السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
قنبلة سياسية عمرها 67 سنة تفجرها «روزاليوسف»: يهود مصر يطالبون بضم الوجه البحرى إلى إسرائيل!!

قنبلة سياسية عمرها 67 سنة تفجرها «روزاليوسف»: يهود مصر يطالبون بضم الوجه البحرى إلى إسرائيل!!


منذ 67 عامًا بالضبط انفردت مجلة «روزاليوسف» بكشف أخطر قنبلة سياسية وصحفية للمفكر العربى السورى الكبير «ساطع الحصرى بك».. نشرت «روزاليوسف» القنبلة تحت عنوان مثير وصادم هو «يهود مصر يطالبون بضم الوجه البحرى إلى إسرائيل» وكانت تفاصيله مثيرة وتنشر لأول مرة للقارئ المصري!!
 
تذكرت هذا المقال المهم وأخرجته من بين الأوراق والمقالات المهمة وذات القيمة الكبيرة التى أحتفظ بها، فى ذكرى مئوية وعد بلفور المشئوم الذى أعلنته بريطانيا فى نوفمبر سنة 1917 والذى وصفه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بقوله «لقد أعطى من لا يملك وعدًا لمن لا يستحق!!».
إن أهمية المقال إنه يؤكد وحسب المصادر اليهودية نفسها - حيث لم تكن إسرائيل قد ظهرت للوجود بعد أن أطماعها التوسعية لا نهاية لها أمس واليوم وغدًا، وهى لا تخفى أطماعها بل تنشرها ولا تكتفى بالكلام عنها بل تسعى لتحقيق من مجرد كلام وحلم إلى واقع وكيان واعتراف دولى أيضًا.
والآن إلى مقال «ساطع الحصري» وقد حرصت «روزاليوسف» على التقديم له بعدة سطور مهمة قالت فيها:
«هذا مقال كتبه لمجلة «روزاليوسف» سعادة «ساطع الحصري» بك وزير معارف سوريا سابقًا والمستشار الثقافى للجامعة العربية حاليًا، وهو مقال خطير يصدر عن شخصية مسئولة ولعل الحكومة المصرية تسارع بعد الاطلاع على مقال الكاتب إلى التحقيق فى أمر ما نشر فى مصر وفى صحف أجنبية تصدر فى مصر».
والآن إلى المقال الوثيقة الذى كتبه «ساطع الحصري» على النحو التالي:
«لقد عثرت- قبل مدة تقترب من سنتين- بين الكتب القديمة المعروضة للبيع على إفريز «رصيف» شارع من شوارع القاهرة الجانبية على كتاب استوقف نظرى بعنوانه المثير «يقظة العالم اليهودي» اشتريت الكتاب على الفور وعكفت على مطالعته عقب عودتى إلى الدار.
«يقظة العالم اليهودي»- تأليف «إيلى ليفى أبوعسل»- طبع بمطبعة النظام بالقاهرة سنة 1934، كتاب يقع فى 313 صفحة ومطبوع بالعربية ومهدى إلى «عظيم الإسرائيليين- فرع روضة الفضل الأثيل صاحب السعادة «يوسف أصلان قطاوى باشا»- رئيس الطائفة الإسرائيلية ووزير المالية المصرية سابقًا.. (فى وزارة سعد زغلول).
قرأت  الكتاب بانتباه بالغ وحيرة عميقة وأشرت إلى الأسطر التى كانت مثار هذا الاستغراب!
يقول المؤلف فى مستهل حديثه عن يقظة العالم اليهودي:
تعاقبت الأحقاب وتوالت الأجيال ونحن نخبط خبط عشواء، لا ندرى أين نسير؟! ولا نهتدى إلى سواء السبيل فقد استعصى علينا إماطة اللثام عن تلك الأحاجى التى اكتنفت «أدوار الصهيونية فى مصر» واستفسار الألغاز التى ظلت محدقة بها ردحًا طويلاً من الزمان!!».
