الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الممنوع من النشر.. فى لقاء «رؤساء المخابرات» بالقاهرة!

الممنوع من النشر.. فى لقاء «رؤساء المخابرات» بالقاهرة!


فيما كان مساء الثلاثاء الماضي؛ يقترب من بدايته.. كانت «القاهرة» تستعد لاستضافة أحد أهم لقاءات رؤساء أجهزة الاستخبارات بكلٍ من: (مصر/ السعودية/ الإمارات/ البحرين).. تناقلت «وكالات الأنباء»، فى حينه، الخبر بشكل مقتضب.. إذ لم تزد تفاصيله عن 20 كلمة.
كان نص الخبر كالآتى: (كشفت «مصادر بارزة» عن أنّ رؤساء أجهزة الاستخبارات فى كل من: مصر، والسعودية، والإمارات، والبحرين؛ عقدوا اجتماعًا فى القاهرة يوم الثلاثاء).
اللقاء.. جاء فى أعقاب انتهاء مهلة الـ«48 ساعة» (الإضافية) التى منحتها الدول الأربع لـ«الدويلة القطرية»؛ للرد على لائحة مطالبها الـ 13 حتى يتم إنهاء حالة «المقاطعة العربية».. إذ كان من بين تلك المطالب: تخفيض العلاقات القطرية/ الإيرانية، وإغلاق قناة «الجزيرة».. ووقف منح الجنسية القطرية للعناصر المنفية أو الهاربة من بلدان أخرى.. وإيقاف تمويل عدد من المنابر الإعلامية الموجّهة.. ومنع أى اتصالات مع القوى التى تصف نفسها بـ«قوى معارضة» فى كلٍّ من: المملكة، والإمارات، والبحرين، ومصر.. وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأربع.. وإيقاف أى تعاون بينها وبين الجماعات الإرهابية، مثل: القاعدة، وداعش، والإخوان.. وإنهاء الوجود العسكرى التركى (الحالى) فى قطر على الفور، وإنهاء أى تعاون عسكرى مع «أنقرة» داخل الدوحة.
.. وكان من بين ما تم الإعلان عنه من قبل «الدول الأربع» هو الوعد بمزيد من التصعيد، إذا مرّ «الموعد النهائى» من دون التوصل إلى اتفاق.
وسط تلك الأجواء.. يعكس توقيت «اللقاء الاستخبارى» بالقاهرة، أهمية قصوى.. فاللقاء (تحليلاً) يحمل أكثر من دلالة.. ولعل أولى تلك الدلالات (وأكثرها أهمية)، هو أنه عندما يجتمع رؤساء الأجهزة الاستخبارية فى أى أزمة (قبل اللقاء «الدبلوماسى» الاعتيادى).. فإن هذا يعكس تحولاً (حقيقيًّا) فى إدارة الأزمة نفسها.. ويسحبها بعيدًا عن الطابع «الدبلوماسى» إلى الزوايا المتعلقة بـ«الأمن القومى»، بصورة أكبر (فى تلك الحالة؛ المقصود هو «الأمن القومى» العربى).
المطالب الثلاثة عشر (ذاتها)، تتعلق بشكل واضح بأبعاد الأمن القومى العربى.. يعكس هذا الأمرُ جانبًا آخر من «كواليس» لقاء القاهرة الاستخبارى.. أى أنّ الأمر لا ينحصر - فى حقيقته - على مطالب دولة أو أخرى.. بل بمقومات «الأمن الإقليمى» بجوانبه كافة.. إذ لا ترجمة (فعلية) للتعنت القطرى فى رفض المطالب التى قدمتها الدول الأربع، سوى تمسك «الدويلة القطرية» بالارتباط بالتنظيمات الإرهابية، واستمرارها فى السعي؛ لتخريب و«تقويض الأمن»، والاستقرار فى الخليج، و«المنطقة العربية» بمختلف أرجائها.
