
محمد جمال الدين
فى حرب أكتوبر.. إسرائيل رأت ولكنها لم تفهم !!
فى حرب أكتوبر المجيدة، استطاع المقاتل المصرى أن يقهر الصعاب، ويمحو عار الهزيمة ويحقق أول نصر عسكرى على العدو الإسرائيلى.
هذه الحرب أيضًا لم تكن مجرد معركة عسكرية بل كانت اختبارا تاريخيًا حاسمًا لقدرة الشعب المصرى على أن يحول حلم التحرير وإزالة آثار العدوان إلى حقيقة، وهو الحلم الذى ظل يؤرق كل مواطن مصرى خاصة العسكريين ممن تحملوا المسئولية الأولى وعبء المواجهة الحاسمة.
لهذا يعد النصر فيها إنجازًا هائلًا وغير مسبوق، شارك فيه الشعب المصرى بمختلف طوائفه وفئاته كل فى موقعه لذا يعد هو البطل الأول لحرب أكتوبر، لدرجة أن البعض أطلق على تلك الحرب المجيدة «حرب الشعب المصرى»، إذ لا توجد أسرة مصرية لم تقدم شهيدا أو مصابا أو مقاتلا فى تلك الحرب.
استطاع هذا الشعب وفى زمن قياسى تجاوز محنة النكسة وما حدث فى 1967.. فحرر الأرض ومعها أيضا تحررت الإرادة، وأثبت المقاتل المصرى أنه يملك القدرة والعطاء بالتعامل مع جل جديد وحديث، عندما يتعلق الأمر بأرضه ووطنه، الذى يعد بالنسبة له مثل العرض والشرف ودونه الموت.
هكذا ومنذ التاريخ المصرى القديم تشكلت وترسخت عقيدة هذا المواطن، وتحت هتاف «الله أكبر» خاض أشرف وأنبل معاركه فى السادس من أكتوبر، التى مهدت لها حرب الاستنزاف التى قادها جمال عبدالناصر، وانتهت بأفضل تخطيط وخداع وتنفيذ بقرار من محمد أنور السادات.
وهى نفسها المعركة التى من خلالها تغيرت جل مفاهيم واستراتيجيات العالم العسكرية، بعد انتصار العقل المتمثل فى جندى آمن بربه ويعشق تراب وطنه على أحدث أسلحة وتكنولوجيا الدمار والحرب فى العالم، وبعد نجاح خطة الخداع الاستراتيجى التى تقررت واعتمدت ونفذت بأياد وعقول مصرية خالصة،«لها منا نحن الشعب كل تقدير واحترام» والتى شاهدتها أجهزة المخابرات الإسرائيلية بأعينها ولكنها لم تفهمها «كما قال المؤرخ العسكرى جمال حمدان من فرط دقتها ».
وهذا تحديدا ما اعترف به مؤخرا رئيس وزراء إسرائيل «نتنياهو» حين قال: إن أجهزة المخابرات الإسرائيلية فشلت فى اكتشاف خطة الخداع المصرية مما أدى إلى مباغتة جيش الدفاع الإسرائيلى فى حصونه وهزيمته شر هزيمة.
وللحقيقة انتصار مصر فى حرب أكتوبر يمثل انتصارًا لإرادة شعب قرر أن ينتصر مهما تكن الصعاب والتحديات والإمكانيات، شعب قرر أن ينتصر ليثأر لإرادته ولكرامته وتاريخه، شعب قرر أن يكسر إرادة العدو الذى توهم أنه محصن من الهزيمة وأن قدراته العسكرية والمادية وحلفاءه قادرة على دفع المصريين لعدم التفكير فى خوض مواجهة ثانية معه.
وتناسى قادة العدو أن إرادة الشعب المصرى لا تموت، وأن إصابته بأى انكسار أو هزيمة تعد أمرًا عارضًا فى حياته سرعان ما يتم استيعابها والقفز عليها حتى حقق ما اعتبره البعض من قادة العالم عسكريين وسياسيين مستحيلا، وهذا ما يجب أن تدركه وتتعلمه أجيال مصر القادمة بأنها قادرة على فعل ما تريد، شريطة أن تؤمن به.
فى النهاية لا يسعنا القول سوى أن أقول مبارك شعب وجيش مصر العظيم محقق الانتصارات، والمشارك بكل قوة وفاعلية فى المساهمة فى بناء مصر الجديدة فى يوم عيده.