
هاني عبد الله
الجيش والاقتصاد
خلال افتتاح الرئيس للمرحلة الأولى من «مشروعات الزراعات المحمية» أمس الأول (الخميس) بمدينة (الحمام/ مطروح)؛ وجّه السيسي دعوته لـ«رأس المال الخاص» للاستفادة من مشروع «الزراعات المحمية».. إذ كان المشروع - من حيث الأصل - تحت إشرف «جهاز مشروعات الخدمة الوطنية» التابع للقوات المسلحة.
الدعوة هنا، أكثر من مهمة.. إذ تقطع الطريق [نهائيّا] أمام المتربصين بالدور التنموى الذى يلعبه الجهاز (إلى جوار أدوار الهيئات الأخرى التابعة للقوات المسلحة).. وتنفى كل ادعاءات «الاستحواذ»، التى ترددها [أبواق إعلامية] تسعى لترسيخ صورة سلبية عمَّا يحدث [من دون التطرق إلى التفاصيل أو الوقائع].
دعوة الرئيس لـ«رأس المال الخاص» ليست جديدة، فى حد ذاتها؛ إذ سبق أنْ أكد عليها فى أكثر من لقاء، وأكثر من حوار.. لكنه هذه المرَّة، وجّه كلامه لراغبى الاستثمار قائلاً: «هذه أموال الشعب المصرى».
يضع الرئيس هنا - يقينًا - حدًّا فاصلاً أمام من يروجون إلى أن مساهمات القوات المسلحة فى «دعم الاقتصاد الوطنى» ما هى إلا أعمال استحواذ لحساب فئة بعينها من أبناء الشعب.. يضع الرئيس الجميع على «خط البداية» نفسه.. لا فَرق هنا بين مدنى، أو عسكرى.. فالجيش مؤسسة مصرية [خالصة]، وما يتحقق من «إنجازات» هو لحساب جميع أفراد الشعب من دون استثناء.. وعلى من يرغب فى المشاركة، أن يتقدم للأمام من دون أى عوائق.
كثيرٌ من تفاصيل المرحلة الأولى من المشروع، تنفى توجُّه الاستحواذ (جملة وتفصيلاً).. إذ ساهم فيها إلى جوار القوات المسلحة عددٌ من الشركات (المحلية والأوروبية)، فضلاً عن «الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة».. لكن.. لا ينفى هذا أنّ «رأس المال» الرئيسى تم تأمينه بمعرفة «القوات المسلحة» ذاتها، عّبْر تأسيس «الشركة الوطنية للزراعات المحمية».
.. والشركة (أي: الوطنية للزراعات المحمية)، هى أحدث شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية [العاملة فى مجال الإنتاج الزراعي].. إذ تم تأسيسها فى العام 2016م، استنادًا إلى قرار رئيس الجمهورية رقم (37) لسنة 1979م بشأن إنشاء جهاز مشروعات الخدمة الوطنية (المُعدل بالقرار رقم: 583 لسنة 1980م)؛ للعمل فى مجال «الزراعة داخل البيوت الزراعية» (الصُّوَب) باستخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة.. كما تُعَد الشركة أكبر الشركات الزراعية [المتكاملة] العاملة فى هذا المجال بمنطقة «حوض المتوسط».
وبهذا التأسيس.. تصبح الشركة، هى الشركة رقم (11) من بين شركات الجهاز العاملة فى مجال «الإنتاج الزراعى والصناعات الغذائية»؛ إذ سبق أن أَسس الجهاز (على مدار 38 عامًا مضت) 10 شركات أخرى، كانت على سبيل الحصر:
(1)- قطاع الأمن الغذائى.
(2)- الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية (شرق العوينات).
(3)- الشركة الوطنية للإنتاج الحيوانى.
(4)- شركة مصر العليا للتصنيع الزراعى واستصلاح الأراضى (الفراعنة).
(5)- الشركة الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية (صافي).
(6)- الشركة الوطنية للصناعات الغذائية بـ«رفح».
(7)- شركة مكرونة «كوين».
(8)- مُجمع إنتاج البيض المتكامل.
(9)- الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية.
(10)- الشركة الوطنية للتبريدات والتوريدات.
وهو ما يعنى أن «الجهاز» يمتلك بالفعل استراتيجية [متكاملة] لدعم القطاع الزراعى من الناحيتين: (الإنتاجية والتصنيعية).. إذ تطورت ممارساته - عَبْر سنوات خلت - من الإنتاج فى الأرض المكشوفة (الزراعات التقليدية) إلى استغلال الإنتاج نفسه تصنيعيّا.. وانتهاءً بالاعتماد على «التكنولوجيا الحديثة»؛ لمضاعفة الإنتاج الزراعى، فى ظل تقلص مساحة الأرض الزراعية (بشكل عام، نظرًا للزيادة السكانية)، والكلفة العالية لعمليات الاستصلاح، وانخفاض مستوى إنتاجية الأرض القديمة فى عديدٍ من مناطق الوادى والدلتا.
