الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أنا.. و«روزاليوسف» أيام لها تاريخ!

أنا.. و«روزاليوسف» أيام لها تاريخ!


«دفعت أول قرش لكي أشتري «روزاليوسف» وأنا في العاشرة من العمر، بدأت في هذه السن أشتريها، لا لكي أقرأها ولكن لكي أمزقها وأشعل فيها النار، كان ذلك سنة 1937».
بهذه الكلمات الصادمة والمؤلمة اعترف الأستاذ الكبير أحمد بهاء الدين وهو يروي تاريخه  ومشواره الصحفي مع «روزاليوسف» المجلة والسيدة!

في ذلك الوقت كا ن «أحمد بهاء الدين» تلميذًا في السنة الأولي بمدرسة الإبراهيمية الثانوية، وفي تلك السنة اشتعل الخلاف الحزبي في مصر اشتعالاً شديدًا، فقد انشق «السعديون» عن حزب الوفد وأقيلت وزارة «مصطفي النحاس باشا» وانتشرت إضرابات الطلبة في جميع المدارس»!
ومن هنا بدأت حكاية «أحمد بهاء الدين» الذى يرويها قائلا:
« كنت في ذلك الحين تلميذًا وفديًا متطرفًًًا، وكان زعيم مدرسة الإبراهيمية الثانوية - وزعيمي أيضًا - شابًا نحيلاً اسمه «زكي هاشم»
 - أصبح الآن الدكتور زكي هاشم - وكان متأثرًا بمدرسة «مكرم عبيد» في الخطابة، فلا يخطب إلا بالسجع، وعقب كل سجعة كنت أنا وسائر الأولاد المشاغبين من تلاميذ سنة أولي يلهبون أكفهم بالتصفيق، وربما تمادينا في الشجاعة فخرجنا من هدوء جاردن سيتي إلي شارع قصر العيني نفسه وعطلنا حركة المواصلات!
في هذا الجو كانت الخلافات الحزبية بيننا  نحن التلاميذ متأججة دائمًا، وكنا  نحن الوفديين لا نكف عن مناقشة السعديين ومصر الفتاة والأحرار الدستوريين.
وعرفت لأول مرة أن «روزاليوسف» مجلة أسبوعية تشن على «الوفد» أعنف الحملات، كان باعة الجرائد يأتون بها ويصيحون باسمها علي أسوار المدرسة فيندفع خصومنا إلى شرائها وقراءتها وترديد مقالاتها وتعليق النكت المنشورة فيها علي الحائط!
فماذا نصنع؟! إن المجلة المدرسية التي نصدرها لا تسمح لنا المدرسة بأن نكتب فيها حرفًا واحدًا عن السياسة! وكل المنطق السياسي الذي «ننبح» أصواتنا فيه، تفسده نكتة واحدة مقصوصة من «روزاليوسف» ومعلقة على الحائط!
 قررنا أن نتبع خطة أخري.. قررنا أن نشتري كل الأعداد من باعة الصحف عند سور المدرسة، وأن نضعها في كومة واحدة وسط فناء المدرسة ونشعل فيها النار فلا يقرأها أحد! ونفذنا هذه الخطة أسبوعين متواليين. . كنا نجمع مصروفنا طوال الأسبوع كله لكي نشتري به الأعداد ونشعل فيها النار.. وبذلك اشتريت «روزاليوسف» لأول مرة!
ولكننا بعد أسبوعين اكتشفنا أن الخطة ستنقلب علينا، أن الباعة يأتون كل مرة بمزيد من الأعداد، وبعد أن نحرق الأعداد يأتون بأعداد أخري يقرأها الطلبة! ومصروفنا لا يكفي لشراء كل النسخ التي تطبعها «روزاليوسف»!
لقد وصل «بهاء» إلي درس العمر والذي ظل راسخًا في وجدانه ويقينه حتي آخر العمر إذ يقول:
«ولعل هذا كان أول درس عملي في حياتي تعلمته عن حرية الرأي! إن منع الرأي المخالف لرأيك بأي طريق من الطرق لا يخدم رأيك! إن كل النيران التي في الدنيا لا يمكن أن تلتهم رأيًا واحدًا، إذا كان هذا الرأي صائبًا، ولعلها تخدمه إذا كان هذا ضارًا،  إن الطريقة الوحيدة هي أن تصطدم الآراء وتناقش علنًا وفي حرية إذا كنت تحب المجتمع أكثر مما تحب رأيك المنسوب إليك».
