السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أنا أضحك.. إذن أنا موجود!

أنا أضحك.. إذن أنا موجود!


خدعوك فقالوا إن «الضحك» من غير سبب «قلة أدب»!!
 
ضحكوا عليك وأشاعوا أن الضحك عمال على بطال «قلة قيمة»!!
 
لا يا سيدى، اضحك بسبب وبدون سبب، فالضحك صحة وعافية وحماية لعقلك وقواك العقلية!!
 
كل شىء حولك يدعو للضحك، فلماذا لا تضحك وتنبسط وتنفرج «أساريرك» - هل الأسارير جمع سرير؟!
 
اضحك بعمق وصدق وإخلاص حتى «تستلقى على قفاك» من شدة الضحك، مع أنى أعرف زملاء وأصدقاء لا يستلقون على قفاهم من شدة الضحك!!
 
هؤلاء يا سيدى هم غالبية أهل النخبة وأساتذة الاستراتيجيات الكونية رغم أن ما يقولونه ويبتكرونه من «مصطلحات» نخبوية تدعوك للضحك!!
 
بجد اضحك كركر اوعى تفكر فى اللى جرالك، وما أكثر ما جرى لنا من هؤلاء «الكلمنجية» «المحفلطين» «المظفلطين» بتوع نضال آخر زمن!
 
اضحك منهم وعليهم قبل أن يضحكوا عليك، كفاية كل هذا الضحك علينا، مرة باسم «دفع عجلة الإنتاج»، ومرة باسم «دفع عجلة السلام»، وسنوات وهم يحاولون - عبر الفضائيات - دفع عجلة الإنتاج فلا تندفع!! ويحاولون دفع عجلة السلام ولا تندفع؟!
 
لا تأخذ كلامهم مأخذ الجد - فهو ليس أكثر من فاصل ضاحك ومضحك، ورزقهم ورزقنا على الله!! وساعات «بث»، ولا أحد يريد أن يقول لهم «بس»!!
 
فى أى مناقشة نخبوية سياسية ملتهبة وحامية بين أطرافها ما بين الصراخ والزعيق والمقاطعة، فجأة يقول أحدهما رأيا عميقا أو عبيطا إلا وينفجر الجميع فى نوبة هيستيرية من الضحك!!
 
إن السياسة وبلاويها تفرقهم، لكن الضحك يجمعهم على هدف واحد ورأى واحد إنه الضحك لوجه الله!!
 
بذمتك كم مرة ضحكت من قلبك وأنت تستمع لرموز الجماعة والعشيرة التى تصرخ عبر شعاراتها: على القدس رايحين.. شهداء بالملايين!! أو يقول آخر منهم: «بكرة العصر مرسى رايح القصر»!!
 
فإذا لم تضحك على هذا الهراء، فاضحك من وعلى «عيال» قناة الجزيرة وما تبثه من هراء وخراء يومى حول الملايين الحاشدة التى تجوب وتجول قرى ومدن مصر رفضا للانقلاب «انقلاب فى عينك» ودعما للشرعية «شرعية فى عينك»!!
 
ذات يوم أثناء أحداث «رابعة» خرج علينا بنظرية لم يتوصل إليها عالم محترم لا فى علوم السياسة ولا علوم الأحياء، عندما صرح للآلاف من المغيبين أنصاره وسط تهليلهم: أن بشار الأسد مات!! ووسط الزغاريد والتهليل أكمل قائلا: إن بشار بعد موته هرب إلى خارج سوريا!!
 
لم تعد الأفلام الكوميدى وحدها تثير الضحك والبهجة، بل أغلب البرامج السياسية الجادة المتجهمة وأصحابها أصحاب تلك «التكشيرة» و«التبويذة» تثير الضحك والقهقهات أكثر مما تثيره أفلام إسماعيل يس وعادل إمام والريحانى.
 
هؤلاء الأفندية بتوع التحليل والتنظير والأفق السياسى المسدود، ونهاية النفق المظلم آخر الدولة العميقة أكثر كوميدية من كل كوميديانات مصر!
 
فى هذه البرامج المتجهمة ستكتشف أن «الضحك للركب» رغم أنهم لا يقصدون ذلك على الإطلاق، ومن فرط جديتهم- وأحيانا جهالتهم وجهلهم- يجعلونك تضحك من قلبك!
 
أحد هؤلاء يرأس حزبا - لا يزيد عدد أعضائه على سبعة أعضاء - وهات يا تصريحات نارية وعنترية عن إرادة الشعب وضمير الأمة والملايين التى تنتظر إشارة منه ليكتسح الانتخابات القادمة.
 
الأفندى معذور فهو ضيف دائم ومقيم بصفة مستمرة فى الفضائيات، يقفز من برنامج سياسى إلى برنامج فنى ومن برنامج عن الطبيخ والتريكو إلى برنامج عن تفسير الأحلام والمنشطات الجنسية، وإذا لم تره فى كل هذه البرامج فسوف تشاهده يحلل مباريات القسم الخامس من الدورى!!
 
