الأحد 25 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
خطايا الكاردينال.. وأخلاقيات السياسة!

خطايا الكاردينال.. وأخلاقيات السياسة!


للسياسة، يقينًا أخلاقيات.. لكن - صدق أو لا تصدق - تتطور السياسة، فى كثير من الأحيان، بكسر تلك الأخلاقيات (!)
فى تاريخ «عصر النهضة» الأوروبى، عشرات الأمثلة.. لكن.. ربما طغت شهرة «نيكولو مكيافيلّى» (Niccolò Machiavelli)، وكتابه «الأمير»، على كل النماذج التالية عليه (!)
.. فبين وصف مكيافيلّى (الذى مرت ذكراه الـ490 أمس الأول) بـ«الواقعية»، أو وصمه بـ«النفعية»؛ كان أن راج عديدٌ من أقواله، بوصفها خلاصة «الخبرة السياسية»، فى عصر ممتلئ بالمؤامرات (!)
من بين أقوال مكيافيلّى:
• «الغاية تبرر الوسيلة» .
• «إنها متعة مضاعفة عندما تخدع المخادع».
• «الطريقة الأولى لتقييم حكمة الحاكم، هى النظر إلى الرجال المحيطين به».
• «إن الدين ضرورى للحكومة.. لا لخدمة الفضيلة.. ولكن؛ لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس».

بعد رحيل «مكيافيلّى» بنحو 134 عامًا؛ كان أن وُلد (داخل إيطاليا أيضًا) من ترجم ما نادى به «الرجل» إلى واقع عملى (!)
أغلب الظن.. لم يقف الكثيرون على إنتاجه تمامًا؛ إذ كان له كتاب واحد اسمه: «الوصايا».. أما المؤلف؛ فهو الكاردينال «جول مازاران» (أو جوليو رايموندو مازارينو)، الذى تمكن من أن يجمع بين «السُلطة الدينية»، و«السُلطة السياسية»، ويصبح رئيسًا لوزراء فرنسا بالعام 1642م.
لم يدخل مازاران (رجل الدين)، فى خصومة مع مازاران (رجل السياسة) إطلاقًا؛ إذ وضع «السُلطة الروحية» (الأخلاقية!)، فى خدمة «السُلطة السياسية» (ذات الطبيعة المُغايرة).. وكانت تصرفاته السياسية، هى الترجمة الفعلية لمفهوم (النفعية) بامتياز.
يقول «مازاران» فى وصاياه (على سبيل المثال): إذا أردت أن تضع حدًّا لأى تمرد، فعليك أن تتبع الآتى :
أ – لا توافق على مقابلة عدة متمردين فى وقت واحد، بل عليهم أن يعينوا من يتحدث باسمهم.
ب – لكل تمرد سبب.. وإذا كان هذا التمرد بسبب الديون، مثلًا، فعليك إصدار أمر بتأجيلها.
ج – عد بمكافأة لكل شخص يُعيد السلام المدني، أو يجد الوسيلة لذلك.. أو قضى على المشاغبين أو وشى بهم.
د – عندما يغرق الشعب فى فوضى عنيفة.. اتخذ وسطاء من ذوى السمعة الطيبة؛ كى يعيدوا الشعب إلى الهدوء عبر النصائح الروحية والتذكير بتقوى الله (توظيف الخطاب الدينى).
هـ - روج شائعة مفادها أن قادة التمرد لا يسعون إلا إلى مصلحتهم الشخصية.. ويهدفون إلى الطغيان.. ولو كان ذلك بتعاسة ودم الآخرين.. وأنهم غير مستعدين لتقاسم أى شىء مع الآخرين.

