الأحد 25 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
وثائق «الحرب على الإرهاب» فى سيناء

وثائق «الحرب على الإرهاب» فى سيناء


فى عالم «مواجهة الإرهاب» [العابر للدول]؛ تبدو عملية الانتقال [المُحتملة] للعناصر المتطرفة من دولة إلى دولة، ومن منطقة إلى أخرى، أقرب مما يتصوره البعض (!).. فما يحدث فى سوريا والعراق؛ يُلقى بظلاله – يقينًا – على الغرب الإفريقي.. وما يحدث فى غرب إفريقيا، وشمالها؛ لا ينفصل – قطعًا – عن الملحمة [البطولية] التى يسطرها - الآن - جنودنا فى سيناء (عند منطقة الاتصال الحدودى بين آسيا وإفريقيا)؛ للقضاء على الإرهاب ومصادر تمويله.

تذوب «الحدود» أمام رغبات شرسة لـ«عناصر التطرف» فى النمو السرطاني.. وتختفى «الفواصل» أمام نزعات [محمومة] للعناصر ذاتها، فى أن تحفظ لنفسها «موطئ قدم» هنا أو هناك.
فبحسب التقرير السادس للأمين العام لـ«الأمم المتحدة» عن التهديد الذى يُشكله ما يُعرف باسم تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش) للسلام والأمن الدوليين [الصادر قبل أسبوعين]؛ فإنّ التنظيم – وفقًا لاتجاهاته الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط – لم يعد مسيطرًا على أى من المناطق الحضرية فى أيٍّ من الدولتين (أى فى كلٍ من: العراق وسوريا).. خاصة بعد إخراجه [أخيرًا] من كلٍ من: «القائم» فى العراق، و«البوكمال» فى الجمهورية العربية السورية.. رغم أنه لا يزال هناك عددٌ من الخلايا [السرية] داخل بعض المُدن؛ إذ تتمركز مجموعات صغيرة للتنظيم [شرق نهر الفرات]، وفى شمال العراق أيضًا.. وفى الجنوب الغربى لـ«سوريا».
لذلك.. كان أن أفادت «معلومات استخبارية» قدمها عددٌ من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة؛ بأنّ عددًا من «مقاتلى التنظيم» فروا باتجاه شمال الجمهورية العربية السورية، وقد يحاول الكثيرون منهم [مغادرة البلاد].
  
فعل «المغادرة» هنا، يقتضى الانتباه جيدًا.. إذ يكون الانتقال – عادة – بحثًا عن مناطق جديدة، تُسهم فى الحفاظ على بقاء عناصر التنظيم لأطول فترة ممكنة، أو للبحث عن مصادر تمويلية [أخرى] تُؤمِّن أنشطة «الخلايا والجماعات النوعية» داخل البلدان المُستهدفة.. إذ وفقًا للتقرير ذاته؛ فإنّ قدرة التنظيم على توليد الإيرادات [أخيرًا] أصبحت فى أضعف أحوالها.. ويرجع ذلك – إلى حد كبير – إلى فقدان سيطرة التنظيم على [حقول النفط والغاز] فى سوريا.
.. وبسبب هذه الخسائر [وخسائر أخرى] انخفضت إيرادات التنظيم لأكثر من 90 % منذ العام 2015م.. ومع ذلك – بحسب إفادة فريق الدعم التحليلى ورصد الجزاءات – من المتوقع أن يعود «تنظيم الدولة» إلى أساليب التمويل [على نسق تنظيم القاعدة فى العراق] مثل الابتزاز، والسيطرة على نقاط التفتيش.. ورغم هذا.. استمر تدفق الأموال من [التنظيم الأم] إلى فروعه، مع تزايد بحث «الجماعات المنتسبة إليه» عن تنويع مصادر دخلها والاستقلال ماليًا عن تنظيم الدولة [الأم].
وفى سياق توضيح جوانب [الدعم المالي] بين التنظيم (الأم)، والأفرع المُنتسبة إليه؛ كشف التقرير عن أنّ التنظيم يقوم بنقل الأموال عن طريق الشبكات و«المُيسّرين» فى جميع أنحاء الشرق الأوسط، باستخدام نُظم «الحوالة»، و«حاملى النقدية».. كما يتسلل عبر الأعمال التجارية المشروعة فى المنطقة باستخدام واجهات، مثل: أفراد «نظيفين» [فى الظاهر] يمكنهم النفاذ إلى النظام المالى الرسمي.
ومع استمرار عمليات التضييق على التنظيم فى كل من: سوريا والعراق؛ كان أن شهدت منطقة «شمال إفريقيا» واحدة من أكبر عمليات النزوح التنظيمى للعناصر المُتطرفة.. وبات «الشمال الإفريقي» مثارًا للقلق المتنامي، على المستوى الدولي.. خاصة داخل [الامتداد الليبي] للتنظيم.
.. إذ إنّ تنظيم الدولة (داعش)، كان لايزال عازمًا – وفقًا لتقرير الأمم المتحدة - على إعادة بناء قدراته فى ليبيا.. وفى هذا السياق؛ كان أن جرى تعزيز عددٍ من عناصره فى عديدٍ من المواقع بالمقاتلين الذين نقلوا من جنوب ليبيا، والإرهابيين [الأجانب] العائدين أو المنتقلين من «العراق»، و«الجمهورية العربية السورية».. ورغم تراجع حدة تهديده فى طرابلس (بشكل عام)، فإنه واصل التخطيط لهجمات متفرقة فى ليبيا وتنفيذها؛ لإثبات استمرار قدراته للمتعاطفين معه.
  