ومن تكرار ظهوره وكثرة رغيه، أصبح نجما تنتظره الملايين كلما ظهر فأصبح لديه قناعة واقتناع أنه أصبح يمثل ضمير الأمة، فإذا أعطته الأمة ظهرها، فالأمة هى التى خسرت!!
 
خسرته زعيما وقائدا ولا «عرابى» زمانه.
 
ولو أن هذا «الأفندى» أدرك أن الناس تنبسط وتغرق فى الضحك لما يقول أو ينطق به لاعتزل السياسة واحترف الكوميديا سواء تمثيلا أو غناء!
 
ولا داعى لأن تعكنن على نفسك، أو ترمى على زوجتك يمين الطلاق أو تأخذ إجازة بدون مرتب بعد مشاهدتك لهذه الكائنات المضحكة، يكفى أنهم جعلوك تضحك من قلبك وتغسله من ترهات وسخافات العولمة وما بعد الحداثة وآفاق السرد المعاصر ومعركة الهوية والمدنية وروعة الحلاوة الطحينية وطعم بابا غنوج وأولاده!!
 
أنت تعيش الآن أوكازيون الضحك والتخفيضات هائلة، فالكل يضحك بكلماته التى هى أكبر منه كما كلام الجماعة والعشيرة عن عودة الشرعية وعودة «الكرسى» إلى مرسى».
 
والبعض يضحكك بعنترياته وغزواته من فضائية إلى فضائية ومن برنامج إلى برنامج بحكمته وفتواه و...
 
كل هذا كوم، أما الضحك الحقيقى النابع من القلب ويغسل همومك اليومية مما تفعله الحكومة بك فلن تجده إلا فى برامج الرياضة واستديوهات التحليل الكروى، وهذا الحماس الذى يتحدث به الضيوف، حماس يقترب من حماس الكلام عن تحرير فلسطين.
 
نغمة واحدة وموضوع واحد يسيطر على هذه البرامج وضيوفها أن أزمة مصر الكروية الأزلية أنها لا تملك «رأس حربة صريح»!
 
يا خبر أبيض مصر كلها ليس بها «رأس حربة» صريح يستطيع أن يسجل الأهداف فنصل إلى كأس العالم!!
 
ولا بأس وسط هذه المناقشة المحتدمة حول «رأس الحربة» أن يأتى اتصال من مشاهد متحمس «حنجورى» ويتحدث عن غياب الديمقراطية وتآكل الشرعية وانتهاكات حقوق الإنسان وكيف إنها وراء غياب رأس حربة صريح فى كل الأندية المصرية!
 
ولن أحدثك عن نوبة الضحك الهيستيرى التى تنتابنى عندما يظل ضيوف البرنامج يعيدون ويزيدون فى لقطة عابرة من المباراة التعيسة البائسة ويشرحون ويحللون كيف أن اللاعب فى هذه اللقطة تفوق فى مهارته على «رونالدو» و«ميسى» و«أبوحباجة» فى عز مجده!!
لا تغضب ولا تزعل من هذه النوعية إنها كلام مضحك، لناس مضحكة كان هدفها أن تقول كلاما معقولا وعاقلا ولفرط حماسهم أصبح الكلام عبثيا غارقا فى عبثيته لدرجة مضحكة وضاحكة وضحوكة أيضا!!!
 
خذها من واحد عجوز مثلى - لا تؤجل ضحكة اليوم إلى الغد!! لا مانع أن نؤجل عمل اليوم إلى الغد أو الأسبوع المقبل أو حتى العام القادم، وعلى رأى المثل «العمر بيخلص» والشغل ما بيخلصش»!! أو كما يقول حكيم «نخباوى» عاش فى القرن الرابع قبل الميلاد: أنا أضحك إذن أنا موجود!!
 
وإذا كنت مازلت تعتقد أن «الضحك» من غير سبب قلة أدب، سوف أحيلك إلى كتاب طبى عبقرى اسمه «الحب والطب ومعجزات الشفاء» عن الذين قهروا هذا المرض اللعين حيث يدعو ويحرص الأصحاء على الضحك ويقول بالحرف الواحد:
 
هناك أسباب علمية صحيحة عن السبب الذى يدعونا إلى أن نقول عن الضحك المنطلق القوى أنه من القلب فهو يؤدى إلى عمل تام مسترخ للحجاب الحاجز وينشط الرئتين ويرفع مستوى الأكسجين، ويقوى جهاز القلب والدورة الدموية، وأن عشر دقائق ضحك من القلب تمنحه ساعتين من النوم الهادئ الخالى من الألم!!
 
ببساطة شديدة ودون الدخول فى تعقيدات علمية صعبة فإن الضحك الذى يطلق عليه اسم «موسيقى الحياة» يجعل من غير المحتمل محتملا!! بل إن من أفضل المقاييس للصحة العقلية قدرة الإنسان على الضحك من نفسه بطريقة ساخرة!
 
اضحك من قلبك وانس همومك النخبوية والكروية!!