الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حرب تكسير العظام بين «ترامب» والدول الصناعية!

حرب تكسير العظام بين «ترامب» والدول الصناعية!


 عجيب أمر هذا الرئيس.. فمنذ أن حط بقدميه داخل البيت الأبيض، وهو دائم الاشتباك مع كل من حوله.. ولا يمر يوم إلا ويصدر قرارات صادمة لا يفرق فيها بين حليف لواشنطن أو منافس لها.
 فـ«دونالد ترامب» الذى يُعد الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية «ومر على ولايته لأكبر دولة مهيمنة على سياسات العالم 16 شهراً بالتمام والكمال»، يتعامل مع دول العالم، وكأنها عزبة أو إحدى شركاته!
 ورغم مواقفه الغريبة تجاه عدد من القضايا كالهجرة والإسلام ونظرته للهوية الأمريكية لم يحصل الرئيس الأمريكى على أى تكوين سياسي، ويعانى من الوسواس القهري.
 فمنذ أن كان طفلا مشاغبا.. لم يترك شيئا إلا وفعله.. رجل أعمال تلاقيه.. ممثل وراقص متفرقش.. شخصية تليفزيونية ومصارع وداعر مش مهم..
 كل هذه الأعمال انعكست بشكل مباشر على قراراته.. فهو لا يستطيع السيطرة على لسانه، ويسيء  التصرف فى كثير من الأحيان.. فما أن يخلص من مشكلة إلا ويدخل فى أخري.. وتجده عندما يتخذ قراراته يزعم أن عينيه على شعبه فقط..
 ولا يهتم بالنظر إلى التداعيات  التى قد تنشأ من ورائها!
 فقبل أن تهدأ طبول الحرب الكورية الأمريكية التى حاول إشعالها وحشد لها، نجده يفاجئ العالم بقرارات جديدة تُدخل أمريكا والدول الصناعية الكبرى فى منعطف خطير، وورطة تصل بالجميع إلى اندلاع وشيك لحرب من نوع آخر تتمثل فى «الحرب التجارية»، أو ما يسمى بحرب «تكسير العظام».. الأمر الذى جعل من الدول الكبرى عدوًا لأمريكا، وتعلن تحذيرها من تداعيات اشتعال حرب لا تفرق بين حليف لواشنطن أو منافس لها..
 القرار الصدمة صدر الخميس قبل الماضي، ويقضى بفرض رسوم جمركية على الواردات الأمريكية من الحديد والصلب بنسبة %25 وعلى واردات الألومنيوم %10.. وهو الأمر الذى سيؤدى  إلى ارتفاع أسعار المنتجات الصناعية والبضائع التى تستوردها أمريكا.. وبالتالى لن يُقبل  المستوردون أو المستهلكون عليها.. فتتأثر بذلك الدول المصدرة.. وهو ما يخالف اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
 قرارات «ترامب» أثارت مخاوف الاتحاد الأوروبى وبريطانيا واليابان والصين والبرازيل وغيرها من الدول.. ليس هذا فقط بل إن خطط « ترامب» تسببت فى غضب واسع فى أنحاء العالم، وأثارت تكهنات عديدة بشأن نشوب حرب تجارية ستكون الولايات المتحدة الأمريكية أول الخاسرين فيها.
 ففى الوقت الذى أعربت فيه منظمة التجارة العالمية – على لسان مديرها «روبرتو أزيفيدو»- عن قلقها.. وأن العالم فى خطر حرب تجارية وركود عميق بسبب قرارات «ترامب»، وأن المنظمة لن تستطيع أن تتجاهل هذا الخطر.. مشددًا على حث كل الأطراف على تأمل المواقف بشكل حذر وأخذه فى الاعتبار.. فمبدأ العين بالعين سيترك الجميع «عميانًا».. وعلينا أن نتحرك لتجنب سقوط أول أوراق «الدومينو»، مشيرا إلى إمكانية تدخل المنظمة للرد على السياسات التجارية الأمريكية.
 بينما أكد «جان كلود يونكر» رئيس المفوضية الأوروبية أنها إجراءات «غبية» – ويقصد إجراءات ترامب – وأن الاتحاد الأوروبى لن يسكت ويخطط للمعاملة بالمثل، وسيفرض رسومًا  تصل إلى %35 على المنتجات الزراعية والصناعية الأمريكية.. فى الوقت  الذى حذرت فيه الصين من عدم احترام أمريكا لقواعد  منظمة التجارة العالمية.
 وقال المتحدث باسم «وزارة التجارة الصينية» «سون جوين» إن ما حدث من حرب تجارية فى ثلاثينيات  القرن الماضى يمكن أن يتكرر مرة أخرى إذا ما تجاهلت أمريكا قواعد المنظمة!
 الدول الصناعية الكبرى لم تكن وحدها المتأثرة.. بل إن عددًا من أسواق المال وبورصات الخليج تأثرت أسهمها وانخفضت بشكل كبير، خاصة الأسهم  القطرية وشركات التعدين السعودية وسط مخاوف من نشوب حرب تجارية عالمية قد تضر آفاق النمو العالمي.
 ردود الفعل الغاضبة لم تكن خارجية فقط بل إن اللعنة  أصابت الداخل الأمريكى حيث الآلاف من وظائف الأمريكيين باتت فى خطورة.. وشهادات أسهم بورصة «داوجونز».. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن البيت الأبيض لا يزال يعانى من الاضطرابات خاصة بعد أن هدد المستشار الاقتصادى لترامب «جارى دى كوهين» بالاستقالة، وأن نظرية الفوضى  التى اعتمدها «ترامب» بالمكتب البيضاوى تلحق ضررًا  بالغاً بصورة أمريكا.. هذا  جزء بسيط من قرارات البهلوان «ترامب» المتقمص شخصية شمشون الجبار الذى هدم المعبد!
 فهل سنرى فى القريب العاجل اندلاع الحرب التجارية العالمية، وأن ما فعله «ترامب» يعد مسمارًا فى نعش حرية التجارة الدولية؟! أم أن هذا يعد لحظة فارقة فى فترة «ترامب الرئاسية»؟!