السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«روزاليوسف» أول من اكتشفت مذكرات سعد زغلول!

«روزاليوسف» أول من اكتشفت مذكرات سعد زغلول!


يصدر خلال أيام الجزء الحادى عشر من مذكرات الزعيم (سعد زغلول) عن دار الكتب والوثائق القومية
 
صدرت الأجزاء التسعة الأولى من المذكرات حت إشراف وتحقيق الدكتور (عبدالعظيم رمضان) من عام 1987 حتى 1998 وصدر الجزء العاشر بعدها بثلاثة عشر عاما (عام 2011).
 
 وكان أكثر ما يلفت الانتباه فى المقدمة الطويلة التى كتبها د. عبدالعظيم رمضان فى الجزء الأول من المذكرات هو تجاهلها التام لدور (روزاليوسف) فى الكشف عن هذه المذكرات التى لم يكن يعلم بأمرها أحد!!
 
 نعم كانت (روزاليوسف) أول من كشف عن هذه المذكرات المهمة وكان صاحب الفضل الأول فى ذلك الأستاذ الصحفى الكبير (محمد التابعى) الذى كان يشارك السيدة (روزاليوسف) فى إصدار المجلة منذ صدورها.
 
 صحيح أن د. (عبدالعظيم رمضان) فى مقدمته التى تستحق كل التقدير والاحترام قد اشار إلى دور الأستاذ (مصطفى أمين)- وكان طفلا وقتها - فى اكتشاف هذه الكشاكيل لكنه نسى تماما دور روزاليوسف والتابعى فى هذا الكشف التاريخى والسياسى لسعد زغلول.
 
 صحيح أن «روزاليوسف» صدرت فى البداية منذ 25 أكتوبر سنة 1925 كمجلة فنية وأدبية، لكن هذا لم يمنعها أن تخصص غلاف العدد العاشر (28 ديسمبر 1925) لسعد زغلول (حضرة صاحب الدولة الرئيس الجليل والسيدة المصون حرمه) وكتبت تحت الصورة عبارة: مجدد شباب الأمة فى شبابه ومعه السيدة صفية (أم المصريين) وتعترف (روزاليوسف) فى مذكراتها: (بدأت أهتم بالسياسة وأسعى إلى حيث يخطب سعد زغلول لأسمعه، وأقرأ تطورات الحركة الوطنية وأنفعل وأتحمس لكل مظاهرة تنطلق فى الشوارع هاتفة بالاستقلال التام وخروج الإنجليز).
 
 وتضيف : (وشيئا فشيئا أخذ ميل المجلة إلى سعد زغلول يظهر، وهجماتها على الإنجليز وأصدقائهم من المصريين تشتد، وبدأ (سعد زغلول) يسأل عن المجلة ويهتم بها، ولكننى لم أقابله قط ويبدأ سائر أعضاء الوفد الكبار يقبلون على قراءتها ويترقبون صدورها).
 
 كانت السيدة (روزاليوسف) فى باريس عندما توفى (سعدزغلول) فى أغسطس عام 1927 وقرأت خبر الوفاة فى صحيفة (بارى سوار) وتقول: (وكان لهذا النبأ وقع أليم فى نفسى... و.. وصدرت المجلة مجللة بالسواد تحمل على صدرها صورة مهيبة لسعد زغلول فكانت أول مرة تظهر فيها صورة رجل سياسى على غلاف المجلة).
 
 لكن كيف انفردت (روزاليوسف) بالكشف عن هذه المذكرات ونشر بعض ما جاء بها للرأى العام والقراء أيضا، القصة يرويها الأستاذ (محمد التابعى) صاحب المفاجأة والذى كان وقتها يعمل موظفا فى مجلس النواب فيقول :
 
(بعد أن حصلنا على ترخيص بأن تكون (روزاليوسف) مجلة سياسية، بدأت (أشمشم) عن الأخبار السياسية واقرأ الموقف السياسى والمقالات السياسية لأعلق عليها، وتوفى (سعد زغلول)، وكنت موظفا بسكرتارية مجلس النواب عندما لعبت الصدفة دورها الذى لابد منه فى حياة كل صحفى، فقد حدث أن طلبت (أم المصريين) من زوج ابنة شقيقها المرحوم (فؤاد بك كمال) سكرتير عام مجلس النواب أن ينتدب بعض موظفى السكرتارية لتنظيم مكتبة الزعيم الراحل، فانتدب اثنين من زملائى وكانا يعملان معى فى غرفة واحدة وهما (فؤاد فرعونى) الوزير المفوض السابق و(عثمان رمزى) كان مستشارا بالمحاكم وانتهيا من تنظيم المكتبة بعد أسبوع أو أكثر وعادا إلى عملهما معى فى سكرتارية مجلس النواب.
 