بحسب «المعلومات الاستخبارية» المُدمجة بالتقرير؛ بدت «الساحة الليبية» كأنها عنصر الجذب [الأكثر نشاطًا] فى الوقت الحالي.. إذ أفادت «المعلومات» بأنّ الجماعات الأخرى المنتسبة لتنظيم الدولة (داعش) فى إفريقيا أرسلت مقاتلين إلى ليبيا؛ لدعم خلايا التنظيم الموجودة فى هذا البلد وكسب تعاونها.. وبيّنت الدول الأعضاء أنّ هذا الأمر يتعلق – على وجه الخصوص – بتدريب المقاتلين، وتوريد الأسلحة، وتقديم الدعم اللوجيستي؛ إذ تحتفظ جماعة «بوكو حرام» أيضًا بخلايا صغيرة داخل ليبيا.. وأعربت الدول الأعضاء عن قلقها إزاء الانتقال [المحتمل] لعناصر «بوكو حرام» إلى دول أخرى فى المنطقة عبر حدود ليبيا (الغربية/ والجنوبية- الشرقية).
 ووفقًا للمعلومة «الأخيرة»؛ كان ثمة انتباهٌ متزايدٌ من قبل دول الجوار الليبى (ومنها مصر)، من استغلال المساحات الحدودية المترامية للنفاذ إلى مناطق أخرى، والاصطفاف إلى جوار التنظيمات (المحلية) المنحسرة داخل نطاقات جغرافية محدودة.. لذلك؛ كانت «القيادة المصرية» أحرص ما تكون على تأمين الحدود الغربية للدولة المصرية بالتزامن مع بدء [العملية الشاملة» سيناء 2018م].
.. إذ إن الجماعة المنتسبة للتنظيم فى شبه جزيرة سيناء (أنصار بيت المقدس)، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة، سبق أن استولت على مبالغ نقدية فى أكتوبر الماضى (أثناء عملية السطو على أحد المصارف فى العريش).. وفى الشهر التالى (أي: نوفمبر) استهدفت الجماعة مسجدًا فى قرية الروضة (المجاورة)، مما أسفر عن مقتل نحو 300 من المصلين.. كما كانت الخلايا [القريبة من التنظيم] هى المسئولة عن مجموعة «الهجمات الطائفية» ضد المسيحيين.
وفى سياق طرح الأدلة على إمكانية [النزوح] السابقة لعناصر تنظيم الدولة؛ أوضح التقرير ذاته – استنادًا إلى معلومات استخبارية رصدتها القاهرة – أنّه كان هناك – خلال الفترة الأخيرة - حركة تبادل بين التنظيم الذى بايع «أبوبكر البغدادي» فى مصر (أنصار بيت المقدس)، و«تنظيم الدولة فى ليبيا» (داعش ليبيا)، عبر الحدود الصحراوية.. وأنّ أحد كبار أعضاء تنظيم (داعش ليبيا) أصبح – بحسب المعلومات الاستخبارية المقدمة لمجلس الأمن – عضوًا فى مجلس شورى «جماعة أنصار بيت المقدس».
  
لذلك.. كان أن تحركت «القاهرة» بقوة [وبصورة فاجأت العديد من داعمى التنظيم]؛ للقضاء على أى بارقة أمل أمام تنظيم الدولة» مستقبلاً.. إذ كان إلى إجمالى النتائج التى أسفرت عنها [العملية الشاملة: سيناء 2018م]، حتى يومها السادس فقط: تدمير 137 هدفًا بواسطة القوات الجوية، والقضاء على 53 تكفيريًا، والقبض على 5 آخرين، و680 (ما بين عناصر إجرامية ومطلوبين جنائيًا، أو مشتبه فى دعمهم للعناصر التكفيرية)، وتدمير 378 وكرًا ومخزنًا للعناصر الإرهابية تستخدمها للاختباء، وتخزين الاحتياجات الإدارية والطبية، والأسلحة والذخائر والألغام، والمواد التى تستخدم فى تصنيع العبوات الناسفة.
كما  تم – وفقًا لبيان المتحدث العسكرى -اكتشاف وتدمير 177 عبوة ناسفة، و1500 كيلوجرام من مادة «C4»، وكمية من مادة «TNT».. واكتشاف وتدمير وضبط 57 عربة دفع رباعى، و88 دراجة نارية، و3 فتحات نفق بواسطة قوات حرس الحدود والمهندسين العسكريين على الشريط الحدودى بشمال سيناء [بالتوازى مع ملاحقة العناصر العاملة فى مجال زراعة وتهريب المواد المخدرة]؛ إذ تم تدمير 35 مزرعة بانجو، وضبط 8.3 طن من المواد المخدرة، ومليون و200 ألف قرص مخدر.
.. فتحية اعتزاز لعيون مصر الساهرة، وصقورها، وأبنائها [البواسل] من رجال القوات المسلحة، والشرطة المدنية.