إعلاميًّا.. عملت «الحكومة القطرية» على إفشال المساعى والجهود الدبلوماسية (السابقة على اللقاء الاستخبارى) لحل الأزمة.. واقعيًا.. لم تكن «الدويلة القطرية»، هى التى تتحرك.. كانت أصابع «الاستخبارات التركية» بادية بوضوح فى إدارة رد الفعل القطرى.. لم يكن رأس «تميم» هو الذى يفكر.. كان رأس مدير وكالة الاستخبارات القومية التركية (هاكان فيدان).. دفعها الرجل؛ لرفض أى تسويات مطروحة.. فاستمرار السياسات القطرية الرامية لزعزعة استقرار وأمن المنطقة؛ يخدم - فى المقام الأول - مستهدفات الأچندة التركية بالمنطقة.
تركيا.. حليف لا يقل (تطرفًا) عن «الدويلة القطرية» فى دعم الإرهاب.. لـ«أنقرة» حساباتها وتقاطعاتها، هى الأخرى، مع قوى «التشدد».. دعم أردوغان للإخوان، لا يقل - بأى حال من الأحوال - عن الدعم القطرى للجماعة الإرهابية ذاتها.. تشارك الطرفان (أى: تركيا وقطر) مرات عدة فى برامج احتضان عناصر الجماعة.. دعموهم - بشكل مطلق - فيما قبل، وأثناء «الانتفاضات العربية»؛ للوصول إلى سدة الحُكم (!)
الشواهد هنا متعددة.. والأدلة لم تعد محلاً للشك.. تشكّل - على سبيل المثال - الروابط «الوثيقة» بين الدوحة والعناصر المتطرفة؛ نقطة ارتكاز رئيسية فى السياسة القطرية.. تبدأ من حركة «طالبان».. وصولاً إلى جماعة «الإخوان».. تشمل - كذلك - من بين ما تشمله «تنظيم القاعدة».
دعم التطرف - هنا - ليس وجهة نظر (!).. تريد «الدوحة» أن تسوقه كذلك (!).. تقول إنّ تنظيم القاعدة فى سوريا، يتمتع بطابع من الشرعية؛ لأنه يحارب نظام بشار الأسد، و«تنظيم الدولة» (داعش).. أكاذيب تتبعها أكاذيب.
فى الواقع.. تمول القاعدة، بزعم أنها الجهة «المتطرفة» (المعتدلة!) فى سوريا، وأنهم أكثر اعتدالاً من البدائل المطروحة الأخرى (!)
فى الحقيقة.. تُخدّم شبكة قنوات «الجزيرة» على وجهة النظر نفسها (!).. لذلك.. كان لا بد من أن يتم التصدّى (بقوة) لها.. بات أمرًا مُلحًا فى الواقع.. إذ فتحت قوة التنظيم الحالية (فى سوريا) أمامه فرصاً جديدة، من الناحيتين: (العملياتية، والمالية).
تقارير دولية «رسمية» (مجلس الأمن نموذجًا)، تؤكد أنّ تنظيم القاعدة (فى سوريا)، لا يزال أحد أكثر فروع التنظيم فاعلية فى العالم (صدر التقرير فى يوليو من العام 2016م).. وأن عديداً من كبار العناصر الإرهابية قد انتقل إلى سوريا من جنوب آسيا.. وأوصت تلك التقارير، بحتمية إغلاق مصادر التمويل عن هذا التنظيم.. إلا أنّ قطر لم تفعل (!).. وبحسب «مجلس الأمن»، أيضًا، فإنّ تنظيم القاعدة، واصل اعتباراً من يناير بالعام 2017م، حصوله على «التبرعات الخارجية» بشكلٍ رئيسى.. إلى جانب مصادر تمويله (الإجرامية)، مثل: الاختطاف طلباً للفدية، والابتزاز، وغنائم الحرب.
ما تفعله «الدويلة القطرية» يمس بكل يقين «الأمن القومى العربى» فى جوانبه كافة.. لذلك، كانت لافتة «لا تصالح» هى الأبرز على مائدة اللقاءات «المتتابعة» التى شهدتها «القاهرة» خلال الأيام القليلة الماضية.. إذ إنّ استمرار «الدوحة» فى رفضها للمطالب العربية (بتحريض تركى) من شأنه أن يُعرض أمن «الخليج العربى» (قبل غيره) لما هو أبعد من الموقف الحالى.