الأحد 20 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الدين والجنس فى المونديال!

الدين والجنس فى المونديال!


بثت خدمة رويترز الرياضية العربية قبل أيام خبرًا عنوانه (الجنس مسموح لكن مع الزوجات فقط)، أما محتوى الخبر فقد كان تصريحًا مقتضبًا لـ«هيمير هالجريمسون» مدرب أيسلندا أكد فيه أنه سيسمح للاعبى فريقه بممارسة الجنس قبل مواجهة نيجيريا فى كأس العالم لكرة القدم، شريطة أن يكون مع زوجاتهم فقط.

تخيل معى عزيزى القارئ، أن مثقفًا أيسلنديًا قد انبرى يسخر من تصريحات مدرب منتخب بلاده، واصفًا إياه بأنه مدرب داعشى وأن قراره بمنع اللاعبين من ممارسة الجنس مع البغايا الروسيات (أو الأيسلنديات المصاحبات للفريق) ربما يوتر العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين (روسيا وأيسلندا)، وذلك بسبب الأضرار الاقتصادية التى نجمت عن امتناع «الفحول الأيسلندية» عن نكاح المُزز الروسيات!
بالتأكيد الفقرة السابقة هزلية ساخرة، ولم تحدث فى أيسلندا ولا فى غيرها من دول العالم المتحضر، لكنها للأسف حدثت فى مصر عندما خرج علينا كاتب مصري (ساخرًا ناقمًا) على محمد الشناوى حارس مرمى المنتخب، الذى رفض استلام جائزته كأحسن لاعب فى مباراة مصر مع أورجواى!
وافتتح «الكاتب» تغريداته ضد اللاعب على حسابه فى موقع تويتر قائلًا: «كم فيك يا مصر من شناوى مدفون ينتظر الفرصة ؟؟!!».
ثم أعقبها بـ«تغريدته» التى أثارت ضجة كبيرة (والتى حذفها فى وقت لاحق بعد ملاحقته قضائيًا) إذ قال فيها: «مرة حارس مرمى دولى رفض جائزة مكتوبا عليها اسم شركة خمور انتظارًا وطمعًا فى جنة تغريه وتعده بأنهار الخمور».
وتوالت الردود القاسية على هذا التوجه.. وكان من بين أكثر تلك الردود بلاغةً ما ذكره أحد المغردين قائلًا: «يبدو أنك لم تلحظ أنَّ اللاعب «كريستيانو رونالدو» سبق له أن رفض جائزة هذه الشركة (وهو المسيحى الكاثوليكى).. لكنه حسب كلامه لا يشرب الخمر، ويرفض المشاركة فى دعاية شركات الخمور.. لأن والده مات بداء الكبد، بسبب إدمانه الخمور، وكثير من المشاهير والنجوم يرفضون هدايا من شركات السجائر والخمور، ليس بسبب خمر الآخرة».
لكن يبدو أن الكاتب استملح حالة الجدل والصخب، التى أثارها حول واقعة لا علاقة لها بالدين أصلًا، بل إن الموقف كله نابع من حرية اللاعب الذى اجتهد فى أولى مبارياته فى كأس العالم، وكان يستحق منا جميعًا الإشادة والشكر، لكن صاحبنا أعجبته الحالة فأكمل قائلًا: «‏بعد التألق لازم فاصل من العك والخلط والدروشة.. الشناوى يرفض الجائزة لأنها مقدمة من شركة خمور! نحن أمهر شعوب الأرض فى وضع بول البعير على تورتة الأيس كريم».
ووسط حالة غضب، تسابق أصحاب صاحبنا (المنتصر) فى الدفاع عن بطولاته وعبقريته الشاذة فى الدفاع عن علمانيته (وعلمانيتهم) ضد الفكر الداعشى المتوغل فى مفاصل الفكر المصرى!
وقادنا هذا الهزل بين أطراف جاهلة إلى حالة عبثية، انتهت بدعوى قضائية ضد هذا المثقف، الذى لا يختلف كثيرًا فى تشدده الفكرى عن أقطاب السلفية الذين يستمتع بسبهم كل صباح، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعى.
وللأسف.. وبعد أن انقلب الهزل إلى «عك»، أجدنى مثلما دافعت عن حق الحارس الشناوي، مضطرًا لأن أدافع عن حق «الكاتب» فى أن يقول رأيه، من دون أن ترهبه دعاوى قضائية تستغل الدين.
وختامًا، أتمنى على الجميع أن يرحموا الدين كى يرحمنا «مالك يوم الدين».