
هاني عبد الله
كلمة السر: 24 شهرًا !
بين كلمتى الرئيس: أمام البرلمان (كلمة حلف اليمين)، وكلمته خلال «حفل إفطار الأسرة المصرية»؛ ما يتضمن أكثر من تأكيد على ثوابت السياسة للدولة المصرية.. إذ كان الإيجاز [والمُباشرة] فى الكلمتين، هما مفتاح العديد من القضايا، التى تطرح نفسها بقوة على الساحتين (السياسية والاقتصادية) فى الوقت الحالى.
خلال كلمته أمام البرلمان، قال الرئيس: (دعونى أجدد معكم العقد والعهد، بأن نواجه التحدي، ونخوض غمار معركتي: البقاء والبناء، متمسكين بعقدنا الاجتماعي، الذى وقعناه سويًا «دولة وشعبًا».. بأن يكون دستورنا هو «المصارحة»، و«الشفافية».. ومبدأنا الأعظم هو العمل، مُتجردين لصالح هذا الوطن.. وأن نقتحم المشكلات، ونواجه التحديات، و[نحن مصطفون/ محافظون] على تماسك كتلتنا الوطنية «حية وفاعلة».. ولا نسعى سوى لصالح مصرنا العزيزة الأبية، وتحقيق التنمية والاستقرار لها.. وبناء مستقبل يليق بتاريخنا، وبتضحيات أبنائها).
.. وهى عبارة تحمل – فى حد ذاتها – مدخلاً مناسبًا، لأهم وأخطر القضايا، التى يُمكن أن تواجه مصير الوطن نفسه.
1 تحدى التماسك الداخلى:
يُشدد الرئيس كثيرًا على ضرورة الاصطفاف الوطنى (الداخلى) فى كل الأمور تقريبًا.. إذ اعتبر فى أكثر من مناسبة أن أى مُخطط يستهدف إعاقة «عملية التنمية» لا يُمكن أن تفلح مساعيه، فى ظل وجود [ترابط] قوى بين عناصر المجتمع المصرى.. وفى أكثر من لقاء سابق شدد الرئيس على أنّ «إرادة المصريين» عندما تتحد؛ فإنها تصنع المستحيل، ولا تفلح أمامها أى سيناريوهات للتقويض، وفرض «الإرادات الخارجية».
لذلك.. كان أن تابع: (أذكركم ونفسى بمسيرتنا سويًا منذ أن لبيت نداءكم وارتضيت بأن أكون على رأس «فريق إنقاذ الوطن»، ممن أرادوا له السقوط فى براثن الانهيار والدمار.. متاجرين بالدين تارة، وبالحرية والديمقراطية تارة أخرى.. وأنا على العهد معكم باقٍ.. لم ولن أدخر جهدًا أو أؤجل عملًا، أو أُسَوّف أمرًا.. ولن أخشى مواجهة أو اقتحامًا لمشكلة أو تحدّ، وزادى فى طريقى هذا هو اليقين بعظمة وعراقة أمتنا، وإيمانى بأن اصطفاف الشعب المصرى العظيم، هو ضمانة الانتصار، والعبور نحو المستقبل).
ومن بين سطور العبارة السابقة؛ يُمكننا أن نستشف أكثر من بُعد من الأبعاد، التى استهدفت [التماسك الداخلى] للدولة المصرية، فى أوقات سابقة.. إذ حدَّد الرئيس – هنا - جانبًا مُهمًا من هذا الأمر، عبر التركيز على [التجارة بالدين] تارة، و[التجارة بالديمقراطية] تارة أخرى.. ففى أوقات سالفة (عبر شواهد قطعية)؛ كان أن تقاربت «التجارتان»؛ لرسم مُستقبل مظلم للدولة المصرية.. إما بجذبها نحو الغلو والتشدد، أو بجعلها أسيرة لمستهدفات التبعية.. وفى كلتا الحالتين (أى: التجارة بالدين، والتجارة بالديمقراطية)؛ لم يكن ثمة ملجأ سوى [التماسك الداخلى]، ووحدة الصف.
يؤمن «السيسى» حدَّ اليقين بعبقرية الشعب المصرى.. لذلك، كان أن أردف العبارة السابقة، بأخرى تقول: (لقد كان يقينى صادقًا، ورهانى رابحًا، حين أثبت هذا الشعب العظيم عراقته وصلابته، وخاض معركة التحدى مُحافظًا على مكتسبات وطنه، وقادرًا على تحدى التحدى وإثبات إرادته الحرة.. وكانت لوحة الوطن رائعة الجمال والكمال).
يقينًا.. من رحم «العراقة المصرية»، لا تزال تُسطر بطولات الشعب المصرى، فى مواجهة [من تاجروا بالدين]، ومن يدعمونهم.. إذ لا تزال «معركة الإرهاب» قائمة، ولا تزال الهمة المصرية عازمة على اجتثاثها من جذورها.
