الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كيف يفكر الرئيس؟

كيف يفكر الرئيس؟


لا تنزعج من «الحروف» المبعثرة.. لملمها؛ لتصنع منها عبارات «رشيقة الصياغة».. لا تيأس من الرسم، حتى وإن لم تتعلم قواعده.. فأجمل الإبداعات الفنية كانت «تلقائية».. اصنع من أحلامك مستقبلاً؛ فدستور «الإنسانية» يكفل لك هذا.. تمسك بـ«الأمل»، ففى الأمل حياة.. والحياة تُكتب لمن لا يخشونها، إذا أحسنوا صُنعًا.

لذلك.. أحسب أنه من الرسائل «المقصودة» أن يبدأ «مؤتمر إزالة التعديات على أراضى الدولة»، الذى دعا إليه الرئيس، بقول الله تعالى: }وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون{ (التوبة: 105).. لا ينتبه - عادة - التناول الإعلامى (اللاهث خلف الخبر) لمثل تلك الالتفاتات.. تسقط منه - رغمًا عنه -  مثل تلك الإشارات، إذ يحل محلها حديث الأرقام والحسابات.
الرئيس أيضًا مال أكثر من مرة، فى حديثه لاستخدام الإشارات القرآنية.. حدثه بعض الشباب عن كيفية المواجهة الفكرية لـ«المتطرفين»؛ فقال: }الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا{ (الكهف: 104).. يقصد وصفهم بـ«الأخسرين أعمالاً».
.. وعند تلك النقطة، على وجه التحديد (أى: المواجهة الفكرية للتطرف) يجب أن نتوقف قليلاً؛ لنعرف: (كيف يفكر الرئيس؟).
يدرك الرئيس بوضوح شديد؛ أن بعض (لا كُل) من يروجون لدعاوى «المواجهة الفكرية»؛ يستهدفون - فى الحقيقة - خلق مساحة للتفاهم بين الدولة والعناصر «الراديكالية».. قال الرئيس: إن الحوار مع «من لا يؤمن بالحوار» لن يُجدى نفعًا.
لاحظ - هنا - أنّ الطرف الآخر (فى المواجهة الفكرية المفترضة)؛ هو طرف  راديكالى، من حيث الأصل.. لم يضع الرئيس، إذًا، الجميع فى سلة واحدة.. فالمواجهة الفكرية للتطرف نقطة «جوهرية» بالتأكيد، فى تحجيم انتشار وتوغل الفكر المتطرف مُجتمعيًّا.. وبالتالى، لا بُد منها.. لكن.. بالمراحل التى يبسط خلالها الإرهاب هيمنته على عقل (وفعل) أتباعه؛ فإنّ «المواجهة الأمنية» هى الحل المتقدم، رُغمًا عن الجميع.
فعندما يصل «التطرف» إلى مرحلة «حمل السلاح»، على سبيل المثال.. فإنّ المواجهة - قطعًا - لن تكون بالأفكار.. ستكون رصاصًا مقابل رصاص.. وعندما يصبح الرصاص موجهًا لفئة بعينها (الأقباط مثلاً)؛ لهدم قيم المواطنة، وشق الصف الوطني؛ تصبح التشديدات الأمنية أكثر ضرورة.. لذلك.. شدد الرئيس فى حديثه على أنّ الوطن لا يفرق بين أبنائه.. قال وهو ينظر لوزير الأوقاف «د. محمد مختار جمعة»: (لو كان عندنا «رقى دينى» حقيقى.. مش هنسأل انت دينك إيه؟).
الرقى الدينى.. وصف دقيق آخر.. وصف (تلقائى) يحمل صرخة رجل أرهقته الخطوب المتتابعة التى تتهم - صباح مساء - عقيدته بالعنف والإرهاب.
محاولة اكتشاف كيف يفكر الرئيس؟، ستقودنا حتمًا إلى العديد من المناطق.. يصر الرئيس مثلاً على أن يواجه الفساد إلى النهاية.. وفى المقابل.. يُدرك أن حجم التحدى كبير.. قال إننا لن نتراجع.. سنبدأ من جديد فى البناء.. لا داعى لأن نرهق أنفسنا بما حدث من قبل.
ينبه الرئيس - كذلك - إلى أنّه فى حقب ماضية، لم يكن هناك رفض للتنمية بقدر ما كان هناك «عجز» عن الوفاء بمتطلباتها.. فحجم التحدى كبير.. والدولة - فى المقابل - ملتزمة بالعديد من نفقات المرافق والخدمات.. لذلك.. لم تكن إزالة التعديات على أراضى الدولة - والقول للرئيس - جراء غضب أو انفعال.
استردت الدولة نحو 65 مليون متر مربع، وعليها أن تُدخل إليها الخدمات والمرافق.. يحتاج هذا الأمر عديدًا من النفقات الجديدة.. فضلاً عن أنه عليها، أيضًا، إعادة توظيفها فى سياق مختلف، يخدم الصالح العام.. الحمل ثقيل - إذًا - فى المرتين (أى فى «الاستعادة»، و«الاستفادة»).
يُفرق الرئيس بين الاعتداء على أملاك الدولة بشكل ممنهج؛ والاعتداء على تلك الأملاك، بدافع الحاجة والفقر.. لفتة إنسانية حقيقية.. عرض محافظ البحر الأحمر «أحمد عبدالله» فيديو عن ضبط مجموعة من المنقبين عن الذهب بمناجم المحافظة.. أمر الرئيس بالإفراج عنهم بشكل فورى.
ثمة ملاحظة ذكية للغاية، فى هذا السياق.. قال الرئيس نجحوا فيما لم تنجح فيه الحكومة.. معه كل الحق.. استطاع هؤلاء البسطاء أن يشقوا الصخر لاستخراج الذهب من المناجم (نحو 7 مناجم فى مساحة 700 كم)، بينما لم تستطع الدولة بإمكانياتها أن تفعل ما فعلوه.. أمر الرئيس بالبحث عن حل فورى.. أن تتعلم الحكومة منهم كيف فعلوها، ثم تفعل مثلما فعلوا.. فهل تفعلها الحكومة؟!. 