
رفيق جريش
ماذا إذا؟
الشعب المصرى بطبيعته البسيطة والعفوية ليس من الشعوب التى تحب العنف أو الدم كغيره من الشعوب، ولكن كتب عليه مؤخراً أن يتحمل تنظيمات عنيفة وإرهابية قولاً وفعلاً ولا تريد للشعب المصرى التقدم والازدهار، فقد شهدت محافظات مصر فى الأسبوع الماضى وبمناسبة ثورة 25 يناير 2011 هجمات إرهابية على الشعب المصرى بدلاً من الاحتفال وإدخال البهجة فى نفوس المصريين فلم يستطيعوا أن يهنأوا بهذا اليوم الذى نهض فيه الشعب ولفظ حكم الفرد.
فقد شنت الجماعات الإرهابية عشرات من الهجمات الإجرامية بالقنابل بدائية الصنع والأسلحة النارية وزجاجات المولوتوف، وذلك فى مختلف المحافظات لاستنزاف قوة المصريين ومعه الجيش والشرطة، واستهدفت فى الأساس القطارات ومحطات السكة الحديدية وأبراج ومحولات الكهرباء، إضافة للاعتداءات على قوات الأمن والمنشآت الحيوية وسيارات المواطنين والشرطة والإطفاء ونقاط شرطة والمحاكم المختلفة، إضافة للمظاهرات غير السلمية والتى اتسمت بالعنف، وشاهدة على ذلك منطقة المطرية فى القاهرة التى شهدت أعمال عنف أودت بحياة 12 مواطناً بجانب الدمار والخسائر الكبيرة التى شاهدتها المنطقة المكتظة بالسكان، وعلى هذا المنوال منطقة كرداسة فى الجيزة وغيرها من أحداث فاقت الـ30 حدثاً من مختلف الأنواع ما بين مظاهرة وحرق وقنابل مفخخة إلى آخره، وأغلب هذه المفرقعات بدائية الصنع والتركيب وتوضع فى أماكن عامة وكل غرضها بث الرعب والذعر فى نفوس المصريين وإحداث فوضى فى طول البلاد وعرضها.
والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة: ماذا إذا كانت هذه التفجيرات والأعمال الإرهابية ليست بدائية الصنع؟ بل محكمة الصنع وتستخدم تكنولوجيا متقدمة؟ هل هناك خطة أمنية تضع هذا الاحتمال؟ فعلى سبيل المثال ففى يوم واحد فقط تمت محاولة تفجير محكمة مصر الجديدة بقضائها وحرسها والمحامين والمسجونين والشهر العقارى الذى فيه، فضلا عن ميدانها الحيوى والسيارات التى تمر أو تقف بجوارها، وكذلك محاولة تفجير المركز التجارى المعروف سيتى ستارز فى مدينة نصر الذى كان يعج بالناس فى جميع طوابقه ومحلاته ودور السينما الكثيرة التى فيه ومطاعمه، خاصة أن إجازة نصف السنة بدأت وعددا كبيرا من الشباب والأطفال من رواده، وكذا محكمة الفيوم ونقطة شرطة أبو زعبل وخط قطار الصعيد والمنصورة وغيرها، ماذا إذا تم لا سمح الله تفجيرات كبيرة ومنظمة ومعقدة فى هذه الأماكن مجتمعة؟ تخيلوا معى حجم الخسائر البشرية والمادية كم كانت ستكون وكم عائلة كانت ستطال؟! فنحن بصدد جماعات إرهابية لا ضمير لها ولا تنتمى لهذا الشعب الطيب بشىء، خاصة أن الشرطة والجيش يعلنان يومياً ضبط أعداد كبيرة من الأسلحة المهربة تأتينا من كل صوب والسيطرة عليها شبه مستحيلة.
من حق الشعب أن يطمئن على نفسه وبلاده وأبنائه- فماذا إذا تمت تفجيرات كبيرة وكثيرة؟ وماذا نحن فاعلون وكيف يتصرف المواطن المصرى الذى لا يضع الريبة فى حساباته؟ أرجو أن تضع الدولة أمام أعينها السيناريو الأصعب وتعلن عنه فليس من العيب الاحتياط للأسوأ وإلا سنشهد مآسى كبيرة وكيف ستتصرف الدولة وأجهزتها المختلفة بالسرعة الواجبة فى مثل هذه الظروف والأحوال، كما أن على أجهزة الإعلام أن تقوم بدورها فى توعية المواطنين بدلاً من بث الرعب فيهم، فنرى فى التوك شو كثيراً من الصراخ والتهويل أو التسطيح، ولكن لا يوجد برنامج واحد يعلمنا نحن المواطنين كيف علينا أن ننتبه إلى ما نشتبه فيه، وإذا حدثت فرقعة كيف نتصرف وننصرف عن محيط الأحداث، وأيضاً كيفية إخلاء الأماكن العامة بدلا من الهرولة غير المنظمة.. هذا فى تقديرى مسئولية الإعلام. وأنا لا أقول هذا خوفاً، فأنا أعلم تماماً أن الحياة أقوى من الموت وإرادة الشعب أقوى من قوى الظلام وأن الإرهاب مهما طالت مدته، الحق دائماً له الكلمة الأخيرة آجلا أو عاجلا.∎