الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
العبوا غيرها.. إلا الأزهر

العبوا غيرها.. إلا الأزهر


يحلو للبعض من وقت لآخر شن الهجوم على الأزهر الشريف وشيخه الطيب الجليل.. بينما يشكك البعض الآخر فى دوره التنويرى ويتهمونه بإيواء المتطرفين وراحوا يبحثون فى دفاترهم ويحشدون قواهم ليخرجوا لنا بمشروع قانون فى محاولة منهم للنيل من مكانته كى ينتقصوا من مكانة شيخه العظيم!
وأقول لهؤلاء: ليس من الفضيلة أن تحملوا معاول الهدم وتصحبوا معكم «البلدوزرات» لتكسير أعرق مؤسسة دينية عرفها التاريخ بزعم تجديد الخطاب الدينى أو تطوير المناهج والفكر الدينى.
فالنعرات التى تطلقونها «عمال على بطال» سواء كان ذلك عن علم أو عن جهل بالأمور وتشككون من خلالها بالدور العظيم الذى يقوم به الأزهر وشيوخه الكرام، كل ما تفعلونه لن ينال من العملاق السنى وعظمته، فالأزهر هو الذى يقوم بنشر الوسطية والاعتدال فى ربوع الأرض وتعزيز قيم التسامح والسلام والحوار بين الأديان المختلفة وهو حامل راية التعايش وترسيخ ونشر سماحة الإسلام على مر العصور.
الأزهر كان وسيظل حائط الصد القوى والمنيع لكل أشكال ودعاوى التطرف الدينى والكراهية.. كما أنه هو الذى حمى مصر والعالم الإسلامى من الخوارج وطوائفهم ومذاهبهم البعيدة عن سماحة الأديان حتى وهو فى أضعف حالاته.. ولذلك يجب علينا أن ننتبه إلى ما يحاط ويحاك ضد هذه المؤسسة الدينية العريقة وما يراد بها من كيد وما يراد بها من شر ليظل الأزهر المنارة الدينية الوحيدة التى تُصدر علماء الإسلام إلى كل أنحاء الدنيا.
كما أقول لأصحاب دعاوى التغيير والتجديد للخطاب الدينى إنكم تتبنون أفكارًا فى ظاهرها الرحمة وفى باطنها السم والعذاب.. كما أنكم بذلك تسيئون لهذا الجامع والجامعة العريقة بعبارات غير محسوبة.. وإذا كان الأزهر يعد قمة الهرم السنى على مستوى العالم الإسلامى فإنكم بذلك تساعدون من يحاول قنص هذا الدور والاستحواذ عليه من بعض البلدان الأخرى التى تنفق الكثير من الأموال فى سبيل ذلك دون أن تدروا وتساعدون كذلك أجندات غريبة عن الإسلام والمسلمين تتوارى معها تمامًا أجندات التفجير والتدمير والنسف وهؤلاء يقصدون من وراء ذلك ضرب الاستقرار وزرع بذور الفتنة وهو أسلوب يتبعه دائمًا المستعمرون!
فسمعة الأزهر العالمية يجب ألا تنتقص أو تمس أو أن يكون حل مشاكله على لسان القاصى والدانى وكل من «هب ودب»!
فتجديد الخطاب الدينى الذى يدور على ألسنة الكثيرين وأقلامهم يزداد غموضًا والتباسًا وإبهامًا من كثرة ما تناولته وسائل الإعلام بغير إعداد علمى كاف لبيان مفهوم التجديد!
وهنا أتساءل: هل كل الأزمات والمشاكل الأمنية والسياسية التى يعانى منها عالمنا الإسلامى يقف وراءها عدم تجديد الخطاب الدينى وكذلك التحديات التى تقف عائقًا أمام نهضة وتقدم بلادنا؟!
وتأتى الإجابة هنا على لسان فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ وإمام الجامع الأزهر الذى قال فى مؤتمر عن «تجديد الفكر والعلوم الإسلامية» إنه من المضحك أن هؤلاء يزعمون أنهم جاءوا لتجديد الخطاب الدينى وأن العناية الإلهية بعثتهم ليجددوا لنا أمر ديننا وهكذا فى ثقة يحسدون عليها ونسوا أو تناسوا أن التجديد ضرورة.. فالتجديد إن لم يكن هو والإسلام وجهين لعملة واحدة فإنه على أقل تقدير أحد مقوماته الذاتية.. وإذا تحققت تحقق الإسلام نظامًا فاعلاً فى دنيا الناس.. وإن تجمد فإن الإسلام يتجمد وينسحب من مسرح الحياة، ومن الغريب أن يظل مصطلح التجديد فى الإسلام وفى عهدنا الحالى من المصطلحات المحفوفة بالمخاطر والمحاذير بسبب الاتهامات التى تكال جزافًا.. ويستطرد الشيخ قائلاً: إن القدرة على التجديد أو التجدد الذاتى هى التعبير الدقيق عن خاصية المرونة وهى الوجه الآخر لمعنى صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان.. ولولا التجديد ما استطاعت هذه الرسالة - الإسلام - أن تنتشر فى الشرق والغرب بين أمم تتغير فيما بينها تغايرًا جذريًا فى شتى مناحى الحياة.
فتحية إلى الأزهر الشريف وشيخه الجليل الذى احتفلت مصر بعيد ميلاده الثانى والسبعين الأسبوع قبل الماضى.. قضاها الرجل فى محراب العلم وجاهد فى سبيل نشر صحيح الدين وإبراز سماحة الإسلام ومحاربة العنصرية والغلو والتطرف ومدافعًا عن صورة الإسلام وواجه ظاهرة «الإسلام فوبيا» وحذر من خطورتها ومتصديًا للفكر المتطرف ومفندًا أباطيله ومفككًا حججه ومتحديًا الإرهاب والإرهابيين ومناصرًا للمسجد الأقصى وقضية القدس الشريف ورافضًا استقبال من زيفوا التاريخ وسلبوا الحقوق.. كما أنه أعاد للأزهر مكانته ورفع هامة الأزهريين.
وأخيرًا أقول: اتركوا الأزهر للأزهريين فهم يعرفون طريق التجديد، فجامعته تعد الأكبر على مستوى العالم إذ تضم نحو نصف مليون طالب مصرى وما يقرب من 50 ألف طالب مبعوث من 105 دول وللأزهر فروع فى ماليزيا وأندونيسيا وباكستان وكازخستان.. ولايزال الأزهر كعبة يحج إليها الناس من كل أقطار الأرض ينهلون من ورده ويقتبسون من نوره منهم من يأتى من أواسط أفريقيا وحتى روسيا ومن أقاصى الهند وبنجلاديش وحتى المغرب.. ويكفى أن نعلم أن هناك أكثر من 150 ألف عالم من علماء الأزهر يؤدون رسالته فى نشر المفاهيم الصحيحة للإسلام وفى أنحاء العالم أكثر من 160 ألفًا من أساتذة الأزهر يدرسون علوم الإسلام وأن خريجيها أصبحوا وزراء ورؤساء دول فى بلادهم.