الثلاثاء 11 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
إصرار المصريين

إصرار المصريين


عجيب جدا حال المصريين.. المصائب والمحن تزيدهم إصرارًا وعزيمة، والموت يزيد قدرتهم على حب الحياة.
الذى لا يعرف الشعب المصرى على حقيقته عليه أن يذهب ليشاهد جموع الأسر المصرية التى تقف أمام الكليات العسكرية فى إصرار وتحدٍ مع أولادهم فى محاولة منهم لتقديم أوراق اعتماد أولادهم فى الكليات العسكرية رغم معرفتهم المسبقة بأن أبناءهم بعد التخرج سوف يعملون فى أماكن قد تكون ملتهبة مثل العريش والشيخ زويد ورفح أو فى الحدود الغربية التى أصبحت هى الأخرى من الأماكن الأكثر خطورة  على حياتهم، لكن إصرار المصريين يجعلك تقف مذهولا متعجبا.

البعض منهم جاء من محافظات الصعيد وكله أمل أن يقبل ابنهم فى إحدى الكليات العسكرية سواء كانت كلية الشرطة أو الكلية الحربية.
كنت أظن فى البداية أن سبب الإصرار على هذه الكليات أن مستقبلها العملى والاجتماعى مضمون، ولكن عندما تلتقى بهؤلاء الطلاب من صغار السن الذين حصلوا على الثانوية العامة منذ أسابيع أو أيام قليلة تجد كل واحد فيهم يحدثك عن البطولات والاستشهاد ويؤكد أنه مشروع شهيد وأنه ليس أفضل ممن سبقوه فى طريق البطولة والدفاع عن الوطن.
ومع ذلك  كان ظنى أيضًا أن هؤلاء مجموعهم قد لا يؤهلهم لدخول كليات القمة مثل الطب والهندسة وسياسة واقتصاد وعلوم سياسية وغيرها من كليات القمة، ولكن الأغرب أنى وجدت عددًا كبيرًا من هؤلاء مجموعهم يفوق كليات القمة فمنهم من حصل على  أكثر من 96 % وغيرهم الكثير.
فهناك إصرار كبير وحقيقى على الالتحاق بهذه الكليات من أجل الوطن وليس من أجل الوظيفة الميرى التى يجرى وراءها الكثيرون، ففى الماضى كان أهل الصعيد يحاولون بشتى الطرق إلحاق أبنائهم بالكليات العسكرية من أجل حب السلطة.
الآن الحال انقلب تماما، فعدد ممن التقيت بهم ممن جاءوا إلى القاهرة مع أولادهم لإلحاقهم بالكلية الحربية كلهم أمل فى قبولهم فى هذه الكلية حتى يدافعوا عن أرض مصر وترابها، وعندما تحدثهم عن مخاطر الالتحاق بهذه الكليات فى الوقت الحالى يكون الرد سريعا جئنا بأبنائنا ليكملوا مسيرة الشهداء والدفاع عن الوطن، فكل واحد منهم مشروع شهيد وأبناؤنا ليسوا أفضل من ابن الحاج إسماعيل أو الحاج محمود جيراننا الذين استشهدوا فى العريش.
والأغرب ما تجده بين المتقدمين، فهناك العشرات من الطلاب هم أبناء ضباط استشهدوا من قبل فى عمليات عسكرية سواء فى العريش أو غيرهم وهم مصرون على الالتحاق بالكلية للثأر من قتلة ذويهم.
إن أهالى هؤلاء الطلاب يرون أن أكبر رد على الجماعات الإرهابية هو التحاق أولادهم بالكليات العسكرية معامل تخريج الأبطال ليثأروا للشعب المصرى من هذه الجماعات.
كنت أتمنى من القنوات الفضائية والتليفزيون المصرى أن يلقى الضوء على هؤلاء الطلاب طوال فترة التقدم لهذه الكليات لأن عزيمتهم تبهر الجميع وتجعلك على يقين أن هذا الشعب أصيل المعدن يتحمل الشدائد والمحن ذو نظرة ثاقبة ولا يهمه ارتفاع الأسعار أو قلة الموارد، ولكن يهمه بلده والحفاظ على كل ذرة تراب فيها وطرد الخونة والعملاء منها لأنهم ليسوا منا ولا يستحقون أبدًا أن يعيشوا معنا.
الصورة أمام الكليات العسكرية بالفعل صورة مفرحة مشرقة بالأمل تعطيك دفعة معنوية لا حدود لها خاصة عندما تجلس بين هؤلاء الصغار (الكبار) وتسمع منهم.
الإحصائيات التى تؤكد أن عدد الاستمارات التى بيعت من الكليات الحربية تفوق 250 ألف استمارة وتوقع البعض أن تزيد على ذلك بكثير، وهى سوف تزيد عن الأعوام السابقة، وعدد الطلاب الذين سحبوا الاستمارات للكليات العسكرية من أصحاب المجموع العالى تخطوا 30 % من إجمالى الطلاب.
الشعب المصرى لديه إصرار وعزيمة وحب لبلده لا يضاهيه أى شعب آخر، فهو شعب لا تستطيع أبدًا أن تفك شفرته وتزيده المحن إصرارًا على الحياة. 