
رفيق جريش
مصر وحدودها
فالأمن القومى المصرى يتعدى ويتخطى الحدود بكثير، فها هى داعش الإرهابية ليست بعيدة عن مصر، وكذلك التنظيمات الإرهابية النشطة فى سيناء، وعلى حدودنا فى غزة هناك حماس ومغامراتها، وتنظيمات إرهابية باسم الجهاد فى ليبيا على حدودنا الغربية اللصيقة بنا، أما السودان فى جنوبنا فهى لا تخفى انتماءها إلى تنظيم الإخوان المسلمين ومطمع حكومتها فى حلايب وشلاتين.. وهاهى بلادها انشطرت إلى نصفين وربما يزيد، كل ذلك ومصر فى المنتصف وسط هذه العواصف وناهيك عن الأطماع الخارجية التى كانت تريد لمصر السقوط والتقسيم، ولكن حفظها الله بفضل يقظة أبنائها، وها هى الآن تنطلق بمشروعات كبرى لصالح شعبها وفقرائه وشبابه تحتاج إلى هدوء واستقرار، لذلك من المهم جداً بالنسبة لمصر وأمنها ومستقبلها، أن يكون لها دور الريادة والتأثير فى هذه المنطقة الأكثر توتراً على وجه الأرض، وهذا الدور ليس بجديد فمنذ الأزل كان لمصر دور فعال فى مجريات تاريخ هذه المنطقة وفى التاريخ الحديث منذ ولاية محمد على وكان لمصر يد فى مجريات أحداث منطقتنا هذه.
مرة أخرى لا أدعو أن تتدخل مصر فيما لا يعنيها ولا أن تدخل فى مغامرات غير محسوبة، ولكن تاريخها وحضارتها وريادتها تقتضى حضورها السياسى القوى والفعال فى كل ما يجرى فى هذه المنطقة، كما تفعل حالياً وباقتدار كبير بين إسرائيل وحماس فى غزة، فتدخل مصر يجنب المنطقة ويلات الحرب أو توسع نطاقها وعدم الاستقرار. فبوجودها وحضورها لما له من خبرات متراكمة فى المناورات والمبادرات والمباحثات يؤهلها تماماً لهذا الدور ويمنع تدخل من له أطماع ومصالح فى تمزيق هذه المنطقة أكثر مما هى ممزقة الآن.
نريد أن نرى يد مصر وقوة كلمتها فى حل مشكلة النازحين المسيحيين من الموصل فى العراق والمتروكين فى العراء فى مواجهة إرهاب داعش، كما نريد أن نرى زعامة مصر فى تهدئة الأوضاع فى ليبيا، وهكذا فى كل المنطقة العربية التى تتعرض لأزمة كبيرة أو إرهاب أو تهديد، فقوة مصر وحضورها ليس لنفسها، كما أن أمن مصر ليس فى تأمين حدودها فقط، بل دورها يتعدى ذلك بكثير فاستقرار بلاد الجوار هو استقرار لمصر، وسلام الآخرين هو سلام أيضاً لمصر، حفظها الله من كل سوء.