
رفيق جريش
الاعتراف بالخطأ ليس دائماً فضيلة
الحرب على الإرهاب يجب ألا تكون على تنظيم بعينه، بل عليه أن يعمل على تفكيك كل التنظيمات الإرهابية الموجودة فى المنطقة، بل فى العالم
ليس الاعتراف بالخطأ هو دائماً فضيلة خاصة عندما يودى هذا الخطأ بحياة ناس ويخلعهم من أرضهم وتسرق ممتلكاتهم وتنهب أوطانهم ويلقون فى العراء ويذبحون كالخراف وتسبى نساؤهم ويعتدى على أطفالهم، وليس الاعتراف بالخطأ فضيلة عندما يأتى من رئيس أكبر دولة فى العالم (أو هكذا تقدم نفسها) فيعترف أن أجهزته الاستخباراتية أساءت التقدير واستهانت بقوة داعش. وليس الاعتراف بالخطأ فضيلة عندما لا يصغى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية للتحذيرات الكثيرة فى بناء المنطقة فيسبب إهماله وسوء تقديره وتقدير أجهزته إلى كوارث إنسانية وسياسية واقتصادية، فهنا لا يصبح الخطأ مجرد خطأ بل يصبح «خطيئة عظمى» أعانه الله على تحملها.
وها هى 62 دولة تهب وتدخل فى تحالف بعد أن أقنعتها الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة الحرب على داعش والقضاء على التنظيم الإرهابى، وذلك بواسطة الطائرات من الجو فقط، بينما يتركون الأرض لأهل البلاد يرسلون جيوشهم الهزيلة والمفككة للحرب البرية والمواجهة مع الإرهابيين فى حرب عصابات مستمرة، وأيضاً بواسطة المعلومات الاستخبارية التى تسببت فى المصائب المتكررة.
يجب ألا نستهين بقوة داعش فقوام رجالها أكثر من 30 ألفا (يقال 4000 منهم من الغرب) وتمويلها من البترول المسروق الذى يباع فى السوق السوداء، إضافة إلى تمويل آخر غير معلوم المصدر وإضافة لهذا كله استعمالها الجيد لشبكات التواصل الإلكترونى والذى أثبتت جدارتها فيه وعن طريقها يتم استقطاب شباب من الغرب حتى يتحولوا مع الوقت إلى قنابل إرهابية فى أوطانهم الغربية ذاتها.
والآن هل يعقل أن الدولة التى تعرف «دبة النملة» تعترف بالخطأ أم هذا الاعتراف مقصود لإعطاء مبرر لإقناع المواطنين الأمريكيين بأن الحرب ستطول ولن تنتهى قريبا، وبالتالى ستحتاج إلى تمويل كل ذلك لخدمة أغراض وأهداف الإدارة الأمريكية.
الإدارة الأمريكية ذاتها مع حلفائها يركزون على داعش فقط متناسين أن هناك تنظيمات إرهابية أخرى فى المنطقة مثل الموجودين فى سيناء أو ليبيا والذين يحاولون الدخول إلى العمق المصرى لضربها من الداخل، وهذا ما تنبه عليه وعن صواب السياسة المصرية. فالحرب على الإرهاب يجب ألا تكون على تنظيم بعينه، بل عليه أن يعمل على تفكيك كل التنظيمات الإرهابية الموجودة فى المنطقة، بل فى العالم والمترابطة بعضها البعض، خاصة أنها تتبنى نفس الأيديولوجية، والمنطقة كلها بل العالم كله على صفيح ساخن، بل على ألغام يزرعها فينا غيرنا، ولكن حان الوقت أن نكون نحن أصحاب الرؤى وأصحاب القرار.