الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الإسكان .. وسنينه !!

الإسكان .. وسنينه !!


لم يتوقع أعتى الخبراء فى سوق العقارات أن ترتفع أسعار الأراضى والوحدات السكنية والڤيلات إلى ما وصلت إليه.
فلمن لا يعلم نقول: إن بورصة العقارات تكشف عن أن الارتفاعات الأخيرة فقط تراوحت ما بين ألفين وخمسة آلاف جنيه لسعر متر الشقق، وبنسبة تصل إلى 180 % خلال السنوات الثلاث المنتهية، وأن هذه الأسعار مرشحة لزيادة جديدة خلال شهرين على الأكثر إذا نفذت الحكومة تعهداتها مع صندوق النقد الدولى ورفعت أسعار الطاقة والمواد البترولية!
الواقع الذى نعيشه يؤكد أن حالة سُعار أصابت المصريين وجعلت الجنون يخرج من العباسية ويذهب إلى سوق العقارات لتشعل النار فى الأسعار بشكل لم يألفه أحد من قبل!
ويبدو أننا كمصريين أصبحنا نتفنن فى ضرب الأرقام القياسية وكسر كل القواعد والنظريات الاقتصادية المعمول بها فى مختلف دول العالم.. وهذا ماحدث بالضبط مع نظرية (العرض والطلب) والتى تؤكد على أنه كلما زاد العرض لأى سلعة انخفضت بالتالى الأسعار لوجود وفر فيها، والعكس صحيح كلما انخفض العرض وزاد الطلب ارتفعت الأسعار.. لكن ما نشاهده ونلحظه وتؤكده الأرقام يكشف أننا كذبنا هذه النظرية والتفافنا حولها!
فعلى الرغم من الثورة التى تحدث من زيادة البناء فى سوق العقارات والطفرة التى يشهدها القطاع فى المدن الجديدة وكافة محافظات مصر سواء من جانب الحكومة أو القطاع الخاص أو الأهالى وزيادة حجم الإعلانات التى صدعت رؤوسنا وأبهرت عقولنا وكلها تكشف عن أن حجم المعروض من الشقق بكافة مستوياتها وشرائحها يزيد عن حجم الطلب، وأن الأسعار لا تزال فى ارتفاع مستمر، ولا يزال المصريون يلهثون وراءها.. هذا رغم وجود حوالى عشرة ملايين شقة مغلقة تحت بند ظاهرة (التسقيع) وهى المشكلة المزمنة التى لم تجد الحكومة حلًا لها حتى الآن بخلاف البناء العشوائى الذى يتم على (ودنه) واجتاح مصر خلال ثورة يناير وما بعدها وهو ما يؤكد أن المعروض من الشقق أكثر بكثير من الطلب!!
المثير للدهشة والعجيب أيضًا أن كل خبراء الإسكان الذين تواصلت معهم لمعرفة ما يحدث فى هذا السوق أكدوا أن المسئولية الأولى تقع على عاتق وزارة الإسكان التى لعبت دورًا كبيرًا فى ما يحدث من جنون للأسعار وأنها هى التى تؤجج وتقف وراء هذا المشهد الذى لا يعلم أحد مصيره إلى أين إذا لم تغير الوزارة سياستها المُتبعة حاليًا؟
فوزارة الإسكان وسياستها فى عمليات طرح الأراضى والوحدات السكنية من خلال القرعة خلقت سوقًا حيوية للسماسرة وعمليات غسيل الأموال ليحققوا أرباحًا ضخمة من وراء المكاسب الكبيرة من خلال  المتاجرة والمضاربة فيما تطرحه.. كما أنها دخلت منافسة للقطاع الخاص لتشعل السوق بدلًا أن يكون تدخلها لخلق التوازن فى الأسعار لما لها من قدرة كبيرة ويد طولى فى هذا القطاع ولديها من الأراضى ما لا يعد ولا يحصى.. والدليل على ذلك أن أول قرعة للأراضى فى القاهرة الجديدة أجريت فى عهد المهندس مصطفى مدبولى وزير الإسكان كانت بسعر 4 آلاف و500 جنيه بينما كان السعر المتداول وقتها لا يزيد على 3 آلاف جنيه كما أن السماسرة قاموا بشراء كوبونات الفائزين بالقرعة بزيادة مليون جنيه عن سعر القرعة، الأمر الذى جعل الأسعار تقفز قفزات متلاحقة بعد أن لعبت وزارة الإسكان دور المنافس القوى للشركات العقارية.. والدليل الثانى أنها تعلن حاليًا عن طرح مشروعات بأسعار تزيد أو تقترب من أسعار القطاع الخاص، فمثلًا نجد أنها تطرح المرحلة الثانية من مشروع «سكن مصر» لعدد من الوحدات المتبقية من المرحلة الأولى والتى تم طرحها فى شهر أغسطس 2017 بسعر 6650 جنيهًا للمتر بدلًا من متوسط 4000 جنيه للمتر، أى بزيادة قدرها نحو 2650 جنيهًا بخلاف الزيادة التى يشهدها مشروع «دار مصر» والذى كانت أسعار المتر فيه تتراوح ما بين 5 و6 آلاف جنيه ليصبح السعر ما بين 7 و8 آلاف جنيه.
وهنا نقول على وزارة الإسكان أن تتخلى عن دورها كتاجر أراض وأن تتوسع فى طرح الأراضى وبأسعار مناسبة وأن يكون دورها رئيسيًا وفعالًا فى مراقبة وتنظيم السوق ووضع السياسات المنظمة له وتتدخل إذا استدعى الأمر تدخلها لوقف الصعود الحاد للأسعار الذى أوصل سعر المتر للوحدات السكنية إلى 11 ألف جنيه بشبرا و80 ألف جنيه لسعر متر الأراضى.. وعجبى!!