الأحد 25 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
طبول الحرب الإسرائيلية!

طبول الحرب الإسرائيلية!


فى عالم الكتابة.. لا يورث العند – يقينًا – الكُفر(!).. وإن شئنا الدقة أكثر.. ففى عالم الكتابة؛ ثمة علاقة يُمكننا أن نصفها بـ[الحميمة] بين أن تكون عنيدًا، وبين ما تكتب(!).. العند، هنا، له معنى محمود.. إذ يعنى أنّ الكاتب [أو الباحث] بذل جهدًا واضحًا، فيما يكتبه.. بذل جهدًا يُؤسس على قناعة.. و«قناعة» تُبنى على معلومات ومشاهدات وملاحظات [دقيقة].. إذ يُبنى على تلك المعلومات والمشاهدات والملاحظات (من حيث الأصل) تحليلٌ منزه عن الأهواء والأغراض.. تحليلٌ يولى وجهه شطر [الحقيقة] وحدها، حيث لا شريك لها.

وبحسابات التاريخ ووقائع الاستغلال السياسى؛ يتغذى «الكيان الصهيونى» (إسرائيل) على الصراعات الدولية.. فعلى أنقاض الحرب العالمية الأولى؛ اقتنصت الصهيونية «وعد بلفور».. وعلى أشلاء ضحايا الحرب العالمية الثانية؛ كان إعلان «دولة الكيان الصهيونى».. وفى حرب الأيام الستة (بدعم أمريكى)؛ التهم [الكيان] فلسطين، والجولان، وسيناء (قبل استعادتها فى حرب الكرامة بالعام 1973م).. وبتقديرات «متنوعة» [ودعم أمريكى أيضًا]، ربما تكون «إسرائيل» هى رأس الحربة فى صراع إقليمى [محتمل] مع طهران، خلال المرحلة المقبلة(!)

على صفحات «روزاليوسف» (منذ 4 شهور تقريبًا) كُنا أول من نبه إلى تلك الحلقة (أى: حلقة الصراع الإسرائيلية/ الإيرانية).. وذلك فى سياق حالة الشد والجذب بين كل من «الولايات المتحدة الأمريكية»، ونظام الملالى فى طهران (وهى الحالة اللاحقة للانسحاب من الاتفاق النووى).. وقلنا إنَّ «واشنطن» باتت أكثر اقترابًا (من ذى قبل) فى التعاطى مع السيناريوهات الداعية لـ«إسقاط النظام الإيرانى».. وهى سيناريوهات لم تكن وليدة اللحظة، بأى حال من الأحوال؛ إذ عملت عليها دوائر أمريكية متنوعة [فيما قبل العام 2009م] مباشرة.. وأنّ لهذا الاقتراب [هدفًا عسكريًّا] أعمق، يرتبط بإعادة ترتيب ميزان القوى بمنطقة الشرق الأوسط.
إذ وفقًا لاستراتيجية (تقرير) وضعها «مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط» (بمعهد بروكنجز) فى 20 يونيو من العام 2009م، تحت عنوان: [أى طريق إلى فارس؟: الخيارات الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه إيران]؛ كان أن تضمنت «الاستراتيجية» (170 صفحة) عديدًا من آليات الإجهاز على «نظام طهران» [البترولى].. وعبر أكثر من وسيلة [كان من بينها الخيار العسكرى،أيضًا].. إلى جانب إثارة حالة من عدم الاستقرار الداخلى [عبر الثورة الملونة]، وفرض «الحصار الاقتصادى»، وتشجيع الاضطرابات العنيفة، والحرب بالوكالة.. فضلاً عن الضربات الجوية «المحدودة»، التى يُمكن أن تقوم بها الولايات المتحدة، أو إسرائيل [أو كلتاهما].
