليزية.. وأنَّ جمعية «الإغاثة الإسلامية عبر العالم» (التى ترتبط بعدد من الشخصيات فى قطر) مولت الفرع التونسى؛ لإمداد المسلحين على الحدود (بين ليبيا وتونس) بالسلاح والمال؛ لإطالة أمد الحرب فى ليبيا.
.. إذ كانت «تونس الخيرية» واحدة من ثلاث منظمات، حصلت على تمويل 7.5 ملايين دولار من قبل النظام القطرى.. وفى العام 2017م، كانت بوادر الاتهامات قد بدت فى الأفق، حيث اتهم عدد من التونسيين الجمعية بتمويل الإرهاب، ودعوا إلى التحقيق حول علاقاتها بالتنظيمات المتطرفة.. وعلى الرغم من استقالة الدايمى من منصب مدير جمعية تونس الخيرية بالعام 2014م، إلا أن زوجته هاجر عبدالواحد، لا تزال موظفة فى المؤسسة الخيرية التى تديرها قطر (!)
واستخلصت «لجنة التحاليل المالية» أنّه- وفقا لعديد من الشواهد- لا يُمكن بأى حال من الأحوال تبرير التحويلات المالية المرتفعة التى تلقّاها عبدالمنعم الدايمى من بريطانيا  خلال العام 2016م، وبداية العام 2017م.. وأنّ عددًا من العمليات المالية المسجلة بالحسابات البنكية لجمعية «الإغاثة الإسلامية/ مكتب تونس» تعتبر مشبوهة، ولا ترتبط بنشاط الجمعية المصرّح به.

تاريخيًّا.. سبق أن قدم نحو سبعة أعضاء بالكونجرس استجوابًا للحكومة الفيدرالية، حول «الإغاثة الإسلامية عبر العالم»، وكيف أن الجمعية التى تمتلك فروعًا فى أكثر من 20 دولة تأسست من قبل الطلاب المنتسبين إلى جماعة الإخوان (الإرهابية).. وأنها تلقت ما لا يقل عن 80 مليون دولار من الحكومات الغربية والهيئات الدولية.
ومن قلب أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية؛ كان أن شقت تمويلات المنظمة (فى خضم ما اصطلح على تسميته بالربيع العربى) طريقها نحو الشمال الإفريقى.. إذ تُبين عديد من التقارير أن المنظمة (المتهمة بتمويل الإرهاب) أنفقت أكثر من 50 ألف دولار على بعد أميال قليلة من الحدود الليبية (وهى نقطة جهادية ساخنة)، كثيرًا ما كانت تتدفق عليها التمويلات القطرية بسخاء (!)
أما إلى أى مدى سينتهى الأمر؟.. وإلى أى مستوى سياسى يُمكن أن تصل يد التحقيقات؟.. فهذا ما لن تُخطئه- يقينًا- الوثائق التى بدأت تتكشف تدريجيًّا (!)