ثم يشير إلى مصر قائلاً: «هى المدينة التى ما برح يهود مصر يستقون من مناهلها العذبة ودبت فى كل عضو من أعضائهم «الحرارة الصهيونية» دبيبًا هائلاً فهزته وفشت العصبية الدينية فى كل عرق من عروقهم فحركته «ص8».
ويواصل «ساطع الحصري» مقاله القنبلة قائلاً:
وبعد وصف آثار هذه الحرارة الصهيونية يقول- المؤلف اليهودي- «وأبى الله إلا أن تكون هذه البلاد شفيقة عطوفة تشفع لليهود فى كل أعمالهم، شفعت لهم عندما دارت مفاوضات مهمة شديدة الأثر فى مستقبل اليهود وجرت أحاديث سياسية مستفيضة بين «تيودور هرتزل» وبين الحكومة المصرية واللورد كرومر ممثل بريطانيا العظمى فى وادى النيل، توالت المناقشات خلالها حول إنشاء مستعمرة يهودية فى منطقة العريش(!!!)
وشفعت لهم عندما منحت امتيازًا واسع المدى «لموسى مونتوفيوري» الثرى الشهير أجازت له فيه شراء أية مساحة من الأراضى الكائنة فى ربوع الشام وفلسطين، لجعلها ملجأ يأوى إليه المستعمرون من اليهود!».
وبعد هذه المقدمة العامة يستعرض المؤلف تاريخ اليهود حتى حملة «نابليون» على مصر ثم يقول:
«أجمع علماء التاريخ من فرنسيين وإسرائيليين من عهد بعيد على التسليم بأن فكرة إعادة اليهود إلى فلسطين لتجديد إنشائها كانت فى طليعة المرامى والمشاريع الاجتماعية السامية التى كانت تجول فى مخيلة «نابليون» «الوقادة» و«أن أنسى لا أنسى ذلك الخطاب المدبج بقلم يهودى فرنسى فى سنة 1798 (زمن الحملة الفرنسية على مصر)، والنداء الذى وجهه ذلك القائد العظيم نابليون بونابرت سنة 1799 إلى اليهود للقيام بمعاونته على رد أورشليم إليهم!».
وينقل المؤلف ذلك الخطاب بكامله نجتزئ منه الفقرات التالية:
«إن عددنا يبلغ ستة ملايين منتشرة فى جميع أقطار العالم وفى حوزتنا ثروات طائلة وممتلكات عظيمة شاسعة فيجب أن نتذرع بكل ما لدينا من الوسائل لاستعادة بلادنا، إن الفرصة لسانحة ومن واجبنا أن نغتنمها!!».
وأما البلاد التى ننوى قبولها بالاتفاق مع فرنسا فهى إقليم الوجه البحرى من مصر مع حفظ منطقة واسعة المدى يمتد خطها من مدينة عكا إلى البحر الميت ومن جنوب هذا البحر إلى البحر الأحمر»، فهذا المركز الملائم أكثر من أى مركز آخر فى العالم يجعلنا بواسطة سير الملاحة الآتية من البحر قابضين على ناصية تجارة الهنود وبلاد العرب وأفريقيا الجنوبية والشمالية، ولا شك فى أن بلاد أثيوبيا والحبشة لا تتأخر عن إقامة علاقتها التجارية معنا بعين الرضا والارتياح وهى البلاد التى كانت تقدم للملك «سليمان» الذهب والعاج والأحجار الكريمة!
ثم إن مجاورة حلب ودمشق لنا تسهل تجارتنا، وموقع بلادنا على البحر المتوسط يمكننا من إقامة المواصلات بسهولة مع فرنسا وايطاليا وإسبانيا وغيرها من بلدان أوروبا، ولما كانت بلادنا فى موقع متوسط من العالم فإنها ستصبح كمستودع لجميع الحاصلات التى تنتجها الأراضى الغنية» (ص 102- 103).