.. وهو ما يعنى - أيضًا - أنّ الجهاز كان يعمل طوال السنوات الماضية على أن يتلافى العيوب التى فاقم من تداعياتها ترهل القطاع الإدارى بالدولة (بشكل عام)، والقطاع الزراعى (بشكل خاص)؛ من أجل تأمين الغذاء (الأمن الغذائي) لأبناء الدولة المصرية.. وهو ما ظهرت نتائجه للكافة فى حجم مشروعات «القطاع الزراعى»، التى تم افتتاحها أخيرًا.
ومع ذلك.. لم يقتصر دور «جهاز مشروعات الخدمة الوطنية» - فى سياق عمليات تأمين الخدمات الجماهيرية - على النواحى الزراعية فحسب.. إذ ثمة 4 قطاعات إضافية تحظى باهتمام الجهاز، هي:
(أ)- مجال التعدين.
(ب)- مجال الخدمات العامة والمتخصصة.
(ج)- مجال الإنشاءات والبنية الأساسية.
(د)- مجال الصناعات المتخصصة.
يضم «مجال التعدين» 5 شركات مختلفة، هي:
(1)- قطاع التعدين والمناجم: ويعمل فى مجال استخراج الخامات والمعادن ومستلزمات البناء (الألبايت/ الرمل الزجاجي/ الرخام/ الجبس/ البنتونيت/ الحجر الجيري/ الطَّفلة/ الرمل/ الزلط/ الفوسفات/ البازلت/ الملح/ الدلميت/ الملح الصخرى/ البريشيا).
(2)- الشركة الوطنية للرمال السوداء: وتعمل على فصل المعادن الثقيلة من الرمال السوداء الموجودة بمنطقة البرلس (كفر الشيخ)؛ لتطهير المنطقة الشاطئية، واستخلاص خامات: (الألمانيت/ الزيركون/ الجارنت/ الروتال/ المجناتيت/ المونازيت).. ومن المُعد أن يمتد نشاط الشركة خلال الفترة المقبلة للعمل بمناطق أخرى بالجمهورية.
(3)- الشركة الوطنية المصرية لاستكشاف وتنمية البترول: وهى من الشركات المؤسسة حديثًا (بالعام 2016م) كشركة مساهمة مصرية [مع كل من: الهيئة المصرية العامة للبترول، والشركة العامة للبترول]؛ من أجل تدعيم مصادر الثروة، بما يحقق أهداف الدولة الخاصة بالتنمية، وتأمين مصادر الطاقة بأسعارٍ مناسبة.
(4)- الشركة الوطنية للرخام والجرانيت: وهى شركة مساهمة مصرية تعمل فى مجال استخراج وتقطيع وتصنيع الرخام والجرانيت.. وتساهم فى دعم وتنمية شبه جزيرة سيناء، عبر إقامة مجمع صناعى للرخام والجرانيت بالمليز بطاقة إنتاجية 1.8 مليون متر مربع سنويّا.
(5)- شركة شلاتين للثروة المعدنية: وهى شركة مساهمة مصرية تعمل فى مجال استخراج الذهب والمعادن من مناطق: (شلاتين/ أبورماد/ وادى العلاقى)؛ للقضاء على ظاهرة التنقيب العشوائى.
ويشمل مجال «الخدمات العامة والمتخصصة» 4 شركات، هي:
(1)- شركة النصر للخدمات والصيانة (كوين سيرفس): وتعمل فى مجالات: التأمين، والحراسة، والنظافة، والتجميل، وأنشطة شئون البيئة.. بالإضافة إلى إدارة الفنادق والمنشآت السياحية.. وأعمال صيانة المعدات، وتجديد السيارات.
(2)- الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المواد البترولية (وطنية): وتعمل فى مجال تسويق المنتجات البترولية: (بنزين/ سولار/ زيوت/ سوائل خاصة)، من خلال محطات خدمة تموين السيارات.
(3)- الشركة الوطنية للمعارض والمؤتمرات الدولية: وهى من الشركات التى تم تأسيسها حديثًا (بالعام 2017م)؛ لإدارة المعارض والمؤتمرات الخاصة بالقوات المسلحة، وتشجيع إقامة المؤتمرات والمعارض الدولية والإقليمية والمحلية.. وتنفيذ فاعليات المنتديات والندوات التثقيفية.. واستضافة العروض والأعمال (الفنية/ المسرحية).. واستقدام العروض العالمية.
(4)- الشركة الوطنية لخدمات الاتصال: وهى شركة تم تأسيسها منذ 8 أشهر فقط (مايو 2017م)؛ لتقديم خدمات الاتصالات من خلال القمر الصناعى المصرى.
ويحتوى مجال «الإنشاءات والبنية الأساسية» على 5 شركات، هى:
(1)- الشركة الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات: وهى شركة تعمل فى مجال التشييد والبناء والبنية التحتية [لحساب جميع أجهزة الدولة].