وبدأت أشتري «روزاليوسف» لأقرأها بعناية وأناقش ما فيها، أوصيت بائع الصحف لكي يحضرها إلي البيت مبكرًا حتي أقرأها قبل أن أذهب إلي المدرسة، حتي أذهب وفي رأسي ردود  حاضرة علي كل شيء فيها! وكنت أحيانًا أخفي عن التلاميذ في سنة أولي ثانوي أنني قرأت «روزاليوسف» قبل أن آتي إلي المدرسة وأقول لهم: لعل خصوم الوفد سيقولون كذا.. والحقيقة هي كذا.. وكان التلاميذ حينئذ يعجبون بشطارتي في السياسة!
ومرت الأيام.. ومرت الأعوام وأصبح تلميذ سنة أولي ثانوي شابًا يحمل ليسانس الحقوق ويعتبر  نفسه  المحامي الأول لكل القضايا التي  يراها عادلة في العالم، ويحلم بشيء واحد مباشر هو أن يشتغل بالصحافة»!
>>
في تلك الأيام - منتصف الأربعينيات  من القرن الماضي - كانت مجلة «الفصول» التي أسسها ويرأس تحريرها الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ «محمد زكي عبدالقادر» وكان بهاء مثل غالبية جيله من قرائها، فقد كانت من أهم المجلات الثقافية في مصر والعالم العربي.
وتشاء الصدفة - وكان ذلك عام 1947 - مرور نصف قرن علي وفاة المفكر الكبير «جمال الدين الأفغانی» وكتب أحمد بهاء الدين دراسة مطولة عنه، وبعث في مظروف مغلق باسم «رئيس التحرير» ليجدها بعد أسابيع قليلة منشورة كاملة في المجلة، وهكذا بدأ رحلته في الكتابة المنتظمة وسرعان ما أصبح مديرًا لتحريرها ومسئولاً عن اختيار المقالات والدراسات وبدون أي مقابل مادي!
وفي عام 1951 يصدر بهاء كتابه الأول «الاستعمار الأمريكي الجديد أو برنامج النقطة الرابعة» على  نفقته الخاصة ويلفت انتباه الوسط الصحفي والسياسي إلي مولد كاتب سياسي جديد ؛ وبعدها بحوالي عام تبدأ رحلة بهاء مع «روزاليوسف» الذي يرويها بقوله:
«كان ذلك فی أوائل سنة 1952 وكان «إحسان عبدالقدوس» يقود من مجلة «روزاليوسف» معركة باسلة ضد فساد الإنجليز والقصر، وذهبت ذات صباح إلي مبني المجلة القديم وأعطيت بواب المجلة مقالا في مظروف يحمل اسم «إحسان عبدالقدوس» الذي لم أكن أعرفه ولم يكن بالطبع يعرفني، وكان مقالا ليس سهلا فيه تعليق عنيف علي الميزانية الجديدة للدولة في ذلك الوقت وقراءة في أرقامها التي كانت تستورد وقتها المجوهرات والفراء دون ذكر أية أداة إنتاجية واحدة، ولم يكن هذا القاموس واردا في تلك الأيام».
وفي يوم الاثنين التالي مباشرة، اكتشفت أن «روزاليوسف» قد صدرت وقد نشر فيها هذا المقال افتتاحية بعناوين كبيرة، وفي آخرها توقيع شاب مجهول تمامًا هو أنا.. مجهول للقراء ومجهول لصاحب الجريدة ورئيس التحرير!
هذا التصرف غير المألوف عندنا الآن اختصر عشر سنوات علي الأقل من كفاحي الصحفي لأشق طريقي في مهنة الصحافة، ولو كانت هذه الروح عندنا في شتي مجالات الحياة لاختصرت بلادنا كلها عشرات السنين في طريق التقدم».