وفيما يتعلق بـ«الخيار العسكرى»؛ ذكرت الاستراتيجية ما نصه: (..من المرجح أن أى عملية عسكرية ضد إيران لن تحظى بشعبية كبيرة «فى جميع أنحاء العالم».. وهو ما يتطلب من واشنطن وضع السياق الدولى المناسب - لضمان الدعم اللوجستى الذى تتطلبه العملية، ولتقليل الانتكاسات – وبالتالى.. فإنّ أفضل طريقة لتقليل التداعيات على الصعيد الدولى،هى تعظيم الدعم (حتى لو كان سريًّا) لأن يكون هناك اقتناعٌ واسع بأن الإيرانيين قد تم منحهم الفرصة، لكنهم رفضوا عرضًا رائعًا، بإصرار النظام الإيرانى وتصميمه على امتلاك السلاح النووى.. وفى ظل هذه الظروف، يُمكن للولايات المتحدة [أو إسرائيل] تصوير عملياتها على أنها من قبيل الحزن والأسى، لا من قبيل الغضب.. وفى هذا السياق، قد يستنتج المجتمع الدولى – على الأقل - أنّ الإيرانيين «جلبوا الشر على أنفسهم»، برفضهم صفقة جيدة جدًا).
.. وهو ما قد يدعم تصورًا (يروج له عددٌ من النشطاء الأمريكيين، فى الوقت الحالى) حول أنّ «إدارة أوباما»، [ربما] تكون قد منحت إيران تلك «الصفقة» كخطوة أولى فى سياق «استراتيجية بروكنجز»، قبل أن يتم الانقضاض على الاتفاقية نفسها، فى وقت لاحق.. لذلك؛ كان أن تابع التقرير استشهاداته:
(... والحقيقة هى أن كل هذه الحالات ستكون صعبة.. ولهذا السبب، سيكون من الأفضل بكثير لو أنّ الولايات المتحدة يمكن أن تستشهد باستفزاز إيرانى كمبرر للغارات الجوية قبل إطلاقها.. فمن الواضح أنه كلما كانت الأعمال الإيرانية أكثر فظاعة، وأكثر فتكا، وأكثر إثارة للاحتجاج؛ كان ذلك أفضل بالنسبة للولايات المتحدة.. وبالطبع، سيكون من الصعب للغاية على الولايات المتحدة أن تدفع إيران إلى مثل هذا الاستفزاز من دون أن يدرك بقية العالم هذه اللعبة، التى من شأنها أن تقوضها.. وبالتالى، فإنّ إحدى الطرق التى يُمكن أن يكون لها تأثير ناجح، هى زيادة الجهود [السرية] لتغيير النظام، على أمل أن تقوم طهران بالرد الصريح، أو حتى «شبه العلنى».. بما يُمكن تصويره على أنه عمل «عدوان إيرانى» غير مبرر).
وفى الفصل الخامس من الوثيقة، الذى يحمل عنوان: [اتركه إلى بيبى (أي: نتنياهو): السماح أو تشجيع ضربة عسكرية إسرائيلية].. يقول التقرير:
(... الميزة الأكثر بروزًا فى خيار الحملة الجوية الأمريكية، هو احتمال أن تُلام إسرائيل وحدها على الهجوم، إذا ثبتت صحة ذلك.. وبالتالى.. فمن الممكن ألا تضطر الولايات المتحدة إلى التعامل مع الرد الإيرانى،أو رد الفعل الدبلوماسى الذى سيصاحب عملية عسكرية أمريكية ضد إيران.. وهذا سيسمح لواشنطن بامتلاك كعكتها [تأخر حصول إيران على سلاح نووى]، وأكلها أيضاً [تجنب تقويض العديد من المبادرات الدبلوماسية الإقليمية الأخرى] الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية).

خلال الأسبوع المُنصرم، أيضًا.. نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تقريرًا [جديدًا] أعده بشكل مشترك كلٌ من: «نداف بن حور» (وهو رائد بجيش الاحتلال الإسرائيلى)، و«مايكل آيزنشتات» (مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية فى معهد واشنطن).. وتحدث التقرير عن حرب كبرى [مُرتقبة] فى منطقة الشرق الأوسط، بالعام المقبل (أى العام 2019م).