 وذات صباح جلس كل منهما يتحدث عما لاحظه فى مكتبة الزعيم الراحل، وتناول الحديث مذكراته التى تركها فوصف أحدهما كراستين من هذه المذكرات وصفا دقيقا ولحسن حظى كانت ذاكرتهما قوية، وبعد انتهاء الحديث ذهبت إلى غرفة التواليت الخاصة بالسكرتارية وكتبت رؤوس المواضيع قبل أن أنسى.
 
وصدر بعد ذلك العدد الأسبوعى من روزاليوسف وبه ثلاث صفحات من مذكرات (سعد زغلول)، وقامت القيامة ولم تمض ساعات على صدور العدد وثمنه قرش صاغ واحد حتى قفز الثمن إلى خمسة قروش ثم عشرة قروش ونفدت جميع النسخ من الأسواق ولم يعد فى الاستطاعة الحصول على نسخة واحدة.
 
وقامت قيامة الدنيا فى بيت الأمة واعتقدت أم المصريين أن المذكرات قد سرقت واتصل بى المرحوم (فؤاد كمال) وكان يعرف علاقتى بـ(روزاليوسف) وأخذ منى كلمة شرف بألا أنشر شيئا عن مذكرات سعد زغلول ويظهر أنه كان يعتقد أننى نشرت أشياء وأخفيت أشياء لكن الواقع أننى قد نشرت كل ما كنت أعرفه.
 
واشتهرت المجلة وقفز توزيعها من تسعة آلاف إلى ستة عشر ألف نسخة فى الأسبوع.
ويصدر عدد روزاليوسف بتاريخ 29 سبتمبر وتحت عنوان (مذكرات سعد زغلول) وما يصل إلينا فى بعض رجالات مصر وأنصار الوفد ولقد أثار نشر هذه المذكرات ضجة واستياءً وعتب علينا الكثيرون عتابا مُرا من أجل هذه الغلطة، وقال لنا أحدهم إنه مع فرض صحة ما نشرناه - وهذا أمر مشكوك فيه - لأن المذكرات كانت دائما موزعة فى أحد أدراج مكتب الفقيد فإن الساعة الحاضرة وظروف الأحوال ليست مناسبة بالمرة لنشر ما نشر.. ونحن نسلم بصحة هذا الاعتراض ووجاهته ونرجو ألا يعلق أحد على ما نشرناه أهمية أكثر من الأهمية التى تعطى لخبر منقول).
 
 ثم يعود (التابعى) بعد سنوات وفى عدد روزاليوسف 31 أغسطس سنة 1931 ليكشف عن أسرار أخرى من هذه المذكرات وكيف أن السلطات وقتها أجرت تحقيقا معه حيث كان لا يزال موظفا بمجلس النواب وأقفل التحقيق معه بعد أن أخذ عهدا على نفسه بألا ينشر شيئا زيادة عما نشره فى تلك المذكرات.
 
 وكان مما تضمنته وصية (سعد زغلول) اسم )السيدة رتيبة) بنت أخت سعد زغلول ووالدة (مصطفى وعلى أمين)!!
وجمعت صفية زغلول ورثة سعد زغلول واتفقت معهم على أن يوقعوا إقرارا بأن يسلموا المذكرات كلها لمصطفى النحاس باشا رئيس الوفد الجديد أمانة عنده ويقرر هو وحده الموعد الملائم لنشرها، ويكون له حق حذف ما يرى حذفه من المسائل السياسية التى لا تجوز إذاعتها، ويكون لفتح الله بركات باشا - ابن شقيقة سعد - حق حذف المسائل العائلية التى يرى حذفها من المذكرات.
 
وأودع (مصطفى النحاس) هذه المذكرات فى خزانة بنك مصر ومكثت 22 عاما محبوسة لا يأذن بنشرها، إلى أن رفع (مصطفى وعلى أمين) قضية على النحاس باشا فى سنة 1949 يطلبان الإفراج عن المذكرات، وحكمت المحكمة بتعيين الدكتور (بهى الدين بركات) حارسا وتسليمه المذكرات وقامت الثورة وأصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارا جمهوريا بالاستيلاء على المذكرات وبقيت المذكرات مسجونة ثلاثة وخمسين عاما حتى الآن (سنة 1981).