وفي إحدى المرات أعطيت البواب مقالا فيه حملة علي الافتتاحية السابقة لرئيس التحرير ودهشت أكثر عندما وجدت المقال منشورا في نفس المكان بلا زيادة أو نقصان!
ومرت الأسابيع وأنا أكتب هذه الكلمة الأسبوعية دون أن أعرف مخلوقا في «روزاليوسف» ودون أن يعرفني مخلوق! كان بعض الناس يسألونني أحيانًا عن صحة فلان أو فلان في الدار، فلا أعرف كيف أجيب! لأنهم لن يصدقوا أنني لا أعرف إلا البواب!
وكان بعض الناس يسألون «إحسان» عني فيقول إنه لا يعرفني فيضحكون ولا يصدقون، وفي إحدى الليالي كنت ساهرًا في حجرة الأستاذ «كامل الشناوي» في جريدة الأهرام في ذلك الوقت، والحجرة مزدحمة، جاء «إحسان» وجلس قليلا، ثم انصرف واستنتجت أنا من شكله أنه «إحسان»، أما هو فقد صافحني وانصرف دون أن يعرف أنني المحرر الأسبوعي عنده!
وفي ذات صباح أعطيت المقال كالمعتاد للبواب وانصرفت، وقبل أن أخطو خطوتين وجدت البواب يعود مسرعًا، وكأنه يريد أن يقبض عليّ، ثم جاء خلفه الزميل «عميد الإمام» الذي رأيته لأول مرة فقال لي إنه سكرتير تحرير المجلة، وأنه قد أعطي تعليمات للبواب بالقبض عليّ وتسليمي له، لكي يسلمني هو إلي رئيس التحرير.
ودخلت مع عميد الدار لأول مرة، وعرفت «إحسان» لأول مرة، وجلست علي مكتب في دار «روزاليوسف»  لأول مرة!
>>
كان آخر ما يخطر علي بال الكاتب الشاب «أحمد بهاء الدين» (25 سنة) تلك المعاملة الغريبة والتجاهل المريب من السيدة «روزاليوسف» فيقول:
«عندما بدأت العمل في دار روزاليوسف كان الوقت صيفًا، وكانت السيدة «فاطمة اليوسف» في الإسكندرية، فمضي شهر أو يزيد تقريبًا وأنا أعمل في الدار دون أن أتعرف علي صاحبتها أو حتي أراها.. ثم بدأت السيدة «فاطمة اليوسف» تظهر في الدار وكانت معاملتها لي مفاجأة غريبة، كانت غير معترفة بوجودي تمامًا، أقابلها علي سلم الدار أو في إحدى الصالات أو في مكتب «إحسان» فلا تحييني ولا تسألني عن عملي، بل ولا تقف عيناها عندي لحظة واحدة!! وقد تمر بالغرفة التي أجلس فيها فتحيي من تصادفه ما عداي!!
وإذا تصادف ولمحتها تنظر إليّ وجدت أن التعبير المرتسم علي وجهها أقرب إلي الضيق وعدم الرضا والاحتجاج..
وقد ظل عملي في المجلة يتسع وهي متمسكة بموقفها من تجاهلي، ولم يكن أمامي إلا أن لا أنتبه إلي تجاهلها لي، ما دمت لا أعرف له سببًا!!
وقد عرفت منها بعد ذلك، أن مقالاتي لا تعجبها! وكانت تقول إنني أكتب في مسائل اقتصادية معقدة تحتاج إلي تبسيط أكثر من ذلك، وعرفت بعد ذلك أيضًا أن هذه المعاملة الغريبة جزء من طبيعتها، فهي لا تأنس للغريب بسرعة، وإحساسها الأول نحو الذين لا تعرفهم هو إحساس الانكماش والإعراض، ما لم تكن لديها فكرة سابقة دقيقة عنهم، كذلك فإن رضاها عن الأشياء صعب واقتناعها لا يتكون بسهولة!!