ووفقًا للتقرير، فإن ما وصف بـ«التوترات المتزايدة على الحدود الشمالية لإسرائيل» تثير عديدًا من المخاوف بشأن مواجهة أخرى بين إسرائيل و«حزب الله» (المدعوم إيرانيًا) أو اندلاع حربٍ بين إسرائيل وإيران فى سوريا.. كما قد لا تقتصر حربٌ مماثلة على المشاركين الأصليين فحسب، بل قد تشمل مجموعةً من الميليشيات الشيعية وحتى نظام الأسد (!).. كما يمكن أن تمتد إلى كافة أرجاء المنطقة - وتؤثر بالتالى على المصالح الأمريكية الحيوية هناك (!)
وأضاف التقرير: إن إيران أظهرت أنها تسعى لتجنّب الحروب التقليدية وما يترتب عليها من خسائر فادحة لقواتها.. وبدلاً من ذلك، فإنها تعتمد على تنفيذ عمليات بالوكالة وإرهاب وأنشطة مؤثرة بل غير فتاكة. ومع ذلك، فقد كانت مستعدة فى بعض الأحيان للمغامرة بنشاطات عالية المخاطر تنطوى على احتمالية التصعيد.. واستدل التقرير بما قامت به القوات الإيرانية فى سوريا عبر إطلاق طائرة بدون طيار محملة بالمتفجرات فى الأجواء الإسرائيلية فى فبراير المنصرم (وتم إسقاطها).. لكن.. الحادثة أثارت جولة من الاشتباكات.
ونوه التقرير إلى أن «إسرائيل عازمة على تجنب الحرب (رغم أن أفعالها تظهر أنها مستعدة لقبول خطر التصعيد لمواجهة هذه التهديدات الناشئة!).. إذ نفذت «تل أبيب» بالفعل (منذ العام 2013م) أكثر من 130 ضربة فى سوريا ضد شحنات من الأسلحة الموجهة لحزب الله.. ومنذ أواخر العام 2017م؛ وسعت «تل أبيب» هذه الحملة لاستهداف ما أطلقت عليه «المنشآت العسكرية الإيرانية فى سوريا»، من دون أن يؤدى هذا - حتى الآن - إلى إثارة مواجهة أوسع نطاقًا».
وأشار التقرير إلى تزايد احتمالية وقوع حرب أخرى (على نطاق لم يسبق له مثيل من حيث التعقيد) نتيجةً ما وصفوه بـ«الحرب الأهلية فى سوريا».. خصوصًا بعد أن تمكنت إيران (فى ظل تلك الظروف) من تأسيس بنية تحتية عسكرية فى سوريا، ونشر فيلقها الشيعى على حدود إسرائيل (!).. وذكر التقرير: أصبح من الممكن (الآن) أن تندلع الحرب على جبهات متعددة وفى أماكن بعيدة [وتدور على الأرض، وفى الجو، وفى البحر، وفى مجال المعلومات والنطاق السيبرانى] من قبل مقاتلين من: «حزب الله»، وإيران، وسوريا، والعراق، وأفغانستان، وباكستان، وحتى اليمن.. وفى هذا الإطار، سوف يخلق النطاق الموسَّع للحرب المحتملة خيارات عسكرية جديدة لإيران و«حزب الله».. ويوسّع [القدرات الإسرائيلية] إلى أبعد من حدودها (وهو ما يعنى – بالقطع – إعادة تشكيل ميزان القوى الإقليمية، بما يسمح بتوغل نفوذ «الكيان الصهيونى» لما هو أبعد من حدوده الحالية).
