الأحد 25 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
القاهرة.. نيويورك

القاهرة.. نيويورك


لمدة 21 دقيقة تقريبًا (تبدأ من الثانية عشرة ظهرًا و18 دقيقة، وتنتهى فى الثانية عشرة ظهرًا و39 دقيقة)؛ كان أن جمعت مكالمة تليفونية [شديدة الوضوح] بين كُلٍ من الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب»، وعددٍ من قادة و«حاخامات» اليهود، قُبيل ما يُعرف بعيد «روش هاشَنَاه» (رأس السنة العبرية) مباشرة.
بدأت المكالمة، التى حدثت يوم (الخميس) 6 سبتمبر الجارى بترحيب من صهر ترامب (جاريد كوشنر)؛ للانضمام لاحتفال «رأس السنة العبرية»، والتأكيد على «التقليد اليهودى» الذى يعتبر «روش هاشَنَاه» فرصة جيدة للتأمل والتفكير.. وقال «كوشنر»: [خلال العام الماضى، حققنا الكثير.. وقد أثبت الرئيس ترامب أنه مدافع قوى عن جميع المواطنين الأمريكيين.. لكنه - بشكل خاص – مدافع قوى، أيضًا، عن الشعب اليهودى.. وإنه لشرف عظيم أن أقدم لكم الرئيس الـ45 للولايات المتحدة «دونالد ج. ترامب»].

وكان أن استهل «الرئيس الأمريكى» كلامه قائلاً: [بالنسبة لكثيرٍ من الحاخامات، والقادة اليهود، والأصدقاء الموجودين على الخط الآن.. يُسعدنى أن أتمنى لكم سنة طيبة جديدة، وأرجو أن يُكتب اللقاء - الذى أتمتع به معكم كل عام - فى كتاب الحياة.. لذلك أبعث بأحر التهانى إلى الشعب اليهودى فى الولايات المتحدة و«حول العالم»، ونحن نقترب من الأيام المقدسة.. وأود أن أعرب عن عميق الإعجاب والامتنان للمساهمات غير العادية للشعب اليهودى بالولايات المتحدة والعالم.. إذ عانى «الشعب اليهودى» على مر القرون من اضطهاد لا يمكن تصوره(!).. وعلاقتى مع «اليهودية» هى علاقة شخصية، أيضًا.. فأنا الأب الفخور جدًا بابنة يهودية (إيفانكا)، وصهرى، الذى أفتخر به أيضًا.. وسأقول ذلك بصوت عالٍ جدًا: أنا أحب «جاريد»، وأحفادى من اليهود، وهم ثلاثة أحفاد].
وتابع «ترامب»: [فى العام الماضى.. أبقيت وعدى بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، كما نقلنا سفارتنا من «تل أبيب» إلى منزلها الشرعى فى المدينة المقدسة، وهو أمر يشعرنى بالفخر الشديد.. ولكى أكون أكثر دقة، فقد وعد عديدٌ من الرؤساء الآخرين بذلك، لكنهم فشلوا – جميعًا - فى تأمين وعدهم.. وفى يونيو الماضى أعلن الوزير «بومبيو» والسفيرة «هالى» أن الولايات المتحدة ستنسحب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لمعاداته لإسرائيل (!).. وسنواصل عملنا للدفاع عن حقوق «السيادة الإسرائيلية» فى جميع المحافل الدولية].
وكان من بين ما قاله أيضًا «ترامب» : [نعمل جاهدين للتوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.. وطوال حياتى كنت أسمع أنها أصعب صفقة، وبدأت أعتقد أنه ربما يكون الأمر كذلك.. لكننى سأقول إنه إذا كان بالإمكان عقدها، فسوف نعقدها.. وصدقوا أو لا تصدقوا.. لقد أحرزنا تقدمًا!].
.. وفى معرض إجابته على الأسئلة الآتية إليه عبر الأثير، قال «ترامب» لرجل القانون اليهودى «آلان ديرشوفيتز»: [لقد أوقفت مبالغ طائلة من الأموال التى كنا ندفعها للفلسطينيين والقادة الفلسطينيين.. وإذا لم نتوصل إلى اتفاق، لن ندفع المال.. وقد سألت عددًا من المفاوضين السابقين «هل اتخذتم مثل هذه الخطوة فى السابق؟.. هل جرّبتم استخدام المال كأداة فى هذا الصدد؟».. فأجابوا «لا يا سيدى، فقد حسبنا فى الأمر قلة احترام».. فقلت: «لا أعتقد أنَّ فى الأمر قلة احترام على الإطلاق».. وأظن فعلاً أننا سنتوصل إلى اتفاق].

