الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أصلحوا القطارات.. أو اتركوها

أصلحوا القطارات.. أو اتركوها


 أصبح حال أقدم  ثانى خطوط قطارات السكك الحديدية فى العالم، وأكبر شبكة موجودة فى الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم العربى يُرثى لها، وتدهور بها الحال حتى أصبحت أسوأ شبكة.. وفشلت معها كل القيادات التى تولت المسئولية خلال السنوات العشر الأخيرة فى حل لغز حوادث القطارات، حتى تصدرت مصر ترتيب حوادث القطارات فى العالم!
فعلى الرغم من ملايين الجنيهات التى حصل عليها المسئولون فى وزارة النقل، والتى يدفعها المواطن  من «لحمه الحي»، تحت بند تطوير المنظومة من المزلقانات والمنافذ الواقعة بها من خلال تزويدها بأحدث النظم الإلكترونية ووسائل السلامة والأمان المعمول بها عالميًا، أو شراء جرارات وعربات جديدة أو قطع غيار لكى يجد المواطن وسيلة مواصلات آمنة  مطمئنة تصل به إلى منزله أو إلى عمله لا إلى قبره.. نجد أن الواقع الأليم يؤكد أننا غير قادرين على إعادة تشغيل  هذا المرفق الحيوى  إلى سابق عهده وعودة سمعة السكك الحديدية المصرية إلى مكانتها الطبيعية،  التى اشتُهرت بها منذ عهود مضت، وكان يُضرب بها المثل فى الانضباط والانتظام  ودقة المواعيد والأداء لسنوات طويلة، وكانت هى الوسيلة الأرخص سعرًا والأكثر أمانًا بين وسائل النقل الأخرى!
 فحادثة تصادم قطار بضائع  بقطار ركاب، والتى وقعت الأربعاء الماضى بمنطقة كوم حمادة في محافظة  البحيرة وراح ضحيتها أكثر من 30 شخصًا لم تكن هى الأولى من نوعها؛ بل سبقها العديد من الحوادث، وكلها تؤكد لنا فشل الخطط التى يطبقها وزراء النقل ورؤساء هيئة السكك الحديدية – المتعاقبون – ولم ينفع معها تقاريرهم للحد من الفاتورة لحوادث القطارات!
 فلم يمر شهر إلا وتُفاجأ بفاجعة تتمثل فى حادثة قطار أو قطارين وسقوط ضحايا بالعشرات من الأبرياء، سواء كانوا طلبة أو موظفين أو عمالًا أو مسافرين لقضاء مصالح أو سيدات «غلابة» يسعين على رزق أطفالهن.
 فالإحصائيات تكشف لنا عن قائمة طويلة وعريضة من الحوادث شهدتها البلاد خلال العشرين عامًا الماضية، من أهمها، ما حدث فى عام 2016، والذى كان عامًا قاسيًا على مصر عندما تم وضعها بين أسوأ 10 دول فى العالم، حيث سجل 722 حالة على مستوى مناطق  الجمهورية ونتج عنه مئات الوفيات وتكبيد الهيئة خسائر فادحة!
 بينما كشف تقرير صادر عن هيئة السكك الحديدية أن إجمالى حوادث القطارات بلغ نحو 4 آلاف و777 حادثة فى خمس سنوات فقط  من 2011 وحتى 2015، وجاءت كالتالى فى 2011 بلغت الحوادث 489 وفى 2012 بلغت 447 حادثة،  وفى 2013 كانت 1044، بينما وصلت إلى ذروتها  فى 2015 والذى سجل لوحده 2011 حادثة.. وتعد حادثة قطار الصعيد التى وقعت بالعياط فى فبراير 2002 الأسوأ من نوعها فى تاريخ السكك الحديدية المصرية، حيث راح ضحيتها أكثر من 530 مسافرًا، وذلك بعد أن تابع القطار سيره لمسافة  9 كيلو مترات والنيران مشتعلة فيه وهو ما اضطر المسافرين للقفز من النوافذ!
 الحوادث المتكررة تؤكد لنا أن إدارة هذا المرفق الحيوى، الذى أنشئ  عام 1853 تعد مثالًا صارخًا للعشوائية والجهل والمحسوبية والمجاملات وقلة الخبرات، وأنه على المليون وربع مليون مواطن الذين يعتمدون بشكل   يومى فى حركة تنقلاتهم من مكان إلى آخر بواسطة القطارات،  إما أن يذهبوا لوسيلة أخرى أو «يشيلوا كفنهم على أيديهم»!
 وحتى نكون منصفين وموضوعيين لن أطالب باستقالة وزير النقل الذى يستسهل وكل همه رفع أسعار تذاكر القطارات أو تقديم رئيس هيئة السكك الحديدية ككبش فداء.. فهم ليسوا وحدهم مسئولين عن الإهمال الذى ضرب هذا المرفق الحيوى لسنوات طويلة منذ عهد «سليمان متولي» أو عن تخلف مصر لأجيال كاملة عن التطوير  واستخدام الأنظمة التقنية لتشغيل السكك الحديدية المستخدمة فى العالم، فهم يستخدمون الجرار الإلكترونى ونحن لا نزال فى عهد الجر بالديزل!
 ولكن  إذا كانوا غير قادرين على إعادة  المرفق لمكانته.. فليرحلوا  ويتركوا المناصب  والمسئولية لأهلها، فالسكك الحديدية لديها أضخم أصول على مستوى  كل المؤسسات لو أحسن استغلالها استثماريًا لغطت كل تكاليف التطوير!
 وقديمًا كان الصعايدة عندما يسبون شخصًا ما يقـــولـــون لــه «قــبر يلمــك» أمـا  اليوم فأصبحت
«قطر يلمك»! >