الثلاثاء 8 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
فتنة «الزر» والثورة على الـ«آيات» الله!

فتنة «الزر» والثورة على الـ«آيات» الله!


قبل أن أدخل إلى قاعة المسرح بمركز الإبداع الفنى بدار الأوبرا المصرية، التى لا تستوعب أكثر من 75 متفرجًا (بعضُهُم وقوفًا)، حرصتُ على الحضور بين الجمهور، وكان أغلبُهُم شبابًا لم تتجاوز أعمارهم الثلاثين عامًا، منهم من حَضَر العرضَ مرةً أو مراتٍ سابقةً، ومنهم من وقف فخورًا لأنه أخيرًا ظفَر بالدعوة المجانية لمشاهدة العرض، لأوَّل مرة، رغم حضوره عشر مرات سابقة لم يُفلِح فيها بأن يحظى بهذه الفرصة.

كنتُ قد عقدتُ العزم على أن أتقمَّص الحالة «الهيكلية» نسبةً إلى (عَمِّنا وتاج راسنا) الجورنالجى الأكبر، الراحل محمد حسنين هيكل، وأكتب عن «إيران» وبشائر الثورة الجديدة التى لاحَتْ ومضاتها فى الأفق، والتى تجاهد حكومة الرئيس حسن روحانى فى قمعِها، بدعم من الحرس الثورى الإيرانى حامى أعمدة دولة «آيات الله» وحافظ كهنوتها الديني، فالأستاذ هيكل له كتابان بارزان وسط أعماله العظيمة، هما «إيران فوق بركان»، وهو أولُ كتُبِه، الذى قصَّ فيه رحلته إلى إيران بعد ثورة مصدق وصدر عام 1951، والكتاب الثانى هو «مدافع آية الله» عن قصة إيران والثورة، وصدر باللغة الإنجليزية، قبل أن يقوم بترجمته الدكتور عبدالوهاب المسيرى لتصدر طبعته العربية (الأولي) عام 1982، وهما كتابان أنصح بهما من ينوى أن يحترق بأحداث إيران الساخنة.
على صعيد آخر، وقفَتْ بعض دول الخليج تتمنَّى تضخُّم الحدث الإيراني، وبالغت وسائل إعلامها فى وصف حجم التظاهرات المعارضة، فاستبشر كارهو «التمدد الشيعي» فى المنطقة، وظنوا اقتراب سقوط «الجمهورية الإسلامية» التى شيَّدَها روح الله الخميني، وأسس دعائمها عقب ثورة شعبية، نجح فى امتطائها هو وصحبه من «آيات الله» من رجالات الدين الشيعي، وأقاموا على أنقاضها فاشيةً شيعيةً، يداها ملوثتان بكل دم عربى أُرِيق منذ مطلع الثمانينيات وحتى اليوم، تتقاسم ذلك مع حليفتها الخفية وعدوها الظاهر.. دولة إسرائيل.
وكانت تظاهرات قد اندلعت الأسبوع الأخير من ديسمبر الماضى احتجاجًا على الصعوبات الاقتصادية، بدأت فى «مشهد»، ثانى كبرى المدن الإيرانية، وسرعان ما امتدَّتْ إلى مدن أخري، وقُتِل فيها نحو 21 مواطنًا، حيث هاجم المتظاهرون مبانيَ حكوميةً ومراكز للشرطة فى بعض المناطق، ونزل عشرات آلاف من الإيرانيين إلى الشوارع للمشاركة فى إسقاط النظام.
وقد حرمنى من أن أحزم أوراقى وأدلف بها أكثر فى هذا الفضاء «الشيرازي»، الأخ دونالد القابع فى البيت الأبيض يداعب «جَوَّالَه» المتدلى من يديه الثملتين من فرط السُّكْر، يقذف بين الحين والآخر بـ«تغريدة» تُشعِل فضاء العالم (الفارغ) وتقلبه من فرط السخرية على هذا «المهرِّج» الذى يدير أكبر دولة فى العالم، ويهذى بين الحين والآخر عبر الـ«تويتر» ليضحك الجميع على (أمريكا وسنينها).
وقبل أن يفجر ترامب فتنة «الزر الأكبر» التى هَزَّت العالم، (مَسَّا) على إيران و«زَرَّها» بأكثر من «تويتة»، وقال فى إحداها: «احترام كبير لشعب إيران الذى يسعى لإسقاط حكومته الفاسدة»! وأضاف الرئيس الأمريكى مخاطبًا الشعب الإيراني: «سترى دعمًا عظيمًا من قبل الولايات المتحدة فى وقت مناسب»!
وقد رأى محللون أن موقف ترامب قد يأتى بنتائج سلبية على مجرى الأحداث فى إيران، ولا يخدم موقف الثائرين الداعى للتغيير الجذرى فى السلطة، وذلك بحسب ما ذكرته صحيفة «ذا تايمز» البريطانية هذا الأسبوع، حيث أكد لها خبراء أنه «ليس من الحكمة أن يدعم الغرب، وخصوصًا ترامب المحتجين، لأن هذا الموقف قد يصبّ فى مصلحة (الصقور) فى إيران»، موضحين أن «أفضل ما يمكن فعله هو الانتظار وترك هذا النظام المعتل يكشف عن طبيعته الحقيقية».
ولأن ترامب (إيده بتاكله)، فقد تسللت تغريداته كالعادة إلى ملفات أخرى خطيرة، فاستدرجه الزعيم الكورى الشمالي، «الفتى الطائش» «كيم جونغ أون»، عندما قال فى خطابه بمناسبة العام الجديد: «الزِرّ النووى موجود دائمًا على مكتبي، وعلى الولايات المتحدة أن تدرك أن هذا ليس ابتزازًا، بل الواقع».
لم يحتمل ترامب ورد عليه قائلاً: «رجاء... هلا أبلغه أحد فى نظامه المنهك الجائع بأننى أيضًا لديَّ زِرّ نووي، لكنه أكبر وأقوى بكثير من زِرِّه كما أن زِرِّى فعال»!
لتشتعل «فتنة الزر»، وتتصدر المشهد، وتطغى على صخب المتظاهرين فى طهران وشقيقاتها من المدن الإيرانية الثائرة.