تحليلاً لسياق الحديث بين «ترامب» وممثلى «اللوبى اليهودى»؛ يُمكننا التوقف أمام عددٍ من الملاحظات الأساسية، حول سياسات التسوية [المُفترضة]، التى تتبعها إدارة ترامب فى التعامل مع قضية «الصراع العربى الإسرائيلى».. إذ تتركز تلك الملاحظات، حول الآتى:
(1)- تنتهج «إدارة ترامب» سياسة فرض الأمر الواقع، فى إدارة النزاع على الحقوق، بشكل لا تُخفى خلاله الإدارة انحيازها المطلق لـ«إسرائيل».. وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكى بصيغة [المظلومية التاريخية] تارة، وصيغة [الشرعية الإسرائيلية فى المدينة المقدسة] تارة أخرى، وصيغة [السيادة الإسرائيلية] تارة ثالثة.
(2)- تنطلق «إدارة ترامب» فى تعاملها مع مؤسسات المجتمع الدولى (وعلى رأسها الأمم المتحدة) من موقع أنها المدافع الأول و[الأقوى] عن إسرائيل.. حتى لو كانت ملاحظات تلك المؤسسات تنصب حول تجاوزات صريحة [ومنتهكة للإنسانية] تمارسها دولة الاحتلال «الإسرائيلية» فى حق مدنيين عُزل (!).. لذلك كان أن هددت واشنطن بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فى أعقاب تقرير أدان الممارسات «غير الإنسانية» التى تتبعها إسرائيل مع أهالى القطاع.
(3)- يبدو من تحليل لغة «ترامب»، إصرارُه على ترسيخ صورة المدافع تلك [ولأقصى مدى] أمام قيادات «تل أبيب» و«اللوبى اليهودى» بالولايات المتحدة الأمريكية.. وهو ما انعكس بوضوح فى عبارة: [.. وسنواصل عملنا للدفاع عن حقوق «السيادة الإسرائيلية» فى جميع المحافل الدولية].
(4)- لا ينفصل – يقينًا – منع المساعدات الأمريكية عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن مضمون سياسية [فرض الأمر الواقع] التى تتبعها إدارة ترامب فى إدارة الصراع العربى الإسرائيلى [وذلك من دون أى التفات أمريكى لأى أبعاد إنسانية فى الأمر].. إذ تتخذ «الإدارة الأمريكية» (وفقًا لتصريحات ترامب) من هذا الأمر، وسيلة ضغط (مُستحدثة) حتى لا يتمسك الفلسطينيون بمبدأ «حق العودة»، إذا ما تم الجلوس - يومًا - على مائدة المفاوضات، من جديد (!)
(5)- يبدو – كذلك - السياق الذى يسعى خلاله «ترامب» لإبرام [صفقته للسلام!]، هو الأصعب من أى وقتٍ مضى، فى ظل انحيازاته [المُعلنة] للجانب الإسرائيلى (وعلى حساب «الحقوق التاريخية» للشعب الفلسطينى، أيضًا).. إذ يتشكك الفلسطينيون (حاليًا) فى نوايا الإدارة الأمريكية، إلى حدٍّ بعيد.. كما يرون فى قرار قطع المساعدات عن (الأونروا) خطوةً تستهدف الحقوق الفلسطينية، بشكل مباشر؛ إذ كانت تؤمَّن «الأونروا» نحو 13 ألف وظيفة بـ«قطاع غزة»، وتُسدد تكاليف المدارس والبرامج الغذائية للأطفال.. وهو ما أحدث عديدًا من الأزمات الحقيقية داخل القطاع بالفعل.
(6)- فى ضوء المعطيات السابقة.. يُمكننا (وفقًا لوجهات نظر إسرائيلية أمنية)، أن نعتبر أن المكاسب [المتسارعة] للجانب الإسرائيلى (جراء الانحياز الأمريكى) رُبما تُشكل - فى حد ذاتها – ثغرة أمنية مُستقبلاً.. إذ لو لم يعد للفلسطينيين ما يُمكن أن يخشوه [نظرًا لتتابع عملية التضييق]، ستكون احتمالات انفجار الوضع مرةً أخرى باهظة.. إذ ستؤدى إلى عديدٍ من المواجهات الجديدة.
وفى ظل وضع [مُتأزم] مثل هذا، تقف «القاهرة» (بوصفها ركيزة القوى الفاعلة، والعاقلة – أيضًا - بالشرق الأوسط)؛ خلال الأسبوع الجارى أمام «الجمعية العامة للأمم المتحدة»؛ لنزع أكثر من فتيل على وشك الانفجار (وعلى رأسه القضية الفلسطينية).. ففى لقاءات الشق [رفيع المستوى] للجمعية العامة، ستطرح مصر ما تمر به «القضية الفلسطينية» من أزمات (وعلى رأسها الأزمات الإنسانية) بأكثر من محفل (حركة عدم الانحياز/ منظمة المؤتمر الإسلامى/ وخلال لجنة تنسيق المساعدات الخاصة بالشعب الفلسطيني).
وستطرح «القاهرة» كذلك، ما تمر به «وكالة الأونروا» من أزمات مالية بالقطاع، خلال اللقاءات غير الرسمية، التى ستعقد على هامش الشق رفيع المستوى الخاص بأزمات الشرق الأوسط.. وسُبل عدم المساس بالمساعدات الإنسانية، وتأمينها من أى انتقاصات مستقبلية، من شأنها الإضرار بالمدنيين.