طبق مازاران ما قاله فى وصاياه [عمليًا].. وجمع – فى كثير من الأحيان - بين «النفعية الإدارية»، و«البرجماتية السياسية».. ومع ذلك؛ يبقى من بين ما نص عليه فى وصاياه ما يستحق الإشادة؛ إذ لم تكن كل الوصايا بالسوء المتوقع.. يقول الكاردينال:
•  احرص على تسجيل أخطائك.. وراقب نفسك بناء على ذلك، لكن كن حريصًا على ألا يقع ما تكتب – سواء عن نفسك أو عن الآخرين – فى يد غيرك.
• لا تكشف لأى إنسان مشاعرك الحقيقية، خاصة السيئ منها، والعب دائمًا دور «المُخلِص» الذى يسعى لإرضاء الجميع.
• إذا طبقت قوانين معينة؛ فاحرص على أن تساوى بين الجميع.
• من الأفضل ألا تنتقد سياسات أسلافك.. وأنك قادر على تطبيق سياسات أفضل منهم.
• لا تشارك سلطتك أيّا من أتباعك، خاصة إن كان مكروهًا.. واجعلهم جميعًا من دون تمييز خاص، إلا إذا اعترف الباقون بتميزهم.
• لا تحاول أن تظهر للآخرين أنك قريب من دوائر اتخاذ القرار، حتى لا تتحمل تبعات القرارات السيئة.
• إذا كان عليك الاعتراف بأنك صانع أى عمل جرىء، فلا تعرض نفسك للأحقاد التى يثيرها هذا الاعتراف بسرعة.
• عندما تصبح محلاً لأحاديث الإعجاب بمكان تنتشر به روح المنافسة.. فعليك أن تختفى عن الأنظار لبعض الوقت.
• كن واثقًا أن كلَ علامات وأمارات الحقد والحسد التى يبديها لك الآخرون (على سبيل الدعابة) صحيحة وحقيقية.. فالحقد عكس الحب؛ ليس به رياء(!)
• إذا أطلقت انتقادًا لأحد أثناء محادثة.. فتابع حديثك، وكأن شيئًا لم يكن.

وينصحك «الكاردينال»، حتى تكتشف الآخرين، بالآتى:
• لن يحدثك الحكماء «أصحاب العقلانية والهدوء» – أو من يريدون لعب هذا الدور من «رجال الدين» - بأن شخصًاً ما تحدث عنك بسوء أمامهم.. ولن يقولوا لك عيوب هذا الشخص أو ذاك.. فلا تبنى رأيًا تأسيسًا على أقوال هؤلاء.
• أولئك الذين يكثرون من مدح أنفسهم (مع كثير من الصخب، والتأنق).. لا يمكن اعتبارهم خطرين.
• لا تثق أبدًا فيمن يعد بسهولة.. فهو لن يفى فى الأغلب بما وعد.
• تستطيع أن تكتشف حقيقة المرائي، بأن تتظاهر أمامه بأنك قمت بعمل مشين، ثم تتحدث عن هذا الأمر بإيجابية.. عندها سيمتدحك.

فى عالم السياسة؛ لا تنفصل «الأنشطة الاستخبارية» عن الأنشطة السياسية.. إذ يهتم رجل السياسة – دائمًا – بالحصول على المعلومة.. ولهذا:
• ازرع عيونك بحذر.. فمن المهين لأى إنسان أن يشعر أنه مراقب.
• لا تذهب «من دون أن تكون مدعوّا» إلى أى مكان يعتقد فيه أنك تتقصى المعلومات.
• تواضع مع من هم أقل منك، فهذا يبهرهم.. وبقليل من الذهب تفتح الأفواه.
• احترم تعهداتك مع عيونك، كى تحافظ على ثقتهم بك.. ولا تستخدم معلوماتك بصورة فورية.
• تظاهر بأنك على معرفة بقضية ما.. وتكلم عنها بحضور ذلك الذى يعرفها جيدًا.. عندها سوف يخون نفسه، ويصحح أقوالك.
• يمكنك أن تتعرف بسهولة على ما يدور برأس أحدهم، إن كان ضعيفًا أمام الشراب أو النساء.. فمتى توافرت له مصادر نشوته مال إلى الكلام كثيرًا.. لكن احذر.. فهؤلاء لا يؤتمنون على سر.
• المزاح يختلط دائمًا بشيء من الحقيقة.. فكلما كنت بين جمع من الناس، حاول أن تطرح عليهم الحكم على قضية ما.. فالكل سيتبارى لعرض إمكاناته.