2 تحدى الإصلاح الاقتصادى:
إلى جانب الإرهاب، لا يزال الشعب يخوض «معركة الإصلاح الاقتصادى» بكل قوته.. لذلك.. كان أن قال الرئيس بكلمته أمام البرلمان: (لقد واجهنا سويًا الإرهاب الغاشم الذى أراد أن ينال من وحدة وطننا الغالى.. وتحملنا معًا مواجهة التحديات التى خلَّفها لنا الإرث الثقيل من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. وما نجم عنها من آثار سلبية على مناحى الحياة كافة.. والحقيقة الجلية أننا كنا نواجه خلال الفترة الرئاسية الأولى التحدى الأكبر فى تاريخ وطننا.. وبفضل من الله، وبإخلاص النوايا، والعمل الدءوب المتجرد؛ استطعنا أن نعبر مرحلة عصيبة، وننطلق نحو مستقبل أكثر ثباتًا واستقرارًا وعزمًا على تحقيق الحسم فى معركة البناء [معركة بناء الوطن]).
ما اختتم به الرئيس كلمته أمام البرلمان (حول الانطلاق نحو مستقبل أكثر ثباتًا)؛ كان أن تحدث عنه – بعد ذلك بأيام - بشكل [أكثر تبشيرًا] خلال كلمته فى حفل إفطار الأسرة المصرية.. إذ أوضح أنّ الشعب سيجد خلال الفترة المقبلة كثيرًا من الأمور التى تفرحه، وأن ثمة عددا ضخما من المشروعات الجديدة سيتم افتتاحها بعد عيد الفطر مباشرة.
يسعى السيسى لأن يرى مصر فى وضع مختلف مُستقبلاً.. إعرابه عن أمله بأن يكون هذا الأمر خلال «عامين» من الآن؛ يؤشر نحو أنّ ثمة [الجدول الزمنى لأولويات الرئيس فى التنمية]، يُمكن أن يؤتى ثماره - إلى حدٍّ بعيد - خلال هذا المدى الزمنى، إذا ما ظلت الجبهة الداخلية على تماسكها وإصرارها على المضى قُدمًا نحو الإصلاح، والتنمية (حتى لو تحملت، فى سبيل ذلك، أكثر مما تتحمله الآن).
ما أشرنا إليه آنفًا من أن ثمة [جدولا زمنيا لأولويات التنمية]، حده الأقصى [عامان] من الآن؛ يُمكننا أن نضعه جنبًا إلى جنب مع ما قاله الرئيس نفسه خلال كلمته أمام البرلمان.. إذ قال: (منذ اللحظة الأولى التى توليت فيها مهام منصبى، وقد وضعت [خطة عمل قائمة على الإسراع بالخطى فى الإصلاح] على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والمجتمعية، بجانب المواجهة الأمنية للمخاطر التى تحيق بمصر.. وكانت خطتنا الطموحة لإطلاق حزمة من المشروعات القومية العملاقة، التى تهدف لتعظيم أصول الدولة، وتحسين بنيتها التحتية، وتوفير فرص عمالة كثيفة تسير بالتوازى مع مخطط شامل للإصلاح الاقتصادى؛ لمواجهة التراجع الكبير فى مؤشرات الاقتصاد العام، التى ارتبطت به شبكة من برامج الحماية الاجتماعية لمواجهة الآثار السلبية الناجمة عن هذه الإصلاحات).
3 تحدى بناء الإنسان:
جزمًا.. رأس مال أى عملية حقيقية للتنمية هو ملفا: (التعليم والصحة).. ومن دون الاثنين معًا لا يُمكن أن تسير عملية التنمية بشكل منتظم.. وتأسيسًا على هذا الأمر؛ أكد الرئيس على وضع بناء «الإنسان المصرى» على رأس أولويات الدولة خلال المرحلة المقبلة.. وقال الرئيس: (إن كنز أمتنا الحقيقى هو الإنسان، الذى يجب أن يتم بناؤه على أساس شامل ومتكامل بدنيًا وعقليًا وثقافيًا، بحيث يعاد تعريف الهوية المصرية من جديد بعد محاولات العبث بها.. وستكون ملفات وقضايا: التعليم والصحة والثقافة، فى مقدمة اهتماماتى.. وسيكون ذلك من خلال إطلاق حزمة من المشروعات والبرامج الكبرى، على المستوى القومى، من شأنها الارتقاء بالإنسان المصرى فى كل هذه المجالات، استنادًا إلى نظم شاملة وعلمية؛ لتطوير منظومتى التعليم والصحة، لما تمثلانه من أهمية بالغة فى بقاء المجتمع المصرى قويًا ومتماسكًا).
... وما بين التماسك الداخلى، ومرحلة بناء الإنسان؛ يظل الرهان على «الوعى الجمعى» للشعب المصرى، هو كلمة السر.