وبحسب التقرير، فإنّ «الحرب القادمة فى شمال إسرائيل» (أى حرب العام 2019م)، ستكون أوسع نطاقًا بكثير من الصراعات السابقة.. إذ من المحتمل أن تبدأ إسرائيل بـ«حملة جوية» [مكثفة] لمواجهة تهديد القذائف الإيرانية وقوتها الصاروخية وميليشياتها، إلا أنّ التعامل الفعال مع هذا التهديد سيتطلب عمليات برية واسعة النطاق.. ولن يكتفى أعداء إسرائيل بإطلاق الصواريخ والقذائف على المنشآت العسكرية الإسرائيلية، والمجمّعات السكنية، والبنية التحتية الحيوية فحسب، بل سيحاولون استخدام القوات البرية للتسلل داخل الخطوط الإسرائيلية والاستيلاء على بعض القرى الإسرائيلية والمواقع العسكرية الصغيرة.
وأوضح التقرير أن «جميع أطراف الحروب القادمة سيعتمدون بشكل كبير على القوة الإلكترونية، على سبيل المثال، لتعطيل الدفاعات الإسرائيلية الصاروخية، وربما ضد البُنى التحتية الحيوية، لتحقيق تأثيرات استراتيجية».. وأضاف: إنّ «الافتراض الأساسى السائد على مدى العقد الماضى هو أنّ حزب الله سيكون المشارك الرئيسى فى الحرب القادمة فى شمال إسرائيل.. لكن.. قد لا يكون الأمر كذلك، لأن هذا من شأنه أن يدعو إسرائيل إلى شن غارات جوية وعمليات برية ضخمة، ويؤدى إلى دمار واسع النطاق فى لبنان (وهى نتيجة يريد تجنبها «حزب الله» على ما يفترض).. وهنا تكمن معضلة الحزب: كيف يمكنه استغلال إمكانات قوة الصواريخ والقذائف التى يملكها دون تدمير لبنان أو تعريض هذه الأصول الاستراتيجية للخطر، إذ قد تكون ضروريةً فى مرحلة لاحقة من الحرب لمواجهة التحركات الإسرائيلية [التصعيدية].. وقد يكون هذا سبب قيام حزب الله (بمساعدة إيران) بتشكيل وكلاء خاصين به من السوريين والعراقيين للقتال من أجله فى الجولان»(!)
وأوصى التقرير كُلاًّ من: واشنطن وتل أبيب، بأنه «يتعين على صانعى القرار (الأمريكيين والإسرائيليين، على السواء) استخدام إمكانية التصعيد الكامنة فى حرب شمالية محتملة لردع إيران عن الأعمال التى قد تؤدى إلى مثل هذا الصراع فى المقام الأول، أو انتشاره إلى إيران - الأمر الذى قد يهدد المصالح الاقتصادية الحيوية لإيران (على سبيل المثال، إذا تم ضرب بنيتها التحتية النفطية)، واستقرار نظام الأسد فى سوريا.. إضافة إلى أن إبقاء «حزب الله» فى الخارج (بسبب حجم ترسانة الصواريخ والقذائف التى يملكها، وحجم القوات البرية التابعة له)؛ فإن إبقاء الجزء الأكبر من قوات الحزب خارج الحرب فى شمال إسرائيل، ومنع انتشار مثل هذه الحرب إلى لبنان، قد يُسَهلان إلى حد كبير الجهود المبذولة لمنع تحوّل حرب محلية إلى حرب أكبر بكثير، وربما من إشعال فتيل حرب إقليمية».
.. كما يتعين على «إسرائيل» تطوير مفاهيم عملية قابلة للتطبيق، وآليات هزيمة ذات مصداقية، لكى يتسنى لها اتخاذ قرار وإنهاء حروب مستقبلية بالشروط التى تحددها.. إلى جانب ضرورة بقاء الولايات المتحدة منخرطةً فى المنطقة لكى تتمكن (إذا ما اندلعت الحرب) من أن تضمن تمتع إسرائيل بحرية التصرف؛ لتحقيق أهدافها الحربية.. وبالتالى تعزيز المصالح الأمريكية فى مواجهة النفوذ الإيرانى فى المنطقة وتقليصه (!)

