الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«محمد» (ص) .. وشهداء الروضة

«محمد» (ص) .. وشهداء الروضة


يَا هَادِيَاً مـــلأَ القلـــوب َ محبَّة    فَهُو الأمين ُبقومِهِ وَمـَـــزَارُ
وََيَهِــــلُّ جبــريلُ السَّلامُ مُقدمًا    نورَ الهِدَايَةِ والكتَــابُ شِعــَــارُ
صُنتَ الامانةَ حيثُ حلَّ شُعَاعُهَا    بَيْضـَــاءُ صَارَت ْللأنــامِ فَخَـارُ
بِأبـِـى واُمـِّـى سَيَِّدِى وَمعلِّمــِـي    بَلَّغـْـتَ قَوْمـَـك َبالجَدِيدِ فَحـَـارُو
لكـــنَّ خيْــلَ الكُفْرِ تأبـَـى عــزَّةً    فَغَــدَتْ تُمَارسُ حِقْــدَهَا الكُفَّـارُ
شَبَّتْ عُرُوقُك َفِى مَدَارِجِ مِحْنَة    رَاحَــتْ تسَانــدُ جَهلَهـَا الفجـَّارُ
كل عام وحضراتكم بألف خير وسعادة، فنحن نحتفل هذه الأيام بذكرى ميلاد أعظم من وطئت قدماه الأرض، فميلاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فتح على الوجود الدنيوى الخير العظيم الشامل لو التزمنا بمنهجه لصار الحال أفضل من الحال.. وبميلادك امتلأت الأرض بهجة وسعادة إيذانًا ببدء حضارة إنسانية جديدة تُخرج الناس من الظلمات إلى النور.
فالسيرة النبوية استطاعت أن تجسد قيم الإسلام الحقيقية وتلقى أضواء كاشفة على كل ما يحتاجه البشر من مسالك  فى حياتهم اليومية، وذلك لأنها تنمى لديهم مشاعر الاعتزاز بالقيم الأصيلة وتوقف عنهم الأخطار المتولدة من الضغوط الاجتماعية فى ظل نمو قيم مناقضة للإسلام فى أبعادها الإنسانية، وفى أهدافها لحماية الفرد من الأفكار التى تمس قدسية  وجوده الإنسانى، ولذلك نجد أن كل من يتمسك بهذه القيم الإسلامية السليمة ظل ضميره يقظًا نابضًا بقيم الأصالة السمحة ويرفض الانحراف ولا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداها ليطارد القيم الوافدة التى أصبحت تزاحم قيمنا الأصيلة.
وهذا الضمير الذى رسخت مفاهيمه يا رسول الله هو الذى يظل يلاحق صاحبه عند كل انحراف ويدينه فى كل تجاوز ويخاطبه بكل صدق عندما يخلد إلى التأمل والراحة مع نفسه معاتبًا ومدينًا، ويحرص ويحث على مراجعة السلوك المنحرف الذى لا يتماشى مع المنهج الإسلامى  وشريعته إلى أن يستسلم صاحبه راجيًا راحة الضمير واطمئنان النفس.
ولذلك فإننا نرى أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قد رسخ فى النفس البشرية كيفية صياغة قيم المجتمع التى يسهر الضمير الحى على حمايتها لأنها توقد فى النفس مشاعر الوجدان وتحض على التزام الفضيلة.
ولذلك أيضا فنحن مدينون لك يا رسول الله بالنجاة من الوثنية المظلمة والوحدانية الإلهية المشوهة ومدينون لك بالنجاة من الجهل والأمراض النفسية والصحية ومدينون لك بأشياء كثيرة لا نستطيع إحصاءها.
لكن واأسفاه فإن ذكرى ميلادك يا رسول الله تطل علينا هذا العام فى وقت شديد الحساسية، وقت يخيم الحزن فيه على جميع بيوت المصريين ويعتصر الألم القلوب ويملأ الدمع العيون بفعل ما أصابهم من حادث أليم خسيس لم تشهد البلاد على مدار تاريخها مثله من قبل.. فقد قامت مجموعة من العناصر الإرهابية - ولا أريد من أحد أن يقول إنهم مسلمون أو أنهم أناس من بنى البشر - قاموا بارتكاب جريمة قتل أقل ما توصف به أنها وحشية بشعة لم يفعلها التتاريون أثناء غزواتهم أو حتى النازيون وقتلوا أكثر من 300 إنسان على مختلف أعمارهم ومن بينهم 27 طفلا، وذلك أثناء أدائهم شعائر صلاة الجمعة أى وهم ساجدون للمولى رب العالمين!
وأقول إن هؤلاء العناصر الإرهابيين ليسوا مسلمين، فالنبى محمد - صلى الله عليه وسلم - تبرأ من أفعالهم ولا يعترف بتصرفاتهم، بل إنه يعدها صورا ناشزة لم ترق إلى أى صفة أو سمة من الإسلام وسماحته وصفاته المتوافقة مع الفطرة البشرية، بل اعتبرها عبارة عن خناجر مسمومة تطعن الإسلام وتشوه سمعته وتقوى شوكة أعدائه.
كما يصفها الإسلام بأنها عناصر عمياء غارقة فى التلذذ بسفك الدماء والقتل وتدمير الممتلكات بصورة عشوائية تعجز العقول عن استيعابها وتبريرها، فهى عناصر تعد رجسًا من عمل الشيطان.
وقد صدقت يا رسول الله عندما حذرتنا منذ أكثر من 1400 سنة من هؤلاء القتلة الفجرة وقلت فى محكم حديثك: «يأتى فى آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان «غزيرو اللحية» مقصرين الثياب محلقين الرءوس يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه فى شيء.. صدقت يا رسول الله فى وصف هؤلاء المجرمين من أصحاب الرايات الشيطانية السوداء التى يحركها إبليس بأيدى الصهيونية العالمية وأعوانها من زعماء الغرب وحكام العرب العملاء لهم.. فهؤلاء العناصر كم من حديث صحيح ضعفوه! وكم من حديث ضعيف مخالف للشريعة صححوه ليحرفوا لنا ديننا ويوقعوا الضعفاء منا فى الفتن!
ولم يتبق لى فى هذه الذكرى العطرة إلا أن أختتم كما  بدأت من أبيات أمير الشعراء أحمد شوقي:
عــُـذْرًا رسولَ اللهِ صــِــرْنَا أمَّةً    أضْحَتْ تُبــَاع ُوتُشْتَـرَى وتُعـَـارُ
فى كلّ بيتٍ من بلادى مأتمٌ    وبكل أرضٍ سارقٌ ودمارُ
ياطيبة َالعزِّ التى دانـتْ لهـــــــا    كلُّ القلوبِ، وَدانـَـتْ الأمْصَارُ
سَيَظَلُّ إرْثــُــكَ سَيــِّـدِى بِقلوبِنَــا    ودِمـَــاؤُنَا تَفديـــهِ والأبْصــــَـارُ
لا زِلــْــتَ حيـَّـا ًبَينَنــَا بِعَقيـــــدة ٍغــَــــرَّاء    ظلتْ للهُداةِ منارُ
صلــى عليكَ اللهُ خَيـْــر َمُوحــِّــدٍ    أنْت َالشُّموسُ وحـَـوْلَكَ الأقـمارُ.