ويعلق المفكر «ساطع الحصري» بقوله: «يلاحظ أن البلاد التى يطمح إلى امتلاكها- باسم اليهود- صاحب الخطاب المنقول فى هذا الكتاب تضم إقليم الوجه البحرى من مصر، مع المنطقة الواسعة التى تمتد بين البحر الأحمر والبحر الميت وعكا!! ويشير المؤلف إلى هذه القضية فى موضع آخر إذ يقول: «وقد أدرك نابليون بفرط ذكائه ما يمكن أن تنتجه أذهان اليهود، وكان يعلم أن إنقاذهم وإعادة نشاطهم فى ميدان السياسة ومناحى الثقافة فى وطن أجدادهم وفى جزء من الأقاليم المصرية لا يقتصر أمرهما على أن يكون حادثًا تاريخيا وإنسانيًا فحسب، بل يمكن أن يكون من الوسائل الفعالة لتحقيق مثله من المقاصد الكبيرة والمرامى البعيدة فى الشرق! (ص125).
ويعلق «ساطع الحصري» على كل ما سبق من معلومات بقوله:
«بعد نقل هذه الفقرات لا أرانى فى حاجة إلى شرح الدهشة التى اعترتنى عند مطالعة الكتاب ولاسيما عند قراءة الفقرات التى تشير إلى المشاريع الصهيونية التى تشمل جزءًا من الأقاليم المصرية أو إقليم الوجه البحرى بأجمعه!!
ولكن اطلاعى على الكتاب قد وقع- كما أسلفت- قبل سنتين إبان تحمس مصر للقضية الفلسطينية تحمسًا فعليًا واندفاعها إلى نجدتها اندفاعًا جديًا فقلت فى نفسى يجب على أن أحتفظ بهذا الكتاب كدليل على التطور الذى حصل فى مصر خلال ثلاث عشرة سنة وما أعظم الفرق بين سنة 1934 التى كان يجرؤ فيها «ليفى أبو عسل» على نشر مثل هذا الكتاب وسنة 1947 التى يندفع فيها المصريون إلى محاربة الصهيونية ويضحون فى سبيل ذلك بالأموال والدماء».
ولم يكتف «ساطع الحصري» بالكشف عن مفاجأة الكتاب الذى عثر عليه بل كشف عن مفاجأة أخرى لا تقل خطورة إذ كتب يقول فى مقاله:
«قبل أسبوع أطلعنى أصدقائى على عدد من جريدة أسبوعية تصدر فى القاهرة باللغة الفرنسية وقرأت فى العدد المذكور فقرة منقولة من مجلة أسبوعية تصدر أيضًا فى القاهرة باللغة الفرنسية ومطالعة هاتين الصحيفتين أعادت إلى ذهنى كتاب «ليفى أبو عسل».
وفى العدد الصادر فى 23 ديسمبر سنة 1949 من مجلة «مصر الحديثة» قرأت هذه الفقرات الغريبة: «نحن نعترف بسامى الحناوى (الذى قام بالانقلاب فى سوريا) ونتردد فى الاعتراف بإسرائيل!!».
أما جريدة صوت الشرق فتقول فى عددها بتاريخ 29 ديسمبر 1949 بعد نقل الفقرة الآنفة مع فقرات أخرى من زميلتها: «يجب أن نبقى متصلين مع عمان وبغداد ودمشق وبيروت ولكن لماذا لا نتصل بتل أبيب أيضًا؟!
ثم تضيف إلى هذا السؤال الفقرات التالية: «نحن ذكرنا فى أعمدة هذه الجريدة الأسبوعية الوثائق التى تدل على أن المشاهدين الأمريكان والأتراك- ونستطيع أن نضيف إليهما الآن الإنجليز أيضًا- يرون أن دولة إسرائيل هى أكثر استقرارًا من جميع دول الشرق، هذا والسياسة الفرعونية التقليدية-وهى سياسة مصر الأبدية- كانت تقضى بكسب صداقة الحدود الكنعانية!
هذه العبارات نشرت فى القاهرة قبل شهرين فقط!!.

وتمضى السنوات سريعًا وما زال العرب غارقين فى خلافاتهم وأوهامهم، ولا أحد يبالى بهم: إنهم يقولون! ماذا يقولون! دعهم يقولون!!. 