وفى الواقع.. فإنّ القراءة المتأنية لمضمون تقرير «معهد واشنطن» تعكس – بما لا يدع مجالاً للشك – أن [استراتيجية: الطريق إلى فارس] (التى عرضناها – سابقًا - على صفحات المجلة)، هى التى يتم تطبيقها فى الوقت الحالى (حرفيًا).. إذ لم تتجاوز توصيات تقرير المعهد ما تضمنته الاستراتيجية (التى تمت كتابتها بالعام 2009م).. بل يُمكننا أن نعتبرها نسخة بالكربون من الاستراتيجية (!)
إذ وفقًا لاستراتيجية [الطريق إلى فارس]، كان يتعين على كُلٍ من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، تهيئة المشهد (إقليميًا ودوليًا) لتقبل «الخيار العسكرى» ضد طهران، قبل القيام بأى فعل من أى نوع.. إلى جانب إضعاف قبضة النظام الإيرانى داخليًا (الحصار الاقتصادى، ودعم الاحتجاجات الداخلية، نموذجين).
لذلك.. اتخذت إسرائيل على عاتقها (بالتوازى مع ما فعلته «واشنطن» من انسحاب من الاتفاق النووى، وفرض حصار اقتصادى على «نظام الملالى» بما يؤدى إلى تململ الشارع الإيرانى) تهيئة المشهد إقليميًا على أكثر من مستوى.. إذ استمرت «تل أبيب» تبث [إعلاميًا، ودعائيًا] توجساتها وقلقها من الوضع المستقبلى فى سوريا (من جهة)، وتتخوف من الوجود الإيرانى فى سوريا (من جهة أخرى)، وتتحسب من «احتضان اقتصادى» أوروبى لنظام بشار الأسد (من جهة ثالثة).
وبحسب تقارير «عبرية» اعتمدت على تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية؛ فإن الأسد نجح فى استقرار نظامه، وهو يسيطر اليوم على الغالبية المطلقة من الأراضى السورية، وخاصة فى مناطق دمشق وحمص وحلب وحماة.. ووفقًا للتقارير نفسها؛ فإن إسرائيل لن تقف على الحياد (حول كل ما يتعلق بالوضع فى سوريا خلال السنوات المقبلة).. وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالنفوذ الإيرانى (!).. ونقلت وسائل إعلام [عبرية] عن مسئول سياسى إسرائيلى (رفيع المستوى) قوله: إن «الجيش الإسرائيلى» سيواصل العمل بكل حزم ضد محاولات إيران لنقل قوات عسكرية ومنظومات أسلحة إلى سوريا.. كما سيستمر الضغط السياسى فى هذا الاتجاه.. وأن رئيس الحكومة الإسرائيلية «بنيامين نتنياهو» (أو بيبى) وضع محاربة الاستقرار العسكرى الإيرانى فى سوريا كغاية مركزية.
ومع ذلك.. كان أن زار وزير الدفاع الإيرانى «أمير حاتمى» دمشق (خلال الأسبوع المنصرم)، وأعلن توقيع اتفاق بين الجانبين، تعمل من خلاله «طهران» على ترميم الجيش والصناعات العسكرية فى سوريا.. وهو ما اعتبره «خبراء عسكريون إسرائيليون» (ووسائل إعلام عبرية، أيضًا) رسالة موجهة من «إيران» إلى إسرائيل، تقول: «نحن هنا لكى نبقى».. وأن إيران وروسيا تتنافسان على الفوز بمناقصات فى إطار مشاريع إعمار سوريا، التى سيمول قسمًا منها ما تبقى من آبار نفط فى البلاد.. إذ إنّ «إيران» تحاول السيطرة على سوق الاتصالات السورية (تم توقيع اتفاق بهذا الشأن).
