الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مسار العائلة المقدسة.. وقُبلة الحياة!

مسار العائلة المقدسة.. وقُبلة الحياة!


سيُكتب للسيسى أنه استطاع أن يوفر الإرادة السياسية للعاملين فى المجال السياحى لكى يحققوا الحلم الذى انتظروه طويلا ويجعل من مصر قبلة لكل الحجاج المسيحيين فى شتى بقاع الأرض!
هذه «الإرادة» لم تجرؤ أى من الحكومات السابقة على اقتحام هذا الملف أو حتى اتخاذ قرارات تنفيذية بشأنه.. فالملف شائك وصعب ومعقد ويحتاج لمجهودات ضخمة لتهيئة المناخ لكى يخرج هذا الحلم إلى النور، وهنا لا ننكرر على البعض محاولات الاقتراب منه.

فما هى إلا شهور قليلة ويصبح الحلم حقيقة ويعم الخير ربوع الدولة المصرية وهنا لن أتحدث عن تصنيف مؤسسة «ستاندراند بورز» وتحسن الاقتصاد المصرى من مستقر إلى إيجابى أو تحسن مؤشرات ومعدلات النمو أو ارتفاع الاحتياطى النقدى أو تحسن الميزان التجارى أو حتى تراجع العجز فى ميزان المدفوعات وانخفاض نسبة العجز الكلى للناتج الإجمالى.. كما أننى لن أتحدث عن التدفقات الأجنبية وزيادة الاستثمارات بعد تحسن البيئة الاستثمارية.
لكننى سأتحدث عن مشروع واحد فقط يمكنه أن يعيد الحيوية ويدب النشاط للقطاع السياحى بأكمله.. إنه مشروع «إحياء مسار العائلة المقدسة» الذى يعول عليه الخبراء كثيرا وحظى بإشادة منظمة اليونيسكو للتراث العالمى التى قالت عنه «أنه سيعوض مصر الخسائر الضخمة عن العمليات الإرهابية»، وباركه بابا الفاتيكان وأقره فى رسالة بعث بها الرئيس السيسى وحملها له يحيى راشد وزير السياحة الذى يولى هذا الملف اهتماما كبيرا.
فمسار العائلة المقدسة يمكنه أن يمنح السياحة الدينية فى مصر «قبلة الحياة» ويحقق عائدات وتدفقات نقدية تاريخية من العملات الأجنبية تصل إلى نحو 30 مليار دولار سنويا خاصة إذا علمنا أن الجمهور المستهدف من وراء إحياء هذا المسار يزيد على 2 مليار مسيحى خلال ست سنوات.. ولكى يتم كل ذلك ونحقق الحلم ونستفيد من ورائه وتنعش الخزانة العامة، علينا أن نراجع أنفسنا ــ والكلام هنا موجه للحكومة والمحافظين ولكل من هو مسئول عن تنفيذ هذا الملف؟! ــ ونتساءل: هل نحن جاهزون فعلا لاستقبال هذا الكم من الحجاج السائحين؟ وهل وفرنا جميع الإمكانيات والاحتياجات من وسائل مواصلات سهلة ومريحة وطرق ممهدة لمسار العائلة المقدسة بشكل يضمن سلامة وسهولة الوصول وهل أقمنا الفنادق والمطاعم وأماكن مبيت للزوار بأسعار متعددة؟ وماذا عن التدابير التى اتخذت فى مجال الخدمات الأمنية والأهم من ذلك هل أخذنا بوسائل العلم الحديث وأعطينا «العيش لخبازيه» واستعنا بالكفاءات لكى تعمل، وتركنا خلفنا أصحاب المصالح وأهل الثقة؟
أقول هذا حتى «لا قدر الله» لانبكى على اللبن المسكوب، وقبل أن نندم على ما فى أيدينا من ثروات وكنوز يمكن أن تضيع منا فى لحظة، إهمال أو عمل طائش يأتى لنا من هنا أو هناك ويذهب تعب الجميع والحلم سدي! ولعل صفر المونديال عنا ليس ببعيد!
فالرحلة تتضمن حوالى 25 مسارا تمتد لمسافة 2000 كيلو متر تبدأ من سيناء مرورا بمدن القناة ومحافظات الدلتا والقاهرة وتنتهى بصعيد مصر عند محافظة أسيوط ثم العودة مرة أخرى إلى فلسطين فى رحلة شاقة استغرقت حوالى 3 سنوات و10 أشهر!
وقد لفت انتباهى القمص صليب جمال ممثل الكنيسة بلجنة دراسة وبحث إحياء مسار العائلة المقدسة إلى عدم وجود اهتمام كاف للأماكن الأثرية من بعض المسئولين.. فمثلا ــ والكلام على لسان القمص ــ عندما قمنا بزيارة دير درنكة إلى المحرق وجدنا أن الطريق غير ممهد وعلى جانبى الطريق وجدنا القمامة والحيوانات النافقة كما غابت اللوحات الاسترشادية ولم نجد أى إشارات تعريفية سواء باللغة العربية أو حتى بالإنجليزية على مداخل الدير على الرغم من أن اللجنة كانت قد أرسلت لمحافظ أسيوط هذه الملاحظات فى وقت سابق على الزيارة وبالتالى التقصير كان واضحا.. هذا فضلا عن العشوائيات التى اجتاحت المسار وخلفتها السنوات الطويلة والإهمال الذى أصاب الكنائس.
وهذا يجعلنى أتعجب لأن الألمان اهتموا ومعهم دول كثيرة بهذا المسار ونحن المسار فى أيدينا وتحت أعيننا ولا نجده.. فقد تم اكتشاف بردية أثرية ترجع إلى القرن الرابع الميلادى مكتوبة باللغة القبطية القديمة وقامت جامعة كولونيا الألمانية بترجمتها ونشرها باللغة الألمانية عام 1997 وأشرف على تحقيقها مجموعة من كبار علماء القبطيات الألمان.. والبردية عبارة عن شريحتين عثر عليها فى مدينة الفيوم ويبلغ طولها 31.5 سم وعرضها 8.4 سم والشيء الجميل أنها قدمت أنشودة رائعة تتغنى بحب مصر أهمها «كل أنواع الشجر التى فى الفردوس سوف تزرع فيك يا أرض مصر.