(2)- الشركة الوطنية لإنشاء وتنمية وإدارة الطرق: وتعمل فى مجال إنشاء وتنمية وإدارة الطرق السريعة، التى تُكلف بها من قبل الأجهزة المختصة.
(3)- شركة العاصمة الإدارية الجديدة: وهى شركة تم تأسيسها فى 21 إبريل من العام 2016م.. وذلك بالشراكة بين أجهزة القــوات المسلحة (جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بنسبة 29.4 %.. وجهاز مشروعات الأراضى بنسبة 21.6 %) مع «هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة» بنسبة 49 % ؛ للعمل على إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة.
(4)- شركة بورسعيد للتنمية الصناعية المتكاملة: وهى شركة مساهمة مصرية، تقتصر نسبة الجهاز فيها على 24 % فقط، وفقًا لقانون 38 لسنة 2002م (والتعديلات الواردة بالقانون 27 لسنة 2015م).. وذلك بهدف إدارة وتنمية وتطوير وتسويق وتشغيل المناطق والمجتمعات الصناعية والاقتصادية وصيانة وتشغيل المرافق بها.
(5)- الشركة الوطنية للاستثمارات (سيناء): وهى شركة مساهمة مصرية، تم تأسيسها فى 8 مارس من العام 2016م.. ونسبة الجهاز بالشركة 43 %.. بينما يستحوذ بنك الاستثمار القومى على النسبة الأكبر 47 %.. وتتوزع النسب الباقية على كل من: الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء 7 % ومحافظة شمال سيناء 3 %.
ويضم مجال «الصناعات المتخصصة» 6 شركات، هي:
(1)- شركة النصر للكيماويات الوسيطة: وتُعد من كُبرى الشركات التى تعمل فى مجال إنتاج الأسمدة والمخصبات الزراعية والغازات الصناعية وشبه الصلبة والسائلة والكلور والصودا الكاوية والأحماض المختلفة، وإنتاج «الأيروسولات».
(2)- شركة العريش للأسمنت: وتعمل فى مجال إنتاج مواد البناء (الأسمنت/ الرخام/ الطوب/ البلاط/ الخرسانة المسلحة) كسلع استراتيجية؛ للحفاظ على ثبات واستقرار الأسعار فى السوق المحلية.. إلى جانب دعم وتنمية محافظة شمال سيناء.
(3)- الشركة العربية العالمية للبصريات: وتعمل فى مجال تصنيع الأجهزة والمعدات البصرية والحواسب الآلية، وأجهزة تسوية الأرض بالليزر، ومعدات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، ولمبات الليد، وأجهزة الفحص والاختبار، ومعدات السينما ثلاثية الأبعاد.
(4)- الشركة الوطنية للبطاريات: وهى شركة تنتج 10 أنواع مختلفة من البطاريات.. كما تُسهم فى إعادة تدوير مكونات البطاريات؛ بهدف خفض تكاليف الإنتاج.
(5)- مصنع إنتاج مشمعات البلاستيك: بهدف إنتاج المشمعات البلاستيكية الخاصة بالأنفاق والصوب الزراعية.. إلى جانب مواد التعبئة والتغليف.
(6)- شركة صلب مصر (السويس للصلب): وهى شركة مساهمة مصرية، يستحوذ جهاز مشروعات الخدمة الوطنية على نسبة 82 % منها.. وتستهدف إنتاج الصلب بمراحله المختلفة (اختزال/ صهر/ درفلة).
بنظرة عامة على إجمالى شركات الجهاز (31 شركة)؛ يُمكننا ملاحظة أن العديد منها تم تأسيسه منذ سنوات؛ بغرض تأمين الاحتياجات الاستراتيجية للسوق المحلية، والإسهام فى عملية التنمية.. وأن الحديث منها كان إمَّا لتأمين تكنولوجيا التصنيع والإنتاج، أو للحفاظ على الثروات الطبيعية، أو للإسهام فى «الأمن الغذائى».. وإمَّا بغرض تنفيذ مشروعات محددة (شركة العاصمة الإدارية نموذجًا).
وأن العديد من تلك الشركات، لم يخرج عن كونه شركات «مساهمة مصرية» بالتعاون مع قطاعات مختلفة من مؤسسات الدولة ذاتها؛ لأهداف تتعلق بالأمن القومى المصرى (الشركات العاملة فى شبه جزيرة سيناء نموذجًا).
كما أنه من الطبيعى - كذلك - أنّ حجم الاستثمارات [بالمشاريع القومية الأخيرة]، التى كشف عنها السيد الرئيس خلال مؤتمر «حكاية وطن» (نحو 2 تريليون جنيه)، لا يُمكن تأمينها بمعزل عن الشراكات الاستثمارية مع القطاعات المدنية المختلفة.
.. ومن ثمّ؛ كان من الطبيعى، أيضًا، أن تتجدد الدعوة للاصطفاف الوطنى (بين المدنى والعسكري) من أجل البناء والتعمير.. والتحرك نحو مستقبل أكثر استقرارًا.