الأحد 25 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
أعوام الحسم في مئوية السادات

أعوام الحسم في مئوية السادات


تختلف الصورة - يقينًا - من بعيد.. تصبح أكثر تجليًا ووضوحًا.. وتبدو جوانبها أكثر اكتمالاً ورسوخًا.
الواقع عند «النخبة الثقافية» ليس كذلك.. الصورة فى الأغلب مستقطبة (!).. من يقف إلى اليسار يراها بطريقة مختلفة عمن يقف إلى اليمين (!)
لعقود مضت كان الناصريون فى جانب، وأنصار الرئيس الراحل أنور السادات فى جانب آخر.. توارث الاستقطاب جيلٌ بعد جيل (!).. كلٌ لقنه لتلاميذه وأبنائه (!).. لكن.. ليس من قبيل الفريضة أن تتوارث الأجيال الجديدة (وهى تولى وجهها شطر الوطن) حالة الاستقطاب تلك(!)


ليس الأمر دعوة للمصالحة، أو محاولة لجمع ما لا يجمع.. لكنه اجتهاد فى سياق «تجديد الخطاب الوطنى».. فالتاريخ لا تكتبه الأهواء، والانحيازات.. فلكل تجربة إنسانية انتصاراتها وانكساراتها.. ولأى تجربة سياسية إنجازاتها وإخفاقاتها.
.. وهذا هو السياق الطبيعى، الذى يجب أن تُقيَّم من خلاله التجارب التاريخية.

لسنوات انقضت.. لم يسلم عديدٌ من الأسر من آفة الاستقطاب (!)
كان جدى (عم أبى) على معرفة شخصية بالرئيس السادات فى سنوات شبابه الأولى.. وكان ممن وقفوا إلى جواره بعد قضية اغتيال أمين عثمان فى أربعينيات القرن الماضى.. ومع ذلك؛ كان يحب عبدالناصر أكثر (!)
.. وكان أبى «رحمه الله» من الجيل الذى قضى زهرة شبابه فوق الجبهة لاستعادة الأرض والكرامة فى حرب الاستنزاف وأكتوبر.. ومع ذلك لم يرفض «معاهدة السلام» التى وقعها الرئيس الراحل «أنور السادات».. كان مؤمنًا بأنه: لا يعرف قيمة السلام إلا من ذاق ويلات الحروب (!)
الأمر يتشابه فى كل الأسر المصرية تقريبًا.. والتجربة متكررة، قطعًا.

أغلب الكتابات التى نالت من الرئيس الراحل «أنور السادات»، وعلى رأسها كتاب «خريف الغضب» للكاتب محمد حسنين هيكل، كانت انتقامية (!)
لا يختلف كثيرون حول هذا التقييم.
يقول الأستاذ «صلاح حافظ» للأستاذ «رشاد كامل» (رئيس تحرير مجلة صباح الخير الأسبق)، فى كتابه [ذكريات صلاح حافظ]:
«هذا الكتاب يشوبه إحساس بأنه تسوية حسابات مع السادات.. وأن هيكل المحلل والكاتب الذى عادة ما يبنى كلامه على وقائع وتحليل يبدو فى هذا الكتاب رجلاً ساخرًا، ويعرض للوقائع والأحداث بأسلوب تريقة ويلمح بين وقت وآخر بأشياء مثل الفقر واللون(!)»
ويقول أيضًا: «المفترض أن يعطينى التاريخ، لا أن يعطينى توليفة من التريقة والسخرية.. فهذا كله يقلل من قيمة الوقائع التى يقدمها.. ويجعل من يقرأها بعد عشر سنوات مثلاً يقول إنَّ هذه الأشياء التى كتبها «هيكل» هى أشياء أملاها الغضب أو الغيظ.. والرغبة فى تسوية حسابات قديمة وجراح موجودة.
وفى اعتقادى أنَّ خريف الغضب كتاب أملاه الغضب (!)»

ما قاله الكاتب الكبير «صلاح حافظ» هو عين الحقيقة.. أما الأزمة الحقيقية، فكانت فى «دراويش الأستاذ» ممن وروثوا ثأره الشخصى على أكتافهم (إلى اللحظة)، وأرادوا أن يورثونا إياه (!)
لكن.. من حق أجيال تحلم بتجديد الخطاب الوطنى، وتحمل بين صدورها «فقه الوطن» أن تتحرر من حالة الاستقطاب تلك.. بل آن لها الأوان أن تفعل ذلك.
ومن حق تلك الأجيال، أيضًا، أن تقيّم كل ما كان، وكل ما جرى، من حيث تقف الآن.. من حيث الصورة تبدو أكثر وضوحًا.

فبالأمس القريب.. احتفلنا بمئوية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر؛ اعتزازًا بـ «صاحب الحلم».. واليوم نحتفل بالحماس ذاته بمئوية «صانع النصر» وصاحب قرار العبور.