وفي تلك الأثناء قامت ثورة 23 يوليو 1952، وكتبت كتاب «فاروق ملكًا» محاولاً أن أؤرخ فترة حكم «فاروق» وأن أحلل أسباب انهياره لتكون لنا دليلاً وهاديًا! وقرأ «إحسان» الكتاب وكتب له مقدمة، وقال إنه سيطبع منه ستين ألف نسخة ووقع قلبي!! إنني لم أكتب في الصحف بانتظام إلا منذ ثلاثة شهور فقط، ولم أصدر سوي كتاب واحد عن «النقطة الرابعة» طبعت منه ألف نسخة فقط فكيف أطبع الآن ستين ألفًا!!
وبدأت أحاول إقناع «إحسان» بأن نطبع عشرة آلاف فقط، إن ستين ألفًا رقم غير معقول بالنسبة لأي كتاب مصري أو أي كاتب مصري!!
وكان «إحسان» يقول لي: إن الدار هي التي ستتحمل مسئولية الخسارة وأن أجري علي الكتاب لا علاقة له بالبيع والشراء، ولم يكن هذا هو الذي يعنيني، كنت أفضل أن يطبع عدد قليل وينفد الكتاب، وكنت أتصور منظر الكتاب مكدسًا في الأسواق فأدوخ!!!
وأخيرًا، اقتنع إحسان بأن نطبع خمسين ألف نسخة فقط وبقيت أنتظر نتيجة التوزيع في قلق نسيته منذ اليوم الذي جلست فيه أنتظر نتيجة امتحان الليسانس الذي دخلته دون استعداد!!
ومرت ثلاثة أيام ودخل الساعي إلي مكتبي يقول: الست عايزاك!!
وذهبت إليها، وأنا أتوقع عاصفة فلا بد من سبب هائل.. وماذا يكون السبب إلا أن ثلاثين أو أربعين ألف نسخة من الكتاب قد عادت إلي قواعدها في مخازن الدار!! ودخلت مكتبها لأول مرة لأجد مفاجأة مذهلة! أن السيدة «فاطمة اليوسف» تبتسم!! بل وتربت علي كتفي كأم حنون وتمسح في لحظة واحدة تجاهلي لثلاثة شهور..
وعرفت منها أن الكتاب قد نفد! وأن هذا كان سبب الاعتراف بي أو كان أوراق اعتمادي في بلاطها..
ولأن الكتاب كان ينطوي علي رأي محدد في تاريخ مصر وسياستها من سنة 1936 إلي سنة 1952، فقد بدأت بيني وبين السيدة «فاطمة اليوسف» مناقشات طويلة متشعبة استغرقت ما تستغرقه دورة كاملة للأمم المتحدة!! إن هذه الفترة بالنسبة لي مجرد تاريخ قرأت أغلبه في الصحف والكتب والمراجع، أما بالنسبة لها فهذه الفترة قطعة من حياتها العملية التي تعرضت فيها للهجوم والدفاع والكسب والخسارة والسجن والتحقيق والمحاكمات!
وبعكس إحساسي الأول نحوها وجدت أن لديها تقبلاً واسعًا للرأي الحر مهما كان، واحتدمت بيننا مناقشات عنيفة علي الأشخاص والأحداث في تلك الفترة الماضية، وكثيرًا ما هاجمت أشخاصًا كانت تؤمن بهم، أو دافعت عن أشخاص كانت هي تعرف نقائصهم، ولم تأخذ هذا علي أنه تجريح لتجربتها السياسية خلال عشرات السنين بل كانت تناقشني بلا يأس ولا ملل.
كنت في ذلك أكتب في «روزاليوسف»، وأنا ما أزال موظفًا في الحكومة، وبدأت السيدة «فاطمة اليوسف» تضغط عليّ لكي أستقيل وأتفرغ للصحافة، كانت تقول لي: إن الوقت الذي أنفقه كل يوم في التحقيق أو مراجعة القضايا وقت ضائع لأنني لا أنتج فيه ما يناسبني!
وكنت أقول لها إنني أهوي الصحافة ولا أريد أن أحترفها وأنني أري في الصحافة وظروفها أشياء كثيرة لا تريحني وتجعلني أنفر من الارتباط بها، وأنني أريد أن أبقي مستغنيًا عن الصحافة.. أكتب أولا أكتب كما أشاء.. بل وكنت أفكر أحيانًا في ترك الكتابة الصحفية والانصراف إلي وضع الكتب والدراسات.
