الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الحكومة.. والتجار.. ورمضان!

الحكومة.. والتجار.. ورمضان!


ما أن يهل علينا شهر رمضان الكريم إلا ونجد سعارًا يصيب التجار وتشهد أسواق الجمهورية على مختلف أنواعها حالة من الانفلات وتقفز أسعار السلع والمنتجات الغذائية بشكل جنونى، وكأن المواسم أصبحت فرصة للتجار لرفع الأسعار وتحقيق الخيالى من الأرباح على حساب الفقراء ومحدودى الدخل... حتى أن ميزانية أى من الأسر من المواطنين أمثالنا أصبحت غير قادرة على اللهث وراء توحش هؤلاء التجار!
ارتفاعات الأسعار فى مصر تتم بشكل عشوائي.. ليس لها قواعد محددة ولا تخضع لأسس اقتصادية سليمة حتى أن القاعدة الأساسية لضبط السوق وهى عمليات العرض والطلب أصبحت (مضروبة) ليس لها مكان عندنا.. فالعرض يزيد نجد أن الأسعار تزيد ويقبل المستهلكون على الشراء.. بدلاً من أن ينخفض السعر!
وأضرب مثلاً بما قاله لى أحد أصحاب مزارع الدواجن عندما سألته عن دور بورصة الدواجن فى تحديد الأسعار؟! فهمس فى أذنى وقالت هذا ليس للنشر أسعار الفراخ لا تخضع لبورصة الدواجن ولا تحددها بل إن السعر يتم تحديده فى قاعدة (فراج) بين أصحاب المزارع وبعضهم البعض!!
ويبدو أن التجار لا يريدون أن يفوتوا المناسبة التى سنحت لهم بعرض الحكومة الموازنة الجديدة على مجلس الشعب ليكونوا أول المستفيدين من ورائها وتحقيق الأرباح على حساب الغلابة من عامة الشعب.. وراحوا يستغلون هذه الفرصة التى جاءتهم هذه المرة من الحكومة ذاتها.. فالحكومة عندما كشفت فى بياناتها خلال موازنتها الجديدة (18/2019) عن عزمها خفض الدعم عن بعض السلع والخدمات وزيادة الضرائب على البعض الآخر مثل المواد البترولية كالبنزين، والسولار والبوتاجاز، والغاز الطبيعى، والكهرباء، وعدد من الخدمات والسلع الأخرى – ولن أتعرض هنا للبيان بالأرقام – التى تأتى تنفيذًا لإجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادى الموقع مع صندوق النقد الدولي.. فإن التجار تلقفوا هذه المعلومات وراحوا يعدون العدة لاقتناصها لتأتى المبادرة منهم لمص دماء الغلابة برفع الأسعار !
فتقارير السوق التى جمعتها تؤكد أن عددًا من السلع والمنتجات الغذائية وحتى أسعار الخضروات والفاكهة فى مختلف محافظات الجمهورية وكذا شكاوى المواطنين كلها تؤكد أنها شهدت تحريكًا لأسعارها.. ورغم أن أصوات المواطنين لم يعل ضجيجها إلا أن الأوضاع السعرية لكل شيء لدينا أصبحت خطيرة جدًا ما لم تتداركها كافة المؤسسات فى الدولة سواء كانت حكومية، أو خاصة، أو منظمات أهلية، وتعيد ترتيب حساباتها من جديد فى ملف الأسعار.. فالمواطن لم يحصل على أجر مقابل ما لهفته وخطفته منه الأسعار وعلى الجميع أن يدرك مسئولياته حتى بما فيهم المستهلك ذاته الذى عليه أن يغير من ثقافته وسلوكياته الشرائية ويجعلها وفقًا لاحتياجاته الضرورية فقط!
فالأسطوانات المشروخة والمبررات التى ليس لها واقع علمى ونسمعها كل عام من القائمين على الأسواق فى مصر حكومة وتجارًا يجب أن تخفض نهائيا من أذهاننا.. فإذا كان المستهلك يتهم تاجر التجزئة بأنه السبب وراء ارتفاع الأسعار فإن تاجر التجزئة يتهم بدوره تاجر الجملة الذى يحولها إلى الموزع، والموزع يرجع السبب إلى المصنعين والمنتجين ومعهم الفلاح وكل هؤلاء يتهمون الحكومة فى الآخر.. فإذا مسكنا الحلقة من فوق سنجد أن المصنعين والمنتجين يرجعون السبب إلى ارتفاع المكونات وأسعار الخدمات من كهرباء، وبنزين، وغاز، ونقل، ومواد خام مستوردة.. والمستورد يقول» ابحثوا عن الذى رفع الدولار فنحن مازلنا نستورد 60 % من احتياجاتنا من السلع الغذائية، و75 % من المواد الخام، بالإضافة إلى ارتفاع الضرائب والرسوم، وبالتالى فإن الزيادة التى تأتى علينا نحولها إلى المستهلك.. كما أن الفلاح يقول إنه مضطر نتيجة ارتفاع أسعار البذور والسماد والمستلزمات الزراعية.. بينما تؤكد الحكومة أنها معذورة فنحن نمر بإجراءات تقشفية لعلاج عجز الموازنة وزيادة الإيرادات!.
وأخيرًا تبقى لنا كلمة.. فعقد الزواج بين الحكومة والتجار يجب أن ينفك لتصبح الحكومة حكومة وتستخدم كل أدواتها لضبط السوق وتقوم بدورها تجاه جشع التجار، وتعلن عن القوائم السوداء للمتلاعبين والمنحفين منهم.. وأن يصبح التجار تجارًا ينفون عن أنفسهم صفة الجشع، وينبذون المنحرف دون احتواء، ويعاملون الله فى تجارتهم ومواطنيهم طالما أن الضمير ضاع!>