وفى الواقع.. فإنَّ جدول أعمال القاهرة (بالجمعية العامة 73 للأمم المتحدة)، يزخر [إلى جانب القضية الفلسطينية] بكثير من الملفات الملتهبة الأخرى، مثل: (القضية السورية/ مخاطر الأجندات الإقليمية والدولية على استقرار الشرق الأوسط/ قضية السلام بشقيها: العام والخاص/ إلى جانب ملفات التنمية المُستدامة/ والتغيرات المناخية).. وفى هذا السياق، ستكون «القاهرة» طرفًا أساسيًا فى عديد من الفعاليات، منها:
(أ)- قمة نيلسون مانديلا للسلام (احتفالًا بالذكرى المئوية لميلاد الزعيم الجنوب أفريقى نيلسون مانديلا)، بمشاركة عديد من رؤساء وملوك الدول.
(ب)- بيان مصرى يؤكد على مواصلة «الحكومة المصرية» بهيئاتها ومؤسساتها كافة، التحرك لتعزيز مساهماتها الميدانية بقوات وأفراد (ودعمها السياسى/ والاستراتيجى/ واللوجيستى) لعمليات حفظ السلام حول العالم.
 (ج)- إعلان الالتزامات المشتركة لعمليات حفظ السلام (بدعوة من سكرتير عام الأمم المتحدة)؛ لاعتماد إعلان سياسى هو الأول من نوعه فى مجال حفظ السلام.. ويتضمن الإعلان الذى شاركت مصر فى تجهيزه مجموعة من الالتزامات الخاصة بالأطراف المعنية بعمليات حفظ السلام الدولية.
(د)- الدورة التاسعة للمنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب.. وهو الاجتماع الذى يعقد سنويًا على المستوى الوزارى فى نيويورك، على هامش أعمال الشق رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة؛ لتناول الأبعاد ذات الصلة بمكافحة الإرهاب كافة.. فضلاً عن المشاركة بالحدث رفيع المستوى الذى ستعقده «كازاخستان» على هامش أعمال الشق رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة؛ لاعتماد مدونة سلوك حول مكافحة الإرهاب.
إلى جانب.. الاجتماع رفيع المستوى حول تمويل أجندة التنمية 2030 م.. والحوار رفيع المستوى للسكرتير العام للأمم المتحدة حول تنفيذ اتفاق باريس؛ لتغير المناخ..والحدث رفيع المستوى الذى ستعقده المبعوثة الخاصة للشباب والسكرتير العام للأمم المتحدة لإطلاق «استراتيجية الشباب 2030م».. والاجتماع رفيع المستوى المعنى بمكافحة السل.. والاجتماع رفيع المستوى الخاص بالوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها. 