وكانت هي تسخر من موقفي وتروي عشرات القصص عن الذين بدأوا هكذا في «روزاليوسف»، ثم استقالوا من الحكومة وكيف أن «التابعي» كان يكتب كهاوٍ ولا يريد أن يحترف الكتابة إلي أن أقنعته هي بأن يستقيل من وظيفته في مجلس النواب!
وكانت تقول لي إن الارتباط الحقيقي بالرأي هو أن تلقي نفسك في بحره فتتعلم العوم، أما أن تبقي هكذا جالسًا علي شاطئ السياسة تبلل قدميك بمائها وأنت في منجاة من أمواجها العالية فهو ما لا يمكن أن يدوم!! وبقي الموقف هكذا إلي أن بدأت السيدة «فاطمة اليوسف» تكتب مذكراتها وتنشرها في مجلة «روزاليوسف»، كنت أقرأ هذه المذكرات فأنفعل بها حقًا، وأتأثر بقصة الجهاد العنيف والمغامرة الهائلة التي انطوت عليها!!
وكانت السيدة «فاطمة اليوسف» خلال فترة كتابتها ونشرها لا تكف عن تذكر الأحداث بحلوها ومرها، كأن الضوء قد سقط فجأة علي كل أيام حياتها، فهي تارة تكاد تكون مرتاعة: كيف مرت بكل هذه الخطوب الرهيبة؟! وتارة مغتبطة بما حققت من انتصارات!!
ولا تعرف السيدة «فاطمة اليوسف» أن قصة حياتها هي التي جعلتني أقرر انتهاز أول فرصة للاستقالة من الحكومة والتفرغ للصحافة.. لقد قارنت بين حياتي وحياتها، قارنت بين حياتي الهادئة المضطردة وبين حياة فتاة يتيمة وحيدة اعتلت خشبة المسرح فصنعت مجدًا ثم اقتحمت ميدان الصحافة فصنعت مجدًا آخر.. وحاربت سنوات طويلة وظهرها إلي الحائط.. بل وأحيانًا دون أن يكون هناك حتي الحائط لكي يحمي ظهرها..
وكان أن استقلت بالفعل وتفرغت للعمل في بلاط «روزاليوسف»!!
>>
وهكذا بدأ مشوار الكاتب الكبير «أحمد بهاء الدين»، وكان آخر منصب تولاه هو رئاسة تحريرها ورئاسة مجلس إدارتها، وقبل رئاسة تحرير مجلة «صباح الخير» لكي يبقي أهم وأصعب درس تعلمه «بهاء» عن «روزاليوسف» الذي هو في الأساس سر نجاحها وتألقها حيث يقول:
«إن روزاليوسف لا تهتم بالقديم والجديد، لا تفضل القديم لأنه قديم، ولا ترفض الجديد لأنه جديد، وهي لا تهتم أن تضع الاسم الجديد في أبرز مكان منها إذا كانت تراه جديرًا بذلك! أنت لكي تشق طريقك فيها لا تحتاج إلي واسطة، ولا إلي سمعة قديمة، ولا إلي صداقة.. عليك أن تجيد عملك لا أكثر ولا أقل! أنت لكي تكتب فيها لست مطالبًا بأن تعتنق رأيًا معينًا أو تطبل لسياسة ما، إنما تكتب رأيك كما يمليه عليك ضميرك.. بشرط واحد هو أن يكون ضميرك ضميرًا وطنيًا نزيهًا لا يعلق به تراب شبهات.
إنها لا تغلق الباب ولا تضع العراقيل أمام أي دم جديد أو عقل جديد أو موهبة جديدة، إن بابها لا يدخل منه شيخ واحد، ومن يدخلها شابًا لا يشيخ فيها أبدًا، ومن يشيخ لا يجد لنفسه مكانًا، لأن الشباب سرعان ما يزاحمه، والشباب والشيخوخة هنا ليسا بالسن ولكن بالقلب والعقل والإحساس».
انتهي ما كتبه الأستاذ بهاء - بهاء الصحافة العربية وليس المصرية فقط، وهو درس دائم التجدد ويظل «بهاء» درسًا استثنائيًا في فن النجاح.>