وفيما أوضح «مات برودسكى» (خبير الأمريكى فى السياسة الخارجية)، أنّ السيطرة الإيرانية على سوق الاتصالات السورية من شأنه (إلى جانب تأمين مصدر للدخل الإيرانى الثابت، فى ظل الحصار الاقتصادى الأمريكى) أن يتم توظيفه من الناحية الاستخبارية.. كان أن قالت « أريان طبطباى» (خبيرة الشئون الإيرانية فى مركز «راند» للأبحاث والنمو): إن «الإيرانيين» لن يوافقوا على الخروج من سوريا فى القريب؛ إذ إن عقوبات «إدارة ترامب» تصعد الضغوط على النظام من أجل استغلال [عملية إعمار سوريا] لتحسين أوضاع نظام الملالى الاقتصادية.

وفيما كانت تروج وسائل الإعلام العبرية لكل تلك التقديرات على نطاق واسع.. لم تدخر [الوسائل نفسها] وسعًا (منذ بداية العام الجارى) على أن تُرسخ (بشكل تصاعدى) الفكرة القائلة بأن إيران تُخطط لإطلاق صواريخ على القدس.. إلى جانب هجوم تنسيقى ضد إسرائيل [بالتعاون مع حزب الله و«الشيعة» فى سوريا] كثأر من الهجمات التى شنتها «تل أبيب» خلال الفترة الماضية، فى سوريا.
ووفقًا لمراقبين غربيين؛ كان الغرض من جُل تلك التقارير، هو عبور الحدود من أجل وضع الأساس لضربة «إسرائيلية استباقية».. إذ نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» (منذ 4 أشهر تقريبًا) تحليلاً أشارت خلاله إلى أن «إسرائيل» تستعد لإطلاق وابل من الصواريخ على المواقع العسكرية [بطول الجبهة الشمالية مع سوريا] ضد الميليشيات الشيعية المدربة والممولة من الحرس الثورى الإيرانى،فى سياق ما أفادت به «تقارير أمنية» حول أن إيران مصممة على تنفيذ هجوم ضد «تل أبيب».
وبحسب الصحيفة أيضًا.. فإنّ «تقارير استخبارية» أشارت إلى أن مثل هذا الهجوم فى مراحل التخطيط المتقدمة.. وقد يتم تنفيذه قريبًا.. إذ تعهدت إيران (وفقًا للتقرير الاستخبارى) بالقيام به ردًا على ضربة جوية إسرائيلية مزعومة ضد قاعدة (T4) الجوية بالقرب من حمص، التى استخدمها الحرس الثورى الإيرانى،من قبل.
ونقلت «جيروزاليم بوست» عن إحدى زميلات الأبحاث فى منتدى الشرق الأوسط: «لقد أدت الحرب الأهلية السورية إلى توسيع شبكة عملاء إيران الإقليميين».. كما أن [هناك] مجموعة متنوعة من الجماعات التى يمكن أن تضرب إسرائيل نيابة عن طهران، مثل واحدة من مجموعات «حزب الله السورية» الجديدة المدمجة فى سجلات القوات المسلحة السورية، أو إحدى المجموعات العراقية التى ظهرت خلال حرب، مثل: «حركة النقباء»، و«كتائب تحرير الجولان» (التابعة لها).. أو منظمة فلسطينية مرتبطة بحزب الله والحرس الثورى الإيرانى، مثل «قوة العودة»، التى تقاتل فى الوقت الراهن لصالح نظام بشار الأسد فى مخيم اليرموك خارج دمشق.
وبالعودة للمحاور الرئيسية من استراتيجية [الطريق إلى فارس].. فإن النجاح فى التطبيق (إلى جانب تمهيد مسرح الأحداث) يعتمد – فى المقام الأول – على رد الفعل الإيرانى، وقابليته للاستدراج، والاندفاع، والتهور.
.. أما إلى أى مدى يُمكن أن تتمكن الحماقة من «نظام الملالى« للتورط فى شن أى «هجوم صاروخى» [كامل] ضد إسرائيل؛ ليصبح فى مرمى «الاستهداف المزدوج» من قِبل كل من: واشنطن (المدافع الرئيسى عن كيان الاحتلال)، وتل أبيب.. فهذا – يقينًا – ما ستحمله الأيام المقبلة.